28.10.10

المحكمة الدولية وحمل السفاح


رحمك الله يا رفيق الحريري، كم من الجرائم والاختراقات ترتكب في حق لبنان والمقاومة باسم التحقيق في جريمة اغتيالك، وآخر الجرائم اقترفها اثنان من المحققين الدوليين بمخابرة عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية ببيروت وطلب ملفات بعض المريضات من بنات وزوجات قادة المقاومة هاتفيا، ثم حضورهم في اليوم التالي للحصول عليها، وهنا غشي العيادة وفد نسائي رفيع المستوى وانتزع الملفات من أيدي الفأرين الدوليين، فاضطرا للفرار كما يليق بالفئران، ثم خرج علينا سيد المقاومة في خطابه اليوم، حفظه الله للبنان والعروبة، ليعلن بداية خريف الغضب في لبنان ونهاية التهاون في أمنه وسلامة مقاومته بالتعاون مع المحكمة المشبوهة، بعدما تجرأت على المساس بخط الأعراض الأحمر ومحاولة انتهاك خصوصية النساء، وعلى هذه الوقائع لدينا عدة تعليقات
  • أقرب تفسير لزيارة عناصر المحكمة الدولية لعيادة نسائية هو حمل السفاح العابث بأحشاء المحكمة من علاقتها الآثمة بالكيان الصهيوني، ولكن الزيارة لم تكن لإجهاض حمل السفاح والستر على المحكمة المفضوحة، ولكن لتغذية الجنين الزنيم بمزيد من المعلومات عن المقاومة، وهو الدور الحقيقي لدلمار وجرذانه
  • بوصفي طبيبا أعرف تماما أن شرف المهنة يمنع الطبيب من افشاء أسرار مرضاه حتى لو كان هذا بناء على طلب محكمة جنائية، فما بالنا بمحكمة سياسية مشبوهة؟ الملفات ليست ملكا لهيئة التحقيق كما ادعى المحققون، ولا هي ملك حتى لطبيبة النساء والولادة، لكنها تحمل معلومات مملوكة لصاحباتها من المريضات ومودعة بوصف أمانة لدى الطبيبة المذكورة، ولو افترضنا أن الطبيبة بالفعل سلمت الملفات لعناصر التحقيق الدولي، نكون أمام حالة يعطي فيها من لا يملك لمن لا يستحق، واستعادة السيدات والبنات للملفات من أيدي جواسيس التحقيق الدولي ليست عدوانا كما وصفتها عناصر 14 آذار ولكن دفاع مشروع من جانب المريضات عن خصوصية معلوماتهن الطبية المودعة لدى الطبيبة، والتي نحسن الظن بها ونقدر أنها أخبرت المريضات اللائي طلبت ملفاتهن بعد المكالمة الهاتفية وقبل زيارة فيران دلمار
  • تساءل سيد المقاومة ونتساءل معه، ما علاقة اغتيال رفيق الحريري بملفات مريضات لبنانيات من الضاحية تحديدا ترجع تواريخها للفترة ما بين 2003 وحتى 2010م؟ ما طبيعة المعلومات التي يتوقعونها في تلك الملفات؟
  • تصريحات السيد حسن نصر الله عن وجود كافة ملفات الطلاب الجامعيين اللبنانيين في حوزة لجان التحقيق وبالتالي في حوزة الصهاينة تلقي ظلالا على كل من تعاون بإفراط وتفريط مريب مع تلك المحكمة، ويأت في المقدمة رئيس الوزراء السيد سعد الحريري ومعاونوه، فهل ستكون نهاية المهزلة حكومة برئاسة عمر كرامي تعيد الأمور إلى نصابها الوطني؟ وتعيد للداخل اللبناني صلابته التي تضررت من رخاوة الحريري الابن؟
  • إعلان المحكمة الدولية عن عزمها على تكرار محاولة الحصول على المعلومات ثانية يعني أن عناصرها لم يعرفوا بعد ما هو حزب الله، وما هي طبيعة عرينه المصون في ضاحية المجد، على دلمار بعد تصريحات السيد نصر الله اليوم أن يفكر ألف مرة قبل القدوم على فعل أحمق
  • تجاهل المحكمة الدولية لما أعلنه سيد المقاومة من قرائن هامة الشهر الماضي والتماسها لأدلة في ملفات متابعة حمل وتركيب لولب وعمليات كحت في المقابل، يجعل من بقي لديه ذرة من كرامة أو شرف بين المدافعين عن المحكمة في لبنان وخارجها يعاود تقييم موقفه، مالكم خيبكم الله؟ أما زلتم تصرون على حيادية تلك المهزلة؟ ونفي علاقتها المشبوهة بإسرائيل؟
  • هناك قائد عربي واحد يأتمر بأمره كل أحرار العرب اليوم، فهو القائد الوحيد في ميدان الشرف ضد الصهيونية، وقد أصدر القائد أمره بوقف كل تعاون وتهاون مع المحكمة الصهيونية، وهو أمر ملزم، ويجب أن تكون أوامره نهاية لحقبة استباحة معلوماتية امتدت منذ 2006 ولليوم، رفعت الأقلام وجفت الصحف
وختاما نقول للسيد سعد الحريري، أن يدان الصهاينة باغتيال والدك سيضع صفة الشهيد قبل اسمه أبد الدهر، ويشهد له أنه عاش ومات منحازا للبنان وللمقاومة ورافضا لهوان الاحتلال، أما لو حدث ما تتمناه إسرائيل وصدر قرار ظني - حتى لو كان معدوم المصداقية - يدين المقاومة فهذا يلقي بالظلال عند من يصدقه على دور أبيك في الساحة اللبنانية، ويضع قبل اسمه وصفا لا نرضاه له رحمه الله، عدوان الضاحية وتهديد الأعراض وستر النساء أمس فرصتك الذهبية لسحب الأمان الذي تعهدت به للمحققين المصهينين، والاحتفاظ لأبيك بلقب الشهيد رفيق الحريري الذي نرضاه له

الحرب النفسية ضد المصريين


تعرضت مصر في مرحلة الانحطاط المعاصرة والممتدة منذ 1974م ولليوم لعدة حملات من الحرب النفسية شنتها جهات متعددة ولأهداف متعددة، ذكرني بهذا الأمر حوار مع أستاذي الدكتور يوسف زيدان عن الإعلام الموجه ودوره في الستينات، والذي أرى أنه كان يخدم هدفا وطنيا في ظل نظام شمولي وطني، أما المراحل التالية فظل الإعلام فيها موجها، ولكن تغيرت وجهته لخدمة الخصم

ما هي الحرب النفسية؟
هي مجموعة جهود مخططة ومنسقة للتأثير على مجموعة من الناس، وإحداث تغيير مطلوب في منظومة القيم، أو المعتقدات، أو السلوك أو المنطق لتلك المجموعة، بحيث تتبنى سلوكيات من شأنها أن تسهل هدفا أو أكثر للجهة التي تشن الحرب النفسية، وفي حالة مصر تعددت الجهات صاحبة المصلحة التي شنت الحملة تلو الحملة على العقل الجمعي للمصريين كما سيأتي تفصيله، ولكن الهدف كان مشتركا بينها، وهو هدم الشخصية المصرية الفاعلة والتي تكونت منذ بدأ محمد علي مشروعه التنويري وتبلورت مع بدايات القرن العشرين والطفرة التعليمية ووصلت لذروتها مع المشروع الوطني والقومي الناصري، لأن هدم هذا النموذج الفاعل لصالح نموذج المصري السلبي الاستهلاكي الخنوع هو ما يضمن مصالح تلك الجهات الداخلية والخارجية، وقد مرت الحرب النفسية في مصر بعدة مراحل

مراحل الحرب النفسية ضد المصريين
  1. المرحلة العشوائية من 1974-1978م وثقافة الاستسلام، وقام بها نظام السادات بمشورة ومساعدة أمريكية، واعتمدت على وسائل أولية هي إعلام الدولة والخطاب الديني الرسمي وبعض الدعم من الصحافة الأمريكية التي كافئت السادات بترويج نظامه دوليا، وانهالت خلال تلك المرحلة وعود الرخاء المقترنة بالسلام على المواطن المصري المطحون (الذي أمضى بعض شبابه قرابة العشرة أعوام على الجبهة) وكانت المبالغات بلا حدود، سيارة صغيرة لكل شاب، وعقد عمل في الخليج لكل فلاح وكل عامل، والمعونة الأمريكية التي ستحول المستشفيات والمدارس المصرية لمستوى قريناتها في كاليفورنيا، إلى آخر أوهام الرخاء، ووقف رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة ليقول "تعبنا وعايزين نرتاح بقى ونشوف لنا يومين"، وانتهت تلك المرحلة بوقائع الغلاء الأليمة المؤدية لأحداث 18 و19 يناير، والتي بددت أوهام سيارة وعلبة كومبوت وبرطمان مايونيز لكل مواطن بحقيقة الجوع الكافر مع ارتفاع أسعار القوت الضروي وسيجارة الكليوباترا والشاي الأسود
  2. مرحلة "نادي السفاري" من 1976 1982م والردة الاشتراكية، وقام بها تحالف رسمي وموثق (كان سريا قبل الكشف عنه بحكم قانون حرية المعلومات) بين أجهزة المخابرات في كل من مصر والولايات المتحدة والسعودية وفرنسا (في عهد جيسكار ديستان) والمغرب وإيران (في عهد الشاه)، بالتعاون مع جماعات أصولية دينية، وفقا لفكرة شيطانية واتت برلماني يميني فرنسي عتيد، تتلخص في مواجهة اليسار بالأصولية الإسلامية، وكانت الجماعات المختارة هي الإخوان المسلمين في مصر، وأسرة آل الشيخ المسيطرة على هيئة الأمر بالمعروف في العربية السعودية، وجماعة أنصار الإسلام في إيران، وكان مركز العمليات في باريس، ونطاقها ممتد من أفغانستان لمصر وأفريقيا. واسم نادي السفاري كان الاسم الكودي لهذه التوأمة المخابراتية، وفي إطارها تم دعم مباشر وغير مباشر لحملات صحفية تشوه التاريخ وتضلل الرأي العام وتشنع على القطاع العام، ولمجموعة كتب لكتاب متعاونين مع السفاري في مقدمتهم أنيس منصور وعبد العظيم رمضان، ولبعض أفلام سينمائية لم يتوفر لدينا أمثلة لها
  3. المرحلة التبادلية (الطموح الاستهلاكي/ الارهاب الأمني) من 1993 وحتى اليوم، وقام بها النظام المصري الحالي منفردا، بعد نهاية شهر العسل مع الإخوان، واستمرت في دعم قيم الاستهلاك، مضافا إليها تضاعف البطش الأمني والذي كان مبررا بالإرهاب في التسعينات مع انفلات الجماعات الأصولية التي فرخها النظام، واستمر دون تبرير حتى اليوم في مواجهة الحراك الوطني السلمي، والذي صار سلميا من جانب واحد هو الناشطين، وعنيفا من جهة الأمن، وهي المرحلة التي تم خلالها التطبيل والتصفيق لسقوط المعسكر الشرقي في أوروبا، وكأنه لم يكن حليفنا ومصدر سلاحنا في مقابل أمريكا والكيان الصهيوني، أما قنوات تلك المرحلة الراهنة وسماتها فنتناولها بقدر من التفصيل
المرحلة التبادلية .. القنوات والوسائل
  • الإعلام الرسمي على القنوات التليفزيونية الحكومية والجرائد الرسمية، الأهرام والأخبار والجمهورية والمساء وروز اليوسف، وقبلها مايو وأكتوبر
  • الجرائد شبه المعارضة مثل المصري اليوم والأسبوع، والتي تروج نفس قيم الجريدة الحكومية ولكن بغطاء سطحي من المعارضة، وبصورة غير مباشرة، مع الهاء القاريء بقضايا فرعية للرأي العام، لا تنتهي إحداها حتى يتم طرح أخرى
  • امتلاك عناصر اليمين المتطرف من رجال المال والأعمال الخليجيين والمصريين لمعظم الفضائيات ومن ثم دعم قيم السوق والسلوك الاستهلاكي من خلالها بطبيعة الحال ودون الحاجة لتخطيط مسبق، ودون أدنى محاولة من الدولة لرفع وجودها الإعلامي
  • الدراما التليفزيونية والسينمائية وأشهرها فوازير رمضان في الماضي، والتي جمعت في ابهارها وفي جوائزها ورعاتها معظم سمات وقيم المرحلة
المرحلة التبادلية .. الرسالة والمضمون
قلنا أن الحرب النفسية تستهدف تغييرا في كل من (1) القيم، (2) العقيدة، (3) السلوك، فكيف تم هذا في حالتنا في مصر؟

القيم: قيم السوق بدلا من قيم الكفاية والعدل

  • منطق الثراء المادي بغض النظر عن الوسائل كمعيار اجتماعي يكاد يكون وحيدا للنجاح والتميز، ليحل محل قيم العلم والمستوى الاحترافي والمركز الوظيفي وغيرها من المعايير الاجتماعية
  • منطق الصراع والتنافس الغير مقيد ببعد إنساني، والذي يتحول من معركة تميز لمعركة بقاء للأقدر، ليحل محل قيم التعاون والشراكة والتقارب الاجتماعي والجيرة والعائلة
  • الذاتية المفرطة لتحل محل قيم التضحية والفداء
  • التنفير من الادخار بتقزيم العائد على المدخرات تدريجيا، وتيسير القروض الشخصية في المقابل، لدعم قيم البذخ الاستهلاكي لتحل محل قيمة الادخار الوطني والتنمية
العقيدة: التدين الوهابي بدلا من التدين الثوري والإصلاحي (عبر الدكتور علاء الأسواني عن تلك المعاني تفصيلا في مقاله عن التدين البديل) و
  • بروز منطق الحفاظ على الذات من المهالك وخفض نبرة الفداء والشهادة في الخطاب الديني المعاصر
  • التركيز على فروض الدعم الروحي كالصلاة والصوم والحج وتركيز أقل على فروض البر القائمة على بذل المال والنفس كالزكاة والصدقات والنضال والقتال في سبيل الله والشهادة
  • ترويج مفهوم ديني مغلوط مقتضاه عدم مسئولية الفرد عن أفعاله طالما فعلها في ظل فتوى إباحة، والحقيقة أن القرآن والحديث نص على المسئولية الفردية لجميع التصرفات في أكثر من موضع
السلوك: المخدرات، الجنس، وأشياء أخرى
  • فك الارتباط بين قيمة الرجولة ومواقف الرجل، وخلق حالة من الرضا العام عن الخنوع والسلبية والجبن كصفات مقبولة ضمنا في الرجل من خلال الإعلام الموجه في الوجهة المضادة لوجهة الستينات النضالية، وترتب عليه كل ما نراه من سلوكيات متدنية للرجال في مجتمعنا انتهت بالرجل عاجزا عن دوره كأب وزوج
  • ترتب على تشوهات الرجل النفسية والناجمة عن قهره وهزيمته الداخلية تشوهات مقابلة في سلوك المرأة والزوجة والأم
  • التوافر الكبير للمخدرات بكافة أنواعها في السوق المحلية وكأنها مسموح بتداولها، ودون احتياطات كبيرة ولا تعتيم كما كان الحال في الماضي القريب
  • ترويج الإباحية الجنسية في جانب من المجتمع وترويج الأشكال المستحدثة للزواج في جانب مقابل أكثر تمسكا نوعيا بالعقيدة، ليظهر الزواج السياحي وزواج المتعة والمسيار وغيرها، وكأننا لسنا مسلمين منذ أربعة عشر قرنا بنوع واحد من الزواج لم نعرف غيره سوى في الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة
  • البطالة الاختيارية التي يرفض فيها بعض شباب الطبقة الوسطى أعمالا تقتضي جهدا كبيرا بسبب تسفيه قيمة العمل واعتباره مصدرا للدخل وليس قيمة في ذاته
والآن .. إلى أين قادتنا الحرب النفسية التي شنها أعداء الخارج وخونة الداخل علينا؟ إلى عصر الانحطاط المصري الخامس والمعاصر

23.10.10

مش عاوز يتجوزها تاني


بداية، كلمة "تاني" في العنوان لا تعود على الزواج، ولكن على النوت التي يمكننا اعتبارها امتدادا لنوت سابقة هي "مش عاوز يتجوزها" والتي حظيت بعدد من التعليقات على المدونة والفيسبوك تجاوز الخمسين (مقارنة بنصف هذا العدد تقريبا في المقالات السياسية)، أما لماذا يكون هناك جزء ثان، فالدافع هو تعليق من الصديقة أ/ فاطمة حليم، فتح أفقا جديدا لتناول الأمر، لأن تعليقها عبر عن رؤية مغايرة للأمر من الطرف المقابل، بحيث يكمل الصورة التي حاولت التعبير عنها في المقال الأول، ولذلك رأيت نشر التعليق هنا، مع تعقيبي على بعض مقاطعه، وتسجيلي لإعجابي بالمنطق والتناول في كل مقاطعه
--
مبدئياً أتفق مع ما ذكرت يا دكتور إياد في مجمله لكننى أود من خلال تعليقى هذا أن أتطرق لأزمة زواج الفتيات (ولا أقول العنوسة) في مصر من زوايا أخرى قد تبدو مكملة لما قدمته حضرتك أحيانا وتبدو مغايرة له في أحيان أخرى لكنها في كافة تفاصيلها تجليات مختلفة لعصر الانحطاط الذي أشرت إليه. ومن أسف أن يكون ذلك هو حال الطبقة الوسطى التي كانت تدعى يوماً "وعاء القيم" قبل أن تعرض تلك القيم – بالوعاء نفسه- في المزاد العلني اللى حضرتك قلت عليه برضه.
هل العكس صحيح؟
لقد ذكرت عددا كبيرا من الأسباب التي تُنَفِّر أي رجل "عاقل رشيد متعمق في فهم الحياة وعلاقات البشر" من الزواج من نموذج علا. فماذا لو أعملنا المنطق بأن عكس تلك الأسباب هو ما يمثل مواصفات الزوجة المثالية للشاب المصري المعاصر. هل هذا صحيح؟ لو كان الأمر كذلك، فصدقنى ما تأخر زواج الكثييييييييييييير من الفتيات اللاتي يتمتعن بقوة الشخصية والعقل والإرادة وووووو..............إلخ. الحقيقة أن المحنة في أشد صورها تكون لدى الفتيات اللاتي يتوافر بهن عكس كل ما ذكرت من عيوب يا دكتور! آه والله العظيم. لأنه ببساطة هذا توصيف حضرتك للرجل العاقل الرشيد من واقع مستوى ثقافتك اللي للأسف الشديد أعلى بكتيييييييييير قوى مما هو سائد (يعنى مش هأقول كل الشباب بس الأغلبية منهم).
--
أتفق مع أ/ فاطمة في ملاحظتها الذكية تماما، ولهذا تحديدا استخدمت تعبير "رجل عاقل رشيد متعمق في فهم الحياة وعلاقات البشر"، لإدراكي لوجود النموذج المغاير، غير العاقل وغير الرشيد والسطحي في فهمه للحياة وطبيعة العلاقات الإنسانية وفي مقدمتها علاقة الزواج، ولكني في النهاية أرى الأمر نسبي، فلو افترضنا خطا وهميا يقع النموذج الذي تناولت معاييره في النوت السابقة في أحد طرفيه والنموذج المغاير الذي تتناوله الصديقة في طرفه المقابل، يكون لدينا طيف لا نهائي من درجات الرشاد والفهم والنضج نقع كلنا كرجال فيه، لأن النماذج على الطرفين فرضية، والطيف بينهما هو الواقعي.
ويبقى هنا سؤال مهم، هل عندما تجد المرأة الرجل العاقل الرشيد، ذو الشخصية كاملة التشكل وواضحة المعالم، وذو الذوق الحساس الذي يعرف ما يريد، وما يتبع تلك الصفات الايجابية من جوانب سلبية بالضرورة، نموذج هيبا عند يوسف زيدان، هل حينها ستحتمل الحياة معه؟ الشكوك والريب كثيرة حول هذا
--
الكتالوج بيقول إيه بقى؟ لا أعتقد أنك ستندهش عندما أخبرك بأن إحدى الصحف الكبرى نشرت منذ عدة شهور استطلاع للرأي لدي الشباب عن مواصفات فتاة أحلامهم فكانت النتيجة تتلخص في صفات ثلاث: جميلة وتافهة وضعيفة الشخصية ......أن أن أن آآآآآآآآآآآآآن. وهأضيف لسيادتك أنا من عندي حاجتين: 1. ما بتشتغلش أو بتشتغل بس تسيب الشغل بعد الجواز أو تستمر في شغل بسيط ومحدود لا يتعارض مع مهامها كأم في تربية الأولاد (اللي لسه ما جوش أصلا ومنعرفش ربنا كاتب أنهم ييجوا أساسا ولا لأ بس هو كده في الأول لازم وش) 2. لم يسبق لها الارتباط عاطفيا بأي شاب في حياتها وإن حصل فلازم يتحقق العريس من أن التجارب السابقة لم تتعد مساحة الكلام العادي اللي زي اللي بينها وبين البواب أو البقال أو ساعي المكتب........إلخ، أي أن تكون عربية زيرو لا واخدة خبطة في الشاسيه ولا مغيرة موتور ولا أي حاجة من دي على حد تعبير الشباب اللطيف المهذب ( بمناسبة الحديث عن تشييء المرأة يعنى يا دكتور)
--
ربما لقصور تجارب وخيال الشباب المشترك في استطلاع الرأي المؤسف والمتوقع، لا يدرك هؤلاء أن باربي التي يصفونها، الجميلة التافهة ضعيفة الشخصية هي أشبه، وعذرا للغتي بقميص داخلي يرتديه وينساه بعد ثانيتين، لا يدركون كم هي مملة وسقيمة هي العروس ماركة "جيل" التي يتمنون
أما تعبيرك الذكي عن السيارة الزيرو، فهو فضلا عن التشييء محض حماقة، أعرف رجلا سألته فتاته عما مر به من تجارب عاطفية فأخبرها ثم سألها نفس السؤال، وكانت في الرابعة والثلاثين، فقالت ألا تجارب لها، فاعتذر بلطف وانسحب، ببساطة لأنها إما أن تكون كاذبة أو فاترة المشاعر، فأنثى طبيعية في عمرها لابد قد مرت على الأقل بتجارب حب ابن الجيران أو زميل الدراسة أو العمل أو النشاط، حتى ولو من طرف واحد، والا يكون فيها حاجة غلط، والأرجح هنا أنها كاذبة. ولكني أعذرها، فلعلها كذبت بعدما صدمت في رد فعل أكثر من خاطب قبله.
--
وتلك لطمة جديدة، بالإضافة للحاجات اللي حضرتك ذكرتها فيي مسألة ضحايا الرجل، تتلقاها كثير من الفتيات اللائي قضين أعمارهن القصيرة في بناء شخصياتهن وتوسيع مداركها بشتى الطرق (إشى تعليم في الجامعة وإشى لغات وإشى شبكات اجتماعية على الانترنت وإشى أنشطة تنموية في خدمة المجتمع وإشى دروس دين وإشى دروس رقص شرقى- علشان قال يعنى الواحدة مننا تبقى فول أوبشن بس الحتة الأخيرة دي طبعا مابتتكبتش في الـ CV اللى بيتقدم للعريس- وإشى وإشى وإشى...........إلخ) لتكتشف الفتاة منهن – في أحيان كثيرة بعد فوات الأوان- إنها ضيعت سنوات شبابها هدر وإنها لو ماكانتش تتمتع بقدر كبير من الجمال (وده موضوع قدري بحت لأن عمليات التجميل مش بتقلب الواحدة 180 درجة زي ما الستات اللى غيرانة من نانسى وهيفا وإليسا ما بيقولوا، الواحدة لازم يكون عندها شئ من الجمال أساسا والعمليات تزوده وهى كمان تعرف إزاي تبرزه والحتة الأخيرة دي بالذات مش كل البنات بتعرف أو "بتقدر" تعملها سواء من ناحية القدرة المادية أو القدرة على مخالفة الطابع المحافظ المزعوم من المجتمع المريض اللي احنا عايشين فيه) وكمان لو ما عندهاش القدرة إنها تسخط دماغها تاني وتعود لمرحلة الطفولة العقلية وتتشعبط في ديل فستان مامتها أو إيد باباها وتسمع الكلام وتشرب اللبن علشان يرضى العريس اللقطة يوديها الملاهي فهى عمرها ما هتتجوز في حياتها
--
هنا يظهر سؤال، لمن كانت تعد كل هذا؟؟ للسطحي الذي يبحث عن سيارة زيرو أو عروسة جيل؟ أم "للرجل الرجل" بتعبير العبقرية أحلام مستغانمي؟ أو بتعبير سعاد الصباح للرجل الذي يعرف تاريخ الأنهار وأسماء الأزهار، ويعرف ما في رحم الوردة من ازرار؟ تلك التي عاشت تؤسس المرأة المرأة في نفسها؟، ينبغي أن تطلب الرجل الذي أسس الرجل بداخله، وإلا فالاحتفاظ بلقب آنسة أسلم وأكرم
ضحكت كثيرا لموضوع ما يحجب وما يبدى في السيرة الذاتية للعروس  وإن كان الرقص الشرقي فنا راقيا لو عرفناه بما تؤديه فريدة فهمي مثلا، ولذا لا ينبغي حجبه، أما لو كان من نوعية ما تؤديه دينا فهو رقص الجواري وهنا يحسن حجبه؟، لانه حتى ليس جذابا بغض النظر عن عدم رقيه.
--
وللإنصاف، أتفهم تماما مطلب أن يكون جمال الشكل والمظهر مطلباً أساسياً عند الرجل إن لم يكن بدافع فطرته الغريزية في الميل للأنثى الجذابة من بنات حواء دوناً عن غيرها، على الأقل، في المرحلة المبدئية للتعارف (أقول المبدئية وليس القرار والفيصل) فهو بحكم الاستجابة اللاشعورية للإلحاح المتزايد على تقديم صورة نمطية للمرأة المرغوبة في شكل "مزة" واختزال آدميتها في هذه الصفة عن طريق مختلف وسائل التأثير (الإعلام- الفن- الانفتاح على الغرب...إلخ ومش قصدى أقول كلام إنشا وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والصداع ده والله). بالعكس، أنا أرى أن اهتمام المرأة أو الفتاة بجمالها وإظهارها له بالشكل المناسب هو من عناصر شخصيتها الأساسية ومنبع ثقتها بنفسها الأول وليس معنى أن تكون الفتاة متفوقة ومثقفة وناجحة في عملها إن يكون شكلها "غلط" ولا أرى تعارض في الجمع بين كل تلك المقومات في آن واحد لكن اعتراضى على ذلك الاختزال المخل بشخصية الإنسانة إلى الدرجة التي حدت بإحدى صديقاتي أن تقول بأن شباب الأيام دي عايزين prostitute بس شرعي!
--
نعم مهم جدا أن تكون جميلة بعينيه، وإذا نظر إليها سرته، والأهم أن يراها جذابة كامرأة، والأمران نسبيان لحد بعيد، المشكلة تبدأ في التنميط، حين نبحث عن الصفات النادرة الانتشار في جنسنا الشرق أوسطي ونتعارف عليها بغباء شديد كأنها مقاييس الجمال، البشرة البيضاء والعيون الملونة والشعر الفاتح المرسل كالحرير وقوام المانيكان، عقدة خواجة حتى في النساء، وواقعنا ان الفتاة مصرية الجمال ستكون نقيضا لكل هذا، ونفرتيتي رمز الجمال الفرعوني لم تحمل واحدة من تلك الصفات، ولا ينبغي لها، ولكن الأمر عام، وستجدين معظم الفتيات يجدن في نموذج حسين فهمي بريطاني الملامح معيارا لوسامة الرجل، بينما أحمد زكي أقرب لقسامة وسمت الرجل المصري والعربي ووسامته
--
أما مسألة أن يشترط أن تكون ضعيفة الشخصية فهذه هي المأساة الحقيقية لأنها ببساطة انعكاس لحالة التردي الذي نعيشه فالنتيجة المنطقية لانهزام الرجل في ساحات العمل السياسي والتعبير عن الرأي والقهر في العمل والحياة بصفة عامة هي أن يصبح كائناً ضعيفاً يبحث عن كائن آخر أضعف منه يفرغ فيه طاقاته المكبوتة أو بتعبير علم النفس " منطق الإزاحة" أي أن المقهور ممن هو أعلى منه يمارس القهر مع هو أدنى منه لكي يتعادل ويتوازن
--
أصبت الحقيقة هنا بدقة، ولكن، هل تحتمل المرأة كذلك النوع المقابل؟ الرجل الذي لا يقبل الضيم ولا يعيش الهزيمة ولا يرضى الدنية في العمل والرأي والحياة؟؟ لاحظي أن لرجل تلك طبيعته كذلك جوانبا أقل اشراقا 
--
طيب هذه واحدة. خد عندك دي: ما الذي يشكو منه الرجل عادة في الزوجة المصرية؟ الإجابة: نكدية (حط تحتها ييجى عشرين خط)- زنانة- لزقة- خنقة-كثيرة المطالب- كثيرة الشكوى ولا يرضيها شئ- لا تعرف كيف تتعامل معه وترضيه وتقدره حق قدره. هل الربط واضح ولا أوضح أكتر؟...... أوضح أكتر عزيزى الرجل المصري العصري اللذيذ: هذا حصاد ما زرعت ونتاج ما قدمت يداك. كيف؟ نفسر أكتر: 1. أردتها جميلة الجسد دميمة العقل فلماذا تشكو بعد أن تذهب نشوة الاستمتاع بالجسد- والتي لا تدوم طويلاً – ويبقي منها إمرأة خاوية الروح محدودة المهارات عديمة الطموح لا تلبث أن تصبح بعد أعوام قليلة من الزواج (وأحيانا والله بعد شهور) كتلة من اللحم المترهل قليلة الحركة غير عابئة بمظهرها غير متجددة ولا مبتكرة ساخطة على حياتها وعليك وعلى الجواز واللي شار بيه. 2. أردتها إمعة لتضمن أن تطيعك طاعة عمياء ولا تناقش أو تجادل فلماذا تشكو أنها منساقة وراء آراء الأهل والجيران والأصدقاء أو حتى ضيوف برامج التليفزيون والجميع يسدونها نصائح خاطئة لأننا جميعا –إلا من رحم ربي- ندور في حلقة مفرغة لعينة من الجهل والتعميم والأحكام المسبقة والافتراضات غير المبنية على حقائق. 3. أردتها إمراة غير عاملة لتكون أنت صاحب اليد العليا في الإنفاق وتصريف شئون الحياة فلماذا تشكو أنها مادية كثيرة المطالب وقد أضحت إمرأة معيلة لا تملك مأرباً لسد احتياجاتها هي وأبنائها سواك ولا تأمن لغدرك أو غدر الزمان (وخد عندك من المأثور الشعبى في الموضوع ده ما يملأ صفحات) 4. كذلك تشكو من أنها لا تقدر جهودك وكفاحك ومعاناتك في العمل والشارع والتعامل مع مكائد الناس في هذا الزمن الصعب وكيف لها أن تفعل وهي تعيش قابعة في المنزل بين أربعة جدران، عالم محدود الأشخاص والملامح والتحديات. لا تدرك من عالمك أنت شيئا سوى ما ترويه لها في نهاية يومك الطويل (ده إذا كنت بتحكيلها حاجة أصلاً) عن المسئولية الكبيرة التي تتحملها في العمل والتقدير الذي يجب أن تحصل عليه نظير هذا التعب فما يكون منها إلا أن تبدي تعبيرات مستهلكة ومفتعلة للتعاطف معك بينما تسخر في أساريرها من معاناتك وأهميتك المزعومة بأقوال من عينة: تقولش متجوزة حسنى مبارك/ شقيان فيه إيه بلا نيلة ده انت موظف قاعد على مكتب طول النهار/ ما كل الرجالة بتشقى علشان تقدر تفتح بيوتها أمال هما عملوا الرجالة ليه...........هاهاهاهاهاها. أو أنها لا تصدق رواياتك من الأساس ظناً منها أنك تبالغ فيما تصف من أهوال اليوم لكي تغطي على نزوات استنفدت ما بقي من طاقتك البدنية والذهنية. ولم لا يساورها الشك وتبقى "خنيقة" وهي تشعر في داخلها بأنها ضعيفة لا يمكن أن تنجح في منافسة غير متكافئة مع زميلة العمل المتأنقة أو صديقة النادي البشوشة أو أي واحدة ملفتة ماشية في الشارع لأن كل هؤلاء لا يعانين مثلها من آثار "الركنة في البيت" التي أهالت على شخصيتها التراب. 5. الطامة الكبرى: أردتها عذراء خجولة انت أول راجل في حياتها (أو هكذا اعتقدت) علشان تربيها على إيديك وتشكلها على مزاجك والحقيقة أن الجانب الآخر من حالة "العذرية المعنوية" التي فرحت بها هي حالة جهل مطبق بعالم الرجال وطبائعهم والاختلافات الهائلة بين الجنسين في طريقة التفكير والمشاعر وكيفية التعبير عنها ولغة الحوار ذاتها والأهداف والأولويات والاحتياجات وقبل كل ذلك إدراك منها لذاتها ومواطن القوة والضعف فيها. وهنا أود أن أوضح أنني لست بصدد الدفاع عن الفتاة التي تقيم علاقات مع طوب الأرض علشان تبقى "العروسة خبرة" على رأي عادل إمام في التجربة الدنماركية (علشان بس ما حدش يفكر يقلب عليا الترابيزة) ولكننى أخاطب في كل رجل يقرأ هذه السطور العقل اللي عرفنا بيه ربنا. تعالوا نتخيل أن رحلة الحياة المشتركة بين رجل وإمرأة تشبه رحلة يقوم بها أحد الطرفين مستخدماً سيارة معقدة التشغيل يسير بها في طريق متعرج تتخلله الكثير من التفرعات والمنحنيات والتقاطعات والمزالق. ماذا يحدث عندما لا يجيد هذا الطرف القيادة ويجهل تماما هذا الطريق؟ مفهوم طبعاً. وأعنى هنا بالسيارة الفتاة ذاتها أو بتعبير علم الذكاء الوجداني درجة معرفتها بذاتها وكيفية توجيه وإدارة هذه الذات. وأعنى بالطريق عالم الرجل بكل تفاصيله.
--
صدقت تماما وفي كل حرف، ازدواجية الرجل المصري والعربي الشهيرة، يريدها غبية لتنبهر به رغم عطله من الموهبة، وذكية لتفهمه وتفهم مشاكله دون أن يفصلها وبالاشارة، يريدها بكرا لم ير رجل ظلها على الارض، فإذا عقد القران صارت غانية لعوب كأن القران برنامج ينزل على موذر بورد عقلها فيغير ركام السنين، يريدها معجبة بنضاله وهو جالس على المقهى او في عمل تقليدي، يريدها قوية مع الاخرين ضعيفة معه وتابعة له، وهذا الصنف من الرجال غالبا ... يحصل على العكس تماما  هذا هو انتقام المرأة، عادة ما يرتبط هذا النوع بامرأة ماكرة لها ما يلي من صفات
• تتسع عيونها انبهارا بكل كلمة ساذجة يقولها وكل موقف عبيط يحكيه، وفي ذات الوقت تدعي أنها تفهمه دوما بإيماءة رأسها وابتسامتها الفارغة كلما تحدث
• تدوخ مع القبلة الأولى وتظن الأطفال ياتون من السوبر ماركت، ومع ذلك تجيد التفاعل العاطفي
• معجبة طول الوقت بكفاحه وتسخر منه طوال الوقت مع جارتها وأمها
• تظهر الضعف وتقوده حيث تشاء وكأنه يقودها، تسحبه من الخلف لو جاز التعبير
--
ببساطة شديدة، الفتاة التي سبق لها الارتباط عاطفياً في أكثر من تجربة ولم توفق– وأتحدث هنا عن الفتاة الذكية التي تتعلم من تجاربها لا الحمقاء التي تكرر نفس الخطأ في كل مرة ثم تلوم الزمن والرجال- وإن لم تكن سهلة التشكيل والانصياع كما يريد الرجل فهي أيضا – على الأقل- قد اكتسبت شيئاً من الحكمة في التعامل معه، عرفت أولاً ماذا تريد هي في الرجل الذي تتمنى الارتباط به، أي صنف من الرجال يسعدها وأيهم يشقيها، كيف تتعامل مع انفعالاتها ومشاعرها في المواقف المختلفة، ما الذي يجعل الرجل سعيداً بالعلاقة (غير الجنس طبعا وده مش موضوعنا)، ما الذي يحبه وما الذي يكرهه، متى تقترب منه ومتي تبتعد (برضه مش قصدى في الحيز المكاني)، متى تتكلم ومتى تصمت، متى تجد ومتى تهزل، متى تكون قوية ومتى تظهر ذلك الضعف الأنثوي النبيل المحبب للرجال. --
نموذج رائع ، لكنك لعلك توافقين انه كالغول والعنقاء والخل الوفي ندرة، او ربما كان نادرا كندرة الرجال الرجال
--
ورغم كل ما تقدم، فإننى لا ألوم الرجل وحده مطلقاً، بل هذه ثقافة مجتمع بكلا جنسيه وفي معظم فئاته وثوابت في وعيه الجمعي المشوه. فذلك الرجل يستمد تلك المعايير من دعوات أمه اللي أول ما بيكبر ويشتغل ويبقى مستعد للجواز تقول له "يلا شد حيلك يا حبيبى علشان أخطبلك واحدة حلوة كده زي القمر" (ماقلتلوش زي عطارد أو المريخ أو زحل) أو "روح يا ابنى ربنا يرزقك ببنت الحلال اللي تهدي سرك وتبقى تحت طوعك" (ماقلتلوش الذكية المثقفة الناجحة). ومن ناحية البنات نفسها فهناك ملايين من الفتيات متسقة تماما مع تلك المعايير وشايفة إن ده العادي والطبيعى ودي سنة الحياة وكاتبة هذه السطور بالنسبة لهم واحدة مشعوذة محتاجة تروح تتعالج. طبعا نسينا علا بطلة المسلسل. لأ أفكركم بيها بقى. إذا كانت علا يتحقق فيها كثير من مواصفات الرجل المصري العادي (مش عايزة أقول المتخلف) يبقى ليه أنا متفقة معاك يا د/ إياد إنها مش ممكن تتجوز؟ لأنه صحيح الرجل العادي عايز واحدة ملهاش شخصية تفرح بيه وما تحطش معايير عالية تلزمه بيها لكن هو كمان عايز واحدة قواها العقلية سليمة (أو على الأقل مش في حالة تستوجب العزل) أما علا فهي أوفر، ضاربة، لاسعة، مهيسة، كهربة مخها زيادة شويتين (وكمان ما ظهرتش في المسلسل "مزة" خللى بالك). وإجمالاً للاستفاضة الفظيعة التي أنا عملتها دي عايزة أطرح سؤال: هل من أمل في أن تجد الفتيات اللي عندهم شخصية أزواج مناسبين في يوم من الأيام؟ أترك لكم الإجابة وكل سنة وانتوا طيبين يا جماعة وبتوع الدراما يعملولنا مسلسلات ثرية كده زي "عايزة أتجوز" نقعد نتكلم عنها بالساعات ونملا صفحات على الجرايد والفيس بوك والمدونات وننشغل عن الأسباب الحقيقة للخيبة التقيلة اللي احنا فيها.
--
الرجال مكتملي الشخصية والنساء الناضجات موجودون حولنا، لكن أحدهم لا يرتبط غالبا بالاخر، وددت لو اعرف لماذا؟ اما الانشغال بدراما الخاص عن الشأن العام، فالخاص والعام شديدى الارتباط، ولو وجد بيننا الكثير من الرجال الرجال ومن النساء النساء، سيكون لدينا حكام حكام

تحياتي الفوق عادية لتعليق عبقري

22.10.10

مصير التغيير


حراك التغيير أمس واليوم

  • عام 1991م وصدام بين الجمعية الأدبية بكلية الطب البشري جامعة طنطا وأسرة الرأي الإخوانية على مقر في الدور الثاني بالكلية، أمن الكلية يظهر ميلا لأسرة الرأي مدعيا الحرص على التهدئة وعدم إثارة المشاكل، بعدها بأسابيع مظاهرة إخوانية لأن العميد رفض تقسيم المدرج لأماكن للبنات وأخرى للبنين
  • عام 1992م، مقر حزب الوفد الجديد بذلك العقار العتيق في شارع النبي دانيال بالإسكندرية، وندوة لتأبين قيادة وفدية تاريخية راحلة، في حزب كل قياداته تاريخية، الحضور بينهم عدد لا بأس بها من الطرابيش، حقيقة لا مجازا، والبعض يناديهم الآخرون بفلان بك، والجو العام يجعلك ترتقب دخول شاب مندفع من الباب يبشر الحضور بأن السراي هاتفت دولة الباشا ليشكل حكومة ائتلاف في الصباح، ولكنه رفض وأصر أن تكون حكومة وفدية، وقصر الدوبارة أيد رفعة الباشا
  • عام 1995م في وقفة احتجاج على أوسلو الثانية أمام مقر الحزب الناصري بشارع النحاس بطنطا، عدد الوقوف 8 أفراد، وحين بدأ البعض في الهتاف كان هتافهم من هذا العدد المحدود من الحناجر بائسا يثير الشفقة أكثر مما يثير الحماس، بعدها بأسابيع كانت الزيارة الأولى لمقر أمن الدولة بشارع النادي بطنطا بسبب توزيع دعوات لمؤتمر الحزب تحت كوبري المجمع الطبي الشهير في جامعة طنطا
  • صدرت الدستور الأولى الأسبوعية في نفس العام، وكنا ننتظرها من الأسبوع للأسبوع كنافذة مختلفة على الثقافة والرأي الحر الذي نقرأه لأول مرة خارج منظومة قاتمة تتكون من الأهرام والأخبار ومايو وأكتوبر وصباح الخير، قبل أن تتوقف في 1998م للمرة الأولى وبضربة مباشرة ومعلنة من النظام
  • عام 2004 وصدور البيان التأسيسي لحركة كفاية حاملا توقيعات مئات المثقفين والناشطين ورافعا شعاره ضد التمديد والتوريث، كان البعض بعد ظهور كفاية والهجوم على الرئيس لأول مرة مفرطا في التفائل بتخيل ثورة شعبية عارمة بسبب تعديل الدستور ويرى أن عام 2005 هو عام الحسم
  • في نفس العام قمت ببطولة مسرحية السلطان الحائر ذات الإسقاط السياسي على الحكم والشرعية على مسرح البلدية بطنطا في إطار مسابقة الجامعة، وحجبت أي جوائز عن المسرحية لبعدها السياسي بينما منحت مسرحيات خفيفة جوائزا متعددة
  • عام 2005 وفي يوم 27 أبريل الشهير وكردون أمني فرعي أمام نقابة الصحفيين بعد الفشل في الوصول لمكان المظاهرة الأساسي الذي لم أعد أذكره، الكردون يمنع التحام المجموعة بالمظاهرة الأساسية على بعد خطوات عند سلم النقابة، شارة كفاية الصفراء فوق الصدور ولافتات رفض التوريث ترتفع فوق الرؤوس، كان الهدف هو الاحتجاج على تعديلات الدستور المزمعة، وامتدت المظاهرات لعدة مدن، في سابقة تحسب لكفاية الرائدة
  • عام 2008 وأول فعاليات الحراك الثوري الإلكتروني على يد إسراء عبد الفتاح بدعوتها لإضراب 6 أبريل الشهير، حالة استنفار يشعر بها الناشطون القدامي لأن فتاة في عمر زهرة وبدون خبرات سياسية كبيرة حطمت جدار الصمت بمبادرة عبقرية مع مجموعة من رفاقها
  • عام 2010 ويوم الجمعة 19 فبراير في صالة 3 بمطار القاهرة الدولي وقرابة الألفين وخمسمائة من المواطنين في انتظار الدكتور محمد البرادعي، الأديب الناصري علاء الأسواني يقبل على الواقفين بوجهه الطلق وترحيبه البشوش المتواضع مصافحا الوقوف داخل الصالة ويتبادل معهم كلمات مفعمة بالأمل مع تحفظ حكيم على الآمال القريبة أكثر من اللازم
بقية الأحداث من 6 أبريل 2010 لوقفة عمر مكرم لأحداث الإسكندرية لحملة طرق الأبواب كلكم يعرفها جيدا، لم نكن في حالة موات إذا حين عاد الدكتور البرادعي ليطلقنا من عقال، كنا نحاول ويتجاذبنا اليأس والرجاء، تماما كما يحاول إخوان لنا اليوم ويتناوبهم اليأس والرجاء، فما الذي كان ينقصنا أمس ومازال ينقصنا اليوم لنحقق التغيير؟

حراك التغيير وتيار التغيير والفروق السبعة
ما كان يحدث أمس على الساحة المصرية كان حراكا طفيفا ونادرا ومتباعدا، وما يحدث اليوم حراك كذلك ولكنه أقوى وأكثر اطرادا، ولكنه في النهاية حراك وليس تيارا، والحراك علامة إيجابية تعبر عن الحياة وتحمل الأمل، تكسر التابو السياسي وتخرق جدار الصمت، ثم ينتهي دورها التمهيدي ليبدأ دور تيار التغيير ليحقق خطوات واقعية على الأرض في سبيل التغيير، فماذا يميز التيار عن الحراك؟ ما الذي ينقصنا اليوم لنحقق التغيير المنشود أو نحقق خطوات ثابتة على طريقه؟ ينقصنا ما يلي
  1. التجانس العقائدي، فحتى تنتظم أفراد وقوى سياسية في تيار قادر على الفعل يجب أن يكون هناك حد أدنى من الاتفاق في المباديء العامة والأهداف والوسائل، فكرة الجمعية الوطنية أو أي ائتلاف غيرها تكون مجدية لو كان لديك عدة تيارات فاعلة وقوية لكنها تحتاج للتكتل والتنسيق لتصبح مؤثرة وتحقق التغيير
  2. الاستعداد لتقديم التضحيات والتي تبدأ ببذل المال والجهد والوقت وتنتهي ببذل النفس، فهذا الاستعداد هو ما يكسب التيار الصلابة، وكل من يقدم تضحية يضع قيدا خلقيا على زملائه حين يفكر أحدهم في التخاذل او الإحجام، فيقارن ما قدمه زميله من تضحيات بما ينويه من تخاذل، فيخجل ويجبر نفسه على الثبات، في النهاية الوطن ليس شركة والمواطنون ليسوا حملة أسهم يديرون الوطن بمنطق المصلحة البحت الذي يروج له البعض
  3. التخطيط، فالحراك لا يتطور إلى تيار بصورة عشوائية وبقوانين الاحتمالات، ولكن يتطور لحراك أكبر فقط، والتيار بدوره لا يحقق التغيير لو لم تكن هناك خطة تصعيد سياسي تتم مراجعتها وتعديلها دوريا وفقا لمستجدات الشارع السياسي
  4. التزام الفرد نحو الكل، وهنا بيت القصيد، فانضواء الناشط تحت مظلة جامعة له مع غيره يمنحه قوة وقدرة على التأثير، شعوره بالالتزام نحو زملائه يلزمه بالمثابرة ويتغلب على نزعات اليأس والضعف التي تنتابنا كلنا، شعوره بالمسئولية لثقة قياداته التنظيمية فيه ورغبته في ألا يخيب آمالهم، شعوره بالدفء والحماية نوعيا لأنه جزء من كل أكبر منه وليس بمفرده في مواجهة قمع النظام، كل هذا يجعله أكثر التزاما ومثابرة
  5. التزام الكل نحو الفرد، فالكل للواحد والواحد للكل هو الجوهر الذي عليه تأسست الجماعات والتيارات التي غيرت وجه التاريخ في أوروبا والشرق الأوسط وكل مكان بالعالم، والمثل القريب هو ما يقدمه حزب الله لأسر الشهداء والمقاتلين بصفة عامة من دعم مادي ومعنوي، مما يفسر ثبات وصلابة جنوده في الميدان وهم يعرفون أن شهادتهم لا تضيع من يعولون
  6. السلطة المعنوية، فنحن نرى ظواهر التفتت والتشرذم في الحركات والأحزاب لغياب القائد الرمز المؤهل لموقع القيادة، مما يجعل كل فرد في التنظيم يسأل نفسه: ولماذا لا أكون أنا القائد؟ لأنه لا يرى ميزة فارقة في قائده، تجعل له سلطة معنوية أو روحية عليه، فليس بينهم غاندي بطاقته الروحية وفلسفته ولا مارتن لوثر بثقافته وعقليته التنظيمية ولا الخميني بقدرته الجدلية والتنظيرية، وبغياب السلطة المعنوية تصبح كل خطوة تافهة على درب طويل بحاجة لتصويت وجدل وسجال مهدر للوقت والجهد
  7. آليات الاتصال الآمنة، وبدائلها، حيث يجب توافر أكثر من وسيلة اتصال تحسبا لمداعبات أمنية ثقيلة أكثر من محتملة، وكذلك قاعدة البيانات التي ينبغي وجودها على أكثر من مستوى تنظيمي
الحراك طاقة .. التيار قدرة
لدينا حراك بما يكفي وليس لدينا تيار تغيير، والمشكلة ليست في استحالة بناء تيار ولكن في تعجل الجميع على التغيير وطموحهم في إمكانية القفز على التيار وتحقيق التغيير بمجرد الحراك، وهو ما ثبت فشله بالتجربة، وهو فشل منطقي لعدة أسباب
  1. التيار قادر على المناورة لوجود بعد تنظيمي وقيادي وسلطة معنوية، الحراك غير قادر على المناورة
  2. التيار لا يقتله الكمون المؤقت أو التكتيكي ولكن الحراك يقتله الكمون ونبدأ كل مرة من قرب نقطة الصفر، فنحرم من التراكم
  3. التيار يركز طاقات الأفراد فتصبح طلقة في قلب الخصم، أما الحراك فقبضة رمال تنثرها في وجه الخصم، تضايقه وتؤذيه لكنها لا تقتله، ولهذا تجد أن الأنظمة تحسب حسابا لرد فعل التيار مما يقنن قدرتها القمعية، وكذلك قد تسعى الأنظمة للمصالحة الوطنية معه حتى ولو كان تيارا غير أخلاقي كتيار العنف والإرهاب الديني في التسعينات ومبادرة شيخ العرب عبد الحليم موسى للتصالح مع جماعات العنف الديني، لا يوجد نظام يحسب حسابا لرد فعل الحراك لأنه سيكون قاصرا على مبادرات فردية وشبه فردية، ولا يسعى للمصالحة مع الحراك لأنه لا يوجد كيان ملزم يضمن له نتيجة لتلك المصالحة الوطنية
مصير التغيير
عام 2011م ليس عام الحسم بمعنى تحقيق التغيير المنشود كما يحلم البعض، لكن الفترة منذ الآن وحتى نهاية عام 2011 مفصلية في مصير التغيير، فلو انبثق عن الحراك في غضونها تيار فاعل يبدأ صغيرا وينمو في بضع سنين، فستكون النهاية مشرقة وقريبة، ولو ظل الحراك مرسلا على عواهنه فسيمر التوريث من حلق المصريين ونبدأ في تناول جرعات التبليع والتعايش مع الأمر الواقع ويؤجل التغيير لعدة سنوات وربما عقود

18.10.10

حديث الرقابة والسيادة


لا يفوت الوزراء وقيادات الحزب الوطني في كل محفل تذكر فيه الرقابة الدولية على الانتخابات أن يبادروا لذكر السيادة الوطنية، والإيحاء بأن الرقابة الدولية تدخل أجنبي سافر في شأن وطني داخلي، وتحضرني في هذا الصدد عبارة للدكتور مفيد شهاب صرح بها مؤخرا بقوله "الدول التي تقبل الرقابة الدولية لديها مشكلة سيادة"، وهي عبارة لم تختبر لأن الرقابة الدولية تطلب ولا تقبل، والحقيقة أن النظام والحزب الحاكم في هذا الصدد يدقون وترا له صدى مسموع بين البسطاء، ممن تروج بينهم نظريات المؤامرة الغربية (عامة) على الشرق (عامة كذلك) في تعميم مخل ومضلل، وممن أقنعهم وعاظ المساجد أن الصليبيين (في الخارج) يأتمرون بنا نحن المسلمون (في الداخل) ويضمرون لنا شرا مستطيرا، ولهذا يكون من المستحسن أن نفهم ما هي الرقابة الدولية وما هو دورها

ما هي الرقابة الدولية؟
هي رقابة خارجية "تطلبها" الدول الحرة بمحض إرادتها الوطنية على الانتخابات، سواء في ذلك البرلمانية أو الرئاسية، و"تطلبها" من جهات تحددها حصريا وبمحض رغبتها، ولا يفرض عليها أحد جهة إضافية ولا بديلة، حتى الأمم المتحدة، وعادة ما تكون تلك الجهات منظمات مدنية دولية أو حكومات دول صديقة أكثر تطورا في الممارسة الديمقراطية، وتطلبها الدول التي تحرص على إثبات نزاهة الانتخابات بها، وبالتالي جذب الاستثمارات والثقة العالمية في المناخ السياسي لها، أو تلك التي تعاني من أزمة ثقة بين فصائل سياسية مختلفة، ولا تعد الرقابة الدولية انتهاكا لسيادة الدولة التي تطلبها لعدة أسباب
  1. هي رقابة تطلبها الدولة ولا يمكن أن تفرض عليها
  2. الدولة هي من تحدد المنظمات أو الحكومات التي ترتضي رقابتها بحرية كاملة
  3. تشهد المنظمات أو الحكومات المراقبة بنزاهة الانتخابات أمام المجتمع الدولي أو تكشف خللا فيها دون الحق في تغيير نتيجة الانتخابات بأي درجة ولا الحق في إعادتها أو الحكم بعدم دستوريتها، فكل هذه الأمور قرارات سيادية للدولة المضيفة التي طلبت الرقابة
  4. في حالة الانتخابات النزيهة تشكل الرقابة دعاية دولية للنظام الذي أجرى الانتخابات، ولهذا لا يتحرج منها غير نظام يعتمد على تزييف إرادة الشعب للبقاء في السلطة
مشكلة ثقة وليست مشكلة سيادة
الدول التي طلبت، والتي ينبغي لها أن تطلب الرقابة الدولية على الانتخابات، هي تلك التي مرت بممارسات قمعية وشمولية شملت تزويرا للإرادة الوطنية وتجاوزات فادحة في آليات العملية الانتخابية وحياد الأجهزة القائمة عليها، فتلك الممارسات تخلق حالة من عدم الثقة بين الفصائل السياسية، وبخاصة بين المعارضة والنظام الحاكم، فهي مشكلة ثقة وليست مشكلة سيادة كما يقول الدكتور شهاب، والسؤال هنا، هل لدينا هذه الأزمة في الثقة أم لا؟ أنا أقول أنها لدينا وبوفرة، ولهذا ستكون الرقابة من منظمات مجتمع مدني دولية مختارة بعناية من الاتحاد الأوروبي وسويسرا على سبيل المثال قفزة واسعة نحو الحرية

17.10.10

شيله يا واو


فاكرين مسرحية عفروتو بتاعة هنيدي في مشهد المزاد؟ لما هنيدي ينادي العفريت علشان يشيل حد بيزود السعر ويقوله: شيله يا واو؟ العبارة دي بقت لازمة عندي مؤخرا، كل ما ألاقي تعليق خارج عن حدود التهذيب والاختلاف الحضاري على صفحتي، أو هجوم على أحد الرموز كالزعيم جمال عبد الناصر أو سماحة السيد حسن نصر الله يخرج من حدود النقد لحدود التجريح، أمحو التعليق وأقول وأنا باضيف صاحبه لقائمة المحظورين "شيله يا واو"، ويوم بعد يوم تكل أكتاف واو بمن يحمل، جايز ده عور في إيماني بالليبرالية وحرية التعبير، أو نزعة إقصائية متأصلة، لن أجادل، لكن رد فعلي ده هو خطي الواقي من ارتفاع السكر وضغط الدم مع استفزاز تلك الكائنات الهلامية التي تعيش في زوايا وأركان الويب، وتخرج علينا برؤوسها الرخوة كل حين، فتقلب أمعاءنا وشفاهنا امتعاضا بكلمات كالمخاط، واعذروني لو قسوت عليهم بالكلمات قليلا، فكما قال الأستاذ محمد إمام في تعليق له مستلهما كلمات إمام المتقين: لقد مللناهم وملونا

كائنات المخاط والهلام والكائنات الرخوة دي مش شكل واحد، ولكن أشكال وأنماط كتير
  1. ملاك الحقيقة المطلقة، هكذا سماهم الدكتور مراد وهبة، وهم من أكتر أنواع الهلام الالكتروني شيوعا، الواحد فيهم مسطح الفكر والعقل لا يكاد يفقه قولا، ثم تلاقيه معتز بجهله، يسوق الآيات الكريمة من القرآن في غير موضعها، ويردد أحاديث شريفة في غير مضمارها، وإذا جيت تنبهه يشمخ بأنفه زي هاني سلامة في فيلم المصير وهو بيقول لابن رشد "أنا باقول كلام ربنا" فلا يكون منك إلا أن تجيبه كما أجاب ابن رشد: وأنا باقول كلام الجن يا ابني؟ وبعدين إنت بتقول كلام ربنا؟ تعرف إيه في الطب؟ في الفلك؟ في العلوم؟ في الرياضيات؟ في التاريخ؟ في الفلسفة؟ تفهم إيه في أي حاجة من دي علشان تقدر تفهم كلام ربنا؟
  2. ناشطو التمديد والتأبيد هم ثاني أنماط الهلام، ممن يدعون أنهم يمارسون حرية التعبير بتأييدهم للنظام، ونومهم كالكلب عند جزمة النظام، ولعقهم صباح مساء خصية النظام، كلما قرأت عبارة لأحدهم أفتكر أني كنت باخد على الكاتبة الصحفية نوارة نجم الإفراط في السباب في مدونتها، لأني يوم بعد يوم أصبحت أميل لاستخدام مفرداتها معهم
  3. سدنة هياكل الوهم ممن يعيشون في حدوتة ساذجة مضمونها أن العالم كله صار همه الوحيد أن يتآمر علينا، فقوم عاد بنوا الأهرام بس هيئة الآثار مخبيين، والأثريون اكتشفوا إن كليوباترا اسمها وفاء بس مكتمين، وكل غير المسلمين هم في الحقيقة مسلمين ومقتنعين بس بيشتغلوا نفسهم، والحكومة طلعت إشاعة أنفلونزا الطيور علشان ندبح الفراخ البلدي ويبيعولنا فراخ مستوردة، وصدام حسين حي يرزق في العراق والبديل هو من شنقوه على العيد، وكل اللي مضايقهم في مطارات قاعدة العديد الامريكية في قطر إنها على شكل صليب، وحزب الله رأس حربة لدولة الفرس الجديدة، وهذا النمط تشفق عليه أكثر مما يستفزك، فلو أجبته تجيب بكلام فحواه .. الحمد لله الذي عافانا
  4. مروجو الأفيون الفكري ممن يرددون الأساطير المؤسسة للوعي التاريخي والسياسي في مصر، بتوع أسطورة رمي الذهب المصري من الطيارات في حرب اليمن، وحدوتة سفينة البترول اللي الشاه قال لها لف وارجع تاني لنجدة مصر، وشهداء 1967 اللي عددهم بعشرات الآلاف، وديمقراطية الوفد فوق الفظيعة في الأربعينات، بأمارة النحاس قادما فوق دبابات الإنجليز للوزارة وتقبيل يد الملك المحتفظ بصلاحية حل الحكومة والبرلمان وقتما يريد، وأسطورة الطيارة الامريكية أم قنبلة ذرية اللي كانت بتخمس فوق القاهرة علشان تفرقعها بوم لو مقبلناش وقف إطلاق النار بصفقة المغبون، وهلوسة بريطانيا المدينة لمصر (الحقيقة إنها كانت مبلطجة على مصر في سداد قيمة شحنات قطن بسبب بند مبهم في اتفاقية 1936 فيما يخص المعاملات المالية في زمن الحرب مع الحليفة بريطانيا) ومن ده كتير من هنا لبعد بكرة
  5. القواعد من الرجال ممن تؤلمهم وتحز في قلوبهم السيرة العطرة للرجال الرجال مثل الشهيد عماد مغنية، والسيد أبي هادي، وزعماء بحجم عبد الناصر وشكري القوتلي وهواري بومدين وغيرهم من النخل السامق في تاريخنا، لا يستحي أحدهم من مقارنة همة وعزيمة وجسارة الواحد من هؤلاء بتخاذله وهوانه، ولا أسميهم بالقواعد لأنهم قاعدون عن النضال ضد العدو الاستراتيجي لهذه الأمة فحسب، فهذه خيبة نشترك معهم فيها، ولكن نسميهم بالقواعد لانقطاع فيض النخوة من عروقهم وغياب صورتها عن عيونهم فلا يرونها في وجوه المناضلين ولا يستحون

15.10.10

ثورة على تويتر


لماذا لن تقوم ثورة الكترونية
(مترجم بتصرف عن مقال التغيير الطفيف لمالكوم جلادويل بمجلة نيويوركر-عدد 4 أكتوبر 2010م)

(1)
الطاولة للبيض فقط

في الرابعة والنصف من مساء يوم الإثنين أول فبراير عام 1960م، دخل أربعة أصدقاء من طلاب الجامعة السود إلى أحد مقاهي جرينسبورو بولاية كارولينا الشمالية، وجلسوا على أحد الطاولات وطلب أحدهم فنجانا من القهوة لتجيبه النادلة: نحن لا نقدم خدماتنا للزنوج على هذه المناضد، ثم أشارت لركن بعيد حيث يوجد بار خصص لتقديم الطعام والشراب للعملاء من السود وهم وقوف، لم يكد الشاب يجيب النادلة حتى كانت أخرى سوداء أكبر سنا تتقدم منه وهي تقول بلهجة ناصحة لم تخل من عنف "أنتم تتصرفون بحمق". كان واضحا أن الشباب الأربعة قرروا أن يواجهوا العنصرية المقيتة، فاستمروا في مكانهم حتى إغلاق المقهى، وعادوا في اليوم التالي مع زملاء لهم من الجامعة، سبعة وعشرين شابا وأربعة فتيات من السود، واحتلوا طاولات المقهى العنصري المخصصة للبيض من الصباح للمساء، وفي صباح الأربعاء ارتفع العدد إلى 80 طالب من الجامعات والمدارس الثانوية، ثم زاد إلى 300 يوم الخميس، منهم سيدتان من البيض، وفي يوم السبت التالي قفز العدد إلى 600 في المقهى وخارجه، وانتشرت فكرة الاعتصام وشرع طلاب من السود وبعض البيض في تنفيذها في مدن مجاورة، ثم تجاوز الأمر حدود الولاية، ولم تمر أسابيع ثلاثة حتى كان قرابة السبعين ألف طالب يشاركون في الاعتصامات في كافة ولايات الجنوب الأمريكي، وواجه الثائرون قمعا بوليسيا اعتقل خلاله الآلاف، وترددت أخبار عن التخلص من عدد كبير بالقتل من قبل متطرفين بيض مسلحين، لكن الثورة كانت كحمى لا تهدأ، حدث هذا بغير بريد الكتروني ولا فيسبوك ولا تويتر

(2)
ثوار أونلاين

في ربيع 2009 تظاهر عشرة آلاف مواطن في مولدوفا ضد حكومتهم فيما عرف بثورة التويتر، حيث استخدمه المتظاهرون في التواصل والاتفاق على مكان وزمان الحشد، وفي طهران في نفس العام قامت مظاهرات طلابية عقب إعادة انتخاب أحمدي نجاد، وطلبت الخارجية الأمريكية من إدارة موقع تويتر تأجيل صيانة مخططة للموقع حتى لا يحرم ثوار طهران من آلية التواصل عبره، والسؤال هنا، هل كانت تلك الآلاف العشرة ممثلة حقا لجماهير مولدوفا؟ هل كان نشطاء الانترنت والمبشرون الرقميون بالديمقراطية ممثلين لشعب إيران؟ أم أن استسهال الصحف الغربية نقل أخبار الأحداث والآراء من عبارات التويتر ضخم الظاهرة ومنحها حجما زائفا؟ وفي كل الأحوال، ما الذي يدفع ناشطا إيرانيا يكتب عن التغيير في إيران ليدون باللغة الإنجليزية لا الفارسية؟ وما الفارق بين ما فعله الشباب السود في ستينات القرن الماضي في حركة الحقوق المدنية وما يفعله شباب العالم الثالث اليوم على الفيسبوك والتويتر؟ ما الفارق بين ناشطي الأرض وناشطي الانترنت؟
الرفاق والثورة
لقد واجه النشطاء الأربعة الأوائل في ذلك المقهى خطرا حقيقيا، فقد تدخل البوليس أحيانا برجال بيض متحفزين لكسر عنقهم، وظهر متطرفون من جماعة كوكلكس كلان العنصرية في مسرح الأحداث، ووصل الأمر لدس قنبلة والتحذير من انفجارها مما أدى لإخلاء فوري في أحد الأيام، لم تكن الثورة فسحة لطيفة إذن، ولم يقتصر الأمر على التهديد، فقد قتل ثلاثة ناشطين من حركة "صيف الحرية" في مسيسبي وأحرقت عشرات من كنائس السود ومنازلهم، وطارد المتطرفون البيض المسلحون ناشطي الثورة في الشوارع واعتدوا عليهم وقتلوا منهم عددا كبيرا، لهذا لم يستمر كل من بدأ حركة صيف الحرية وآثر البعض السلامة، فماذا دفع البعض للاستمرار في المواجهة والبعض للفرار؟ هذا سؤال حاول عالم الاجتماع الأمريكي دو ماك-آدم دراسته والرد عليه فكانت الإجابة هي الروابط الإنسانية، فالكل كان مشتركا في الدافع، لكن من كانت لهم علاقات وطيدة بناشطين فاعلين كانوا أكثر استمرارية ممن كانوا وحيدين في الحراك التحرري، وما ساعد طلاب كارولينا كانت علاقتهم الوطيدة ببعضهم كزملاء دراسة، مما جعل من العار على أحدهم أن ينسحب تاركا رفاقه في المعركة ضد سطوة البيض، ووجود الرفاق حوله بنفس الوقت يشجعه على المضي قدما ويؤنسه في مواجهة القمع والتضحيات

نشطاء بلا تضحيات
الحملات الإلكترونية على النقيض مما ذكرناه، لا تقوم على الروابط الإنسانية القوية، ولكن على شبكات المعارف الواسعة، وهي تنجح كلما كان المطلوب ممن يشارك فيها بسيطا ولا يكلفه شيئا من مال أو جهد أو حتى وقت، فالدعوات التي نجحت في ضم عدد كبير من الداعمين لها على الفيسبوك وغيره من شبكات الميديا الاجتماعية كان العامل المشترك بينها أنها لا تطلب منك الكثير، وسيلة ظريفة لتشعر أنك ناشط وتربت على ضميرك الإنساني مثلا بأنك تدعم الإنسانية في دارفور من خلال التبرع ببضعة سنتات، وكلما كان ما تطلبه الحملة أقل كلما كان الأتباع أكثر، فحملة إنقاذ دارفور التي تبرع أعضاءها بمتوسط 9 سنت وصل عدد الأعضاء فيها 1,282,339 عضوا، وشبكة شبيهة لدعم دارفور تبرع أعضاءها بمتوسط 15 سنتا لم يتجاوز عدد الأعضاء الألفين، بينما نجحت حملة للتبرع بنخاع العظام لمريض أمريكي اسمه سمير بحاتيا، أطلقها صديق له، والنجاح النسبي هنا مرجعه لأن الحملة لم تطلب الكثير في البداية، كانت فقط تقتضي تسجيل بيانات المتطوع وتقديم مسحة من اللعاب، وهكذا نتج من الحملة بنك معلومات عن متبرعي نخاع العظام، وحصل سمير على النخاع الذي ينقذ حياته. وكاتب الدراسة يدفع بأن الحملات والدعوات التي قد تعرض المشاركين لأي خطر أو تضحيات ملموسة تكون عادة محدودة الفرص في النجاح في العالم الافتراضي، وليس بإمكان أحد أن يتنبأ كم نسبة من سيقبلون عند الحاجة التبرع بنخاع العظام من بين "متبرعي اللعاب" المسجلين

تيارات التغيير وتسلسل القيادة
يرصد الكاتب هيراركي حركة الحقوق المدنية في الستينات والسلطة المعنوية الضخمة لمارتن لوثر كنج مثلا، والقيادات الفرعية التي حددتها الحركة والتحركات التي كانت منضبطة بشكل شبه عسكري، والروابط القوية القريبة من رابطة الدم التي كانت بين أعضائها (وهنا نعود لفكرة الأخويات التي تحدثنا عنها سابقا)، ويقارن هذا بحالة نشطاء الفيسبوك مثلا، والذين ينتظمون في شبكات لا مركزية ولا وجود فيها لأوامر ولا انضباط، ولأن الشبكات لا تشكل الزاما على أحد، يكاد يستحيل فيها وضع أهداف والاتفاق على استراتيجيات، بل تحدث الحركة بمشاعر القطيع، فمن المستحيل أن تصل لاستراتيجية خلاقة عندما يكون لكل فرد في المجموعة صوت مساو للآخرين بدون قيادة ولا درجات هيراركي واضحة، ومادام المطلوب هو تغيير منهجي فلابد أن يكون الحراك منهجيا، أما شبكات الناشطين اللامركزية فيمكن أن يكون لها دور تنويري مؤثر، أو دور في نشر الوعي الصحي والاجتماعي مثلا، فهي جوانب لا تقتضي وجود روابط قوية بين المشاركين فيها، ولا أن يعرف بعضهم بعضا بالأساس، فالرابط بينهم هو الإيمان بالفكرة، وكل المطلوب منهم أن ينضموا لمجموعة مثلا ليشكلوا معا عددا مؤثرا على الميديا والرأي العام يدفعه للاهتمام بالأمر

الخلاصة في كلمتين
  • الفيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية تقوم على الروابط الضعيفة التي تجمع بيننا فيها المعلومة المتاحة، بدون روابط قوية تعيننا على الثبات في مواجهة الخطر، لهذا تصلح للتنوير وليس للتغيير
  • تسهل تلك الشبكات على الناشط أن يعبر عن رأيه وموقفه، لكنها لا تضمن لهذا التعبير أي أثر ملموس في تغيير أي شيء
  • نجاح أي حملة أو دعوة على الإنترنت يعتمد على مدى ما يتطلبه الانضمام إليها من تضحية بالجهد أو الوقت أو المال، واللا-تضحية تضمن الانتشار بلا حدود
  • التغيير المنهجي يحتاج لتيار منظم كتيار الحقوق المدنية في أمريكا الستينات، وسلطة أدبية أو روحية للقيادة تعوض غياب السلطة الفعلية لتحريك الجماهير وضمان التزام الأفراد
(ترجم المقال بناء على دعوة من الصديقة سكوت هنصوت، شكرا لها على لفت نظري للمقال الرائع في النيويوركر) و

12.10.10

أرجوك أعطني هذا الدواء


كان الراحل الكبير إحسان عبد القدوس مبدعا في تسمية رواياته وقصصه، لهذا تستدعي كثير من المواقف والأخبار عنوانا من هنا أوهناك لذهني، وعادة ما يكون العنوان أقوى من أي تعليق على الخبر أو الشخص أو الواقعة، ولنرى معا

  • الفنانة القديرة سميرة أحمد تنضم لحزب الوفد .. خسارة يا أميرة عابدين: وسقطت في بحر العسل
  • السيد البدوي يبيع حصته في جريدة الدستور ويستقيل من رئاسة مجلس الإدارة: لم يكن أبدا لها
  • تصريحات رضا إدوارد والمؤتمر الصحفي للسيد البدوي: علبة من صفيح صديء
  • أحمد فؤاد نجم يستقيل من الوفد تضامنا مع صحفيي الدستور .. عود حميد يا عم أحمد يا نجم: آسف لم أعد أستطيع
  • منى الشاذلي التي كانت رائعة وتغيرت مؤخرا يوما بعد يوم: "صارت" صعبة ومغرورة
  • نجوى إبراهيم تنضم لحزب الوفد الجديد بعد اجتماع مع السيد البدوي: وعاشت بين أصابعه
  • إجلال رأفت تستقيل من الهيئة العليا للوفد احتجاجا على تخريب الدستور: أنا حرة
  • أنيس منصور يتحدث عن "مبارك القادر على حمل مسئولية مستقبلنا كما حمل مسئولية ماضينا" .. إنت تاني يا أنيس؟: الرصاصة لا تزال في جيبي
  • حسين فهمي يتحدث عن الثورة: لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص
  • جيلي من مواليد مطلع السبعينات في مصر: أين عمري؟
  • تصريحات السيد حسن نصر الله الأخيرة بشأن تجاوزات محكمة أولمرت: في بيتنا رجل
  • تطاول محمد البرادعي على الزعيم جمال عبد الناصر وخرافة والده مصطفى البرادعي المعارض لنظام عبد الناصر: رائحة الورد وأنف لا تشم
  • نواب العلاج بغير حق على نفقة الدولة ستة من الحزب الوطني وستة من الإخوان: يا عزيزي كلنا لصوص
  • دول حوض النيل تعارض حصة مصر في مياه النيل ومصر تفشل في احتواء الموقف: ومضت أيام اللؤلؤ
  • المعارضون على حرف مصطفى بكري، مجدي الجلاد، وعادل حمودة: خيوط في مسرح العرائس
  • المراهقة السياسية في برنامج الإخوان المسلمين لانتخابات مجلس الشعب: الطريق المسدود
  • النهاية المتوقعة في ظل العنف الأمني المتصاعد في مواجهة حراك التغيير: ثقوب في الثوب الأسود
  • أحداث كاميليا شحاته وشحن طائفي مقابل لا مبالاة وطنية وقومية: الهزيمة كان اسمها .. كاميليا
  • الجمهورين يتعهدون بإجهاض أجندة أوباما بمكاسبها الاجتماعية: لا تطفيء الشمس
  • أقلام علاء الأسواني، جلال أمين، ومحمد حسنين هيكل، وأصواتهم الراصدة للآمال والآلام: دمي ودموعي وابتساماتي
  • أسرة السادات ومحاولات يائسة لتجميل الوجه القبيح: حتى لا يطير الدخان
  • مفهوم السيدة الأولى الغير قانوني والغير دستوري في مصر: زوجات ضائعات
  • تصدير الخادمات المصريات للخليج العربي: سيدة في خدمتك
  • صفقات الأحزاب والإخوان مع الوطني في انتخابات مجلس الشعب: أرجوك أعطني هذا الدواء

8.10.10

البلطجية في قلعة الحرية



محاولة اقتحام جريدة الدستور
شرفني صديقي المحرر في جريدة الدستور (لم أستأذنه في نشر اسمه) منذ ساعات بمكالمة من مقر الجريدة وطلب مني أن أشارك قدر جهدي في رصد التطور الأخير في معركة الدستور، أغلقت جرس هاتفي وأغلقت باب غرفتي وجلست من فوري لأنتهي من مقال بالإنجليزية في أمريكان كرونيكل، وأرسله لينشر غدا إن شاء الله، ثم أشرع في كتابة هذه التدوينة بالعربية، ولا يسعني إلا شكر الصديق على ثقة أرجو أن أستحقها وعلى ما منحه لي من شرف المشاركة الهزيلة معه ومع رفاقه من المعتصمين هناك ببضعة كلمات

أما الخبر فهو اقتحام مقر جريدة الدستور بعدد من البلطجية التابعين لرئيس حزب الوفد والمالك الجديد للجريدة، ومحاولتهم الاستيلاء على حواسب أسرة التحرير بما عليها من مواد تحريرية، وذلك لأزمة المادة التحريرية التي تواجهها الجريدة منذرة بتوقفها، بعد أن تضامنت أقوى وأشرف أقلامها مع عيسى في مواجهة الشهبندر الجديد السيد البدوي، معارض زمن المسخ المتحالف مع النظام، قبل أن تفشل المحاولة بسبب بسالة أسرة التحرير التي زاد محرروها عن معداتهم ورحيق أفكارهم المسجل عليها بأجسامهم، فرقدوا فوق المكاتب واحتضنوا حواسبهم ليتوحد مصيرهم ومصيرها وفقا لوصف صديقي، ولم يرد رئيس الوفد الكارثي تصعيد الأمر فسحب بلطجيته ومضى لاعقا مرارة الخيبة، ليصغر السيد البدوي شحاتة في عيوننا أكثر فلا نكاد نراه، ويكبر إبراهيم عيسى وأبطال أسرة التحرير حتى يطاولوا السماء
النظام ضد الكلمة في معركة متصاعدة
لا يخفى على متابع مدقق للأحداث أن النظام المصري قد عزم عزما أكيدا على سحب ما تعود أن يسمح به من هامش في حرية التعبير، لأن الحراك المتصاعد عبر الشهور الماضية علمه درسا كبيرا في أهمية الكلمة ودورها، فاستهانته بالكلمة كانت الباب الذي نفذت منه كفاية في 2004م ثم حركة 6 أبريل في 2008م، ثم الجمعية الوطنية للتغيير في 2010م إلى واقع الوطن اليومي، لتصبح حركات محسوسة الأثر وإن كانت لا تزال بعيدة عن الكتلة الحرجة الكافية للتغيير الثوري، ومظاهر ضيق النظام بالكلمة وفرسانها كثيرة في الشهور الأخيرة، فوائل الإبراشي يقف أمام المحكمة بسبب دعوته للمواطنين بعدم تقديم إقرارات قانون الضرائب العقارية الجديد، وحمدي قنديل يواجه تهمة سب وزير الخارجية السابق، وعلاء الأسواني يواجه ضغوطا ليتوقف عن الكتابة في الشروق أو يهدأ من حربه ضد النظام، ومحمد عبد القدوس يواجه عدوانا بدنيا في مظاهرة عابدين، ثم يواجه إبراهيم عيسى تلك الحرب المعنوية والمادية التي يواجهها اليوم، بإبعاده عن الدستور التي أسسها ونماها بقلمه وقلوب قرائه ومحبيه، ولكن من خسر في معركة النظام ضد الكلمة؟ وفي أي معركة شنها أي مأفون ضد الكلمة في أي زمان ومكان عبر التاريخ؟ النصر للكلمة كان بالأمس ولها سيكون اليوم وغدا، وبشائر انتصار الكلمة تظهر في معركة الدستور الحالية جلية واضحة، ومنها
  • مستقبل السيد البدوي السياسي سقط منتحرا ومضرجا بالعار عند قدمي إبراهيم عيسى يوم فكر الشهبندر الجديد أن المال يشتري الكلمة بعد أن نجح في ضم أحمد فؤاد نجم وسميرة أحمد للوفد
  • الدستور المطبوعة صار اسمها الدستور المزيفة لأنها لا تحمل اسم إبراهيم عيسى في صدارتها، واستمرت الدستور الإلكترونية بديلا لها يقرأها كل جماهير الدستور، وشهد يوم 5 أكتوبر طلبات إلغاء عديدة لاشتراكات الجريدة احتجاجا من القراء على فصل رئيس التحرير
  • أقر الموقف عرفا جديدا في الصحافة هو مسمى رئيس التحرير الشرعي للجريدة، والذي تأسست شرعيته على قلمه والتفاف عقول وأقلام الجريدة حوله كأب روحي، لا على قرارات مجلس إدارة الجريدة التي لم تعبر لا عن مصالح الجريدة ولا مصالح العاملين بها
  • مقال البرادعي الذي كان ذريعة لإشعال موقف مع إبراهيم عيسى قرأه أضعاف من كانوا سيقرأوه لو نشر في الدستور بشكل عادي، فالمقال نفسه لدهشتنا جميعا ليس قويا ولا جريئا ولا جذابا بصورة استثنائية
وفي النهاية أنادي فارس الكلمة الشريف ورفاقه قائلا .. أنتم الأعلون يا رفاق فلا تهنوا ولا تحزنوا، دولة السيد البدوي ساعة ودولة الحق والكلمة التي هي سر الرب إلى قيام الساعة

أوهام المصريين - قول على قول


لفت نظري الصديق العزيز د/ رفيق نخلة لمقال د/ يوسف زيدان في المصري اليوم في سبتمبر الماضي بعنوان "أوهام المصريين- الناصر أحمد مظهر"، وكان المقال مفاجئة لي بسبب كم الخلاف الذي أشعر به لأول مرة مع كاتب عبقري بحجم يوسف زيدان، عرفت معه اتساقا فكريا كاملا في العملين الإبداعيين الرائعين عزازيل وظل الأفعى، والعمل الفكري الأخير اللاهوت العربي، فضلا عن العديد من مقالاته في موضوعات مختلفة

يبدأ زيدان فيورد أبياتا من قصيدة كتبها أمل دنقل عام 1976 متأثرا فيما يبدو بموسم الهجوم على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ذلك الحين، فيها لمز غير مستتر للثورة وقائدها، وما من رد على تلك الأبيات أبلغ قصيدة أخرى للشاعر نفسه كتبها عام 1970م بعنوان لا وقت للبكاء ، وجاء فيها: والتين والزيتون وطور سنين، وهذا البلد المحزون، لقد رأيت ليلة الثامن والعشرين من سبتمبر الحزين، رأيت فى هتاف شعبى الجريح .. رأيت خلف الصورة .. وجهك يا منصورة، وجه لويس التاسع المأسور فى يدى صبيح .. رأيت فى صبيحة الأول من تشرين .. جندك يا حطين .. يبكون، لا يدرون .. أن كل واحد من الماشين .. فيه صلاح الدين، وكشاعر لا أرى تناقضا بين ما كتبه دنقل عام سبعين وبين ما كتبه بعد ذلك بستة أعوام في ظل تجربة شعورية مختلفة، فالشعر ليس تعبيرا عن موقف ثابت قدر ما هو تعبير عن شعور لحظي، وهناك تصريح منشور لأمل دنقل مفاده أنه يحب الزعيم ويقدره، ولكنه يتحفظ على الحكم العسكري بصفة عامة، وهو ما نتفق معه فيه

ناصر والناصر في الميزان
ونعود لأستاذنا يوسف زيدان، وتناوله في المقال لفيلم الناصر صلاح الدين ولشخصية صلاح الدين الأيوبي نفسه تاريخيا، وفي البداية يضع الكاتب عبارة لم يدلل عليها، موحيا للقاريء بأنها حقيقة بديهية، إذ يقول وهو يصف الفيلم "لكنه واجه فشلا فنيا ذريعا" فما علامات هذا الفشل الفني؟ وما هو مصدر الكاتب في قوله أن يوسف شاهين رحمه الله كان يكره الحديث عن فيلمه هذا ويعتبره سقطة؟ أما العبارة التي استنفرتني لكتابة هذا المقال فهي قول الكاتب "فى ذلك الزمان البائس المسمى اصطلاحاً الستينيات" فلو كانت الستينات حقبة بائسة في تاريخنا، فماذا يسمي الدكتور زيدان أربعينات بريطانيا الحليفة؟ وسبعينات العزلة وسلام الأوهام؟ وثمانينات الردة عن المدنية والاشتراكية؟ وتسعينات الإرهاب الأسود والوهابية الظلماء؟ وأخيرا ألفية التمديد والتوريث؟ أليست تلك العقود هي البؤس بعينه؟

ثم أرى الكاتب الذي عهدته عبقريا في منهجيته يصف الفيلم بأنه احتوى العديد من الأكاذيب، فهل هناك سينما صادقة وأخرى كاذبة؟ لا أختلف معه فيما أورده من حقائق تاريخية مخالفة لما جاء في الفيلم، ولكن هل الدراما مطالبة بنقل التاريخ أو الأمانة في سرده؟ لو كان الأمر كذلك لحق علينا أن نحرق كل أفلامنا التي تتناول التاريخ القديم والحديث والمعاصر لأنها جميعا لم تخل من عور تاريخي، لكن المنطقي أن الدراما والأدب يستلهمان التاريخ ولا يلتزمان به، من إسلاميات جورجي زيدان لوا إسلاماه باكثير لفيلم الناصر صلاح الدين، يضع المبدع ما يراه داعما للرسالة والمعنى المراد وصوله للقاريء أو المشاهد، ويتعامل مع الحقائق التاريخية بحرية التغيير والطمس والإبراز، طالما لم ينص في مقدمة عمله على صحة ما به من وقائع تاريخية، أما ما أورده الدكتور زيدان من تباين بين التاريخ والفيلم فلنا عليه عدة تعليقات
  • يرى الكاتب أن الفيلم جامل شخصية الناصر صلاح الدين على حساب التاريخ مجاملة للزعيم عبد الناصر لأنه عسكري مثله، ناسيا أنه يتحدث عن النصف الأول من القرن العشرين حيث كان وجود العسكريين في السلطة لا يحتاج للدعم الفني والتبرير الجماهيري، ففيه عرفت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وأسبانيا ويوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي وغيرها حكاما ترجع أصولهم للمؤسسة العسكرية، بل عرفت العديد من دول العالم الأول أنظمة حكم شمولية ذات إعلام موجه، وحقيقة الأمر أن تجميل شخصية البطل بصفات الديمقراطية والتواضع والتسامح الديني خلافا للتاريخ كان بهدف خلق تعاطف مع الحق العربي الذي يمثله والقومية التي يرمز لها
  • يصف الكاتب سلوك صلاح الدين مع نور الدين محمود بالخيانة لأنه استقل بمصر عن الشام، ثم ضم الشام نفسها بعد موت نور الدين، والدكتور زيدان أخبر منا بكون هذا السلوك مألوفا للغاية في تلك العصور، ولو خونا صلاح الدين لذلك لقلنا أن والد عماد الدين زنكي والد نور الدين كان خائنا للأمير عز الدين محمود والي الموصل، حيث حل محل ولده على عرشه حين مات
  • تسليم الملك العادل شقيق صلاح الدين القدس للصليبيين بعد وفاة الناصر صلاح الدين لا يعيب صلاح الدين ولا يدينه، فهمم الرجال تتفاوت
  • عجيب أن يشترك الدكتور زيدان مع السلفيين في اتهام يوسف شاهين بالغرض في تحويله شخصية عيسى العوام المسلم إلى مسيحي مصري، فالسلفيين قالوا أن شاهين جعله مسيحيا لأن المخرج نفسه مسيحي، والدكتور يشير من طرف خفي لأن النظام أملى ذلك على المخرج وقتها ليجامل الأقباط، وهي تهمة تشرف النظام الحريص على إبراز توحد عنصري الأمة في النضال ضد المستعمر، والحقيقة أن المخرج جعل عيسى مسيحيا ليبرز الفارق بين المسيحي والصليبي من ناحية، ولتعميق مفهوم المواطنة من ناحية ثانية، لكن يبدو أن اشتباكات الدكتور زيدان الأخيرة مع قيادات كنسية متطرفة أكسبته حساسية خاصة
  • تظهر الحساسية ضد الكنيسة في النقطة التالية من مقال الكاتب، حيث ينتقد دعم النظام المصري في الستينات للكنيسة المصرية، وهي تهمة تشرف النظام بدورها، إذ عرف كيف يستغل دور الأزهر من خلال البعوث الإسلامية والكنيسة المرقسية لدعم نفوذ مصر الإقليمي والدولي وقتها، ثم يدفع الكاتب أن الدور السياسي الذي تقوم به الكنيسة اليوم مؤسس على دعم النظام لها في الستينات، مضافا إليه شخصية البابا شنودة المختلفة عن شخصية البابا كيرلس، والحقيقة أن الكنيسة ظهرت بهذا الدور مع تراجع المد الوطني والقومي كشكل من أشكال الانتماء البديل، ومع الغزو الوهابي لمصر كشكل من أشكال حماية الهوية، وإن كنا نرفض هذا الدور الغير صحي للمؤسسة الدينية
  • يختم الكاتب مقاله بالسخرية من صلاح الدين وسيف الدين قطز وركن الدين بيبرس واصفا إياهم بأنهم أبطال من البطلان لا من البطولة، وهنا قد يقصد الكاتب رفض الصورة الحالمة والمنزهة للشخصية التاريخية عند دراستنا لها، وهو محق في هذا من حيث الدراسة لا الدراما، لكن امتزاج الفضائل والمثالب في تلك الشخصيات لا ينفي عنها البطولة في مواقف بعينها وجوانب محددة من تاريخها، فكون خالد بن الوليد مزواجا لا ينفي كونه عبقرية عسكرية، وكون سعد زغلول مقامرا لا ينفي كونه بطلا وطنيا ، وكون محمد فريد مغرما بالفاتنات لا ينفي عنه دوره الوطني، وكون مصطفى النحاس ضعيفا أمام زوجته لا ينفي أنه كان حريصا على الوطن وفقا لتقديره. لو تصيدنا المسالب لرواد تاريخنا سننتهي بأزمة مثل عليا أفدح مما نمر به اليوم
في النهاية، كان هذا قول على قول، قول لقاريء بسيط تعقيبا على قول لمبدع كبير يحترمه ويقدره كل التقدير

6.10.10

الفارس والشهبندر

يربطني الكثير بفارس المعارضة الأستاذ إبراهيم عيسى دون علاقة شخصية، تربطني به حالة التوحد وعدم الانتماء لأي فصيل سياسي أو فكري، وصحبة الحق ولو لم يترك له الحق صاحبا، وتربطني به قراءة للتاريخ تكاد تتطابق مع قراءتي له واهتمام بحقب تاريخية بعينها هي نفس التي أهتم بها، وفهم عقائدي وقيمي يطابق فهمي، وانحياز للبسطاء والمهمشين يفوق انحيازي، ولون حاد واضح لا يحتمل التمييع في رأي ولا موقف، لكل هذا كان خبر إقالة السيد البدوي شحاتة، رئيس مجلس إدارة الدستور ومالكه الجديد للفارس المنفرد غصة في حلقي، ولكنه لم يدهشني على الإطلاق، فهي نهاية طبيعية لتسلسل الأحداث على الساحة السياسية مؤخرا، ولعلاقة لا يمكن أن تستمر بين الفارس والشهبندر، أو بين قراب السيف وحشو القفطان

رجل من زمن المسخ
عرفت الدكتور سيد البدوي شحاتة بحكم نشأتي في طنطا وبحكم تجربتي القصيرة (والحمد لله) مع الوفد، وأشهد أنه رجل ذكي، ذلك النوع من الذكاء الذي لا يقيده شيء، فهو رجل كل العصور في زمن المسخ الذي نعيشه، فهو الصيدلي حين كانت الصيدلية مشروعا مجزيا في الثمانينات، ثم صاحب شركة الصرافة قبل تعويم الجنيه حين كانت الصرافة كنز لا يفنى في التسعينات، ثم مؤسس شركة الأدوية حين اختنقت شركات القطاع العام الدوائية في الألفية الثالثة وتركت ملعبا كبيرا فارغا سواء في مصر أو في أفريقيا، ثم هو رجل الفضائيات في زمن الفضائيات والفضائيين، وكل هذا لا يعيبه، وإنما يلقي بالظلال عليه أنه كان عبر تلك المراحل صديقا حميما للسلطة ورموزها من المحافظين فصاعدا، وهذا برغم صفته كمعارض وعضو الهيئة العليا للوفد قبل أن يكون رئيسه، ذلك أنه معارض يحفظ قواعد اللعبة عن ظهر قلب، لكل هذا، حين قرأت خبر شرائه لمعظم أسهم جريدة الدستور وضعت احتمالا من اثنين لدافعه لشرائها
  1. استغلال أرضية الدستور الجماهيرية في الدعاية لنفسه وحزبه وأعماله، مع الاحتفاظ بقياداتها وتوجهها المعارض العنيف حتى يحتفظ بثقة تلك الجماهير
  2. تقديم عربون محبة للنظام بتدجين الدستور، ولما كان احتمال تدجينها وإبراهيم عيسى يرأس تحريرها مستحيلا، كان الأقرب هنا هو الإطاحة بالفارس القوي قبل تحويلها لحظيرة دجاج حكومية بلافتة معارضة مثل المصري اليوم والأسبوع، وقد كان رغم تصريحاته بالأمس القريب بألا مساس بعيسى ولا كوادر الدستور
عيسى والأسواني ونجم .. وثمن الجياد
يمكن لأي شهبندر أن يشتري جوادا طالما يملك ثمنه، ويمكنه كذلك شراء جوكي مدرب ليركض بالجواد في مضمار مفرغ، ولكن شراء فارس تعود أن يخوض معاركه فوق الجواد وهم تتضاءل أمامه ثروات كل تجار الأرض ونخاسيها، ولو باع الفارس نفسه فقد صفته، وتحول لجوكي أو سائس للاسطبل في ثياب فارس، وهنا نرصد الأحداث المتتالية مؤخرا
  1. الفارس اليساري القديم الذي رضعت كوادر اليسار كلماته حتى جرت منها مجرى الدم، أحمد فؤاد نجم، قبل أن يرهن السيف ويبيع الدرع ويقبض ثمنا لنفسه، فينضم القطب اليساري للحزب اليميني ليصبح بوقا للدعاية للسيد البدوي وحزبه ومرشحيه في الانتخابات القادمة، بحجة رغبته في الالتحام بالجماهير، كأن الجماهير في حديقة منزل السيد البدوي وليست في الشوارع والحارات، تألمت لمشهد الفارس وقد صار سائسا عجوزا بمحض إرادته
  2. الفارس الناصري الأروع علاء الأسواني يشاع أنه ينوي التوقف عن الكتابة في الشروق عقب ضغوط يمارسها شهبندر آخر هو إبراهيم المعلم عليه لتخفيف اللهجة في مقالاته المشتعلة، ويكذب الخبر، ثم ينشر الأهرام خبرا يوم 3 أكتوبر الجاري عن تعليق مقاله الأسبوعي لفترة، رفضا لتخفيف حدة المقالات، فأين الحقيقة؟ الأسبوع القادم لناظره قريب، في كل الأحوال الأسواني سيثبت قطعا أنه فارس لا يباع ولا يشترى ولا يستأنس قلمه
  3. السيد البدوي يضيق الخناق على إبراهيم عيسى بخنق فريق الدستور ماديا، ثم بالتدخل في مواد التحرير وما ينشر وما لا ينشر، فيستقيل عيسى ويعتصم الصحفيون بالنقابة ويثور القائمون على موقع الدستور الإلكتروني على قرارات الشهبندر الجديد فينحازون بالموقع لعيسى، ويخرج البدوي بتعليق سمج في مؤتمر صحفي عن تسيب إداري ومطامع مالية، فيزداد قزامة رغم الثروة والسطوة، ويزيد فارسنا إبراهيم عيسى عملقة بالستر والجدعنة
فهل فقد السيد البدوي بهجته بشراء نجم بعد الصفعة التي وجهها عيسى لكرامة ثروته اليوم؟ المؤكد أن الدستور فقدت نصف قيمتها بفقدها لعيسى، والنصف الآخر بفقد ألمع كوادرها بعده، وبهذا تقزمت قيمة الأسهم التي اشتراها البدوي كما تقزم هو شخصيافي عين الرأي العام، وهكذا ينتصر الفرسان حتى حين ينسحبون وينهزم الأوغاد حتى حين تنصرهم ملايينهم إلى حين


4.10.10

كار الرئاسة


الكار بالفارسية والكردية هو الصنعة، والكارخانة هي محل الصنعة أو الورشة، وكاريير الانجليزية مرتبطة بها، إذ تلتقي الفارسية مع الإنجليزية في الأصل الهندو-أوروبي القديم، أما الرئاسة فكلنا يعرفها حتى السأم والمقت، وقد تناولنا في النوت السابقة بعض ما يتداوله الناس من أقوال حول مرشحي الرئاسة في مصر، وهنا نعرض ما نراه أهم مقومات المرشح المناسب لمصر في ظروفها الراهنة، ونحن هنا لا نتحدث عن رئيس لأمريكا ستكون مهمته القيادة الملهمة للفريق في تنفيذ سياسة الحزب الذي رشحه، بل نتحدث عن رئيس سيضطلع بقيادة وطن في حالة انحطاط اقتصادي واجتماعي وشبه انفلات أمني وخواء سياسي، فضلا عن مؤسسات مهترئة ودستور به عور شرعي، وعليه يجب أن تكون لفترة ولايته الأولى أهداف مصيرية وخطة عمل واضحة، وكل هذا سيقتضي مرشحا استثنائيا

مؤهلات الرئيس
  1. الاقتصاد أخطر من أن يترك للاقتصاديين، هكذا قال أحد رؤساء الولايات المتحدة (أظنه روزفلت) وهو محق بالطبع، لهذا يتعين على رأس الدولة أن يكون ملما بالاقتصاد الدولي ومتابعا جيدا لتطوراته، ولديه بصورة عامة الحس الاقتصادي الذي يمكنه من نقد الخطط الاقتصادية التي يقترحها الوزراء والخبراء في إدارته
  2. الممارسة السياسية في مصر بما يكفي، أو على أقل تقدير المتابعة اللصيقة للحياة السياسية فيها، حتى تكون لديه خبرة تعصمه من استخدامه بواسطة بعض القوى السياسية المصرية كما حدث مع الرئيس محمد نجيب قديما وكما حدث مع البرادعي أمس القريب، خدع الوفديون والإخوان الرئيس نجيب قديما وأوهموه أن الشعب والجماهير معه ثم تركوه في أزمة مارس عاريا، وخدع الإخوان البرادعي مؤخرا وأوهموه بتحالف انهار مع صفقتهم الانتخابية مع النظام
  3. امتلاك رؤية للسياسة الدولية وعلاقات القوى وتحرك موازينها على المستوى الدولي والإقليمي، وبصفة خاصة لتحركات أربعة قوى على الساحة العالمية اليوم، اليمين الآنجلو-أمريكي المهيمن على منظومة العالم الجديد، ويسار الوسط السائد في الاتحاد الأوروبي ومحاولاته الدائمة لحفظ التوازن بعد غياب الاتحاد السوفيتي، قوى اليسار التحرري في أمريكا اللاتينية وأخيرا الصين الماوية والشرق الأقصى
  4. امتلاك رؤية للسياسة الإقليمية وانعكاس الصراع العالمي عليها، بوجود كتل متحالفة مع اليمين العالمي ممثلة في السعودية والإمارات العربية والكويت وقطر، وقوى متحالفة مع اليسار التحرري ممثلة في إيران وسوريا
  5. الإلمام الكامل بتاريخ مصر، فضلا عن الإلمام الوافي بتاريخ المنطقة والإحاطة المعقولة بتاريخ العالم الحديث والمعاصر
  6. القدرة على تبني خطاب سياسي قيمي وأخلاقي يوازن ويحجم أثر أربعين عاما متصلة من الخطاب السياسي الانتهازي الذي أورث تدهورا عاما في منظومة القيم في المجتمع والسلوكيات على مستوى الشارع، وأن يمكنه تاريخه من عدم المزايدة عليه عند تبني هذا الخطاب القيمي
  7. مدعوم بتيار شعبي معقول بخلفية أيديولوجية أو وطنية أو حتى فئوية توفر له غطاء سياسيا في حالة تطبيق السياسات الجريئة المطلوبة منه ليعود بالدولة للانحياز الواجب عليها مع المهمشين والفئات الأكثر حاجة لرعاية مصالحها الأساسية، نظرا لردود الفعل الحتمية من جانب رأس المال الانتهازي الذي سيحاول الالتفاف شعبيا على الرئيس حال تطبيق تلك السياسات
  8. الموهبة الإدارية والملكات القيادية التي تمكنه من اختيار الإدارة التي ستعينه على تنفيذ برنامجه وإدارة تلك المجموعة على مستوى القمة بنجاح خلال فترة رئاسته
تطبيقات على المرشحين
لو حاولنا تطبيق القائمة السابقة على المرشحين الشعبيين ممن يحول الدستور بمواده الحالية بينهم وبين الترشيح لوجدنا ما يلي
  • حمدين صباحي لديه قصور نوعي في النقاط 1، 3 و 8 من القائمة، أما الخبرة السياسية فهو أكثرهم خبرة وممارسة لواقع السياسة المصرية وفصائلها، وكذلك معارفه التاريخية مميزة، ومتابعته للسياسة الإقليمية ممتازة، وهو قادر على تبني خطاب قيمي ومميز فيه بالفعل، وكذلك يملك دعما في الشارع من التيارات الجماهيرية والنخب الناصرية فضلا عن دعم نوعي من تيارات اليسار الكامنة
  • محمد البرادعي لديه قصور نوعي في النقاط 1 ، 5 و7، والأهم قصور كلي في النقطة 2 من القائمة السابقة، وله في المقابل دراية واسعة بالسياسة الدولية وإلمام معقول بالسياسة الإقليمية، وهو قادر على تبني خطاب قيمي وتاريخه يمكنه من ذلك، ثم لديه الخبرات التنظيمية والإدارية على أرفع مستوى، فهو مدير ناجح بحكم تجربته المهنية ولو لم يكن زعيما
  • أيمن نور لديه قصور نوعي في النقاط 1، 4 وقصور كلي في النقاط 3، 5 و8 من نفس القائمة، ونور يأتي بعد حمدين مباشرة في الخبرة والممارسة السياسية لفترات معقولة، وهو قادر كذلك على تبني خطاب قيمي وقادر على اكتساب التعاطف الجماهيري بطريقة مختلفة عن طريقة حمدين والبرادعي ولكنها في النهاية ناجحة، وكذلك لديه دعم نوعي جماهيريا على الأقل من شباب الغد وكنتيجة لتجربته السابقة في 2005م
لذلك أرتبهم بنفس الترتيب الوارد أعلاه، صباحي ثم البرادعي ثم نور، ويعيب هذا التطبيق أنه يعتمد على توسم ما لكل منهم من مواطن ضعف وقوة وفقا لتصريحاته ولقاءاته هنا وهناك، لكن في النظام الديمقراطي يقف المرشح لتعتوره الأسئلة من كل جانب، فتكشف ما به من ضعف وقوة، ويناظر غيره من المرشحين مناظرات ساخنة يحرص كل منهما فيها على كشف عور الآخر، ولا تكون الأسئلة على غرار سؤال مفيد فوزي لمبارك لو كان يدلل حفيده أم لا، لكل هذا لا أدعي موضوعية كاملة لتقييمي وترتيبي هذا

لو طبقنا نفس النقاط على المرشحين المحتملين من جانب الحزب الوطني، والممهد لهما الوصول للحكم بالتمديد للأب أو التوريث للابن فسوف نجد ما يلي
  • مبارك الأب لديه بعد كل هذه السنوات قصور نوعي في النقاط 1و8، وقصور كلي في النقاط 3، 4، 5، 6 و7، وقد يقول قائل كيف لديه كل هذا القصور وقد حكم بالفعل لحوالي ثلاثين عاما؟ والرد ببساطة هو ما آلت إليه أوضاع مصر الراهنة
  • جمال مبارك لديه قصور نوعي في النقطة 1 وقصور كلي في النقاط 2، 3، 4، 5، 6، 7 و8 من القائمة، أو بمعنى أدق قصور كامل في المؤهلات اللازمة للرئاسة

3.10.10

من هو الرئيس؟


تعرف الشعوب التي انتزعت حريتها وحققت الديمقراطية تماما ما هي مهام رئيس الجمهورية وطبيعة عمله، وبالتالي ما هي المؤهلات المطلوب توافرها في شخص المرشح لهذا المنصب الرفيع، وفي غمار المعارك الكلامية الدائرة بين الأصدقاء من حملة ترشيح الدكتور البرادعي للرئاسة (ممن أحترمهم رغم الخلاف) وبين دعاة التوريث من حاشية السيد الوريث جمال مبارك (ممن أحتقرهم فضلا عن الخلاف)، ومثلهم رعاة التمديد لمبارك الأب (أقترح عليهم تسمية حملتهم مبارك كمان وكمان) وبين الأصدقاء الأقرب لتوجهي الشخصي من حملة قادرون لترشيح النائب حمدين صباحي، استوقفتني بعض التعليقات والكلمات التي تقال وتكتب هنا وهناك عن صفات الشخص المناسب كمرشح رئاسي، والتي تعكس عورا جوهريا في إدراك الجماهير لطبيعة عمل الرئيس وبالتالي مؤهلاته، والجماهير معذورة لأن تلك المعرفة في نظر النظام تعد من ضروب البلاسفيمي أو المعارف المحرمة في الأنظمة القمعية، ولنبدأ في التعليق على بعض تلك الأقوال المرسلة التي أطلقها الغرض حينا والجهل أحيانا

ما لا يهمك في الرئيس
  • قال أسامة سرايا: الرئيس مبارك طيار ولديه سرعة رد فعل هايلة وهذه أحد سمات القيادة ... هي فعلا من أهم سمات القيادة .. قيادة السيارات .. وده على أساس إن مصر عربية نقل مقطورة هيسوقها وتفيده سرعة رد فعله في تجنب الحوادث، وطبعا ممكن يكتب على المقطورة "مصر دي مش ورث .. دي جاية بخلع الضرس" وكذلك "جمال أخو علاء" وهكذا .. شر البلية ما يضحك، لكنه ضحك كالبكا
  • قالوا: جمال ده متعلم كويس قوي وكان بياخد ستار في المدرسة .. طيب هايل، ممكن نجيب له شيكولاتة أو بلاي ستيشن مش ننتخبه رئيس
  • قالوا: يا عم خلينا في اللي نعرفه، أهو على الأقل شبع، لسة هنجيب حد تاني يسرقنا من أول وجديد .. رائع جدا منطق الولايا ده، كأننا بنتكلم عن مقاول حرامي هنسيبه يكمل المقاولة وأمرنا لله، مش عن حاضر ومستقبل بلد ومصير شعب
  • قالوا: مش مهم مين يمسك، أي حد إيده نضيفة ... والنزاهة لاشك شرط أولي لمن يشغل المنصب، لكن الاكتفاء بها ممكن لو كنا نتحدث عن شغالة أو دادة وليس رئيس جمهورية، ولو جاءنا غدا رئيس نزيه لكنه ليس حصيفا بما يكفي فسيبيع الفاسدون المتوغلون قصر الرئاسة وهو فيه ولن يستطيع لهم منعا
  • قالوا: واحنا في تلك الساعة لما يبقى الرئيس بتاعنا عالم ذرة .. كويس قوي، بس أولا البرادعي محامي ودبلوماسي مش عالم ذرة، ثانيا عالم الذرة سيكون في الأغلب رئيسا فاشلا، فالأكاديمي المميز يكون عادة أحادي الأفق والاهتمامات وهذا يتعارض مع مقومات القيادة السياسية
  • قالوا: حمدين هو الأحق، اعتقل 13 مرة بسبب مواقفه .. ولا شك أن النضال الوطني يضاعف مصداقية حمدين وله دلالته، لكنه بمفرده لا يجعله أحق من غيره لأن الرئاسة ليست مكافأة على النضال، وإلا كان أحمد فؤاد نجم أحق من حمدين
  • قال مصطفى الفقي: الرئيس يجب أن يحوز رضا أمريكا وإسرائيل .. ما شاء الله! ما رأيك يا دكتور في عزام عزام؟ أو أحد المصريين الحاملين للجنسية الصهيونية؟
  • قالوا: جمال عنده خبرة علشان متربي في بيت الرئيس .. ممم .. ده حيث إن الريس بياخد شغل الرياسة يخلصه في البيت؟ والولاد يعملوا مراكب بالقرارات الجمهورية؟ ويشخبطوا ع الموازنة؟
في حديث لاحق نفصل المؤهلات التي يحتاجها منصب الرئاسة عموما في أي بلد، ثم نتطرف لما نراه ضروريا للرئيس المصري في المرحلة الراهنة، من باب التوعية السياسية طبعا وليس من باب التطبيق، لأن الدستور المعوج يجعل كل هذا الكلام غير قابل للتطبيق