29.12.09

كلام جرايد-01


الأهرام: 29/12/2009
مبارك يعلن أخبارا سـارة لأهـالي بورسـعيد: الخبر اللي نفسي أسمعه مش ممكن فخامة الرئيس يعلنه بنفسه

اشتباكات بين المعارضة الإيرانية والأمن: المعارضة .. آه .. فاكرها .. كان عندنا واحدة بس بنت الإيه اتجوزت الحكومة في السر وبعدين هربت معاها في العلن

الشوري يوافق علي قانون نقل الأعضاء: يا سلام .. ألف نهار أبيض، أخيرا بقينا دولة متطورة زي السعودية اللي بتنقل أعضاء من التسعينات؟

الأهرام: 30/12/2009

مبارك يطالب نتنياهو برفع الحصار عن غزة: لا والله؟ وحياة السد الواطي اللي شغالين فيه ع الحدود؟ عموما كان فيه زمان مثل بيقول، إتلم تنتون على تنتن، واحد "نتن" والتاني أنتن

صفوت الشريف: حدود مصر جزء من سيادتها: بجد؟ يعني السيادة ع الحدود مازالت موجودة بعد معاهدة العار يا سيد صفوت؟ تقدر إنت أو أي حد في حكومتك توقف اسرائيلي ع الحدود دي وتمنع دخوله سينا لحد شرم الشيخ بهويته الاسرائيلية من غير حتى ما يحتاج باسبور؟

أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون" يؤيد الجدار لمنع تهريب السلاح: تصدق لو بوكيمون الشخصية الكرتونية اللي بيلعبوا بيها العيال كان بقى أنضف

21.12.09

توظيف أموال .. كلاكيت عاشر مرة


نشرت جريدة الدستور خبرا عن صاحب موقع إلكتروني يدعي المضاربة في البورصات العالمية ويتلقى أموال من الناس لاستثمارها مقابل عائد مزعوم قدره 60% من قيمة رأسالمال، وقد جمع النصاب ما يعادل 20 مليون دولارا من المصريين ثم اختفى للأبد، ونيابة الأموال العامة تحقق في الأمر

أتذكر والدي رحمه الله وجيله الذين شربوا مقلب ذقون الريان والسعد والعقارية الإسلامية والأندلس والحجاز وغيرها، وخرجوا منها صفر اليدين، وقصص كثيرة بعدها ربما كان أقربها حركة نصابي توزيع كروت شحن المحمول الذين جمعوا الملايين وفص ملح وداب، أو حتى فص ملح وسجن تاركا خلفه آلاف الأسر للمعاناة، فأعجب من شعب يلدغ عشرة مرات من جحر فلا يتعلم من هذا كله شيئا يذكر! كم قلنا وكررنا يا عالم يا خلق الله، الأعمال المشروعة على النطاق الواسع لا يمكن أن تتجاوز صافي أرباحها الثلاثين بالمائة على أحسن الفروض في العام الكامل كعائد على رأس المال الموظف في المشروع، لكن الناس مازالت تلهث خلف أشباح الربح السريع وتحلم بخاتم سليمان .. وأغلب ظني أن حدوتة خاتم سليمان تلك قد ابتكرها صاحب عمل غير مشروع كأسلوب عتيق لغسيل أمواله، فلا توجد في عالمنا وسائل ربح حلال ومشروع تصل لتلك النسب الجنونية وإلا لما وجدت المخدرات وغيرها من الأنشطة الغير مشروعة من يخاطر بالعمل بها من أجل ربح سهل حرام

14.12.09

محنة الفقاقيع


من فقاعة استثمار عقاري وعمولات تجارية وتسهيلات سياحية في دبي، لفقاعة الرهن العقاري الأمريكي والأزمة المالية العالمية، لا يسعنا إلا أن نقول أن النظام الرأسمالي يدفع ثمن بنيته التحتية المؤسسة على مصلحة الخاصة والمهددة بالتبعية لمصالح الجماهير، فالنظام الرأسمالي بني على ما يلي
أولا: التسويق الانتهازي الذي يقنعك بأنك تحتاج ما لا تحتاجه حقيقة
ثانيا: تشجيع الأفراد على مستوى حياة أعلى من حقيقة إمكاناتهم من خلال منظومة تسهيلات بنكية، ولا حرج في رأينا على التسهيلات البنكية للمؤسسات المنتجة، والقادرة بالتالي على سداد الدين وفوائده، وهو ما لا ينطبق على الاقتراض الاستهلاكي
ثالثا: إنعاش الاقتصاد بشكل مؤقت وسريع من خلال عمليات بيع وشراء وسمسرة وهمية تضاعف الناتج القومي ليصبح بعيدا عن التعبير عن واقع اقتصاد البلد
رابعا: يتجه الاقتصاد الرأسمالي من التنافسية إلى الاحتكار تدريجيا، وذلك من خلال عمليات الدمج والشراء التي تؤدي لخلق كيانات متعملقة تحتكر السوق مع الوقت وبالتالي تفقد الاقتصاد الرأسمالي ميزته الرئيسية وهي تحسين الانتاج والخدمات من خلال التنافس الإيجابي

لم تحل الشيوعية مشكلة البشر، ولن تحلها الرأسمالية، الطريق الثالث كان ومازال هو الواعد بالرخاء والنماء، ومن هنا كان القول من جديد بحتمية الحل الاشتراكي

10.12.09

حلم المشرق



مشروع حضاري يجمع الفرقاء
واقعنا أننا أمم ذات تجارب سيئة مع الوحدة والتكتل، رغم أننا نعيش في عصر الكتل والتحالفات، وقد سادت الأجواء في الآونة الأخيرة نبرة ساخرة من الفكر الاتحادي في صورته العروبية، بعد مشاحنات الجماهير المصرية والجزائرية عقب مباراة قدم، فوجد فيها القائلون بالانكفاء للداخل والتقوقع في الشأن المصري ضالتهم وشبعوا لطما، وانسابت تعليقات من عينة "كفانا من العرب" و"ماذا فعل لنا العرب" ... إلى آخر قائمة الهلوسة التي لا تمت لعالم العلاقات الدولية بصلة، ذلك العالم الذي لا يعرف المجاملات ولا المعايرة، ولكنه يعرف العلاقات الاستراتيجية والتحالفات التكتيكية والمناورات السياسية التي تجعل في مصلحة دولة في وقت محدد أن تساعد دولة أخرى، في تلك الهوجة لم أسمع صوتا عاقلا إلا للأستاذين إبراهيم عيسى في جريدته وحمدين صباحي في لقاء تليفزيوني، إذ تناولا مصر والدول المحيطة بها من منظور الدولة في مجالها الاستراتيجي ونطاقها الجغرافي-السياسي الطبيعي، والطريف أننا لو رجعنا بالذاكرة بضعة شهور للوراء واستدعينا أزمة غزة 2008 وما دار خلالها، واستعدنا تعليقات الجماهير المصرية التي نادت بفتح المعابر بغير ضوابط لأن الفلسطينيون إخواننا، ثم قارنا الصورتين، لفهمنا على الفور أننا نتعامل مع انفجارات عاطفية لأمة بغير ثوابت، إما تطرف في الانصهار مع مصالح الغير وإما تطرف في النفور من الآخر، وفقا للظروف الآنية والمشاعر اللحظية، وتلك لعمر الحق سمة الأمم الغير مثقفة سياسيا وحضاريا، أما الأمم التي نضجت فانخرطت في تكتلات منها ما هو اقتصادي بحت كمجموعة الثماني ومنها ما هو اقتصادي سياسي وتشريعي لكنه غير فيدرالي كالاتحاد الأوروبي، ومنها ما هو فيدرالي كالولايات المتحدة الأمريكية، فماذا عنا؟ ما هو أفقنا في عالم التكتلات والعمالقة؟ حتى لا نلق مصير النمل تحت أقدام الأفيال؟

لو نظرنا في العلاقات الاستراتيجية للدول العربية، لوجدنا السعودية مرتبطة بالولايات المتحدة ارتباط يصل لحد ارتهان المملكة ، ومثلها قطر والكويت، أما الإمارات العربية فتابعة للمملكة المتحدة، وكذلك الحال في البحرين وعمان، هذا عن المشرق العربي، أما المغرب العربي فلديه مشكلة تحديد الهوية في المغرب والجزائر على الأقل، وكذلك مشكلة الفقر المتفاقمة في المغرب ومشكلة الصراع الاجتماعي في تونس، وفي كل هذا للمغرب العربي حساباته وتوازناته الخاصة به، فضلا عن ارتباطاته بفرنسا وإيطاليا حضاريا واقتصاديا، وقد أثبتت تجارب الستينات أن الرهان الوحدوي على المغرب العربي أو المشرق الخليجي كليهما بلا جدوى، ولهذا تبقى لدينا دول القلب العربي وهي: مصر والسودان والأردن وسوريا ولبنان والعراق، فضلا عن دولة الجوار الاستراتيجي والامتداد الحضاري إيران، ولأن تجربة الستينات تقول أن الوحدات الانصهارية أقرب للفشل منها للنجاح، حتى لو وجدت رغبة الشعوب في الوحدة كما كان الحال بين مصر وسوريا، ولأن تجربة البعث العراقي تثبت لنا أن إنكار التنوع العرقي لا يلغيه ولكن يلهبه، ولو أخذنا في الاعتبار النموذج الحضاري الرائع للاتحاد الأوروبي، وتخيلنا مشروعا اتحاديا بين الدول السبع في شكل "اتحاد المشرق" على غرار الاتحاد الأوروبي، بحيث تحتفظ الدول بكياناتها وأنظمتها مع وجود أعلى درجات التنسيق الاقتصادي والسياسي بينها من خلال برلمان اتحادي ومجلس قمة دوري على مستوى الرؤساء والملوك، لوجدنا لذلك المشروع العديد من الفوائد لكافة الدول فيه

فاتحاد المشرق بطبيعته المؤسسة على المنفعة العامة والتقاء مصالح الشعوب يستطيع جمع طاقات تلك المنطقة كما لم تفعل أية محاولة وحدوية من قبل، فهو لا يقوم على أساس قومي يهمش أبناء هذه المنطقة من الفرس والأكراد والآشوريين وغيرهم، ولا يقوم على أساس ديني يهمش مواطنيها من المسيحيين واليزدانيين وغيرهم، ولا ينحاز لطائفة شيعية أو سنية ولا لمذهب أورثوذكسي أو بروتستانتي، بل يجمع الكل في بوتقة هي قلب العالم القديم ذاته، وفي إطار تعددي نموذجي يصنع كتلة ذات طاقات جبارة بشريا وطبيعيا وجغرافيا، وإليك بعضا من الأرقام شديدة البلاغة في تعبيرها عن قوة مثل هذا التكتل الإقليمي، لنتخيل معا، ولو من باب الحلم، مجرد الحلم، مدى عملقة ذلك الكيان الذي أراه حلما مشروعا لدول المنطقة
  • مساحة متصلة من اليابسة تقترب من ستة ملايين كيلومتر مربع، تحديدا 5,878,697 كم مربع
  • سواحل بحرية تمتد لأكثر من ستة آلاف كم على البحرين الأحمر والأبيض والبحر الميت وكذلك الخليج
  • أراض زراعية مروية بمياه الأنهار تصل لأكثر من 200 ألف كيلومتر مربع
  • طاقات بشرية تصل لأكثر من ربع مليار نسمة، بما في ذلك الكوادر المدربة المهنية والعمالية والزراعية وغيرها، مما يجعل الاتحاد مكتفيا ومصدرا للطاقات والمهارات المدربة
  • إجمالي الناتج القومي للاتحاد سيعادل تريليون وستمائة واثنين وأربعين بليون دولار أمريكي سنويا بمعدلات عام 2009م
  • إنتاج طاقة كهربائية وقدرها 410 بليون كيلو وات / ساعة
  • وختاما احتياطي بترول مؤكد وقدره 263 بليون برميل، ولنتخيل قدر الرقم علينا أن نعرف أن الولايات المتحدة تختزن احتياطيا لا يزيد عن 21 بليون برميل، وذلك فضلا عن كنوز الغاز الطبيعي الذي 3 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي
وحتى نفهم طبيعة اللعبة القذرة التي تدار الآن، لزيادة الفجوة بين الدول العربية وايران، علينا أن نعرف أن الأرقام الخاصة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وهي علنية على الويب تقول أن إيران تمثل لمثل هذا التكتل السباعي ثلث عدد سكانه وسواحله، ونصف إجمالي الناتج القومي فيه، وأربعين بالمائة من أراضيه المنزرعة، فضلا عن نصف احتياطي البترول، تلك الأرقام تفسر لنا لماذا حرصت الولايات المتحدة دوما على التفرقة بين العرب وإيران وبث العداء بينهم سواء بطريق مباشر أو من خلال أذنابها في المنطقة وعلى رأسهم آل سعود في المملكة العربية، كذلك تفسر لنا الأرقام سر لعبة التسعينات واستدراج صدام لتصفية طاقات العراق، ولعبة الألفية الجديدة في السودان، والتحرش بسوريا، والقادم دوما ألعن طالما بقينا على حالنا

وليس ما يحول بيننا وبين مثل هذا الاتحاد العملاق حكامنا، فالشعوب عندما تريد حقا تعرف كيف تفرض ارادتها، لكن واقعنا يقول أننا شعوب جاهلة حتى البلاهة ومغيبة حتى الموت، وما يحول بيننا وبين اتحاد المشرق الحلم هو ذلك الجهل المركب في شعوبنا، وهو أخطر صنوف الجهل، جهل من لا يعرف بجهله ولا يعترف به ويطلب تغييره، فهو جهل ملاك الحقيقة المطلقة كما عبر الدكتور مراد وهبة في عنوان كتاب له


8.12.09

كلمة ونص-02


ذكرني حوار بسهولة النصب على هذا الشعب الذي رقص لكل قرد في دولته، تذكرت أغنية الشيخ إمام من كلمات عمنا أحمد فؤاد نجم اللي قال فيها

احنا معاك .. احنا معاك
ريسنا يا أنور
إحنا معاك .. احنا معاك
تخرب تعمر

***

إحنا معاك يا ابو لمعه يا قمعه
يلي خربت بلدنا ف جمعه
إحنا معاك مهما تغلبنا
نجري وراك ونبيع مبادئنا
احنا معاك .. احنا معاك

***

إحنا معاك يا بايع أراضينا

يلي سايب أعدائنا ف سينا

بكره يا ريس بكره تخلي

الاستعمار يتحكم فينا

احنا معاك .. احنا معاك

***

إحنا معاك يا بطل مغوار

شوفنا الست ف خط النار

بكره الحلوه تقابل وزرا

وانت يا ريس تعمل زار

احنا معاك .. احنا معاك

***

إحنا معاك يا طابخ ف الأنجر

رز بكاري وسلطة بنجر

عامللي نفسك ولا بيكاديللي

وانت منفذ أمر كسينجر

احنا معاك .. احنا معاك


وهنا تسمعها بصوت الشيخ إمام رحمه الله :

http://www.youtube.com/watch?v=nNkm4o_DRAA

7.12.09

كلمة ونص-01

متى يحيط النظام صحفجيته علما بأن مصر توقفت عن سداد فواتير الريادة العربية منذ عام 1970م ولم يعد لنا أي فضل على أي بلد عربي؟ لقد وضع ابن ست البرين 99 بالمائة من أوراق اللعبة بيد أمريكا ووطى على رجلها يبوسها، أما في العصر المبارك فقد خرجنا من معسكر الشرف وأصبحنا دولة صديقة .. صديقة الطلبة يا مريحة العزاب

1.12.09

وطن بلا عمود

ناصر كمان وكمان

عدة ومضات مرت بي مؤخرا لتدفعني للكتابة في ذات الأمر من جديد .. لعل آخرها الوكسة القومية التي صرنا نطالب بعدها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع شعب عربي بسبب ماتش كورة، أتذكر حديث والدتي التي توفي الزعيم وهي في الجزائر مع والدي الذي كان عضوا في بعثة تعريب الجزائر، حين حدثتني عن النائحات على جمال في شوارع مدينة بليدة التي سكنها والدي، وفي العاصمة على السواء، وأتذكر حوارا تليفزيونيا مع الشاعر الخطير دائما أحمد فؤاد نجم، فيه شرح الفارق والشتان بين علاقته بالحقبة الناصرية والحقبتين التاليتين عليها برغم تجربة السجن في الحقبتين الأولى والثانية، كان ضمن ما حكى موقف مر به صبيحة وفاة الزعيم جمال عبد الناصر وهو في السجن، إذ دخلت عليه والدته زائرة وهي تبكي بكاء حارا لموت الزعيم، تعجب منها الشاعر وسألها قائلا "بتعيطي ع اللي سجن ابنك؟" .. فأجابته فلاحة كفر أبو نجم الفطرية العريقة بكلمة عميقة الأثر قائلة "إنت مسطول والحشيش لحس دماغك وخلاك مش فاهم حاجة .. ده عمود الخيمة وقع يا وله" لتمنح الزعيم خالد الذكر وساما شعبيا ضمن أوسمة عدة حازها ناصر الفقراء والمهمشين نظير انحيازه لهم والتزامه بالخط العامل على تحسين ظروف معيشتهم، لعل من أهمها وسام آخر صرخت به سيدة ريفية في الجنازة والتقطته ميكروفونات وعدسات التصوير وقتها وهي تقول "يا ويل الغلابة بعدك يا جمال" كأنها كانت تتنبأ بالويل الذي حل بهم بالفعل بعده

الومضة الثانية كانت مع مقال عن حالة مذرية بنا وليست مزرية بصاحبها، فهي الحالة التي وصل إليها أحد أبطال معركة العبور (والتي اختزلت مؤخرا في الضربة الجوية لظروف سياسية سيسقطها التاريخ فور نهاية المنعطف الذي نسير فيه حاليا)، المقال نقلته المدونة نجلاء محمد هنا ، وفيه يرفع البطل صورة الزعيم جمال عبد الناصر على السور الذي افترش الأرض بجواره، وتتداعى الذكريات في هذا الصدد، فأذكر صور ناصر مرفوعة في كل مظاهرة مصرية من أجل لقمة العيش أو من أجل الكرامة والعزة الوطنية، وأذكر عميد الأسرى العرب المحرر بيد أسود حزب الله سمير القنطار وهو ينسب نفسه لمدرسة جمال عبد الناصر الوطنية في خطابه الذي وجهه لائما لوليد جمبلاط، وأذكر عنوان مقال كويتي عن زمن كان فيه الشارع الكويتي ذاته ناصريا، وغيرها وغيرها كثير، فيطرح السؤال نفسه بقوة .. هل أثر أي زعيم أو رئيس عربي في وجدان الشعوب العربية في التاريخين الحديث والمعاصر مثل جمال عبد الناصر؟ لقد حقق ناصر الكثير من مشروعه الطموح لهذا الوطن وأخفق في الكثير كذلك، لكنه يبقى برغم الإخفاقات والكبوات الأعمق أثرا ورسوخا في الوجدان، وتقديري أن أثره هو أثر الرجل أكثر منه أثر الرئيس

في حوار مع صديقة عزيزة تختلف معي حول الزعيم جمال عبد الناصر، قلت لها إن حبي في جوهره يتجه لعبد الناصر الرجل أكثر مما هو للزعيم الأسطوري وصاحب المشروع الحضاري الكبير، فمحمد علي كان له مشروع حضاري كان النقلة الأولى لمصر في التاريخ الحديث قبل نقلة الستينات، لكن مؤسس الأسرة العلوية لا يملك نفس التأثير في الوجدان الذي لناصر، ربما لمحدودية كاريزمته الذاتية وخصاله الشخصية مقارنة بناصر، ولعل بعض المراثي التي بكت الزعيم كانت الأوضح تعبيرا عن تعلق الوجدان العربي بعبد الناصر الرجل والإنسان ربما أكثر بالتعلق بعبد الناصر الرئيس والزعيم، في ذلك قال المبدع الأروع صلاح جاهين بعد بضعة أعوام من وفاة ناصر، أجدها تعبر تماما عن إحساسي الشخصي تجاه الزعيم الراحل رحمه الله
أنا العجوز الشايب الحزين
أنا العجوز من غير ما تمضى السنين
أنا العجوز من قبل سن الأربعين
عمرى انهاردة رغم المرار ده
فى عمر وردة .. عشرين سنة
كان لى صديق وكان حبيب عمرى
هو اللى علمنى المشيب بدرى
حضرت مولد كل شعراية بيضا
عبرت سوالفه كما الشهاب تجرى
علمنى مشية الرجال
سلمنى راية النضال
ولحد هذا اليوم بيلهمنى
وخياله كل ما أقع يقومنى
وكل ما اتبعتر يلملنى

وقالت سعاد الصباح في رسالتها لروحه بعد عقود من وفاته عبارات رائعة، أقتطع منها هنا أكثرها مساسا بجانبه الإنساني وليس التاريخي أو السياسي


كان كبيراً كالمسافات .. مضيئاً كالمنارات
جديداً كالنبوءات .. عميق الصوت كالكهان
وكان فى عينيه برقٌ دائم .. يشبه ما تقوله النيران للنيران
***
كان هو الأجمل فى تاريخنا .. والنخلة الأطول فى صحرائنا
كان هو الحلم الذى يورق فى أهدابنا
كان هو الشعر الذى يولد مثل البرق من شفاهنا
كان بنا يطير فوق جغرافية المكان
***
يا ناصر العظيم
هل تقرأ فى منفاك أخبار الوطن؟
فبعضه مغتصب .. وبعضه مؤجر
وبعضه مقطع .. وبعضه مرقع
وبعضه مستسلم .. وبعضه ممزق
وبعضه ليس له سقف ولا أبواب
يا ناصر العظيم لا تسأل عن الأعراب
فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب
وواصلوا الحوار بالظفر وبالأنياب
وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب
يا ناصر العظيم .. سامحنى
فما لدى ما أقوله فى زمن الخراب

وكتب عنه كاتب تلك السطور العام في قصة العائش في الوهم من مجموعة السيرة الذاتية لفتاة ليل عبارة يراها موجزة موقف الوجدان المصري من ناصر، يقول فيها: آخر ما تحتفظ به ذاكرة ماهر من يوم وفاة الزعيم هو مشهد جيرانه وهم يخرجون من البيوت ويتجمعون في الطريق بلا حول ولا قوة ولا وجهة، المشهد التالي في ذاكرته كان مشهده هو شخصيا وهو ذائب بين الملايين في الجنازة المهيبة التي أعلن بها الشعب حبه للرجل، وتقديره للزعيم، وتجاوزه عن أخطاء الإنسان في شخص عبد الناصر رحمه الله