6.10.10

الفارس والشهبندر

يربطني الكثير بفارس المعارضة الأستاذ إبراهيم عيسى دون علاقة شخصية، تربطني به حالة التوحد وعدم الانتماء لأي فصيل سياسي أو فكري، وصحبة الحق ولو لم يترك له الحق صاحبا، وتربطني به قراءة للتاريخ تكاد تتطابق مع قراءتي له واهتمام بحقب تاريخية بعينها هي نفس التي أهتم بها، وفهم عقائدي وقيمي يطابق فهمي، وانحياز للبسطاء والمهمشين يفوق انحيازي، ولون حاد واضح لا يحتمل التمييع في رأي ولا موقف، لكل هذا كان خبر إقالة السيد البدوي شحاتة، رئيس مجلس إدارة الدستور ومالكه الجديد للفارس المنفرد غصة في حلقي، ولكنه لم يدهشني على الإطلاق، فهي نهاية طبيعية لتسلسل الأحداث على الساحة السياسية مؤخرا، ولعلاقة لا يمكن أن تستمر بين الفارس والشهبندر، أو بين قراب السيف وحشو القفطان

رجل من زمن المسخ
عرفت الدكتور سيد البدوي شحاتة بحكم نشأتي في طنطا وبحكم تجربتي القصيرة (والحمد لله) مع الوفد، وأشهد أنه رجل ذكي، ذلك النوع من الذكاء الذي لا يقيده شيء، فهو رجل كل العصور في زمن المسخ الذي نعيشه، فهو الصيدلي حين كانت الصيدلية مشروعا مجزيا في الثمانينات، ثم صاحب شركة الصرافة قبل تعويم الجنيه حين كانت الصرافة كنز لا يفنى في التسعينات، ثم مؤسس شركة الأدوية حين اختنقت شركات القطاع العام الدوائية في الألفية الثالثة وتركت ملعبا كبيرا فارغا سواء في مصر أو في أفريقيا، ثم هو رجل الفضائيات في زمن الفضائيات والفضائيين، وكل هذا لا يعيبه، وإنما يلقي بالظلال عليه أنه كان عبر تلك المراحل صديقا حميما للسلطة ورموزها من المحافظين فصاعدا، وهذا برغم صفته كمعارض وعضو الهيئة العليا للوفد قبل أن يكون رئيسه، ذلك أنه معارض يحفظ قواعد اللعبة عن ظهر قلب، لكل هذا، حين قرأت خبر شرائه لمعظم أسهم جريدة الدستور وضعت احتمالا من اثنين لدافعه لشرائها
  1. استغلال أرضية الدستور الجماهيرية في الدعاية لنفسه وحزبه وأعماله، مع الاحتفاظ بقياداتها وتوجهها المعارض العنيف حتى يحتفظ بثقة تلك الجماهير
  2. تقديم عربون محبة للنظام بتدجين الدستور، ولما كان احتمال تدجينها وإبراهيم عيسى يرأس تحريرها مستحيلا، كان الأقرب هنا هو الإطاحة بالفارس القوي قبل تحويلها لحظيرة دجاج حكومية بلافتة معارضة مثل المصري اليوم والأسبوع، وقد كان رغم تصريحاته بالأمس القريب بألا مساس بعيسى ولا كوادر الدستور
عيسى والأسواني ونجم .. وثمن الجياد
يمكن لأي شهبندر أن يشتري جوادا طالما يملك ثمنه، ويمكنه كذلك شراء جوكي مدرب ليركض بالجواد في مضمار مفرغ، ولكن شراء فارس تعود أن يخوض معاركه فوق الجواد وهم تتضاءل أمامه ثروات كل تجار الأرض ونخاسيها، ولو باع الفارس نفسه فقد صفته، وتحول لجوكي أو سائس للاسطبل في ثياب فارس، وهنا نرصد الأحداث المتتالية مؤخرا
  1. الفارس اليساري القديم الذي رضعت كوادر اليسار كلماته حتى جرت منها مجرى الدم، أحمد فؤاد نجم، قبل أن يرهن السيف ويبيع الدرع ويقبض ثمنا لنفسه، فينضم القطب اليساري للحزب اليميني ليصبح بوقا للدعاية للسيد البدوي وحزبه ومرشحيه في الانتخابات القادمة، بحجة رغبته في الالتحام بالجماهير، كأن الجماهير في حديقة منزل السيد البدوي وليست في الشوارع والحارات، تألمت لمشهد الفارس وقد صار سائسا عجوزا بمحض إرادته
  2. الفارس الناصري الأروع علاء الأسواني يشاع أنه ينوي التوقف عن الكتابة في الشروق عقب ضغوط يمارسها شهبندر آخر هو إبراهيم المعلم عليه لتخفيف اللهجة في مقالاته المشتعلة، ويكذب الخبر، ثم ينشر الأهرام خبرا يوم 3 أكتوبر الجاري عن تعليق مقاله الأسبوعي لفترة، رفضا لتخفيف حدة المقالات، فأين الحقيقة؟ الأسبوع القادم لناظره قريب، في كل الأحوال الأسواني سيثبت قطعا أنه فارس لا يباع ولا يشترى ولا يستأنس قلمه
  3. السيد البدوي يضيق الخناق على إبراهيم عيسى بخنق فريق الدستور ماديا، ثم بالتدخل في مواد التحرير وما ينشر وما لا ينشر، فيستقيل عيسى ويعتصم الصحفيون بالنقابة ويثور القائمون على موقع الدستور الإلكتروني على قرارات الشهبندر الجديد فينحازون بالموقع لعيسى، ويخرج البدوي بتعليق سمج في مؤتمر صحفي عن تسيب إداري ومطامع مالية، فيزداد قزامة رغم الثروة والسطوة، ويزيد فارسنا إبراهيم عيسى عملقة بالستر والجدعنة
فهل فقد السيد البدوي بهجته بشراء نجم بعد الصفعة التي وجهها عيسى لكرامة ثروته اليوم؟ المؤكد أن الدستور فقدت نصف قيمتها بفقدها لعيسى، والنصف الآخر بفقد ألمع كوادرها بعده، وبهذا تقزمت قيمة الأسهم التي اشتراها البدوي كما تقزم هو شخصيافي عين الرأي العام، وهكذا ينتصر الفرسان حتى حين ينسحبون وينهزم الأوغاد حتى حين تنصرهم ملايينهم إلى حين


5 comments:

Dr.Amira El-Deeb said...

أستميحك عذرا فى نشر مقالة البرادعى سبب الأزمة لتوضيح إلى أى مدى أصبحت الصورة ضبابية فى مصر


*
تمر اليوم الذكرى السابعة والثلاثين لانتصار أكتوبر المجيد،
والذي اقتحم فيه الجيش المصري قناة السويس وانتصر على جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد سنوات ست من الهزيمة والانكسار. يعد احتفال مصر والعالم العربي بذكرى حرب أكتوبر مناسبة عظيمة لنسترجع مرة أخرى «طريق النصر»، والذي هو في الحقيقة أهم من الانتصار ذاته، فنصر أكتوبر لم يكن وليد الصدفة إنما كان نتاج جهد وعرق ودماء دفعها الشعب المصري وقواته المسلحة الباسلة من أجل تحرير الأرض واستعادة الكرامة فقد كان اعتراف القيادة السياسية بمسئوليتها عن هزيمة 67 الفادحة وتقديم عبد الناصر لاستقالته في خطاب التنحي الشهير، ومحاسبة كبار الضباط المسئولين عن الهزيمة، ثم إعادة بناء القوات المسلحة على أسس جديدة متسمة بالتخطيط العلمي والانفتاح على التكنولوجيا الحديثة، وضم المؤهلين بين صفوف الجنود، وإعادة الثقة في قدرة المقاتل المصري وغرس ثقافة النصر والعمل والقدوة الحسنة بين صفوف الجنود، وكان استشهاد البطل عبد المنعم رياض أثناء حرب الاستنزاف رسالة واضحة من القوات المسلحة إلى الشعب المصري، بأن القائد الحقيقي هو الذي يبقى وسط جنوده، وأن القيادة لم تكن في أي يوم مجرد تشريفٍ إنما هي في المقام الأول مسئولية وتكليف وقد يصل ثمنها أحيانًا إلى الاستشهاد.

لقد كان نصر أكتوبر انتصارًا للانضباط والتخطيط في العمل، وهو بالتأكيد يمثل عكس ثقافة الفوضى والعشوائية التي عرفها المجتمع المصري بعد ذلك. كما يمثَّل أيضًا رسالة قوية لكل المجتمع بأنه لا تقدم ولا نصر إلا بالاعتراف بالخطأ والبدء في تصحيحه. لقد قام الجيش المصري بعمل تاريخي وبطولي في مثل هذا اليوم من عام 1973 وقدم آلاف الشهداء الذين لولا تضحياتهم وبطولاتهم لما نجحت مصر في استرداد أرضها المحتلة ولما فتح الباب أمام بناء مصر المستقبل.

وللأسف الشديد و بعد مرور 37 عامًا على هذا الانتصار فإننا لم نستلهم قيم أكتوبر في « معركة السلام» ولم نتقدم اقتصاديًّا ولا سياسيًّا، وتعمقت مشاكلنا الاجتماعية والثقافية بل والأكثر أسفًا أن العديد من قيم أكتوبر مثل: المواطنة، والعمل الجماعي، والتفكير العقلاني، والتخطيط المدروس، والانضباط، والوفاء، والصدق، والشفافية، والتواضع، وإنكار الذات، وغيرها من القيم التي تشكل البنية الأساسية لتقدم المجتمعات لم يعد لها مكان يذكر في مجتمعنا.

إن إصلاح مصر لن يكون إلا باستلهام هذه القيم التي جسدتها القوات المسلحة، والتي يجب أن تعود مرة أخرى لتكون هي قيم الشعب المصري بأكمله. تحية إلى شهداء مصر الأبرار ورحمة الله عليهم وتحية إلى قيم أكتوبر التي حان وقت عودتها وبعثها من جديد، لتعوض مصر ما فاتها وتبني نظامًا ديمقراطيًّا يقوم على الحرية وكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل مصري دون تفرقة أو تمييز.

محمد البرادعي

====

هل مجرد ذكر الحقيقة قد صار مرعبا لتلك الدرجة؟؟؟ ...

Dr.Amira El-Deeb said...

====

... هل مجرد ذكر الحقيقة قد صار مرعبا لتلك الدرجة؟ ولهذه الدرجة إرتفعت درجة الذعر ؟؟...

تحية لإبراهيم عيسى فلقد فعل مالم نفعله جميعا ... لم يكتفى بالكلمات كما نفعل ولكن بالافعال كما يليق بالرجال ... يكفيه شرفا أن يفقد سنوات من عمره ومحاربة لأعوام لنشر كلماته فى مرحلة المنع الأولى بتلكيكة حكومية ثم محاكمة بتلكيكة أخرى وأخيرا فقد لعمله بإستعباط متناهى وسيناريو ركيك

فعلتها كما تفعلها دائما يا إبراهيم ... أيها الرجل الحقيقى الذى قالها عاليا " إنك ميت .." ..فعشت أنت بشرف حتى يوم الدين

حلم بيعافر said...

يبقى الفارس فارسا يااستاذنا

Dr. Eyad Harfoush said...

صدقت يا دكتورة، عيسى جواد بلا ثمن، وهو رائد في هذا فتح الطريق، ثم سار خلفه الكثيرون من الناشطين قولا وفعلا ممن قضوا مضجع النظام بكشف عوره صباح مساء
تحياتي وتقديري وشكري

Dr. Eyad Harfoush said...

@حلم بيعافر
أكيد مازال فارسا وزادته المعركة شرفا وفخارا، تحياتي وشكري