14.5.06

الأنوثة في الديانات الوثنية القديمة


هل كان الرمزان الواردان في الفصل هما الرمزان السابقان للذكر و الأنثى ؟

نعم، فقد تعددت الرموز للأنوثة و الذكورة عبر التاريخ، و قد بدأت بالشكل البدائي على شكل رقم 8 بالأرقام العربية كرمز للعضو الذكري، و الرمز المعكوس على شكل الرقم 7 كرمز للرحم الأنثوي. و تطورت الى شكل رمح و درع الاله الروماني "مارس" كرمز للذكورة و كذلك المرآة المعبرة عن الربة "فينوس" كرمز للأنوثة، و منذ عام 1970 بدأ ظهور رموز للشواذ و السحاقيات و الأجناس المزدوجة ...الخ


هل كانت الأديان الوثنية ترفع من شأن المرأة حقاً ، بينما حقرتها أديان السماء ؟
إجابة هذا السؤال تقتضي أن نتفق أولاً على المصدر الذي سنعتمده عند دراسة موقف الأديان السماوية من المرأة، فمثلا، لو أخذنا القرآن وحده مصدراً لفهم موقف الإسلام من المرأة، سنجد موقفا يتسم بالتالي:

1. العدالة في النظرة العامة:
فالقرآن لا يرد فيه أية آيات يفهم منها إرتباط المرأة بالخطيئة أو الشيطان ....الخ، و كذلك لا ينظر لها ككائن من الدرجة الثانية، بل يوصى بمعاملتها كأفضل ما تكون المعاملة إنسانية و رحمة، أما مسألة تعدد الزوجات فهي مسألة نراها بشرية و مناسبة للتكوين النفسي لكل من الرجل و المرأة، حيث من الممكن علمياً أن يرتبط الرجل السوي عاطفياً بأكثر من إمرأة في وقت متزامن، و العكس غير صحيح بالنسبة للمرأة

2. العدالة في الواجبات الدينية و الحدود الشرعية:
فبينما نحن نستهين اليوم بخطيئة الرجل و نهول من شأن خطيئة المرأة ، تعامل القرآن مع الرجل و المرأة الخطاة بمساواة تامة و اعتمد فقط على الإحصان كعامل لتخفيف أو تعظيم العقوبة. أما مسألة الشهادة فنرى أنها كانت مرتبطة بحالة وعي و قدرات المرأة العقلية في صدر الاسلام، فقد كانت محدودة التعليم و محدودة الإحتكاك بالحياة العامة.

3. العدالة في الواجبات و الحقوق المالية:
فبينما يورث الإسلام للذكر ضعف الأنثى، يجعل على عاتق الرجل مسؤولية الإعاشة الكاملة لزوجته و أسرته و الكفالة التامة لهم، و اعتبر الإسلام ما تنفق المرأة على أبنائها أو نفسها إذا كان الرجل معسراً كقرض و ألزم الرجل برده حين يتيسر له. أما ما نفعله الآن من توريث المرأة نصف الرجل، ثم إشراكها في مسؤولية كفالة الأسرة فهو ظلم بين لا علاقة للإسلام به. و قد كانت هذه إحدى القضايا التي كلفت الراحل "فرج فودة" (رحمة الله عليه) حياته

4. الندية في العلاقة الجنسية:
فالقرآن لا يعترف بمبدأ الفاعل و المفعول به في الفعل الجنسي بين الأزواج (لاحظ أننا نستخدم إسم الفاعل عند الحديث عن الفعل الجنسي للذكر و إسم المفعول للمرأة بينما تستخدم اللغات اللاتينية صيغة واحدة للطرفين) و هذا يرجع إلى موروثنا الثقافي و لا يرجع للإسلام الذي أوجب على كل من الزوج و الزوجة إسعاد الطرف الآخر و إشباعه عاطفياً و جسدياً.

أما لو اعتمدنا على كتب التراث الإسلامي و منها كتب الأحاديث الغير منقحة أو المنقحة وفقاً للرواية و ليس وفقاً للمتن، فسنجد صورة معاكسة تماماً تغير من موقف الإسلام من المرأة و منها:
1. إعتبار المرأة عورة متحركة و فضيحة موقوتة
2. إبطال الكلب و الحمار و المرأة للصلاة
3. مساواتها بالنجاسة كناقض للوضوء بمجرد مصافحتها
4. إعتبارها مطية الشيطان و منفذه إلى الرجل
5. سلب المرأة كافة الحقوق المدنية فيما عدا ركوب الدابة!!!

فما هو السبب وراء هذا التناقض؟ ، نحن نرى الأمر كالتالي، فالبداية كانت من العهد القديم المزيف، و انتشرت منه إلى الأديان السماوية بالعدوى، فالطبيعة و الثقافة اليهودية كانت ثقافة تحقير للمرأة لأسباب ثقافية لدى العبرانيين و ليست دينية، و قد دعم الحاخامات الذكور هذه النزعة الذكورية، و دعم كتبة العهد القديم هذه الفرضية بالنصوص المختلقة اللازمة ، و التي تجعل من المرأة بداية الخطيئة و طريق الهلاك، و لا نرى أن السبب في ذلك هو مواجهة الديانات الوثنية التي تقدس الأنثى كما تقول الرواية ، و لكنه كان تمشياً مع ثقافة العبرانيين الذكورية و كذلك دعماً لسلطة المعبد و قياداته من الرجال، و عندما انضم العهد القديم بكافة أساطيره الى العهد الجديد ليشكلا الكتاب المقدس معاً، أصابت المسيحية عدوى اضطهاد الأنثى، و كذلك عندما تعكر الفقه الإسلامي بالإختراق اليهودي التوراتي من خلال بعض اليهود الذين أسلموا، و مزجوا تراثهم بالتراث الإسلامي سهواً أو عمداً، ظهر تحقير الأنثى و تفاقم في جماعة إثنية هي بدو الجزيرة العربية، و هي جماعة كان لديها الاستعداد لهذا التحقير بحكم ثقافتها البدوية الذكورية أيضاً ، و عليه ازدحمت كتب التراث بمفاهيم مغلوطة و أحاديث منحولة لتحقير المرأة و الانتقاص من دينها و عقلها .... الخ

خلاصة تحقيق الفصل:
1. الأديان السماوية ليس لها علاقة مباشرة بتحقير المرأة في رأينا، و لكن هذا التحقير نتج من تأثر هذه الأديان بالثقافة الذكورية للجماعات التي نشأت بها.

No comments: