Showing posts with label ملح الأرض. Show all posts
Showing posts with label ملح الأرض. Show all posts

24.5.11

الزجاج المكسور .. تقسيم الدول في ذاكرة العالم

يونيو القادم هو الشهر  الأخير في عمر السودان كما عرفناه، فاعتبارا من ٩ يوليو ۲۰۱۱م يتم التقسيم، وتعلن جمهورية جنوب السودان وعاصمتها جوبا مستقلة عن الشمال وعاصمته الخرطوم، والسؤال الحتمي هنا: ما هي الخطايا السياسية والاجتماعية التي تؤدي ببلد لفقد وحدته والنهاية المؤلمة بقطع أوصاله وتقسيم أراضيه؟ دروس من التاريخ نحتاج لاستعادتها لعلنا نعتبر ونفهم أن منطق "الغزوات" الانتخابية، واستقواء الأغلبية الطائفية أو العرقية في فرض هويتها على الآخر قد تكلف الوطن وجوده نفسه  

تقسيم السودان: يتوهم البعض أن تقسيم البلاد يحدث في البلاد ذات التركيبة الطائفية أو العرقية المتكافئة عدديا (كأنها خناقة)، والنموذج الأوضح في تفنيد زعمهم هو النموذج السوداني، حيث نسبة المسيحيين فيه ٥% من تعداد السكان مقابل ۲۰% للأديان المحلية و٧٥% أغلبية مسلمة، وحيث قامت الأقلية المسيحية بالدور الأكبر في تقسيمه، فبعدما حصل الشعب السوداني على حق تقرير مصيره وانفصاله عن مصر في ۱٩٥٤ مباشرة، وقبل أن يتم الاستقلال عمليا، بدأت الحرب الأهلية الأولى ودامت ۱٧ عاما حتى وقع "النميري" اتفاقية أديس آبابا مع الجنوبيين في ۱٩٧۲ برعاية مجلس الكنائس العالمي وظهرت منطقة الحكم الذاتي في الجنوب، لكن السلام انتهى وعادت الحرب الأهلية في ۱٩٨۳ حين قرر "النميري" تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان بأكمله، فبدأت أمريكا تضع أنفها في القضية، ثم دولت القضية وظهرت قوات الأمم المتحدة في السودان لاحقا، وزاد الأمر سوءا مع وصول "عمر البشير" وجبهة الإنقاذ الإسلامية للسلطة، وتصاعد الصراع والتدويل حتى تم استفتاء الجنوبيين "وحدهم" على تقرير مصيرهم وفقا للقانون الدولي في يناير الماضي قبيل الثورة المصرية، وقرر حوالي ٩٩% من الجنوبيين الانفصال الذي سينفذ في غضون خمسين يوما بقوة الأمم المتحدة، بعد حروب راح ضحيتها قرابة المليون نسمة، والمتوقع استمرارها حتى يتم تقرير مصير إقليم آبي البترولي  

كردستان العراق: تأججت الاحتجاجات الكردية مع وصول البعث للسلطة  عام ۱٩٦٨م ومحاولته فرض الصبغة العربية على المناطق الكردية شمال العراق، بزعم أن الأقلية الكردية (۱٥%) لابد أن تقبل بطمس هويتها لصالح هوية الأغلبية العربية (٨۰%) كباقي الأقليات، وكانت حجة الكرد القوية أن دستور البلاد لا يمثلهم ونظامها لا يحترم خصوصيتهم، ومن حقهم وفقا للقوانين الدولية تقرير مصيرهم، وتفاقم الأمر حتى أدى لتدخل الاتحاد السوفيتي لحماية الأقلية الكردية وفرض على نظام "أحمد حسن البكر" اتفاقية الحكم الذاتي عام ۱٩٧۰، وبعد كل محاولة لطمس الهوية من يومها وحتى انهيار نظام "صدام حسين" في ۲۰۰۳ كانت المقاومة الكردية القوية تؤدي لمزيد من استقلالية كردستان بتضحيات بشرية كبيرة، وتم استفتاء الشعب الكردي على تقرير مصيره باستفتاء شعبي كذلك في ۲۰۰٥ فقرر بنسبة ٩٨% الانفصال عن العراق، ويتوقع محللون سياسيون انفصال كردستان في ۲۰۱٦ رسميا

تقسيم الهند: يتوهم البعض كذلك أن التمايز الجغرافي شرط لتقسيم بلد من البلاد على أساس عرقي أو ديني، والنموذج الهندي يكذب هذه المزاعم، حيث لم تكن شبه القارة الهندية في ۱٩٤٧ متمايزة إلى مناطق مسلمة وهندوسية محددة، لهذا تم سلخ الشعب سلخا من بعضه بالترحيل أثناء التقسيم وتمت أكبر عملية تهجير في التاريخ بنقل قرابة العشرين مليون ما بين مسلم وهندوسي ليتم التقسيم، فراح ضحيته قرابة النصف مليون نسمة، وصارت الهند بلدين متصارعين يستنفذان طاقتهما في الصراع بين أبناء الشعب الواحد سابقا كما أراد المستعمر قبل رحيله، لأن الأغلبية الهندوسية لم تستوعب الأقلية المسلمة كما ينبغي في رأيي، باستثناء شخصية غاندي الجامعة

وبعد .. تقسيم وتفتيت الشعوب يخدم قوى دولية في مقدمتها الولايات المتحدة، واليمين المتطرف العالمي عموما، فمن التالي؟

هناك وهم بشري عريق اسمه "هذه الأمور لا تحدث لي" .. نحن مختلفون .. مصر مختلفة عن تونس .. ليبيا ليست مصر .. سوريا ليست ليبيا، والحقيقة أن لكل شعب ولكل بلد خصوصيته، ومع ذلك تتشابه النتائج عبر التاريخ وفي كل العالم حين تتشابه المقدمات والعوامل

حفظ الله مصر من كيد الأعداء وحماقة بعض الأبناء

19.2.11

الإجراءات السبعة لحماية الثورة

تحدث الرائع "بلال فضل" وكتب الصديق "محمد علم" وغيرهما عن غيوم الثورة المضادة التي تتجمع في الأفق، وطلائع المرتدين التي تلملم نفسها، ولم يتركا كثيرا يقال في الرصد والكشف بتحليلات وافية شافية. والسؤال الآن، ما هي القرارات والتدابير المنشودة لحماية ثورة يناير؟ والتي ينبغي أن نحشد الجماهير للمطالبة بها قبل أن يضيع ما حققه المصريون بالدم قبل العرق؟

قبل تفصيل ما نقترحه من قرارات وإجراءات، دعونا نؤكد أن كون ثورتنا بيضاء لا يعني أن تكون عاجزة عن حماية مكاسبها، وأن دورها هو كنس الفساد برياحها وليس التعايش السلمي معه كما يجري الآن، إذ يحاول البعض أن يكرس للفساد تحت دعاوى الحرية والديمقراطية والتعددية. فالشذوذ الفكري بالاعتذار لجلاد الشعب ليس حرية، والترويج للردة على مكاسب الثورة ليس ديمقراطية، وقبول الفاسدين والمتواطئين مع الفساد ليس تعددية. ولو كان كل هذا مقبولا كرفاهية في المستقبل فليس اليوم مقبولا في مرحلة المخاض الثوري، وحتى تهيأ الثورة الوطن للإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المنشود. لهذا نقترح بعض التدابير المطروحة للنقاش حتى نصل لصيغة جامعة، لحماية الثورة وضرب الثورة المضادة استباقيا، وتوظيف قانون الطواريء المؤقت في ذلك، فمن خلال تلك الإجراءات سوف تستخدم حالة الطواريء خلال الفترة الانتقالية لأول مرة كسيف في يد الشعب وليس سيفا على رقبته

أولا: حل الحزب الوطني الديمقراطي وجمعية جيل المستقبل وأيلولة كل ما لهما من أصول وممتلكات وأموال للدولة، حيث يمثل فلول الحزب أخطر طابور خامس اليوم لإجهاض الثورة

ثانيا: حل حكومة أحمد شفيق وتشكيل وزارة تسيير أعمال، ويرأس مجلس الوزراء السيد رئيس المحكمة الدستورية العليا بصورة مؤقتة حتى نهاية سبتمبر 2011م

ثالثا: قرارات العزل السياسي
نظرا للدور السلبي لكل من الحزب الوطني وجمعية جيل المستقبل في إفساد الحياة السياسية والعمل العام في مصر، يمنع كل من كان منتميا لأي منهما في 25 يناير 2011م وما قبله من ممارسة العمل السياسي أو العمل العام لمدة خمس سنوات ميلادية تنتهي في 25 يناير 2016م، وذلك كالتالي:
  • منع أعضاء الحزب والجمعية من تشكيل أحزاب أو جمعيات أهلية جديدة أو الانضمام لأحزاب أو جمعيات قائمة خلال فترة العزل حتى 25 يناير 2016م.
  • منع أعضاء الحزب والجمعية من الترشح لعضوية المجالس النيابية والنقابية والمحليات والانتخابات الرئاسية خلال فترة العزل
  • تقييد الحريات النسبي المؤقت للقيادات والرموز الحزبية السابقة، وذلك بتحديد إقامتهم في منازلهم وتقنين اتصالاتهم لمدة 6 أشهر تنتهي في سبتمبر 2011م (لمن لا تثبت بحقه منهم جرائم تؤدي لعقوبات أخرى) وفي مقدمتهم يأتي السادة (1) جمال مبارك، (2) صفوت الشريف، (3) أحمد فتحي سرور، (4) زكريا عزمي، (5) مفيد شهاب، (6) علي الدين هلال، (7) أحمد شفيق، (8) أنس الفقي، (9) أحمد نظيف، (10) يوسف والي، (11) فاروق سيف النصر، (12) حسام بدراوي، فضلا عن كافة الوزراء من أعضاء الحزب، والذين تشكلت منهم وزارتي أحمد نظيف وأحمد شفيق. وذلك مع السماح لهم بالاتصالات الشخصية وتسيير الأعمال الخاصة من منازلهم خلال فترة تقييد الحريات المؤقتة
رابعا: إعادة هيكلة قوى الأمن (الشرطة) وتصفية أجهزة القمع
وذلك بهدف تمكين قوى الأمن من القيام بدورها فيما يخص الأمن الجنائي والأمن القومي، وإنهاء دورها السابق كجهاز قمعي في يد النظام
  • ضم جهاز أمن الدولة لجهاز المخابرات العامة لدعم مهام الأمن القومي داخليا وخارجيا، مع تقنين الدور الداخلي وفقا للدستور المعدل والحريات المكفولة فيه، وسرعة تقديم عناصر الجهاز المنحرفة للعدالة.
  • ضم قوات ومعدات الأمن المركزي لجهود الأمن الجنائي، تحت مسمى جهاز الأمن العام، بتشكيل هيكل لدوريات المشاه من الأفراد المجندين والضباط العاملين، بهدف إقرار الأمن في الشارع (نموذج معاصر من عسكري الدرك)، وتكثيف الدوريات الراكبة بطاقة الضباط والأفراد العاملين في الجهاز.
  • حركة تنقلات شاملة بهدف تغيير الوجوه المتعاملة مع المواطن في أقسام البوليس وكافة مراكز الشرطة
  • تغيير الزي الرسمي بهدف كسر الحاجز النفسي مع المواطن، ودورات تدريبية مكثفة للتعامل القانوني المشروع مع المواطنين
  • إنشاء جهاز رقابي فعال لأداء قوى الأمن وتقديم العناصر المشكو بحقها في حالات التعذيب والقمع للقضاء والبت في تلك القضايا في غضون 3 أشهر
خامسا: تطهير قيادات الجهاز الحكومي وقطاع الأعمال والبنوك الحكومية
وذلك بإحالة القيادات الحكومية وقيادات قطاع الأعمال والبنوك الحكومية المنتمية للحزب الوطني الديمقراطي من درجة مدير عام فصاعدا لمعاش مبكر بمعاش كامل، وذلك في موعد أقصاه نهاية مارس 2011م

سادسا: التقنين المؤقت لحق التظاهر والإضراب والاعتصام
وذلك حتى نهاية مايو 2011م، من خلال الضوابط التالية والتي يطبقها الحاكم العسكري بسلطاته المؤقتة
  • تحديد يوم الإجازة الأسبوعية (الجمعة) للتظاهر في الميادين العامة والشوارع لما يترتب عليه من تعطيل مرور نوعي
  • الإضرابات والاعتصامات العمالية لا تزيد عن 50% من الطاقة العاملة في نفس الوقت، وبصفة خاصة في البنوك والمصانع والمنشآت الخدمية والمرافق، وفي حالة مخالفة ذلك يجازى المخالفون بخصم اليوم من الراتب وحجب الحوافز والبدلات الشهرية وفقا لقانون العمل
سابعا: حماية مبدأ المواطنة كثابت وطني بقوة الجيش
مبدأ المواطنة والمساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات والأهلية الكاملة بغض النظر عن الدين والعرق والنوع هو أحد الثوابت الوطنية التي تحميها القوات المسلحة تماما كحماية التراب الوطني واستقلال القرار الوطني، ولها أن تتخذ ما تراه من تدابيرلحمايته ومنع العبث به تحت مظلة الحرية والديمقراطية، إذ يمثل العبث به مدخلا للثورة المضادة وتفتيت الإجماع الوطني


الله والوطن

د/ إياد حرفوش
القاهرة في 19 فبراير 2011م

27.1.11

مشروع أولي للمصالحة الوطنية العامة

مقدمة
ندرك جميعا طبيعة الظروف والتعقيدات التي أدت لحالة الفوران الحالية في الشارع المصري في مطلع 2011م، والتي نؤكد وتؤكد كل العناصر الوطنية الشريفة والغير مغرضة أنها كانت ومازالت حالة غضب شعبي عفوية بالدرجة الأولى، لم يدبرها ولم يقد الجماهير فيها أية قوة تنظيمية من القوى الموجودة على الساحة السياسية، وإن شاركت كل تلك القوى في مخاضها وتهيئة الأرض لها منذ 2004 وحتى اليوم. ومع ذلك، فتحول الغضب الشعبي لعمل صحي وبناء لا يمكن أن يكون عفويا، لهذا أعددنا هذا المشروع الأولي للمصالحة الوطنية، ليكون ورقة عمل تتم المناقشات حولها للوصول لمشروع متكامل يتم من خلاله مرور البلاد من حالة الفوران لحالة الحراك المنهجي والصحي نحو التغيير. وحتى ينجح المشروع في تجنيب الوطن مرحلة انفلات أو فوضى خطرة، ينبغي للجماهير أولا، والقوى الوطنية المنظمة ثانيا، والنظام الحاكم ثالثا
  • على الجماهير أن تترفع عن لغة تصفية الحسابات ونزعات الانتقام والعقاب، لتضع المصلحة العامة لمصر فوق كل الاعتبارات
  • على القوى الوطنية أن تتسامى عن عقلية الفرص السانحة وأفكار القفز على إنجاز الجماهير بدون وجه حق، فلم تحرك أيا منها الجماهير، ولا تستحق أي منها موقع صدارة دون بقية القوى تأسيسا على ذلك.
  • على النظام الحاكم أن يقدم الصالح العام وحقن الدماء وتجنب الدمار والخراب على نزعة البقاء ودوافع الهيمنة والحفاظ على السلطة، نزولا على رغبة جماهير الشعب وليس سواها، وحفاظا على نفسه والمنتسبين إليه من عقبات الملاحقة القضائية دوليا في جرائم لا تسقط بالتقادم وتضع "زين العابدين بن علي" اليوم على قوائم المطلوبين للإنتربول
وتقديري أن كافة الأطراف لو تعاملت مع الأمر بعقلانية وبدون عنجهية ولا آمال كاذبة أو نعرات فارغة فستراه مشروعا عادلا للكل وملبيا للحاجات الملحة لكافة الأطراف

النقاط الأساسية للمشروع
  1.  التفاوض على المشروع: يعتبر تاريخ قبول مناقشة المشروع من حيث المبدأ هو اليوم (صفر)، ويفوض السيد رئيس الجمهورية مندوبين عنه للتفاوض مع ممثلي القوى الوطنية عليه، وتعقد جلسات مطولة لذلك تنتهي لإقرار صيغة نهائية لمشروع التفاوض في غضون (24) ساعة من بداية الاجتماع الأول 
  2. تشكيل مجلس الثقات: يصدر السيد رئيس الجمهورية أن يصدر قرارا له قوة القانون تأسياسا على المادة رقم () من الدستور المصري، بتشكيل مجلس ثقات وطني يتكون من العناصر المدرجة أسماءها في الملحق (1) والتي تمثل عشرون عضوا من المستقلين وعشرة أعضاء من الأحزاب والجماعات السياسية الفاعلة، وتفوض للمجلس كافة السلطات الدستورية لرئيس الجمهورية، وينص على ذلك قرار التشكيل. ويعد تاريخ قرار التشكيل هو اليوم الأول من تطبيق المصالحة الوطنية ويشار إليه باليوم واحد لاحقا.
  3. استقالة رئيس الجمهورية: يقدم السيد الرئيس استقالته طواعية من كافة مهامه الدستورية كرئيس لجمهورية مصر العربية، بعد تشكيل مجلس الثقات، ويتنازل عن حقه القانوني في الرجوع في استقالته خلال أسبوعين، ثم يغادر البلاد في غضون (12) ساعة بعد الاستقالة لأي بلد صديق يقع عليه اختياره لإقامة مؤقتة لا تقل عن ستة أشهر، تستقر خلالها الأوضاع في مصر، ويكون له بعدها حق العودة للوطن أو الاستمرار في الخارج كأي مواطن مصري كامل الحقوق، مع تعهده –وكافة أفراد أسرته من الدرجتين الأولى والثانية - بعدم ممارسة العمل السياسي في مصر. وبالمقابل يتعهد مجلس الثقات بالحفاظ على أمن الرئيس وأسرته وحقوقه الكاملة كمواطن مصري، ويتنازل المجلس نيابة عن الجماهير عن حق إقامة أية دعاوي قضائية محليا أو دوليا ضد الرئيس وإسقاط أية مسئوليات إدارية أو جنائية ترتبط بفترة رئاسته.
  4. استقالة رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والإعلام: وتقدم الاستقالات لمجلس الثقات الذي يضمن للمستقيلين خروجا آمنا من السلطة، كما يضمن مشروع مصالحة على مستوى قيادات الداخلية يضمن لهم عدم التعرض لعقوبات النفي أو السجن أو الإعدام من جراء مهام قاموا بها خلال تأدية أعمالهم. ويسمي المجلس من بين أعضائه المستقلين قائما بأعمال رئيس مجلس الوزراء يرفع تقاريره للمجلس، قائما بأعمال وزير الدفاع يعاونه المساعدون الحاليون للوزير، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، قائما بأعمال وزير الداخلية يعاونه المساعدون الحاليون للوزير، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، وقائما بأعمال وزير الإعلام ، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء
  5. حل مجلسي الشعب والشورى: يصدر المجلس قرارا في غضون يومين من اليوم (1) بحل مجلسي الشعب والشورى الحاليين بواقع سلطته الدستورية المخولة إليه بالمادة رقم () من الدستور المصري، مع الحفاظ على حق كافة الأعضاء كمواطنين مصريين في إعادة ترشيحهم وعدم إقصائهم سياسيا. 
  6.  التعديلات الدستورية: يكلف المجلس لجنة دستورية من غير أعضائه تتألف من نخب قانونية وسياسية مهمتها إعداد مسودة دستورية في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، وبحد أقصى خلال مدة مائة يوم من اليوم (1)، وتطرح المسودة الدستورية للمناقشة والتعديل على المجلس الرئاسي، ثم تطرح للاستفتاء الشعبي العام في غضون مائة وخمسين يوما من اليوم (1)، لإقرار الدستور المصري المعدل. 
  7. الانتخابات الرئاسية للمرحلة الانتقالية: تعقد انتخابات رئاسية حرة وفقا للضوابط الدستورية المعدلة في غضون مائتي يوم من اليوم (1). ولا يحق لعضو من أعضاء مجلس الثقات ترشيح نفسه للرئاسة في المرحلة الانتقالية ولا بعدها، ويتم انتخاب رئيس للمرحلة الانتقالية يتمتع بالصلاحيات الرئاسية وفقا للدستور المعدل فيما عدا الحق في إعادة الترشيح لمدة رئاسية جديدة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ومدتها عامين من انتخابه رئيسا وتكليفه دستوريا بمهام عمله. وبتولية الرئيس الجديد ينحل مجلس الثقات تلقائيا
  8.  الانتخابات النيابية: يكلف المجلس في غضون 150 يوما من اليوم (1) لجنة من هيئات قضائية للإشراف على انتخابات لمجلس تشريعي جديد يحل محل مجلس الشعب المنحل دستوريا، على أن تبدأ أعمال المجلس الجديد في غضون 320 يوما من اليوم (1). وتتم الانتخابات وفقا لضوابط تضعها اللجنة القضائية ويوافق عليها المجلس الرئاسي/ الرئيس.
  9. مجلس المظالم والمشاكل العاجلة: يكلف مجلس الثقات فور عقده مجلسا من وجوه وطنية وخبرات فنية متنوعة للنظر في القضايا العاجلة والمظالم التي ترفع له خارج الهليكل التنظيمي التقليدي للدولة أو للشكوى بحق أحد المسئولين، وذلك حفاظا على وقت مجلس الثقات للأمور الاستراتيجية فقط. 
  10. لجنة المصالحة الوطنية: يكلف مجلس الثقات فور عقده كذلك لجنة من خمسة من أعضائه لدراسة أية مشكلات تطرأ خلال تسليم السلطة أو تتعلق بتعهدات المجلس للقيادات السابقة
والله من وراء القصد وبالله التوفيق
الله والوطن

البيان الأول – كلمة حب وكلمة عتاب


مشهد لم يره ميدان التحرير منذ عام 1977 رآه أمس وطرب القلب لرؤيته، كل التفاصيل كانت رائعة، سلوك الآلاف المعتصمة في الميدان يعيد إليك حب المصريين والاعتزاز بالانتماء لهم، هذا الحب الذي هزته سنوات الخواء والانفلات، هذا يسقي العطاشى، وذاك يوزع ساندوتشات الفول (ألذ ساندوتش كلته في حياتي)، وهذا يمد يده لرفيق لا يعرفه ببطانية لتقيه برد يناير، بائع الشاي لا يجد فكة فيقرر أن يعزمني على الشاي، شباب يجمعون القمامة من الميدان في أكياس سوداء، حتى العسكري المسكين يمزح معنا بحب (قبل صدور الأوامر بالضرب)، جلسنا على الأرض نغني أغاني الشيخ إمام "شيد قصورك ع المزارع" وغيرها، الرائع الدكتور "علاء الأسواني" بين الناس كما كان دائما، عرفت أن "عمرو واكد" و"جميلة إسماعيل" كانوا هناك كذلك وإن لم أصادفهما، نخب حقيقية ملتحمة بالجماهير

كلمة حب
أما كلمة الحب فهي لكل مصري شارك أمس في هذا اليوم التاريخي، وكلمة شكر شخصي له لأنه شارك في طرب قلبي الذي أدمن الكآبة، ولكل من شارك في تنظيم مسيرة الصباح التي لم تكن أقل روعة، أخص منهم إخوتي الرائعين "تامر" و"ماجد" و"أحمد" ولابنتي العزيزة "مها" التي بح صوتها في قيادة الهتاف معظم اليوم، وأقول لهم: أيها الرائعون .. أحبكم في الله والوطن

البيان وكلمة العتاب
حقيقة لا أعرف من أصدره، وتقديري أنهم شباب أرادوا أن يصدقوا النقل عن الجماهير، لكن الهتافات الجماهيرية لا يمكن صياغتها على حرفها لتصبح بيانا لحركة أو ثورة، وإنما يأت البيان مصدقا لروح الهتاف ووجهته وليس لفظه، وظني أن البيان معبر تماما عن صرعة رفض النخب التي تنتاب شباب التغيير، فلو أنهم عرضوه على واحد من النخب التي كانت موجودة بالفعل بينهم على الأرض مثل "جميلة" أو "الأسواني" أو غيرهما، لاختلف البيان تماما، لكن الموضة السائدة بين الشباب اليوم هي رفض وإقصاء تلك النخب بسبب تصرفات آخرين من النخب الصورية، لهذا جاء البيان معيبا للحد الأقصى، ومن عدة وجوه
  • عندما تطلب تنحي رئيس الجمهورية يجب أن تسمي منصبا (رئيس مجلس نيابي مثلا وهو غير والد في حالتنا)، أو شخصية معارضة (غير وارد كذلك) أو مجلس رئاسي (الأنسب بحالتنا) ليتولى رئاسة السلطة التنفيذية في الدولة خلال مرحلة انتقالية تسبق انتخابات رئاسية حرة
  • طلب تنحية مفاجئة لكافة وزراء الحكومة مرة واحدة مهما كان العور بهم معناه شلل الجهاز الإداري الذي تعيبه المركزية في مصر، فالوزارة لدينا ليست منصب سياسي بل تنفيذي في واقعه، لهذا فالأحرى الاكتفاء بالوزارات السيادية والأمنية وتأجيل تطهير بقية الوزارات لمراحل لاحقة من الإصلاح السياسي بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية
  • لا بأس في طلب حل المجلس التشريعي معيب الشرعية وانتخاب غيره لو اجتنب القصورين السابقين
  • نأتي لنقطة تشكيل حكومة وطنية، من الذي سيشكل وكيف؟ وقد نقضت السلطات التنفيذية والتشريعية بالجملة بدون بدائل؟
  • في النهاية والبداية، طبيعة المطالب وسقفها يجب أن تتناسب مع حجم الحدث، فالمظاهرات والاعتصامات الألفية لا تسقط أنظمة دفعة واحدة ولكن تكسبك أرضا للقتال وخطوة للأمام.
تشكيل مجلس أمناء الدولة والدستور الذي اقترحه "هيكل" منذ 2008، والذي يتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية، ويتخذ القرارات الإصلاحية العاجلة بعد دراستها وصياغتها، ويعمل على تعديل الدستور باستفتاء حر، هو المخرج سياسيا وعمليا، وينبغي أن يكون تشكيله و"تفويض" رئيس الجمهورية صلاحيات منصبه لهذا المجلس هو المطلب الأول والوحيد مرحليا، وبعده يكون لكل حادث حديث. 



لكل ذلك جملة وتفصيلا أقول لشباب التغيير العزيز، الرأس بلا جسد عاجز هذه حقيقة .. ولكن الجسد بلا رأس ضائع .. تلك حقيقة أيضا .. وختاما .. حفظ الله ثورة مصر جذوة لا تنتهي، وجعل مظاهرات الجمعة القادمة نقلة نوعية بطريقها بإذن الله

14.11.10

ليلة العيد


كان صوت كوكب الشرق يعني لكل منا في ذلك الزمن العيد ذاته وهي تقول: يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد، اليوم أسمع الكل يتساءل كل عام دونما ملل أو كلل: أين ذهبت بهجة العيد؟ لماذا صار بلا طعم؟ والإجابة واضحة في وجدان كل منا، لكننا في الغالب لا نريد أن نراها حقا، تعالوا نتذكر سويا ملامح ومسببات البهجة في العيد أيام زمان
  • كانت للعيد بهجة لأن الملابس الجديدة لم تكن أمرا متكررا على مدار العام، ولأن العيدين ودخول المدارس كانت مواسما حصرية للبس الجديد من الثياب، اليوم صار الجديد متاحا دائما، والقضية الهامة هي: هل سيسمح كريم لماما أن تشاركه اختيار ملابسه أن سينفرد بالقرار؟ هل سيصر على الوسط المنخفض للجينز ولا هيحترم نفسه؟
  • كانت للعيد بهجة لأن وفرة العيدية النقدية كانت حدثا لو قارناها بالمصروف اليومي الهزيل، وبالتالي كانت أنواع أغلى من الحلوى واللعب الصغيرة تدخل في نطاق القدرة الشرائية للصغار، فيصبح لوح الشيكولاتا الكورونا ذو البقرة الحلوب على غلافه الأزرق ممكنا، مقابل ذلك اللوح الصغير ذو الغلاف الأحمر في الأيام العادية، وكانت زجاجات االسيكو والسينالكو (ثم الكوكاكولا لاحقا) متاحة في الثلاجة مقابل عصير الليمون في الأيام العادية، كذلك كان شريط اللبان الكور متعدد الألوان بصوره الجذابة متاحا، والأهم من هذا كله المسدس ذو شريط الطلقات "الحبش" إياه لو كنتم تذكروه، اليوم صارت أغلى ألواح الشوكولاتة السويسرية في مقصف المدرسة، والبلاي ستيشن يخلي مكانه لثورة الوي
  • كانت للعيد بهجة لأن كل بيت كان يتخذ زينته - خاصة غرفة الصالون - انتظارا لاستقبال الضيوف الذين لا ينقطعون خلال أيام العيد، والذين يبدأون في التوافد فور العودة من زيارة بيت الجد مساء اليوم الأول، اليوم ومع نظام الريسيبشن المفتوح الغير مناسب لعاداتنا لم تعد الاستضافة في البيت ولكن على المقهى، فضاعت بهجة الضيوف وقهقهة الرجال ونجوى النساء
  • كانت للعيد بهجة لأن التليفزيون على غير العادة كان يذيع أكثر من فيلم عربي كل يوم من أيام العيد الأربعة، صباحا ومساء، ومسرحية في السهرة، في انفتاح درامي غير معهود، اليوم صارت قنوات الدراما خارج المنافسة والمزايدة في كل أيام العام
  • كان السهر ليلة العيد حدثا خارقا للعادة تسمح به الأسرة يومها فقط، اليوم صار السهر أسلوب حياة في الريف والحضر
  • كان إعداد السيارة فيات 124 الحمراء للإبحار .. أعني للسفر والتأكد من المياه والزيوت والإطارات، وتربيط العفشة، وترصيص العجل، وتزييت المشاحم، وتنظيف الرادياتير يستغرق ربع يوم الوقفة استعدادا لمشوار الإسكندرية مرة والقرية مرات عديدة، اليوم السيارات لا تحتاج كثيرا من الإعداد، لكننا في الغالب لا نسافر
لقد فقدنا مباهج العيد البسيطة لأننا حاولنا تحويل كل أيام العام لعيد من خلال وفرة الاستهلاك (للقادرين عليه طبعا) فكانت النتيجة أننا فقدنا بهجة العيد ولم تصبح الأيام العادية أكثر بهجة، ربما كان أفضل دليل على هذا أن البسطاء رغم معاناتهم مازالوا يشعرون ببهجة العيد اليوم

مربعات ابن عروس

9.11.10

الشِدَّة المباركية


جاء في تاريخ الجبرتي ذكر للشدة المباركية، تلك التي حدثت على عهد الخليفة "المبارك بإذن الله"، حين عم الغلاء في البلاد، وشح الزاد وضج العباد، وكان مما جاء في أمرها

حتى كان عام التلبيس السابق على عام التوريث، فعز في بر مصر الطيب وراج فيها الخبيث ، إذ أقصى الخليفة عن ديوانه الحكماء، واستوزر الطواشية والإماء، فكان أن عم البلاد الغلاء، واختفت السلع من سيتي سنتر وسبينيز وكافة الهيبرات، حتى وقف الناس صفوفا وصلت بين كارفور المعادي وكارفور العبور وعدها العارفون بالمئات، واختفت الجالاكسي والليندت من الأسواق حتى أكل العيال الكورونا والبيمبو والدوم وبلح الأمهات، وشحت الأرزاق فعجز الناس عن دفع اشتراك الأوربيت والإيه آر تي وكافة القنوات وتكالبوا على المقاهي لمتابعة الماتشات والمسلسلات، وعم الغلاء حتى صار رغيف الفينواز من مترو بثلاثة جنيهات، وشح عصير الأناناس والفواكه الاستوائية والبينا كولادا حتى عاد الناس لشرب عصير القصب والجوافة، أما الدخان فقد ندر حتى لم يجد المدخنون غير الدانهيل والكنت حين شحت المارلبورو الأبيض والميكس. وخلت ماكينات النقود حتى عاد الناس يقفون على شباك الصرف في البنوك كأنهم في بنك مصر أو البنك الأهلي في سالف الزمان. أما الموبايلات فقد ضعفت الشبكات واضطربت التغطية اضطرابا شديدا، حتى صار دعاء الناس: يا مقلب الأحوال ثبت لنا البث والإرسال، وتعاقبت الأزمات فكثرت الميسدات وقلت المكالمات، وزاد البلاء بالمرض والوباء، فوهن عصب الرجال ولم تجد معهم زرقاء ولا صفراء، وخطف الأرذال الأطفال والأحداث وقتلوهم وباعوا أعضاءهم للأثرياء والوجهاء، والتهبت الأكباد وفشلت الكليات، فضجت بمرضاها المشافي والبيمارستانات، وخرج الناس من الدور للشوارع والأندية وكافة الآوت-دور، داعين الحنان المنان أن ينجيهم من تلك الشرور، ويهدي الخليفة لما فيه صلاح الأمور، فمهما زادت الشرور وكثرت على الأمة عظائم الأمور، تبقى طاعة ولي الأمر واجبة على العبد المأمور

6.11.10

الانتخابات وفن الممكن


منذ سنوات بعيدة سمعت من الأستاذ خالد محيي الدين عبارة حكيمة قال فيها "مشكلة المثقفين في مصر إنهم مثاليين زيادة ومش مرنين بما يكفي، علشان كدة مش عارفين يحققوا الديمقراطية" تذكرت عبارته تلك الآن وأنا أستعد لتناول موضوع انتخابات مجلس الشعب واختلاط نداء المشاركة بنداء المقاطعة، مع احترامي لمصادر الندائين وثقتي في سلامة النوايا على الجانبين، حيث رأيت في الاستمرار في المناداة بالمقاطعة نوعا من المثالية الزائدة التي تتحدث عنها محيي الدين، ومخالفة لقواعد السياسة كفن للممكن تحقيقه وليس لما ينبغي تحقيقه

بين المقاطعة والمشاركة
أشهد شخصيا أن الناشطة الحقوقية والسياسية الأستاذة جميلة إسماعيل قامت باستطلاع رأي مصغر بين بعض المهتمين بالعمل العام من معارفها، (وكنت ضمن هذا البعض) حول اختيارات مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها بترشحها لمقعد الفئات عن دائرة قصر النيل، حدث هذا بعد أن أعلن الوفد وقبله الإخوان وبعدهما التجمع المشاركة في الانتخابات البرلمانية الجارية، وأشهد أن رأيي كان المشاركة بدون تردد، فجدوى المقاطعة تكمن في كشف النظام وفساد العملية الديمقراطية أمام العالم، حين تحجم "كافة" القوى الوطنية الفاعلة عن المشاركة، فلا يخوض الانتخابات غير مرشحي الوطني والمستقلين، فتفسد الطبخة الديمقراطية وتزكم رائحتها أنوف الدنيا كلها، أما حين تقرر تلك القوى الوطنية - لأسباب لا نتفق معهم فيها - أن تشارك، فيصبح إحجام المستقلين من المعارضين والشرفاء بلا جدوى، بل تصبح المقاطعة مهدرة لفرصة وجود أصوات شريفة، تضمن على الأقل ألا يمر توريث السلطة مكللا بصمت الحملان

شارك .. أو قاطع مقاطعة إيجابية
في النهاية أحترم اختيار من يرى مقاطعة انتخابات غابت عنها ضمانات النزاهة، لكن المقاطعة السلبية هي ما فعلناه دائما في الماضي فلم نجن منها قليلا ولا كثيرا، اللهم إلا استفحال التزوير وظواهر أصوات الموتى وتوسيد البطاقات، فلماذا لا نكون أكثر إيجابية سواء شاركنا أو قاطعنا، فتكون خياراتك واحدة من ثلاث
  1. المشاركة بانتخاب أحد الأصوات الشريفة أيا كانت التوجهات والمرجعيات
  2. أبطل صوتك .. فأحد وسائل الاحتجاج المعروفة على أي عملية انتخابية أن تبطل صوتك حتى لا تمكن مسودي البطاقات من استغلاله أولا، وحتى تسجل احتجاجك ومقاطعتك، ويبطل الصوت لو سجلت أي بيانات شخصية على بطاقة الترشيح أو اخترت أكثر من مرشح، بإبطال الصوت تحرم المزورين من استخدامه لصالحهم
  3. أعلن مقاطعتك بإعلان رقم قيدك في الجدول الانتخابي والحرف الأول من اسمك، وموقفك المقاطع للانتخابات، وتأكد من وصول تلك البيانات لأحد المعارضين المرشحين في الانتخابات، وحين يعرف المزيفون بموقفك المعلن لمقاطعتك ستسبب لهم ارتباكا شديدا في تزييف إرادتك، وتفتح بابا للمعارضين للطعن في نتيجة الانتخابات
كن فاعلا .. شارك ولو بالمقاطعة .. وابرأ إلى الله من صمت الخراف

الهلال والصليب .. عناق أم شقاق؟


نعترف أمام الله الواحد يا مصر أننا تهاونا في أمر النسيج الوطني تهاونا خطيرا، نعترف أمامه تعالى مسلمون ومسيحيون أننا استعضنا عن الحلم الوطني الضائع بانتماءات طائفية زادت الحلم ضياعا، ونعترف أن الهلال والصليب يتعانقان في الشعارات والصور وبينهما شقاق صار داميا في واقعنا اليومي، نعترف أننا شاركنا في صناعة الشقاق بالكلام حينا وبالصمت أحيانا، وكفى بالمرء إثما أن يلق احتراق الوطن بصمت الموتى

في كتابنا وجع الدماغ تناولنا طرحا قدمه القيادي في الحزب الوطني وضابط الشرطة السابق الدكتور "نبيل لوقا بباوي" لمعالجة المشكلة الطائفية، وبينا ما فيه من عور يكرس الطائفية ولا يقاومها، ثم طرحنا خطة من عشر نقاط إجرائية يعقبها طرح وطني لمواجهة جذرية لمشكلة الطائفية التي غرست في العقود الأربعة الأخيرة التي مثلت عصر الانحطاط المصري المعاصر في كل الأصعدة، وها نحن نعيد نشرها إثر تعليق مهموم بالوطن للناشطة المناضلة ومرشحة مجلس الشعب المستقلة الأستاذة "جميلة إسماعيل" دعت فيه لسرعة طرح الأمر بمنتهى الجدية التي يقتضيها

الوصايا العشر من أجل نسيج وطني جديد
  1. تأسيس هيئة الأبنية الدينية، وتؤسس كهيئة مدنية تابعة لوزارة الأوقاف والتكافل التالي ذكرها، وتتألف من خبراء مؤهلين في الإحصاء والعلوم الاجتماعية، ومهمتها متابعة ورعاية وصيانة دور العبادة القائمة من مساجد وكنائس، ومراقبة كفايتها لتعداد السكان من الدينين في كل منطقة، وتبسط هذه الهيئة سلطتها على جميع مساجد وكنائس مصر إداريا ودون تدخل في الشؤون الروحية، ولها الحق الحصري في اتخاذ قرارات بناء المساجد والكنائس وتنفيذها وفقاً للاحتياج، وعلى من يرغب المساهمة في بناء مسجد أو كنيسة التبرع لهذه الهيئة، أما الإشراف الديني على المساجد فيكون للجان من علماء الأزهر كما يكون الإشراف الروحي على الكنائس للكهنوت الخاص بكل طائفة، وعلى رأسها الكرازة المرقسية. وغني عن القول أن تأسيس تلك الهيئة سيكون تاليا لإبطال العمل بالقانون التركي (هاتي هومايون) الخاص بمعاملة الأقليات والشهير بالخط الهمايوني، والذي مازال ساريا لليوم منذ زمن "سليم الفاتح" العثماني
  2. تقنين الهامش الإعلامي الديني، ويقتصر في القنوات العامة المصرية على إذاعة مواقيت الصلوات الخمس والأذان ومواقيت الصلوات المسيحية، على أن تخصص قناتان للبرامج الدينية الإسلامية والمسيحية كل على حدة، مع مراعاة تخصيص وقت مناسب للمذاهب المختلفة لكل دين في برامج القناة الخاصة به
  3. إنشاء وزارة التكافل الاجتماعي والأوقاف، والتي تتكون بضم وزارات الأوقاف والتضامن الاجتماعي، على أن تكون وزارة مدنية يتكون هيكلها من كوادر مالية وإدارية، وتبسط سلطاتها على جميع الأوقاف المصرية إسلامية ومسيحية وعلى صناديق النذور والعشور في المساجد والكنائس والأديرة، وتلتزم برواتب العاملين بالإشراف الديني من الوعاظ ورجال الكهنوت، وتمويل الأديرة، كما تتحول لملكية الدولة وتضم تحت هذه الوزارة جميع المدارس والمستشفيات والمنشآت الخيرية ذات الصبغة الدينية، وتخصص هذه الأصول كلها لأعمال التكافل الصحي والتعليمي للطبقات غير القادرة من المصريين عامة، وكذلك لبناء المساجد والكنائس عند الحاجة من خلال الهيئة سالفة الذكر
  4. إقرار تعداد السكان ونسبة الأقباط الحقيقية، وسبب حساسية الدولة من إعلان العدد الحقيقي للأقباط كان دائما الخوف من المطالبة بنسب تمثيل في البرلمان والمؤسسات المختلفة وفقا لنسبتهم من التعداد السكاني العام. وهو خوف مفهوم في ظل مجتمع الانتماء الديني والتعصب، لكن مع إرساء مبدأ مدنية الدولة لن يصبح لهذا الخوف معنى، حيث لن تمثل المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية أتباعهما إلا روحيا، وبغير تسييس لدور الأزهر أو الكنيسة على السواء
  5. مبدأ تكافؤ فرص التعيين والترقي، وهنا نرى أن الكفاءة المهنية هي المعيار الوحيد للتعيين في مختلف الوظائف، ويفصل قانون العمل واللوائح الداخلية لكل مؤسسة معايير التوظيف في القطاعين العام والخاص، على أن يخصص بند في القانون الجنائي لتطبيق عقوبة على من يثبت بحقه التمييز ضد مواطن مصري على أساس ديني في التوظيف أو الترقي، فحتى القطاع الخاص لا يجب تركه ليتحول لمنشآت طائفية كما هو الحال اليوم
  6. الأساس المدني للتمثيل البرلماني، فالديمقراطية والانتخاب هما المعيار السليم للتمثيل النيابي، ويتعين إلغاء مقاعد التعيين التي تغازل بها الدولة الأقباط، فلو أراد الناخبون مرشحا فلهم من أرادوه، وتقع على عاتق المرشح وحده مسؤولية إقناع ناخبيه بصلاحيته وأهليته لتمثيلهم بغض النظر عن دينه، والحالات المتكررة التي انتخب فيها قبطي في دوائر غالبيتها مسلمة والعكس هي دليلنا على إمكانية هذا التطبيق المدني للديمقراطية بعيدا عن الطوائف
  7. تعديل المادة الثانية من الدستور، بحيث تشير للدينين الرئيسيين بأنهما المرجعية الروحية لغالبية المصريين، بدون النص على دين للدولة نفسها، فالدستور يوضع ليحدد علاقات دول مدنية ببعضها البعض وبالأفراد في كل منها، ولا يجوز وصف الدولة بالتدين بدين معين، ولطالما كانت هذه المادة منفذا لملاك الحقيقة المطلقة من المتطرفين لمحاولة الهيمنة على الأفكار والإبداع
  8. تدريس التاريخ القبطي، فمن حقنا جميعاً وليس حق الأقباط فقط أن تضاف حقبة تبلغ 600 عام من تاريخ بلادنا إلى مناهجنا التعليمية، فليس من حق أحد أن يطمس أو يبرز في ذاكرة الشعوب، وقد يظهر جدل على ما يدرج في المناهج حول الفتح العربي، أو حول مرحلة التحول من الديانة المصرية القديمة للمسيحية، وأعتقد أن الاعتماد على مراجع معتدلة من التراثين الإسلامي والمسيحي كتاريخ "ابن الأثير" ومخطوطات "يوحنا النقيوسي" سيكون مفيدا في عرض صورة حيادية لا تبالغ في رصد فظائع ولا تبالغ كذلك في تصورات طوباوية غير حقيقية. وفي النهاية، التاريخ هو علم طلب الحقيقة كما وقعت لا كما نريدها أن تكون، هذا ما يجب أن نعيه ونعلمه لأولادنا
  9. التسامي بالخطاب الديني الإسلامي والمسيحي، ونرى وجوب قصره على المساجد والكنائس والقنوات المتخصصة حرصا على تجنب سماع مواطن ما يجرح مشاعره الدينية، كما تنشأ بكل مدرسة قاعتان لتدريس الدينين الإسلامي والمسيحي، على أن تقتصر المناهج الدينية على مواضيع لا تحمل قضايا خلافية بين مذاهب الدين الواحد
  10. الحزم الأمني للعنف الطائفي، وهو قاعدة عامة لكل أمة تريد تحقيق السلام في ربوعها، فعليها أن تتعامل بمنتهى الحزم والردع مع من يتخذ من العنف وسيلة للتمكين لأهداف سياسية أو طائفية
المشروع القومي الجامع
أعتقد أن تلك التدابير العشرة التي يتكون منها طرحنا كفيلة مع الوقت للقضاء على الشحن الطائفي، ثم يتحقق التجانس الوطني من خلال مشروع قومي جامع لكل المصريين، مثل مشروع التحرر الوطني منذ العشرينات وحتى الخمسينات، ومشروع السد العالي في الستينات، ثم الصراع العربي الصهيوني في الستينات والسبعينات. فتلك المشاريع الوطنية هي ما يربي شعور الانتماء للوطن، وغيابها يضعف هذا الانتماء لصالح انتماءات طائفية تفرق ولا تجمع، وأولى المشاريع الوطنية اليوم هو مشروع الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية الزراعية والصناعية والسياحية

والله من وراء القصد وبالله التوفيق

28.10.10

الحرب النفسية ضد المصريين


تعرضت مصر في مرحلة الانحطاط المعاصرة والممتدة منذ 1974م ولليوم لعدة حملات من الحرب النفسية شنتها جهات متعددة ولأهداف متعددة، ذكرني بهذا الأمر حوار مع أستاذي الدكتور يوسف زيدان عن الإعلام الموجه ودوره في الستينات، والذي أرى أنه كان يخدم هدفا وطنيا في ظل نظام شمولي وطني، أما المراحل التالية فظل الإعلام فيها موجها، ولكن تغيرت وجهته لخدمة الخصم

ما هي الحرب النفسية؟
هي مجموعة جهود مخططة ومنسقة للتأثير على مجموعة من الناس، وإحداث تغيير مطلوب في منظومة القيم، أو المعتقدات، أو السلوك أو المنطق لتلك المجموعة، بحيث تتبنى سلوكيات من شأنها أن تسهل هدفا أو أكثر للجهة التي تشن الحرب النفسية، وفي حالة مصر تعددت الجهات صاحبة المصلحة التي شنت الحملة تلو الحملة على العقل الجمعي للمصريين كما سيأتي تفصيله، ولكن الهدف كان مشتركا بينها، وهو هدم الشخصية المصرية الفاعلة والتي تكونت منذ بدأ محمد علي مشروعه التنويري وتبلورت مع بدايات القرن العشرين والطفرة التعليمية ووصلت لذروتها مع المشروع الوطني والقومي الناصري، لأن هدم هذا النموذج الفاعل لصالح نموذج المصري السلبي الاستهلاكي الخنوع هو ما يضمن مصالح تلك الجهات الداخلية والخارجية، وقد مرت الحرب النفسية في مصر بعدة مراحل

مراحل الحرب النفسية ضد المصريين
  1. المرحلة العشوائية من 1974-1978م وثقافة الاستسلام، وقام بها نظام السادات بمشورة ومساعدة أمريكية، واعتمدت على وسائل أولية هي إعلام الدولة والخطاب الديني الرسمي وبعض الدعم من الصحافة الأمريكية التي كافئت السادات بترويج نظامه دوليا، وانهالت خلال تلك المرحلة وعود الرخاء المقترنة بالسلام على المواطن المصري المطحون (الذي أمضى بعض شبابه قرابة العشرة أعوام على الجبهة) وكانت المبالغات بلا حدود، سيارة صغيرة لكل شاب، وعقد عمل في الخليج لكل فلاح وكل عامل، والمعونة الأمريكية التي ستحول المستشفيات والمدارس المصرية لمستوى قريناتها في كاليفورنيا، إلى آخر أوهام الرخاء، ووقف رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة ليقول "تعبنا وعايزين نرتاح بقى ونشوف لنا يومين"، وانتهت تلك المرحلة بوقائع الغلاء الأليمة المؤدية لأحداث 18 و19 يناير، والتي بددت أوهام سيارة وعلبة كومبوت وبرطمان مايونيز لكل مواطن بحقيقة الجوع الكافر مع ارتفاع أسعار القوت الضروي وسيجارة الكليوباترا والشاي الأسود
  2. مرحلة "نادي السفاري" من 1976 1982م والردة الاشتراكية، وقام بها تحالف رسمي وموثق (كان سريا قبل الكشف عنه بحكم قانون حرية المعلومات) بين أجهزة المخابرات في كل من مصر والولايات المتحدة والسعودية وفرنسا (في عهد جيسكار ديستان) والمغرب وإيران (في عهد الشاه)، بالتعاون مع جماعات أصولية دينية، وفقا لفكرة شيطانية واتت برلماني يميني فرنسي عتيد، تتلخص في مواجهة اليسار بالأصولية الإسلامية، وكانت الجماعات المختارة هي الإخوان المسلمين في مصر، وأسرة آل الشيخ المسيطرة على هيئة الأمر بالمعروف في العربية السعودية، وجماعة أنصار الإسلام في إيران، وكان مركز العمليات في باريس، ونطاقها ممتد من أفغانستان لمصر وأفريقيا. واسم نادي السفاري كان الاسم الكودي لهذه التوأمة المخابراتية، وفي إطارها تم دعم مباشر وغير مباشر لحملات صحفية تشوه التاريخ وتضلل الرأي العام وتشنع على القطاع العام، ولمجموعة كتب لكتاب متعاونين مع السفاري في مقدمتهم أنيس منصور وعبد العظيم رمضان، ولبعض أفلام سينمائية لم يتوفر لدينا أمثلة لها
  3. المرحلة التبادلية (الطموح الاستهلاكي/ الارهاب الأمني) من 1993 وحتى اليوم، وقام بها النظام المصري الحالي منفردا، بعد نهاية شهر العسل مع الإخوان، واستمرت في دعم قيم الاستهلاك، مضافا إليها تضاعف البطش الأمني والذي كان مبررا بالإرهاب في التسعينات مع انفلات الجماعات الأصولية التي فرخها النظام، واستمر دون تبرير حتى اليوم في مواجهة الحراك الوطني السلمي، والذي صار سلميا من جانب واحد هو الناشطين، وعنيفا من جهة الأمن، وهي المرحلة التي تم خلالها التطبيل والتصفيق لسقوط المعسكر الشرقي في أوروبا، وكأنه لم يكن حليفنا ومصدر سلاحنا في مقابل أمريكا والكيان الصهيوني، أما قنوات تلك المرحلة الراهنة وسماتها فنتناولها بقدر من التفصيل
المرحلة التبادلية .. القنوات والوسائل
  • الإعلام الرسمي على القنوات التليفزيونية الحكومية والجرائد الرسمية، الأهرام والأخبار والجمهورية والمساء وروز اليوسف، وقبلها مايو وأكتوبر
  • الجرائد شبه المعارضة مثل المصري اليوم والأسبوع، والتي تروج نفس قيم الجريدة الحكومية ولكن بغطاء سطحي من المعارضة، وبصورة غير مباشرة، مع الهاء القاريء بقضايا فرعية للرأي العام، لا تنتهي إحداها حتى يتم طرح أخرى
  • امتلاك عناصر اليمين المتطرف من رجال المال والأعمال الخليجيين والمصريين لمعظم الفضائيات ومن ثم دعم قيم السوق والسلوك الاستهلاكي من خلالها بطبيعة الحال ودون الحاجة لتخطيط مسبق، ودون أدنى محاولة من الدولة لرفع وجودها الإعلامي
  • الدراما التليفزيونية والسينمائية وأشهرها فوازير رمضان في الماضي، والتي جمعت في ابهارها وفي جوائزها ورعاتها معظم سمات وقيم المرحلة
المرحلة التبادلية .. الرسالة والمضمون
قلنا أن الحرب النفسية تستهدف تغييرا في كل من (1) القيم، (2) العقيدة، (3) السلوك، فكيف تم هذا في حالتنا في مصر؟

القيم: قيم السوق بدلا من قيم الكفاية والعدل

  • منطق الثراء المادي بغض النظر عن الوسائل كمعيار اجتماعي يكاد يكون وحيدا للنجاح والتميز، ليحل محل قيم العلم والمستوى الاحترافي والمركز الوظيفي وغيرها من المعايير الاجتماعية
  • منطق الصراع والتنافس الغير مقيد ببعد إنساني، والذي يتحول من معركة تميز لمعركة بقاء للأقدر، ليحل محل قيم التعاون والشراكة والتقارب الاجتماعي والجيرة والعائلة
  • الذاتية المفرطة لتحل محل قيم التضحية والفداء
  • التنفير من الادخار بتقزيم العائد على المدخرات تدريجيا، وتيسير القروض الشخصية في المقابل، لدعم قيم البذخ الاستهلاكي لتحل محل قيمة الادخار الوطني والتنمية
العقيدة: التدين الوهابي بدلا من التدين الثوري والإصلاحي (عبر الدكتور علاء الأسواني عن تلك المعاني تفصيلا في مقاله عن التدين البديل) و
  • بروز منطق الحفاظ على الذات من المهالك وخفض نبرة الفداء والشهادة في الخطاب الديني المعاصر
  • التركيز على فروض الدعم الروحي كالصلاة والصوم والحج وتركيز أقل على فروض البر القائمة على بذل المال والنفس كالزكاة والصدقات والنضال والقتال في سبيل الله والشهادة
  • ترويج مفهوم ديني مغلوط مقتضاه عدم مسئولية الفرد عن أفعاله طالما فعلها في ظل فتوى إباحة، والحقيقة أن القرآن والحديث نص على المسئولية الفردية لجميع التصرفات في أكثر من موضع
السلوك: المخدرات، الجنس، وأشياء أخرى
  • فك الارتباط بين قيمة الرجولة ومواقف الرجل، وخلق حالة من الرضا العام عن الخنوع والسلبية والجبن كصفات مقبولة ضمنا في الرجل من خلال الإعلام الموجه في الوجهة المضادة لوجهة الستينات النضالية، وترتب عليه كل ما نراه من سلوكيات متدنية للرجال في مجتمعنا انتهت بالرجل عاجزا عن دوره كأب وزوج
  • ترتب على تشوهات الرجل النفسية والناجمة عن قهره وهزيمته الداخلية تشوهات مقابلة في سلوك المرأة والزوجة والأم
  • التوافر الكبير للمخدرات بكافة أنواعها في السوق المحلية وكأنها مسموح بتداولها، ودون احتياطات كبيرة ولا تعتيم كما كان الحال في الماضي القريب
  • ترويج الإباحية الجنسية في جانب من المجتمع وترويج الأشكال المستحدثة للزواج في جانب مقابل أكثر تمسكا نوعيا بالعقيدة، ليظهر الزواج السياحي وزواج المتعة والمسيار وغيرها، وكأننا لسنا مسلمين منذ أربعة عشر قرنا بنوع واحد من الزواج لم نعرف غيره سوى في الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة
  • البطالة الاختيارية التي يرفض فيها بعض شباب الطبقة الوسطى أعمالا تقتضي جهدا كبيرا بسبب تسفيه قيمة العمل واعتباره مصدرا للدخل وليس قيمة في ذاته
والآن .. إلى أين قادتنا الحرب النفسية التي شنها أعداء الخارج وخونة الداخل علينا؟ إلى عصر الانحطاط المصري الخامس والمعاصر

15.10.10

ثورة على تويتر


لماذا لن تقوم ثورة الكترونية
(مترجم بتصرف عن مقال التغيير الطفيف لمالكوم جلادويل بمجلة نيويوركر-عدد 4 أكتوبر 2010م)

(1)
الطاولة للبيض فقط

في الرابعة والنصف من مساء يوم الإثنين أول فبراير عام 1960م، دخل أربعة أصدقاء من طلاب الجامعة السود إلى أحد مقاهي جرينسبورو بولاية كارولينا الشمالية، وجلسوا على أحد الطاولات وطلب أحدهم فنجانا من القهوة لتجيبه النادلة: نحن لا نقدم خدماتنا للزنوج على هذه المناضد، ثم أشارت لركن بعيد حيث يوجد بار خصص لتقديم الطعام والشراب للعملاء من السود وهم وقوف، لم يكد الشاب يجيب النادلة حتى كانت أخرى سوداء أكبر سنا تتقدم منه وهي تقول بلهجة ناصحة لم تخل من عنف "أنتم تتصرفون بحمق". كان واضحا أن الشباب الأربعة قرروا أن يواجهوا العنصرية المقيتة، فاستمروا في مكانهم حتى إغلاق المقهى، وعادوا في اليوم التالي مع زملاء لهم من الجامعة، سبعة وعشرين شابا وأربعة فتيات من السود، واحتلوا طاولات المقهى العنصري المخصصة للبيض من الصباح للمساء، وفي صباح الأربعاء ارتفع العدد إلى 80 طالب من الجامعات والمدارس الثانوية، ثم زاد إلى 300 يوم الخميس، منهم سيدتان من البيض، وفي يوم السبت التالي قفز العدد إلى 600 في المقهى وخارجه، وانتشرت فكرة الاعتصام وشرع طلاب من السود وبعض البيض في تنفيذها في مدن مجاورة، ثم تجاوز الأمر حدود الولاية، ولم تمر أسابيع ثلاثة حتى كان قرابة السبعين ألف طالب يشاركون في الاعتصامات في كافة ولايات الجنوب الأمريكي، وواجه الثائرون قمعا بوليسيا اعتقل خلاله الآلاف، وترددت أخبار عن التخلص من عدد كبير بالقتل من قبل متطرفين بيض مسلحين، لكن الثورة كانت كحمى لا تهدأ، حدث هذا بغير بريد الكتروني ولا فيسبوك ولا تويتر

(2)
ثوار أونلاين

في ربيع 2009 تظاهر عشرة آلاف مواطن في مولدوفا ضد حكومتهم فيما عرف بثورة التويتر، حيث استخدمه المتظاهرون في التواصل والاتفاق على مكان وزمان الحشد، وفي طهران في نفس العام قامت مظاهرات طلابية عقب إعادة انتخاب أحمدي نجاد، وطلبت الخارجية الأمريكية من إدارة موقع تويتر تأجيل صيانة مخططة للموقع حتى لا يحرم ثوار طهران من آلية التواصل عبره، والسؤال هنا، هل كانت تلك الآلاف العشرة ممثلة حقا لجماهير مولدوفا؟ هل كان نشطاء الانترنت والمبشرون الرقميون بالديمقراطية ممثلين لشعب إيران؟ أم أن استسهال الصحف الغربية نقل أخبار الأحداث والآراء من عبارات التويتر ضخم الظاهرة ومنحها حجما زائفا؟ وفي كل الأحوال، ما الذي يدفع ناشطا إيرانيا يكتب عن التغيير في إيران ليدون باللغة الإنجليزية لا الفارسية؟ وما الفارق بين ما فعله الشباب السود في ستينات القرن الماضي في حركة الحقوق المدنية وما يفعله شباب العالم الثالث اليوم على الفيسبوك والتويتر؟ ما الفارق بين ناشطي الأرض وناشطي الانترنت؟
الرفاق والثورة
لقد واجه النشطاء الأربعة الأوائل في ذلك المقهى خطرا حقيقيا، فقد تدخل البوليس أحيانا برجال بيض متحفزين لكسر عنقهم، وظهر متطرفون من جماعة كوكلكس كلان العنصرية في مسرح الأحداث، ووصل الأمر لدس قنبلة والتحذير من انفجارها مما أدى لإخلاء فوري في أحد الأيام، لم تكن الثورة فسحة لطيفة إذن، ولم يقتصر الأمر على التهديد، فقد قتل ثلاثة ناشطين من حركة "صيف الحرية" في مسيسبي وأحرقت عشرات من كنائس السود ومنازلهم، وطارد المتطرفون البيض المسلحون ناشطي الثورة في الشوارع واعتدوا عليهم وقتلوا منهم عددا كبيرا، لهذا لم يستمر كل من بدأ حركة صيف الحرية وآثر البعض السلامة، فماذا دفع البعض للاستمرار في المواجهة والبعض للفرار؟ هذا سؤال حاول عالم الاجتماع الأمريكي دو ماك-آدم دراسته والرد عليه فكانت الإجابة هي الروابط الإنسانية، فالكل كان مشتركا في الدافع، لكن من كانت لهم علاقات وطيدة بناشطين فاعلين كانوا أكثر استمرارية ممن كانوا وحيدين في الحراك التحرري، وما ساعد طلاب كارولينا كانت علاقتهم الوطيدة ببعضهم كزملاء دراسة، مما جعل من العار على أحدهم أن ينسحب تاركا رفاقه في المعركة ضد سطوة البيض، ووجود الرفاق حوله بنفس الوقت يشجعه على المضي قدما ويؤنسه في مواجهة القمع والتضحيات

نشطاء بلا تضحيات
الحملات الإلكترونية على النقيض مما ذكرناه، لا تقوم على الروابط الإنسانية القوية، ولكن على شبكات المعارف الواسعة، وهي تنجح كلما كان المطلوب ممن يشارك فيها بسيطا ولا يكلفه شيئا من مال أو جهد أو حتى وقت، فالدعوات التي نجحت في ضم عدد كبير من الداعمين لها على الفيسبوك وغيره من شبكات الميديا الاجتماعية كان العامل المشترك بينها أنها لا تطلب منك الكثير، وسيلة ظريفة لتشعر أنك ناشط وتربت على ضميرك الإنساني مثلا بأنك تدعم الإنسانية في دارفور من خلال التبرع ببضعة سنتات، وكلما كان ما تطلبه الحملة أقل كلما كان الأتباع أكثر، فحملة إنقاذ دارفور التي تبرع أعضاءها بمتوسط 9 سنت وصل عدد الأعضاء فيها 1,282,339 عضوا، وشبكة شبيهة لدعم دارفور تبرع أعضاءها بمتوسط 15 سنتا لم يتجاوز عدد الأعضاء الألفين، بينما نجحت حملة للتبرع بنخاع العظام لمريض أمريكي اسمه سمير بحاتيا، أطلقها صديق له، والنجاح النسبي هنا مرجعه لأن الحملة لم تطلب الكثير في البداية، كانت فقط تقتضي تسجيل بيانات المتطوع وتقديم مسحة من اللعاب، وهكذا نتج من الحملة بنك معلومات عن متبرعي نخاع العظام، وحصل سمير على النخاع الذي ينقذ حياته. وكاتب الدراسة يدفع بأن الحملات والدعوات التي قد تعرض المشاركين لأي خطر أو تضحيات ملموسة تكون عادة محدودة الفرص في النجاح في العالم الافتراضي، وليس بإمكان أحد أن يتنبأ كم نسبة من سيقبلون عند الحاجة التبرع بنخاع العظام من بين "متبرعي اللعاب" المسجلين

تيارات التغيير وتسلسل القيادة
يرصد الكاتب هيراركي حركة الحقوق المدنية في الستينات والسلطة المعنوية الضخمة لمارتن لوثر كنج مثلا، والقيادات الفرعية التي حددتها الحركة والتحركات التي كانت منضبطة بشكل شبه عسكري، والروابط القوية القريبة من رابطة الدم التي كانت بين أعضائها (وهنا نعود لفكرة الأخويات التي تحدثنا عنها سابقا)، ويقارن هذا بحالة نشطاء الفيسبوك مثلا، والذين ينتظمون في شبكات لا مركزية ولا وجود فيها لأوامر ولا انضباط، ولأن الشبكات لا تشكل الزاما على أحد، يكاد يستحيل فيها وضع أهداف والاتفاق على استراتيجيات، بل تحدث الحركة بمشاعر القطيع، فمن المستحيل أن تصل لاستراتيجية خلاقة عندما يكون لكل فرد في المجموعة صوت مساو للآخرين بدون قيادة ولا درجات هيراركي واضحة، ومادام المطلوب هو تغيير منهجي فلابد أن يكون الحراك منهجيا، أما شبكات الناشطين اللامركزية فيمكن أن يكون لها دور تنويري مؤثر، أو دور في نشر الوعي الصحي والاجتماعي مثلا، فهي جوانب لا تقتضي وجود روابط قوية بين المشاركين فيها، ولا أن يعرف بعضهم بعضا بالأساس، فالرابط بينهم هو الإيمان بالفكرة، وكل المطلوب منهم أن ينضموا لمجموعة مثلا ليشكلوا معا عددا مؤثرا على الميديا والرأي العام يدفعه للاهتمام بالأمر

الخلاصة في كلمتين
  • الفيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية تقوم على الروابط الضعيفة التي تجمع بيننا فيها المعلومة المتاحة، بدون روابط قوية تعيننا على الثبات في مواجهة الخطر، لهذا تصلح للتنوير وليس للتغيير
  • تسهل تلك الشبكات على الناشط أن يعبر عن رأيه وموقفه، لكنها لا تضمن لهذا التعبير أي أثر ملموس في تغيير أي شيء
  • نجاح أي حملة أو دعوة على الإنترنت يعتمد على مدى ما يتطلبه الانضمام إليها من تضحية بالجهد أو الوقت أو المال، واللا-تضحية تضمن الانتشار بلا حدود
  • التغيير المنهجي يحتاج لتيار منظم كتيار الحقوق المدنية في أمريكا الستينات، وسلطة أدبية أو روحية للقيادة تعوض غياب السلطة الفعلية لتحريك الجماهير وضمان التزام الأفراد
(ترجم المقال بناء على دعوة من الصديقة سكوت هنصوت، شكرا لها على لفت نظري للمقال الرائع في النيويوركر) و

12.10.10

أرجوك أعطني هذا الدواء


كان الراحل الكبير إحسان عبد القدوس مبدعا في تسمية رواياته وقصصه، لهذا تستدعي كثير من المواقف والأخبار عنوانا من هنا أوهناك لذهني، وعادة ما يكون العنوان أقوى من أي تعليق على الخبر أو الشخص أو الواقعة، ولنرى معا

  • الفنانة القديرة سميرة أحمد تنضم لحزب الوفد .. خسارة يا أميرة عابدين: وسقطت في بحر العسل
  • السيد البدوي يبيع حصته في جريدة الدستور ويستقيل من رئاسة مجلس الإدارة: لم يكن أبدا لها
  • تصريحات رضا إدوارد والمؤتمر الصحفي للسيد البدوي: علبة من صفيح صديء
  • أحمد فؤاد نجم يستقيل من الوفد تضامنا مع صحفيي الدستور .. عود حميد يا عم أحمد يا نجم: آسف لم أعد أستطيع
  • منى الشاذلي التي كانت رائعة وتغيرت مؤخرا يوما بعد يوم: "صارت" صعبة ومغرورة
  • نجوى إبراهيم تنضم لحزب الوفد الجديد بعد اجتماع مع السيد البدوي: وعاشت بين أصابعه
  • إجلال رأفت تستقيل من الهيئة العليا للوفد احتجاجا على تخريب الدستور: أنا حرة
  • أنيس منصور يتحدث عن "مبارك القادر على حمل مسئولية مستقبلنا كما حمل مسئولية ماضينا" .. إنت تاني يا أنيس؟: الرصاصة لا تزال في جيبي
  • حسين فهمي يتحدث عن الثورة: لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص
  • جيلي من مواليد مطلع السبعينات في مصر: أين عمري؟
  • تصريحات السيد حسن نصر الله الأخيرة بشأن تجاوزات محكمة أولمرت: في بيتنا رجل
  • تطاول محمد البرادعي على الزعيم جمال عبد الناصر وخرافة والده مصطفى البرادعي المعارض لنظام عبد الناصر: رائحة الورد وأنف لا تشم
  • نواب العلاج بغير حق على نفقة الدولة ستة من الحزب الوطني وستة من الإخوان: يا عزيزي كلنا لصوص
  • دول حوض النيل تعارض حصة مصر في مياه النيل ومصر تفشل في احتواء الموقف: ومضت أيام اللؤلؤ
  • المعارضون على حرف مصطفى بكري، مجدي الجلاد، وعادل حمودة: خيوط في مسرح العرائس
  • المراهقة السياسية في برنامج الإخوان المسلمين لانتخابات مجلس الشعب: الطريق المسدود
  • النهاية المتوقعة في ظل العنف الأمني المتصاعد في مواجهة حراك التغيير: ثقوب في الثوب الأسود
  • أحداث كاميليا شحاته وشحن طائفي مقابل لا مبالاة وطنية وقومية: الهزيمة كان اسمها .. كاميليا
  • الجمهورين يتعهدون بإجهاض أجندة أوباما بمكاسبها الاجتماعية: لا تطفيء الشمس
  • أقلام علاء الأسواني، جلال أمين، ومحمد حسنين هيكل، وأصواتهم الراصدة للآمال والآلام: دمي ودموعي وابتساماتي
  • أسرة السادات ومحاولات يائسة لتجميل الوجه القبيح: حتى لا يطير الدخان
  • مفهوم السيدة الأولى الغير قانوني والغير دستوري في مصر: زوجات ضائعات
  • تصدير الخادمات المصريات للخليج العربي: سيدة في خدمتك
  • صفقات الأحزاب والإخوان مع الوطني في انتخابات مجلس الشعب: أرجوك أعطني هذا الدواء

6.10.10

الفارس والشهبندر

يربطني الكثير بفارس المعارضة الأستاذ إبراهيم عيسى دون علاقة شخصية، تربطني به حالة التوحد وعدم الانتماء لأي فصيل سياسي أو فكري، وصحبة الحق ولو لم يترك له الحق صاحبا، وتربطني به قراءة للتاريخ تكاد تتطابق مع قراءتي له واهتمام بحقب تاريخية بعينها هي نفس التي أهتم بها، وفهم عقائدي وقيمي يطابق فهمي، وانحياز للبسطاء والمهمشين يفوق انحيازي، ولون حاد واضح لا يحتمل التمييع في رأي ولا موقف، لكل هذا كان خبر إقالة السيد البدوي شحاتة، رئيس مجلس إدارة الدستور ومالكه الجديد للفارس المنفرد غصة في حلقي، ولكنه لم يدهشني على الإطلاق، فهي نهاية طبيعية لتسلسل الأحداث على الساحة السياسية مؤخرا، ولعلاقة لا يمكن أن تستمر بين الفارس والشهبندر، أو بين قراب السيف وحشو القفطان

رجل من زمن المسخ
عرفت الدكتور سيد البدوي شحاتة بحكم نشأتي في طنطا وبحكم تجربتي القصيرة (والحمد لله) مع الوفد، وأشهد أنه رجل ذكي، ذلك النوع من الذكاء الذي لا يقيده شيء، فهو رجل كل العصور في زمن المسخ الذي نعيشه، فهو الصيدلي حين كانت الصيدلية مشروعا مجزيا في الثمانينات، ثم صاحب شركة الصرافة قبل تعويم الجنيه حين كانت الصرافة كنز لا يفنى في التسعينات، ثم مؤسس شركة الأدوية حين اختنقت شركات القطاع العام الدوائية في الألفية الثالثة وتركت ملعبا كبيرا فارغا سواء في مصر أو في أفريقيا، ثم هو رجل الفضائيات في زمن الفضائيات والفضائيين، وكل هذا لا يعيبه، وإنما يلقي بالظلال عليه أنه كان عبر تلك المراحل صديقا حميما للسلطة ورموزها من المحافظين فصاعدا، وهذا برغم صفته كمعارض وعضو الهيئة العليا للوفد قبل أن يكون رئيسه، ذلك أنه معارض يحفظ قواعد اللعبة عن ظهر قلب، لكل هذا، حين قرأت خبر شرائه لمعظم أسهم جريدة الدستور وضعت احتمالا من اثنين لدافعه لشرائها
  1. استغلال أرضية الدستور الجماهيرية في الدعاية لنفسه وحزبه وأعماله، مع الاحتفاظ بقياداتها وتوجهها المعارض العنيف حتى يحتفظ بثقة تلك الجماهير
  2. تقديم عربون محبة للنظام بتدجين الدستور، ولما كان احتمال تدجينها وإبراهيم عيسى يرأس تحريرها مستحيلا، كان الأقرب هنا هو الإطاحة بالفارس القوي قبل تحويلها لحظيرة دجاج حكومية بلافتة معارضة مثل المصري اليوم والأسبوع، وقد كان رغم تصريحاته بالأمس القريب بألا مساس بعيسى ولا كوادر الدستور
عيسى والأسواني ونجم .. وثمن الجياد
يمكن لأي شهبندر أن يشتري جوادا طالما يملك ثمنه، ويمكنه كذلك شراء جوكي مدرب ليركض بالجواد في مضمار مفرغ، ولكن شراء فارس تعود أن يخوض معاركه فوق الجواد وهم تتضاءل أمامه ثروات كل تجار الأرض ونخاسيها، ولو باع الفارس نفسه فقد صفته، وتحول لجوكي أو سائس للاسطبل في ثياب فارس، وهنا نرصد الأحداث المتتالية مؤخرا
  1. الفارس اليساري القديم الذي رضعت كوادر اليسار كلماته حتى جرت منها مجرى الدم، أحمد فؤاد نجم، قبل أن يرهن السيف ويبيع الدرع ويقبض ثمنا لنفسه، فينضم القطب اليساري للحزب اليميني ليصبح بوقا للدعاية للسيد البدوي وحزبه ومرشحيه في الانتخابات القادمة، بحجة رغبته في الالتحام بالجماهير، كأن الجماهير في حديقة منزل السيد البدوي وليست في الشوارع والحارات، تألمت لمشهد الفارس وقد صار سائسا عجوزا بمحض إرادته
  2. الفارس الناصري الأروع علاء الأسواني يشاع أنه ينوي التوقف عن الكتابة في الشروق عقب ضغوط يمارسها شهبندر آخر هو إبراهيم المعلم عليه لتخفيف اللهجة في مقالاته المشتعلة، ويكذب الخبر، ثم ينشر الأهرام خبرا يوم 3 أكتوبر الجاري عن تعليق مقاله الأسبوعي لفترة، رفضا لتخفيف حدة المقالات، فأين الحقيقة؟ الأسبوع القادم لناظره قريب، في كل الأحوال الأسواني سيثبت قطعا أنه فارس لا يباع ولا يشترى ولا يستأنس قلمه
  3. السيد البدوي يضيق الخناق على إبراهيم عيسى بخنق فريق الدستور ماديا، ثم بالتدخل في مواد التحرير وما ينشر وما لا ينشر، فيستقيل عيسى ويعتصم الصحفيون بالنقابة ويثور القائمون على موقع الدستور الإلكتروني على قرارات الشهبندر الجديد فينحازون بالموقع لعيسى، ويخرج البدوي بتعليق سمج في مؤتمر صحفي عن تسيب إداري ومطامع مالية، فيزداد قزامة رغم الثروة والسطوة، ويزيد فارسنا إبراهيم عيسى عملقة بالستر والجدعنة
فهل فقد السيد البدوي بهجته بشراء نجم بعد الصفعة التي وجهها عيسى لكرامة ثروته اليوم؟ المؤكد أن الدستور فقدت نصف قيمتها بفقدها لعيسى، والنصف الآخر بفقد ألمع كوادرها بعده، وبهذا تقزمت قيمة الأسهم التي اشتراها البدوي كما تقزم هو شخصيافي عين الرأي العام، وهكذا ينتصر الفرسان حتى حين ينسحبون وينهزم الأوغاد حتى حين تنصرهم ملايينهم إلى حين


30.9.10

شيله يا واو


فاكرين مسرحية عفروتو بتاعة هنيدي في مشهد المزاد؟ لما هنيدي ينادي العفريت علشان يشيل حد بيزود السعر ويقوله: شيله يا واو؟ العبارة دي بقت لازمة عندي مؤخرا، كل ما ألاقي تعليق خارج عن حدود التهذيب والاختلاف الحضاري على صفحتي، أو هجوم على أحد الرموز كالزعيم جمال عبد الناصر أو سماحة السيد حسن نصر الله يخرج من حدود النقد لحدود التجريح، أمحو التعليق وأقول وأنا باضيف صاحبه لقائمة المحظورين "شيله يا واو"، ويوم بعد يوم تكل أكتاف واو بمن يحمل، جايز ده عور في إيماني بالليبرالية وحرية التعبير، أو نزعة إقصائية متأصلة، لن أجادل، لكن رد فعلي ده هو خطي الواقي من ارتفاع السكر وضغط الدم مع استفزاز تلك الكائنات الهلامية التي تعيش في زوايا وأركان الويب، وتخرج علينا برؤوسها الرخوة كل حين، فتقلب أمعاءنا وشفاهنا امتعاضا بكلمات كالمخاط، واعذروني لو قسوت عليهم بالكلمات قليلا، فكما قال الأستاذ محمد إمام في تعليق له مستلهما كلمات إمام المتقين: لقد مللناهم وملونا

كائنات المخاط والهلام والكائنات الرخوة دي مش شكل واحد، ولكن أشكال وأنماط كتير
  1. ملاك الحقيقة المطلقة، هكذا سماهم الدكتور مراد وهبة، وهم من أكتر أنواع الهلام الالكتروني شيوعا، الواحد فيهم مسطح الفكر والعقل لا يكاد يفقه قولا، ثم تلاقيه معتز بجهله، يسوق الآيات الكريمة من القرآن في غير موضعها، ويردد أحاديث شريفة في غير مضمارها، وإذا جيت تنبهه يشمخ بأنفه زي هاني سلامة في فيلم المصير وهو بيقول لابن رشد "أنا باقول كلام ربنا" فلا يكون منك إلا أن تجيبه كما أجاب ابن رشد: وأنا باقول كلام الجن يا ابني؟ وبعدين إنت بتقول كلام ربنا؟ فهمت إيه علشان تفهم كلام ربنا؟ تعرف إيه في الطب؟ في الفلك؟ في العلوم؟ في الرياضيات؟ في التاريخ؟ في الفلسفة؟ تفهم إيه في أي حاجة من دي علشان تقدر تفهم كلام ربنا؟
  2. ناشطو التمديد والتأبيد هم ثاني أنماط الهلام، ممن يدعون أنهم يمارسون حرية التعبير بتأييدهم للنظام، ونومهم كالكلب عند جزمة النظام، ولعقهم صباح مساء خصية النظام، كلما قرأت عبارة لأحدهم أفتكر أني كنت باخد على الكاتبة الصحفية نوارة نجم الإفراط في السباب في مدونتها، لأني يوم بعد يوم أصبحت أميل لاستخدام مفرداتها معهم
  3. سدنة هياكل الوهم ممن يعيشون في حدوتة ساذجة مضمونها أن العالم كله صار همه الوحيد أن يتآمر علينا، فقوم عاد بنوا الأهرام بس هيئة الآثار مخبيين، والأثريون اكتشفوا إن كليوباترا اسمها وفاء بس مكتمين، وكل غير المسلمين هم في الحقيقة مسلمين ومقتنعين بس بيشتغلوا نفسهم، والحكومة طلعت إشاعة أنفلونزا الطيور علشان ندبح الفراخ البلدي ويبيعولنا فراخ مستوردة، وصدام حسين حي يرزق في العراق والبديل هو من شنقوه على العيد، وكل اللي مضايقهم في مطارات قاعدة العديد الامريكية في قطر إنها على شكل صليب، وحزب الله رأس حربة لدولة الفرس الجديدة، وهذا النمط تشفق عليه أكثر مما يستفزك، فلو أجبته تجيب بكلام فحواه .. الحمد لله الذي عافانا
  4. مروجو الأفيون الفكري ممن يرددون الأساطير المؤسسة للوعي التاريخي والسياسي في مصر، بتوع أسطورة رمي الذهب المصري من الطيارات في حرب اليمن، وحدوتة سفينة البترول اللي الشاه قال لها لف وارجع تاني لنجدة مصر، وشهداء 1967 اللي عددهم بعشرات الآلاف، وديمقراطية الوفد فوق الفظيعة في الأربعينات، بأمارة النحاس قادما فوق دبابات الإنجليز للوزارة وتقبيل يد الملك المحتفظ بصلاحية حل الحكومة والبرلمان وقتما يريد، وأسطورة الطيارة الامريكية أم قنبلة ذرية اللي كانت بتخمس فوق القاهرة علشان تفرقعها بوم لو مقبلناش وقف إطلاق النار بصفقة المغبون، وهلوسة بريطانيا المدينة لمصر (الحقيقة إنها كانت مبلطجة على مصر في سداد قيمة شحنات قطن بسبب بند مبهم في اتفاقية 1936 فيما يخص المعاملات المالية في زمن الحرب مع الحليفة بريطانيا) ومن ده كتير من هنا لبعد بكرة
  5. القواعد من الرجال ممن تؤلمهم وتحز في قلوبهم السيرة العطرة للرجال الرجال مثل الشهيد عماد مغنية، والسيد أبي هادي، وزعماء بحجم عبد الناصر وشكري القوتلي وهواري بومدين وغيرهم من النخل السامق في تاريخنا، لا يستحي أحدهم من مقارنة همة وعزيمة وجسارة الواحد من هؤلاء بتخاذله وهوانه، ولا أسميهم بالقواعد لأنهم قاعدون عن النضال ضد العدو الاستراتيجي لهذه الأمة فحسب، فهذه خيبة نشترك معهم فيها، ولكن نسميهم بالقواعد لانقطاع فيض النخوة من عروقهم وغياب صورتها عن عيونهم فلا يرونها في وجوه المناضلين ولا يستحون

19.9.10

منقوع الكتب


ماذا لو قرر الأديب الساخر بلال فضل بعد عشر سنوات من الآن في عام 2020م أن يعيد تقديم برنامجه الناجح "عصير الكتب" في سلسلة جديدة مع الكتاب الجدد وعناوين الكتب التي ستضاف للمكتبة العربية خلال العشر سنوات المقبلة؟ مبدأيا لابد لبلال أن يغير اسم البرنامج من عصير الكتب إلى اسم معبر عن طبيعة المرحلة وكتبها، وهو منقوع الكتب، لأن الكتب التي بدأت تسود الرفوف اليوم لو عصرت لن يخرج منها شيء ذو بال، فالأجدى أن تنقع، أما ثاني التعديلات فسيكون في اللغة المعتمدة للكتب التي يتناولها، فلن تكون الفصحى والعامية كما نفهمها لفظا وخطا موجودة وقتها في الغالب، وستحل محلها اللغة المرنة التي تظهر في إبداعات بعض المدونين اليوم، تعالوا نتخيل خطاب واحدة من المدونات لبلال، ماذا ستقول له؟ ولا خطاب إيه صحيح .. خلينا نقول أوفلاين مسيج على المسنجر
---
مساء الخير عليك يا أستاز بلال
اذاي حدرتك؟ انشالله تكون بخير، أنا موتشكرة أوي أوي إن حدرتك وقع اختيارك على كتابي "أحلام مزة" دي أكيد شهاده أعتاذ بيها، حقيقي يا أستاز بلال إنت حد جميل أوي، وأد كيده قدوة لكل الكتاب الشباب، موبايلات بقى هه
---

المكتبة العربية 2020م
لو حبينا نضرب مثال حقيقي لعبقرية تسمية عمل أدبي مش هييجي على بالي كاتب قبل إحسان عبد القدوس رحمه الله، عبقرية التركيز والجذب كانت دايما السمة الواضحة لعناوين رواياته، لم يكن أبدا لها، ومضت أيام اللؤلؤ، زوجة أحمد، العذراء والشعر الأبيض، الهزيمة كان اسمها فاطمة، لا أنام، ومش الروايات وحدها، وحتى مقالاته رحمه الله، زي "على مقهى في الشارع السياسي"، وعلى النقيض من المنهج ده، تعالوا نتخيل عناوين ومحتوى الكتب اللي ممكن بلال يعرضها في حلقات منقوع الكتب لعام 2020م
  • كتاب يوميات فتاة لايدة الجزء التاني من كتاب طالبة الستر، واللي بيناقش مشاكل تأخر سن الزواج بشكل أكثر صراحة ومباشرة من الجزء الأول
  • المجموعة القصصية وسط ساقط، للقاص الشاب علي معتز اللي كان أول أعماله رواية بنطلون جينز بدون كسرة، وهي أعمال متميزة لا يعيبها غير كثرة إعلانات مصنع الملابس بتاع والد علي بين فصول المجموعة
  • كتاب مصر اللي عمي مرافقها، واللي بيناقش قضية الانتماء من منظور جديد أجرأ من منظور كتاب مصر مش أمي دي مرات أبويا
  • كتاب شيكا بوم الجزء التاني من كتاب بيكا بو
  • كتاب أيوة متجوزة وانت مال أهلك؟ اللي بيناقش مشاكل الكام ست اللي فاضلين على ذمة رجالة في البلد
  • الرواية البوليسية لما تلاقي الخرابة، واللي بتدور في اطار مشوق في رحلة البحث عن الـ..... مجرم
وفي النهاية، ولو كانت أحوال البلد دي ماشية في نفس الاتجاه اللي كلنا نفسنا نعرفه، بلال ممكن يختم بجزء تاني من كتابه خفيف الدم ضحك مجروح، واللي ممكن يكون على ايامها اسمه ضحك مدبوح

29.8.10

مش عايز يتجوزها


لست أناقش هنا كتاب غادة عبد العال الساخر خفيف الدم "عايزة أتجوز" في ذاته، ولا أناقش كذلك حرفيات سيناريو وحوار المسلسل الكوميدي الذي أراه أضعف من الكتاب وعابته مبالغات استجداء الضحك المألوفة، وإنما أناقش موضوعهما، موضوع زواج الفتاة التي تمثل قطاعا عريضا من المجتمع هو فتيات الطبقة المتوسطة المثقفة المصرية، وما أريد إيجازه هنا، هو لماذا لن يقبل معظم الرجال (بعيدا عن النماذج المشوهة التي يعرضها المسلسل) على الارتباط بالدكتورة علا بطلة المسلسل، وسأدع جانبا الطبيعة المستفزة لشخصية علا التي قدمها المسلسل، والتي تجعل من مصلحة البشرية ألا تتزوج علا أو تنجب حتى لا تستمر المأساة ببث مادتها الوراثية في جيل جديد

ضحايا الرجل وازدواج المعايير
مشكلة علا ومثيلاتها هم الرجال في مجتمعنا، فقد وضع المجتمع لهن معيارا واحدا للقيمة والنجاح، هو الفوز بعريس لقطة، (التعبير الغبي الذي يساوي الرجل بكنبة مستعملة أو فوتيه أثري يمكن الحصول عليه لقطة من صالة مزادات في وسط البلد)، فمنذ طفولتهن تسمع الفتيات سؤالا سمجا هو : هتتجوزي مين لما تكبري؟ شريف ولا عبد الرحمن؟ وإذا تمنى لهن أحد مستقبلا باهرا قال لإحداهن: يا رب أشوفك عروسة، أو يا رب أشوفك متهنية في بيتك (كأن بيت أبويها ليس بيتها بالفعل، كأنها لاجئة أو لقيطة)، أو يا رب أشرب شربات فرحك (رغم أن موضوع شربات الفرح نفسه لم يعد موجودا)، وحتى تحقق الفتاة هذا النجاح وتحرز هذه القيمة بالحصول على عريس لقطة، تسير منذ صباها الباكر على صراط المجتمع المستقيم، فتجد في دراستها وتتخرج في إحدى كليات القمة، وتلتزم في تعاملها مع الجنس الآخر سلوكا يتجاوز الالتزام الخلقي إلى حد الوسواس القهري والتزمت، وترتدي الحجاب عن اقتناع أو بغير اقتناع لأنه صار أحد مقومات الزواج في العقود الأخيرة، وهي تتصور في كل خطوة من تلك الخطوات أنها تضع رصيدا قابلا للصرف في خزينة المجتمع، وحين تتخرج وتمر السنوات سريعا دون أن يظهر ابن الحلال الذي يساوي كل ما بذلته من جهد في مرحلة الإعداد والتأهيل الاجتماعي، والتي طالت بطول عمرها، عندئذ تبدأ الفتاة بالكفر بالمجتمع الذي نصب عليها أول مرة بتصوير الزواج بأنه الجنة الموعودة، وثاني مرة حين منعها من دخول تلك الجنة المزعومة

تكتشف المخدوعة أن عنترة الذي فرض عليها سلوكا شبه متزمت ليمنحها لقب "محترمة وبنت ناس" قد تنازل فجأة عن هذا اللقب كشرط في العروس المنتظرة، وخطب زميلتها اللعوب لأنها عرفت كيف تعزف له على أوتار الأنا الذكورية المتورمة، وتكتشف أن الشاب الثري الذي كان يضع الحجاب في مقدمة مواصفات فتاة أحلامه يسعى للارتباط بفتاة "ستايل" حتى يتم علامات وجاهته، كأن جمال الزوجة الظاهر دبوس ماسي في رابطة عنقه، فالزوجة الجميلة الستايل أحد علامات الوجاهة الاجتماعية في العصر الاستهلاكي كالسيارة الفارهة والساعة فيليب شاريول، كذلك تكتشف المسكينة أن شريحة العرسان من ضباط الشرطة ووكلاء النيابة والمحامين والمحاسبين التي كانت تحفى لترتبط بعروس صيدلانية لفتح صيدلية باسمها قد عزفت عن الصيدلانيات لأن الصيدلية لم تعد مشروعا مربحا، أما العرسان اللقطة فهم بين طائفتين، الأولى رجال ارتبطوا بالفعل خلال سنوات الدراسة وتزوجوا فور التخرج بصاحبة نصيب لم تتجنب الزملاء الشباب كأنهم جرب، والطائفة الثانية رجال لن تلفت فتاتنا المجتهدة والملتزمة نظرهم ولو حرصت على هذا، لأن درجة نضجهم تجاوزت مرحلة زواج قضاء الحاجة بمراحل

عايزة أتجوز وتشييء الرجل
كثيرة هي الأقلام التي تحدثت عن تشييء المرأة في المجتمع الشرقي، بتنميطها في صورة أداة لمتعة الرجل أو خدمته، لكن أحدا لم يتناول التشييء المضاد الذي تمارسه المرأة ضد الرجل برغبتها العامة في الزواج والغير مرتبطة بشخص ولا حتى بمجموعة عناصر ذات خصوصية تشكل فتى الأحلام المنتظر، فالعبارة التقليدية: مؤدب وابن ناس وبيصلي ومابيدخنش وعنده شقة وعربية و........الخ ليست مواصفات فتى أحلام بل مواصفات بطاقة رقم قومي مناسبة لكتب الكتاب، واسم مناسب ليوضع على بطاقة الدعوة لحفل زفاف، فرغبة الفتاة في الثوب الأبيض دون أدنى اعتبار لشخصية حشو البذلة السوداء بجوار هذا الفستان كفيلة بنفور أي رجل سليم الفطرة، فمن ترغب في رجل بمواصفات التابو الاجتماعي السابقة هي في الحقيقة لا ترغب في رجل ولكن في الوضع متزوجة والوضع أم، من حق أي رجل وأي امرأة غير مرتبطين أن يحلما برفيق العمر، ويترقبا ظهوره، ولكن هذا الترقب لابد أن يؤسس على منظومة من المعايير المميزة، وغياب تلك المعايير واحلال مقاييس المجتمع العامة محلها هو سبب حالات الطلاق التي لا تنتهي في مجتمعنا، فمتى نتعلم؟

لماذا لن يتزوجها؟
لو فكر رجل في شخصية علا، وحاول إجابة السؤال: لماذا لن أتزوجها، فسيجد عددا لا نهائيا من الإجابات يزدحم برأسه، شريطة أن يكون رجلا عاقلا راشدا متعمقا في فهم الحياة وعلاقات البشر، وتلك الإجابات يمكننا أن نتصورها كما يلي
  • لن يتزوجها لأنها كافرة بالحب، بعلاقة المودة والرحمة التي وإن كانت نادرة التحقق بين الأزواج عامة فهي مستحيلة التحقق لو كفر أحد الزوجين بها وادعى باستحالتها
  • لن يتزوجها لأنها تريد ضل حيطة والسلام، أو في أحسن الفروض تريد ذكر نحل ليقوم بمهمة الإخصاب حتى تصير أما، وهو لا يقبل لنفسه هذه الصفة ولا تلك مادمنا اتفقنا أنه رجل عاقل راشد
  • لن يتزوجها لأنها لا تملك رؤية مستقلة في حياتها، وبالتالي لن تكون قادرة على مشاركته في رؤيته وطريقه، ولن يشاركها رؤيتها، فتصبح الحياة شكلا من أشكال تمرير الأيام الذي نجيده في مصر كما لا نجيد غيره
  • لن يتزوجها لأنها مسطحة التفكير واستعلائية، ترى نفسها أفضل من الجميع لولا سوء الحظ والطالع، وتحكم على كل من حولها من فتيات وكأنها قاض، لا تشتغل بعيوب نفسها وهي كثيرة عن عيوب غيرها، ولا تدرك الفارق بين ظروفها وظروفهن، وبين حياتها وحياتهن، فهذه رومانسية بلهاء، وتلك منحلة ومتهتكة، وهكذا لتصبح هي الوحيدة المثالية
  • لن يتزوجها لأن فهمها لتركيبة الرجل النفسية لا تزيد عن صفر، وبالتالي سوف تتعامل من منطلق تركيبتها هي دون أدنى اعتبار للاختلاف بينها وبين الآخر
  • لن يتزوجها لأنها كعقلية تعد نموذجا لعقلية القطيع، فهي تسير مع تيار المجتمع دون أدنى قراءة نقدية لمعطيات المجتمع، يجرحها أن يزوج أبويها أخوها الأصغر قبلها في تابو اجتماعي عبيط، وتجرحها كلمات الناس العابرة كأنها كيان هش كالزجاج
  • لن يتزوجها لأنها نموذج نمطي لامرأة تنكح .. ولا يقترن بها، وهو مادام رجلا بحق يسعى للقران وليس النكاح فحسب

وختاما، يوجز كل ما سبق أن أقول أنها تمثل المرأة في مجتمع يعيش عصرا من عصور الانحطاط، ولا أقول أن هذه سمات كل نساء مصر اليوم، لكنها السمات الشائعة إلا من رحم ربي، سمات الفتاة في مجتمع استهلاكي بيعت ثوابته في مزاد علني منذ أكثر من ثلاثة عقود، ففقد البوصلة وفقد التوجه جماعات وأفرادا، مجتمع قدر له أن يكون الرجال فيه أشباه رجال والنساء أشباه نساء، وبين الأشباه والأشباه لا يوجد قران ولكن يوجد نكاح، لا توجد شراكة بناءة ولكن تنافس في الهروب من المسئولية، لا توجد ممارسة حب وإنما يوجد سفاد، فيتكون لدينا مجتمع تمرير الأيام على نمط: نولد، نتعلم، نتخرج، نعمل، نتزوج، ننجب، نموت، مجتمع قدرنا أن نعيشه، لاننا جيل لم يأت في موعده مع القدر، فقد سبقته الأقدار

24.6.10

الحياة أونلاين


بما أن إخواننا في اليابان يتوقعون وصول القاهرة لحالة الشلل المروي الكامل بحلول العام 2013م لو استمر الحال على ما هو عليه، يبقى المتوقع إن جلوس الناس أمام الشاشات يزيد وتتضاعف مساحة الإنترنت والموبايل وما شابههما في حياتنا، وبمرور السنين قول على سنة 2023 مثلا هيكون عندنا جيل إلكتروني في كل شيء وعايش حياة افتراضية تماما، يا ترى هتبقى الحياة دي شكلها ايه؟
  • في حالة العزاء هيكتب أهل المتوفي "نوت" ع الفيسبوك ينعون فيها الفقيد، ويضيفون "تاج" للأقارب والأحباب، واللي هيدخلوا بالتبعية ويسيبوا تعليقات العزاء، والمستعجل فيهم ممكن يسيب "ايموشن" باكية :( ، في ذكرى الأربعين يشكر أهل المتوفي على الستيتس بتاعته كل من شاطرهم الأحزان بالتعليقات والرسائل القصيرة والرنات
  • بر الوالدين هيكون بزيارة صفحة أحدهما أو كليهما يوميا وترك تعليق لطيف، أو صباح الفل ع الوول، وكمان مننساش نعملهم تاج لما نرفع صورة جديدة لواحد من أحفادهم علشان يفرحوا بيهم وهم بيكبروا قدامهم صورة ورا صورة
  • هتصدر دار الإفتاء المصرية (فتوى أونلاين) فتواها بجواز التصدق على المساكين بتحويل رصيد لموبايلاتهم، طالما كان المحول إليه كارتاً وفي فترة السماح، والفتوى هتصدر بعد تعاقد المفتي مع فودافون كمستشار للاتصالات الإسلامية
  • واحدة هتسأل الواعظ الإلكتروني على موقعه لو كان ممكن تحسب هداياها لأصحابها المعذورين في فارم فيل من زكاة المال ولا لأ
  • الأفراح كمان ممكن تبقى أونلاين، المأذون يقول الصيغة ويرددوا وراه على السكاي بي، ويبعت ايميل إخطار لاتنين شهود، ويطلب منهم يضغطوا على لينك لتأكيد الشهادة، وبعدين يصدرهم ميل زواج فيه رقم سري المشترك، وبالتالي يغيروا الستيتس بتاعهم ع الفيسبوك فلان متزوج من فلانة، ويعملوا ايفينت زفاف، والعروسة تركب طرحة وفستان على أي صورة قديمة عندها بالفوتوشوب، والحبايب يبعتوا صور بوكيهات ورد ع الوول بتاعته، محدش يسألني الدخلة الإلكترونية هتتعمل ازاي، بلاش قباحة
  • حفاظا على البعد الروحي، هيكون فيه مساجد وكنايس إلكترونية، وخطب جمعة ومواعظ آحاد "ستريمينج" وايميلات اعتراف لأبونا
  • صلة الرحم طبعا مهمة، إيميلات ورنات وتعليقات وكلمني شكرا وخلافه لكل الأهل والأقارب، علشان وقت الجد تعمل جروب تضمن تلاقي فيه 30 ولا 40 عضو من قرايبك
  • الحب والصداقة والزمالة وكافة أشكال العلاقات الإنسانية الإلكتروني هتزدهر طبعا، ودي شغالة من دلوقت زي ما كلكوا عارفين، الجديد إن مش هيبقى فيه غيرها، يعني مفيش ماء وخضرة ووجه حسن، ممكن تشغل مؤثر صوتي للماء وتحط صورة ديسكتوب خضرا والوجه الحسن في صورة البروفايل، ولا عزاء للشعراء
  • الطبقية هتفضل موجودة زي ما كانت دايما، وهيكون فيه "أم تامر" الشغالة اللي هتدخل بفيرتشوال آي دي ع الديسكتوب عندك تروقه وتنظم الفايلات وتمسح الذاكرة وتنضف الهارد ديسك وتعمل فيروس سكان شامل، والأجرة تلاتين جنيه رصيد تحوله لرقمها
  • الموت الإكلينيكي يشخص لما الماذر بورد تضرب، والعناية المركزة لما الباور سابلاي يحصل له مكروه لا قدر الله
  • الرئيس محمد حسني مبارك هيحتفل بعيد ميلاده السادس والتسعين، والحزب الوطني الالكتروني يعلن ترشيحه لمدة الرئاسة التامنة، علشان خبراته كطيار مقاتل وكان بيعرف يدوس على زراير لوحة التحكم في الطيارة تخليه أنسب واحد لمصر في المرحلة الافتراضية دي
  • شباب 6 أبريل بيدعوا لعصيان عام بأن كل واحد يقفل الكمبيوتر يوم 6 أبريل 2023م تماما وميفتحوش طول اليوم، وإشاعات إن اللي هيقفل الكمبيوتر يومها هيقطعوا عنه خط التليفون وبالتالي الإنترنت ويموت م الجوع
  • توقيعات التأييد للجمعية الوطنية للتغيير تكسر حاجز المائة ألف توقيع في ديسمبر 2023م، والدكتور محمد البرادعي يطالب برقابة على انتخابات الرئاسة الإلكترونية، والسماح بالانتخاب بالآي بي بدون استخراج باسوورد من قسم الشرطة، طبعا القسم هيفضل حقيقي مش افتراضي بعدما فشلت كل محاولات الداخلية لابتكار طرق للتعذيب الافتراضي

8.4.10

البوليماث .. رجال بلا حدود


عرفت البشرية ظاهرة فردية في فلتات من الرجال، سماها العرب قديما العبقرية نسبة لوادي عبقر الذي تقول أسطورتهم أن الجن فيه كانوا يتلبسون من يمر به فيلهمونه الشعر والأدب والشجاعة والفروسية فيصير عنترة أو المتنبي مثلا، تفسير بدوي بسيط لظاهرة الإمكانات العقلية والروحية الاستثنائية لدى بعض الأفذاذ من الرجال، بينما أطلق الرومان على هؤلاء الرجال تعبير بوليهستور أو الرجل متعدد الأعمار، لأن إنجازات الواحد منهم في مدى حياته عادة ما تفوق إنجازات 3-5 رجال من أواسط الناس في ذات محيطهم الاجتماعي، كذلك أطلق عليهم في عصر النهضة اسم بوليماث أو متعددي المواهب والإمكانات، وهو الاسم السائد لهم حتى الآن، كما سموا رجال النهضة، لأن عصر نهضة أوروبا تحقق على أيدي مجموعة منهم، لعل ألمع الأسماء بينهم ليوناردو دافنشي وبوتشيلي، وباتستا آلبيرتي، فقد كان كل منهم عالما وفيلسوفا ورساما ونحاتا ومهندسا ومصمما فضلا عن الطب والتشريح فيما يخص دافنشي، وعرف منهم الشرق رجال مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فارس الإسلام وفيلسوفه وخطيبه وقاضيه وفقيهه وخليفة نبيه، وابن سينا الطبيب الكيميائي الموسيقي الشاعر والفقيه وحافظ الحديث والقرآن، وشهد التاريخ الحديث منهم اسحق نيوتن وبيكاسو والبرت آينشتاين، وعرفنا منهم في تاريخنا المعاصر عباس العقاد ونيقولا حداد وصلاح جاهين ويوسف شاهين، والقائمة عبر التاريخ منذ الفراعنة طويلة للغاية، تبدأ بإيموحتب المصري، ومن الحضارات الهيلينية فيثاغورس وآرسطو وآرشميدس، ومن الفرس جابر بن حيان والخوارزمي والرازي والطوسي وعمر الخيام، ومن العرب ابن الهيثم وابن حزم وابن طفيل

سمات البوليماث
من متابعة سير هؤلاء الأعلام، سوف نلاحظ بعض السمات الشخصية المشتركة بين الجميع أو الغالبية منهم، وتلك هي
  1. القدرة على القراءة والاستيعاب بسرعة تعادل من 3-6 أضعاف الشخص العادي، وتتضاعف السرعة مع الضغط وفي الظروف الحرجة، يفضلون القراءة على السماع، والمحاضرات بالنسبة لهم خانقة لأنها عادة ما تعد للشخص متوسط الذكاء
  2. قدرات استثنائية في تعلم اللغات والهندسة الفراغية والجبر وحفظ واستظهار الأدبيات والأشعار والنصوص المقدسة
  3. القدرة على الكتابة الابداعية أو العلمية أو التقنية من الذاكرة بسرعة تبلغ 2-3 أضعاف سرعة الرجل العادي من نفس العمر
  4. قدرة غير محدودة على الارتجال ومواجهة المواقف الطارئة
  5. لا توجد احصاءات بنسب دقيقة فيما يخص الذكاء الروحي والاجتماعي، لكنهم يتسمون عادة بالكياسة والقدرة المميزة على فهم الأشخاص
  6. التفاصيل تقتلهم لأن جهازهم العصبي يسجل من المسموعات والمرئيات أضعاف ما يسجله الفرد المتوسط، وبهذا تمثل التفاصيل ثقلا مضافا، وعلى النقيض، غالبا ما يحتفظون بالصور الكلية وفحوى المواضيع والخبرات لآماد طويلة جدا
  7. أرقهم الليلي مزمن، و يحتاجون للمهدئات أو المنومات أو الانهاك البدني والذهني ليتمكتوا من اتمام 6-8 ساعات نوم يوميا، وبدون مهدئات لا يتجاوز نومهم 4 ساعات فقط في 24 ساعة
  8. أكثر عرضة للإصابة بأمراض ضغط الدم والسكري والروماتويد والباركنسونيزم والصداع المزمن والفيرتايجو وكذلك أكثر تعرضا لنزيف المخ، ومعظمهم لا يعيش ليصل لعمر الشيخوخة
  9. سرعة تحليل المعلومات والخروج بأفكار وحلول ممنهجة، ويفضلون القرار السريع شبه الصائب لثقتهم بقدرتهم على مواجهة القصور لو حدث، على القرار البطيء أو المتردد نظرا لأثره المحجم لما ينجزون، لذلك فهم قادة عسكريون من الطراز الأول
  10. هناك نمطان من البوليماث، الأول قادر على القيام بعدة أعمال بذات الوقت، ويسمى بوليماث نابليون، والثاني يقوم بعمل واحد فقط ولكن بسرعة فائقة كما قلنا سلفا، ويسمى بوليماث دافنشي
  11. حركات لا إرادية، حديث أثناء النوم، أحلام منظمة جدا، وقد تصل الأمور للمشي أثناء النوم، قدراتهم الخطابية والقيادية متفاوتة ولم يحسمها العلم والمشاهدات التاريخية والطبية
  12. مزاجهم الذوقي والشمي والحسي حاد جدا وذاكرة الحواس لديهم فائقة
  13. كبرياء شديد، حماس قوي وقدرة على بث الحماس في الآخرين، وثقة بالنفس قد تصل لحد النرجسية
  14. قدرة مرتفعة على التصوير والتمثيل والنقد اللاذع
العلم يكشف سر البوليماث
مخ الإنسان هو أعقد وأعظم جهاز كهروكيميائي في الوجود، وقد دلت اختبارات رسم المخ وكذلك الاختبارات النفسية والذهنية للبوليماث أنهم مرضى من الوجهة الطبية بعيب خلقي مزمن لا يمكن علاجه، والفرق بينهم وبين مرضى الصرع أن النشاط الكهربي في قشرة مخ البوليماث زائد بصفة عامة في كل أنحاء الكورتيكس، بينما في حالة الصرع يتركز في بؤرة محددة تنتج أحد أنواع الصرع الثلاتة المعروفة طبيا، ومن حظ البوليماث أن حالتهم لا تتطور لصرع ولا العكس، وإن وجدت حالات سجلت وجود مرض الصرع مع نشاط بؤري زائد ومواهب البوليماث مع نشاط كلي زائد للكورتيكس، كذلك تشير تحاليل الدم لزيادة في إفراز الإندورفينز ونقص في الانكيفالينز وهو ما يصعب دخولهم في النوم بدون منومات
البوليماث والآخرون
التاريخ يقول لنا أن الكبار من الرجال لا يدركون عادة مدى الفزع والشعور بالدونية والضآلة الذي يثيرونه في نفوس أنصاف الموهوبين، ففضلا عن الغير موهوبين على الإطلاق، تلك هي أكبر مشاكل البوليماث، لكن بصفة عامة يمكنك أن تصبح صديقا حميما له لو تمكنت من تقبل طباعه الحادة والمزعجة أحيانا، مقابل مميزاته الاستثنائية، لا تحقد عليه، فهو يعاني بما يكفي مقابل مواهبه وميزاته، لا تحاول السيطرة عليه كشريك حياة أو صديق أو زميل عمل ولا في أحلامك، فهو شاهين حر في النهاية، وفي كل حال لا تحاول مقارنته بالشخص المتوسط، فهي مقارنة غير عادلة للطرفين، في النهاية، نسبة تواجدهم تقدر بستة أفراد في كل مائة ألف، وبدرجات متفاوتة من التفوق الذهني والروحي، فلو قابلت واحد أو اثنان في حياتك، فاحرص على الاستفادة من تلك الصدفة معرفيا وروحيا

26.3.10

الكترونات ومشاعر


مشكلة عصر الاتصالات أنه جعل كل شيء سهل جدا، ولدرجة لم يعد معها أي شيء مؤكدا، فكل الاحتمالات سارية دوما، وهذه الحياة الافتراضية التي نحياها على الانترنت قدر ما أضافت لنا في جوانب، قدر ما خصمت من جوانب أخرى، أضافت وسيلة اتصال فعالة بلا حدود، فنشطت التجارة الدولية والحياة الأكاديمية، وأضافت وسيلة معرفية عبقرية توفر عشرات الساعات بين أضابير الكتب في لحظات معدودات، كما أضافت وسيلة تواصل اجتماعي مريحة ربما أكثر من اللازم، فيمكنك التواصل والمناقشة مع أصدقائك وأنت على التويتر أو الفيسبوك دون مشقة الحركة وقيادة السيارة، يمكنك أن تقع في غرام مجموعة نصوص وتعليقات تكون منها صورة امرأة/ رجل وتهيم بتلك الصورة كما هام بجماليون بجالاتيا، وهذا كله مناسب جدا لحياة عملية مرهقة تعود فيها من عملك لبيتك وأنت فاقد الأهلية لأي شيء غير حركة كسولة لا هي بالنوم ولا باليقظة، لهذا يناسبك جدا أن تجلس مؤتنسا بشراب ساخن أمام شاشة وأمامك ظلال بشر تتحرك وتتكلم وتتخيل أنك معهم تناقش وتشارك وتغضب وترضى، تقوم بثورات افتراضية لتسيطر على حكم وهمي في مجتمع الكتروني، تصادق هذا وتحب تلك وتتعرف بهذا وتغضب من ذاك، والكل ظلال، الكل وهم ينهار ولا تجد حولك بحق إلا أصدقاءك الذين جمعتهم من بستان اسمه الحياة

ذات يوم سألني صديق عن رأيي في البورصة فقلت له أن ما يجري بمصر ليس بورصة بمعناها التحليلي الحقيقي، فهو أقرب للروليت، وأنا أكرهها لهذا السبب، فأنت تكسب وتخسر فلا تعرف لماذا كسبت ولا كيف خسرت، لا تتعلم شيئا، ولا تعتبر بشيء، ومثل ماكينة الروليت تلك العلاقات الإنسانية المبتسرة التي تولد على الشبكة لتربط بين أفراد يجهلون بعضهم بعضا، فتنتج مشاعرا مزعزعة مبلبلة، على أنك لو كنت شخصا هستيري النزعة، سريع الحركة والكلام والتفكير والتفاعل فستجد ضالتك بهذا الجو المكهرب بالالكترونات، ربما أكثر مما ستجدها في الحياة الحقيقية، لكن أن تكون شخصا من المدرسة الرومانسية، تلك التي تغزل المشاعر كخيوط الحرير، ستكون مصيبتك كبيرة، لأنك ستعامل عالما الكترونيا بلغة لا يفهمها، لغة الطاقة الشعورية الخلاقة

لكل هذا، فلابد لنا بين حين وآخر من مراجعة الذات، ومراجعة علاقتنا بوسائل الاتصال، حتى لا تلتهم انسانيتنا يوما، ولعلي فاعل هذا قريبا، وقد بدأت خطة مراجعة الجانب الالكتروني في الحياة بتعطيل وجودي على الفيسبوك، وسنرى ما أثر هذا على الحياة، ولكن المؤكد أنها مازالت ممكنة بدونه