12.5.06

الموناليزا و ما وراء الابتسامة


ما هي عناصر الغموض التي تحيط بالموناليزا؟

قليلون جداً ممن يجيدون القراءة و لم يسمعوا أو يقرأوا شيئاً عن الموناليزا، و التي تكاد تكون أشهر لوحة فنية على الإطلاق. و لكني أجد بعضاً من المعلومات قد تكون جديدة على البعض من حيث الأسئلة التي أثارها نقاد الفن و هي:
1. تعبير الإبتسامة الضحلة على شفتي الموناليزا و التي تحمل العديد من المفاهيم و المعاني ليس آخرها السخرية و الرقة و العطف و الحيرة في آن واحد
2. لماذا رسم "دافنشي" خط الأفق على يمين اللوحة أعلى كثيراً من يسارها؟ و من المستحيل أن يكون هذا من قبيل الخطأ من فنان في حجم "دافنشي" و خبرته، و خاصة في أكثر لوحة إعتز بها و حافظ عليها إلى جوار فراش موته.
3. العينين الشديدتي الحياة ، كأن اللوحة تنظر إليك أكثر مما هو معهود في لوحات عباقرة الفن و "دافنشي" نفسه.
4. تضارب الأقوال حول الموديل التي رسمت لها اللوحة و هل وجدت هذه الموديل أصلاً أم لم توجد

و هناك العديد من النظريات التي قال بها نقاد و مؤرخو الفنون، و أهمها:

أولا: نظرية الخداع البصري:
تنبع الغرابة في إبتسامة الموناليزا من كونها تظهر لعينيك حيناً فإذا تمعنت أكثر يبدو لك أنها لا تبتسم ، و يفسر بعض مؤرخي الفن ذلك بقدرة "دافنشي" على توظيف الخداع البصري من خلال الضوء و الظل في لوحته للإيحاء بهذه الإبتسامة، و يؤيد هذا ما هو معروف عن ريادة "دافنشي" في مجال البصريات و وضعه نظريات للخداع البصري مازالت موضع تطبيق حتى وقتنا الحاضر. و قد إستخدم هنا الخداع البصري الشهير بخداع العجلة (Wheel Illusion)، و لكن ما زال السؤال هو لماذا؟ حيث يظل الهدف من رسم شبح الابتسامة الباهتة محل تساؤل حتى بعد بيان التقنية التي إستخدمت فيها. و بنفس التفسير يربط أصحاب نظرية البصريات بين خط الأفق الغير متوازن و بين رسم أحد العينين مرتفعة قليلاً عن الأخرى لإضفاء الحياة على اللوحة و العينين مع تحرك المشاهد أمامها من جانب الى جانب
ثانيا: نظرية دوقة ميلانو و وارثة عرش أورشليم:
بعد 17 عاما من البحث حول هوية الموناليزا، أعلنت "مايك فوج لورسين" الباحثة الفنية الألمانية أن الموناليزا لم تكن صورة لزوجة تاجر الحرير من فلورنسا و التي اعتادت بعض كتب الفن ذكرها على أنها صاحبة اللوحة، و قررت مايك أنها بعد 17 عاما من البحث المطول توصلت لحقيقة أن الموناليزا هي بورتريه لـ "إيزابيلا" دوقة ميلان، رسمت لها اللوحة بعد عام من ترملها إثر وفاة دوق ميلان، و هذا مما يفسر حزن ابتسامتها و غياب جواهرها عن عنقها و أذنيها و أصابعها نظراً لظروف للحداد.

و تدلل مايك على ذلك بأن "دافنشي" كان الرسام الرسمي لبلاط دوقة ميلان في فترة رسم اللوحة و أن طراز الزي الذي ترتديه يناسب طراز البيت الحاكم بميلان و الذي تنتمي إليه الدوقة. و يسوق بعض الباحثين أيضا الدلائل على زواج الدوقة السري بليوناردو دافنشي بعد موت دوق ميلانو، و لكن هذا يتعارض مع الدلائل العديدة على شذوذ "دافنشي" الجنسي شبه المؤكد.

و المثير أن دوقة ميلانو قبل زواجها من الدوق كانت دوقة نابلس بالوراثة، و صاحبة الحق الشرعي في عرش أورشليم بعد وفاة أخيها !!! و هذا يعيدنا ثانية للحملات الصليبية على القدس و فرسان المعبد الذين ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بالبيت الحاكم في أورشليم !!!
ثالثا: نظرية البورتريه الذاتي:
بإستخدام تقنيات الجرافيكس الحديثة، قرر بعض الباحثين تصديقهم على نظرية قديمة تقول بأن الموناليزا هي نفسها بورتريه ذاتي لليوناردو دافنشي، و الذي كان شاذاً سالباً ، و عبر عن رغبته في التحول إلى أنثى كما يشعر في قرارة نفسه بهذا البورتريه، و استدلالهم ينطلق من تطابق الأبعاد بين بورتريه ذاتي لليوناردو و بين الموناليزا. و يستدلون على ذلك باشتراك الموناليزا و "دافنشي" في الزوائد الدهنية حول الأنف لدى كليهما، و هي خاصية ليست شديدة الشيوع، و يرد المعارضين على هذا الدفع بأن "دافنشي" كان من أشهر رسامي عصر النهضة اعتماداً على أبعاد ثابتة أهمها النسبة فاي في الرسم، وخاصة لتنسيب الوجه البشري ، و بالتالي فالتطابق هنا لا يعني أن الموناليزا و ليوناردو شخصية واحدة.

و لكن علم التشريح يؤيد فكرة البورتريه الذاتي بأن الوجه يجمع بين معالم الذكورة و الأنوثة مما يمكن أن يكون تعبيراً عن التخنث أو تعبيراً عن إكتمال شخص الإله الذكر عن طريق اتحاده بالإلهة الأنثى، و هو الدفع الذي يعتمده "دان براون" في كتابه.

رابعا: تطبيقات إعادة الصوت

من خلال التكنولوجيا اليابانية الجديدة التي تقوم على إعادة تركيب الأحبال الصوتية و اللسان و الأعضاء المتعلقة بالنطق من خلال الصورة الفوتوغرافية بهدف سماع صوت الشخصيات التاريخية الشهيرة، قام علماء اليابان بإعادة صوت الموناليزا من صورتها، و هو متاح على شبكة MSN Japan ، و الصوت كما هو ظاهر هو صوت سيدة ، فهل ينفي ذلك نظرية البورتريه الذاتي و التي تقوم على أن خطوط الوجه هي لرجل؟؟

خامسا: نظرية المجدلية و المسيح
يدفع بعض المتأثرين بالفكر الجنوستي أن الموناليزا هي تجسيد لامتزاج السيد المسيح بمريم المجدلية في إتحاد مقدس نتج عنه خيط الدم الملكي (نسبة إلى مملكة داوود التي ينتمي إليها المسيح من جهة أمه و المجدلية من جهة أبيها)، و هذا الدفع أيضاً مؤيد لفكرة "دان براون" و التي تحتل الموناليزا فيها موقعاً بارزاً

خلاصة تحقيق الفصل
1. الجدل الواسع لا يدع مجالا للقطع برأي محدد حول الموناليزا، و لكنه يشير إلى كونها لوحة فوق العادة، خاصة أنها هي و لوحة "يوحنا المعمدان" فقط بقيتا في حجرة "دافنشي" حتى وفاته و كانتا ينتقلان معه أينما حل، مما يؤيد كونها تعبير عن شيء لصيق الصلة به (ليوناردو أو أمه كما تقول بعض الآراء) أو كونها دليلاً عقائدياً في صلب عقيدته (فكرة الإلهة الأنثى أو المجدلية) و من ثم يتبرك به.

10 comments:

Anonymous said...

جدل غريب واحداث اغرب وتصورات لم اكن لاتصورها ابدا

Anonymous said...

آيوية العزيزة الغالية
الجدل هو دوما معبر الانسان للحقيقة ، و التي تستحق أن تعرف لذاتها، فاحترام الحقيقة و اكبارها اول خطوة بطريق التقدم و النماء ، انحني تقديرا لمثابرتك بقراءة بحث يراه الكثيرين مملا

تحياتي و تقديري و اعزازي

Anonymous said...

دافنشي شخص يحمل الكثير الكثير من التناقضات هو عالم وفيزيائي ومخترع وطبيب تشريح وانسان ديني يجمع بين كل هذه الاشياء ومن الاكيد هناك اشياء عدييدة وسرية بحياته تحتاج للبحث لكن بين الجنون والعلم لا يوجد الكثير

Anonymous said...

الأخ العزيز / عبيدة
أهلا بك و مرحبا بزيارتك، الحق ما قلته أنت يا صديقي، بين العلم الغزير و الجنون فارق ضئيل، لأن الحقائق التي يصل إليها العلماء قد تكون بالنسبة لعلمنا المحدود و التقليدي جنونا

مع وافر التحية و التقدير

Anonymous said...

إقتباس
قد إستخدم هنا الخداع البصري الشهير بخداع العجلة (Wheel Illusion)،
__________________
يحتاج مزيد من الإيضاح

Anonymous said...

عزيزي غير معرف
خداع العجلة في الموناليزا يعتمد على رسم العين و بها خطوط خفيفة غير ملحوظة من الظلال التي تشع من مركز حول جوانب الفم لتظهر ابتسامة طفيفة جدا نتيجة رؤيتك لخط وهمي ملتوي لأعلى في جوانب فمها
تحياتي و شكري

Anonymous said...

إياد ....إنت رائع بجد

محاكمة الشفرة هى مايجب نشره وليس المجموعات القصصية

ربنا يوفقك

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي الغير معرف
وافر شكري وتقديري
ولكن لماذا يخفي عنا من ينصحنا بقيم نصحه شخصيته؟
إذا أراد الله سأنشرها يوما ولكني أفضل الاعمال الابداعية على الفكرية لأنها أكثر رواجا وقدرة على توصيل الأفكار لأكبر عدد من الناس
تحياتي وتقديري وشكري

مازن said...

أرجو من حضرتكم مزيد توضيح حول التقنية اليابانية المتعلقة بإرجاع الصوت من اللوحة

مع وافر شكري

Dr. Eyad Harfoush said...

أهلا بك استاذ مازن
التقنية تعتمد على تركيب حجرة صوت صناعية (حنجرة) من واقع شكل الحنجرة والأنف في الصورة المرسومة واستخدامها للتعرف على صوت الشخصية التاريخية وتمت تجربتها على اشخاص لهم تسجيلات مثل تشرشل ونجحت لحد بعيد، هذه معلوماتي عنها، تحياتي وشكري للتعليق