14.11.10

ليلة العيد


كان صوت كوكب الشرق يعني لكل منا في ذلك الزمن العيد ذاته وهي تقول: يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد، اليوم أسمع الكل يتساءل كل عام دونما ملل أو كلل: أين ذهبت بهجة العيد؟ لماذا صار بلا طعم؟ والإجابة واضحة في وجدان كل منا، لكننا في الغالب لا نريد أن نراها حقا، تعالوا نتذكر سويا ملامح ومسببات البهجة في العيد أيام زمان
  • كانت للعيد بهجة لأن الملابس الجديدة لم تكن أمرا متكررا على مدار العام، ولأن العيدين ودخول المدارس كانت مواسما حصرية للبس الجديد من الثياب، اليوم صار الجديد متاحا دائما، والقضية الهامة هي: هل سيسمح كريم لماما أن تشاركه اختيار ملابسه أن سينفرد بالقرار؟ هل سيصر على الوسط المنخفض للجينز ولا هيحترم نفسه؟
  • كانت للعيد بهجة لأن وفرة العيدية النقدية كانت حدثا لو قارناها بالمصروف اليومي الهزيل، وبالتالي كانت أنواع أغلى من الحلوى واللعب الصغيرة تدخل في نطاق القدرة الشرائية للصغار، فيصبح لوح الشيكولاتا الكورونا ذو البقرة الحلوب على غلافه الأزرق ممكنا، مقابل ذلك اللوح الصغير ذو الغلاف الأحمر في الأيام العادية، وكانت زجاجات االسيكو والسينالكو (ثم الكوكاكولا لاحقا) متاحة في الثلاجة مقابل عصير الليمون في الأيام العادية، كذلك كان شريط اللبان الكور متعدد الألوان بصوره الجذابة متاحا، والأهم من هذا كله المسدس ذو شريط الطلقات "الحبش" إياه لو كنتم تذكروه، اليوم صارت أغلى ألواح الشوكولاتة السويسرية في مقصف المدرسة، والبلاي ستيشن يخلي مكانه لثورة الوي
  • كانت للعيد بهجة لأن كل بيت كان يتخذ زينته - خاصة غرفة الصالون - انتظارا لاستقبال الضيوف الذين لا ينقطعون خلال أيام العيد، والذين يبدأون في التوافد فور العودة من زيارة بيت الجد مساء اليوم الأول، اليوم ومع نظام الريسيبشن المفتوح الغير مناسب لعاداتنا لم تعد الاستضافة في البيت ولكن على المقهى، فضاعت بهجة الضيوف وقهقهة الرجال ونجوى النساء
  • كانت للعيد بهجة لأن التليفزيون على غير العادة كان يذيع أكثر من فيلم عربي كل يوم من أيام العيد الأربعة، صباحا ومساء، ومسرحية في السهرة، في انفتاح درامي غير معهود، اليوم صارت قنوات الدراما خارج المنافسة والمزايدة في كل أيام العام
  • كان السهر ليلة العيد حدثا خارقا للعادة تسمح به الأسرة يومها فقط، اليوم صار السهر أسلوب حياة في الريف والحضر
  • كان إعداد السيارة فيات 124 الحمراء للإبحار .. أعني للسفر والتأكد من المياه والزيوت والإطارات، وتربيط العفشة، وترصيص العجل، وتزييت المشاحم، وتنظيف الرادياتير يستغرق ربع يوم الوقفة استعدادا لمشوار الإسكندرية مرة والقرية مرات عديدة، اليوم السيارات لا تحتاج كثيرا من الإعداد، لكننا في الغالب لا نسافر
لقد فقدنا مباهج العيد البسيطة لأننا حاولنا تحويل كل أيام العام لعيد من خلال وفرة الاستهلاك (للقادرين عليه طبعا) فكانت النتيجة أننا فقدنا بهجة العيد ولم تصبح الأيام العادية أكثر بهجة، ربما كان أفضل دليل على هذا أن البسطاء رغم معاناتهم مازالوا يشعرون ببهجة العيد اليوم

No comments: