لست أناقش هنا كتاب غادة عبد العال الساخر خفيف الدم "عايزة أتجوز" في ذاته، ولا أناقش كذلك حرفيات سيناريو وحوار المسلسل الكوميدي الذي أراه أضعف من الكتاب وعابته مبالغات استجداء الضحك المألوفة، وإنما أناقش موضوعهما، موضوع زواج الفتاة التي تمثل قطاعا عريضا من المجتمع هو فتيات الطبقة المتوسطة المثقفة المصرية، وما أريد إيجازه هنا، هو لماذا لن يقبل معظم الرجال (بعيدا عن النماذج المشوهة التي يعرضها المسلسل) على الارتباط بالدكتورة علا بطلة المسلسل، وسأدع جانبا الطبيعة المستفزة لشخصية علا التي قدمها المسلسل، والتي تجعل من مصلحة البشرية ألا تتزوج علا أو تنجب حتى لا تستمر المأساة ببث مادتها الوراثية في جيل جديد
ضحايا الرجل وازدواج المعايير
مشكلة علا ومثيلاتها هم الرجال في مجتمعنا، فقد وضع المجتمع لهن معيارا واحدا للقيمة والنجاح، هو الفوز بعريس لقطة، (التعبير الغبي الذي يساوي الرجل بكنبة مستعملة أو فوتيه أثري يمكن الحصول عليه لقطة من صالة مزادات في وسط البلد)، فمنذ طفولتهن تسمع الفتيات سؤالا سمجا هو : هتتجوزي مين لما تكبري؟ شريف ولا عبد الرحمن؟ وإذا تمنى لهن أحد مستقبلا باهرا قال لإحداهن: يا رب أشوفك عروسة، أو يا رب أشوفك متهنية في بيتك (كأن بيت أبويها ليس بيتها بالفعل، كأنها لاجئة أو لقيطة)، أو يا رب أشرب شربات فرحك (رغم أن موضوع شربات الفرح نفسه لم يعد موجودا)، وحتى تحقق الفتاة هذا النجاح وتحرز هذه القيمة بالحصول على عريس لقطة، تسير منذ صباها الباكر على صراط المجتمع المستقيم، فتجد في دراستها وتتخرج في إحدى كليات القمة، وتلتزم في تعاملها مع الجنس الآخر سلوكا يتجاوز الالتزام الخلقي إلى حد الوسواس القهري والتزمت، وترتدي الحجاب عن اقتناع أو بغير اقتناع لأنه صار أحد مقومات الزواج في العقود الأخيرة، وهي تتصور في كل خطوة من تلك الخطوات أنها تضع رصيدا قابلا للصرف في خزينة المجتمع، وحين تتخرج وتمر السنوات سريعا دون أن يظهر ابن الحلال الذي يساوي كل ما بذلته من جهد في مرحلة الإعداد والتأهيل الاجتماعي، والتي طالت بطول عمرها، عندئذ تبدأ الفتاة بالكفر بالمجتمع الذي نصب عليها أول مرة بتصوير الزواج بأنه الجنة الموعودة، وثاني مرة حين منعها من دخول تلك الجنة المزعومة
تكتشف المخدوعة أن عنترة الذي فرض عليها سلوكا شبه متزمت ليمنحها لقب "محترمة وبنت ناس" قد تنازل فجأة عن هذا اللقب كشرط في العروس المنتظرة، وخطب زميلتها اللعوب لأنها عرفت كيف تعزف له على أوتار الأنا الذكورية المتورمة، وتكتشف أن الشاب الثري الذي كان يضع الحجاب في مقدمة مواصفات فتاة أحلامه يسعى للارتباط بفتاة "ستايل" حتى يتم علامات وجاهته، كأن جمال الزوجة الظاهر دبوس ماسي في رابطة عنقه، فالزوجة الجميلة الستايل أحد علامات الوجاهة الاجتماعية في العصر الاستهلاكي كالسيارة الفارهة والساعة فيليب شاريول، كذلك تكتشف المسكينة أن شريحة العرسان من ضباط الشرطة ووكلاء النيابة والمحامين والمحاسبين التي كانت تحفى لترتبط بعروس صيدلانية لفتح صيدلية باسمها قد عزفت عن الصيدلانيات لأن الصيدلية لم تعد مشروعا مربحا، أما العرسان اللقطة فهم بين طائفتين، الأولى رجال ارتبطوا بالفعل خلال سنوات الدراسة وتزوجوا فور التخرج بصاحبة نصيب لم تتجنب الزملاء الشباب كأنهم جرب، والطائفة الثانية رجال لن تلفت فتاتنا المجتهدة والملتزمة نظرهم ولو حرصت على هذا، لأن درجة نضجهم تجاوزت مرحلة زواج قضاء الحاجة بمراحل
عايزة أتجوز وتشييء الرجل
كثيرة هي الأقلام التي تحدثت عن تشييء المرأة في المجتمع الشرقي، بتنميطها في صورة أداة لمتعة الرجل أو خدمته، لكن أحدا لم يتناول التشييء المضاد الذي تمارسه المرأة ضد الرجل برغبتها العامة في الزواج والغير مرتبطة بشخص ولا حتى بمجموعة عناصر ذات خصوصية تشكل فتى الأحلام المنتظر، فالعبارة التقليدية: مؤدب وابن ناس وبيصلي ومابيدخنش وعنده شقة وعربية و........الخ ليست مواصفات فتى أحلام بل مواصفات بطاقة رقم قومي مناسبة لكتب الكتاب، واسم مناسب ليوضع على بطاقة الدعوة لحفل زفاف، فرغبة الفتاة في الثوب الأبيض دون أدنى اعتبار لشخصية حشو البذلة السوداء بجوار هذا الفستان كفيلة بنفور أي رجل سليم الفطرة، فمن ترغب في رجل بمواصفات التابو الاجتماعي السابقة هي في الحقيقة لا ترغب في رجل ولكن في الوضع متزوجة والوضع أم، من حق أي رجل وأي امرأة غير مرتبطين أن يحلما برفيق العمر، ويترقبا ظهوره، ولكن هذا الترقب لابد أن يؤسس على منظومة من المعايير المميزة، وغياب تلك المعايير واحلال مقاييس المجتمع العامة محلها هو سبب حالات الطلاق التي لا تنتهي في مجتمعنا، فمتى نتعلم؟
لماذا لن يتزوجها؟
لو فكر رجل في شخصية علا، وحاول إجابة السؤال: لماذا لن أتزوجها، فسيجد عددا لا نهائيا من الإجابات يزدحم برأسه، شريطة أن يكون رجلا عاقلا راشدا متعمقا في فهم الحياة وعلاقات البشر، وتلك الإجابات يمكننا أن نتصورها كما يلي
- لن يتزوجها لأنها كافرة بالحب، بعلاقة المودة والرحمة التي وإن كانت نادرة التحقق بين الأزواج عامة فهي مستحيلة التحقق لو كفر أحد الزوجين بها وادعى باستحالتها
- لن يتزوجها لأنها تريد ضل حيطة والسلام، أو في أحسن الفروض تريد ذكر نحل ليقوم بمهمة الإخصاب حتى تصير أما، وهو لا يقبل لنفسه هذه الصفة ولا تلك مادمنا اتفقنا أنه رجل عاقل راشد
- لن يتزوجها لأنها لا تملك رؤية مستقلة في حياتها، وبالتالي لن تكون قادرة على مشاركته في رؤيته وطريقه، ولن يشاركها رؤيتها، فتصبح الحياة شكلا من أشكال تمرير الأيام الذي نجيده في مصر كما لا نجيد غيره
- لن يتزوجها لأنها مسطحة التفكير واستعلائية، ترى نفسها أفضل من الجميع لولا سوء الحظ والطالع، وتحكم على كل من حولها من فتيات وكأنها قاض، لا تشتغل بعيوب نفسها وهي كثيرة عن عيوب غيرها، ولا تدرك الفارق بين ظروفها وظروفهن، وبين حياتها وحياتهن، فهذه رومانسية بلهاء، وتلك منحلة ومتهتكة، وهكذا لتصبح هي الوحيدة المثالية
- لن يتزوجها لأن فهمها لتركيبة الرجل النفسية لا تزيد عن صفر، وبالتالي سوف تتعامل من منطلق تركيبتها هي دون أدنى اعتبار للاختلاف بينها وبين الآخر
- لن يتزوجها لأنها كعقلية تعد نموذجا لعقلية القطيع، فهي تسير مع تيار المجتمع دون أدنى قراءة نقدية لمعطيات المجتمع، يجرحها أن يزوج أبويها أخوها الأصغر قبلها في تابو اجتماعي عبيط، وتجرحها كلمات الناس العابرة كأنها كيان هش كالزجاج
- لن يتزوجها لأنها نموذج نمطي لامرأة تنكح .. ولا يقترن بها، وهو مادام رجلا بحق يسعى للقران وليس النكاح فحسب
وختاما، يوجز كل ما سبق أن أقول أنها تمثل المرأة في مجتمع يعيش عصرا من عصور الانحطاط، ولا أقول أن هذه سمات كل نساء مصر اليوم، لكنها السمات الشائعة إلا من رحم ربي، سمات الفتاة في مجتمع استهلاكي بيعت ثوابته في مزاد علني منذ أكثر من ثلاثة عقود، ففقد البوصلة وفقد التوجه جماعات وأفرادا، مجتمع قدر له أن يكون الرجال فيه أشباه رجال والنساء أشباه نساء، وبين الأشباه والأشباه لا يوجد قران ولكن يوجد نكاح، لا توجد شراكة بناءة ولكن تنافس في الهروب من المسئولية، لا توجد ممارسة حب وإنما يوجد سفاد، فيتكون لدينا مجتمع تمرير الأيام على نمط: نولد، نتعلم، نتخرج، نعمل، نتزوج، ننجب، نموت، مجتمع قدرنا أن نعيشه، لاننا جيل لم يأت في موعده مع القدر، فقد سبقته الأقدار
22 comments:
لا فُض فوك
أشكرك يا عزيزي، اهلا بك
المشكلة ليست فقط في علا ومثيلاتها وهو ما أتفق مع حضرتك فيه (لا يمكن واحد محترم -على الأقل من وجهة نظري- يقبل بمن تريد الزواج لمجرد الزواج دون أن تكون تريده هو دون غيره) ولكنها مشكلة المجتمع الذي كما أفرز "علا" أفرز هذه الطريقة المشوهة للزواج بعيدا عن العلاقات الأسرية والاجتماعية وعلاقات العمل والحياة الطبيعية ... المجتمع الذي يعيب على من تتمسك برفضها لهذه الطريقة أصلا بل ويعيب عموما على كل من يتمسك بأية مبادئ... لقد أصبحت لدينا مشاكل مستفحلة كثيرة من ظواهر و نتائج هذه المشاكل ظواهر مثل "علا" وعرسانها. المهم أنه ليست كل النساء "علا" وليس كل الرجال كـ"ـعرسانها" وكون المجتمع مسؤولا لا يعفي الأفراد من تحمل مسؤلياتهم عن أنفسهم
بصراحه الكلام منطقي جدا و حقيقي
و علي الناحية الأخري يري أغلب الرجال المرأة مجرد شغالة بدون أجر أو إناء شهوة لا يستطيع الاعتراض لأنها لا تملك حق الحرية
الحياة الزوجية القائمة علي المشاركة أصبحت قائمة منذ البداية علي الاستغلال المتبادل بدءًا من الخمس أرقام علي الاقل مهر، شبكة و تكاليف باهظة
فالمجتمع لا يتعامل مع المرأة وحدها و لا الرجل وحده بسطحية .. و إنما نتعامل مع الحياه في العموم علي أنها شيئًا ثقيلًا نحاول التخلص منه بأي طريقة
المقال رائع :)
و هو ذاته المجتمع الذي يعد نجاح المرأة في مجرد عريس و يتهكم من المرأة التي تستطيع أن تشق طريقها وحدها .. حتي إذا تزوجت أصبح زوجها شريكًا لها في الطريق ليس "حيطة" تستظل بهاماديًا و اجتماعيًا و عائليًا
:)
كلام جميل اتفق معك في اغلبه مع بعض الملاحظات:
ان الالتزام يجب ان يكون منبعه من الشخص ذاته فالفتاه اللتي تجد في دراستها وتتخرج من احدى كليات القمه و تلتزم في تعاملها مع الجنس الاخر وترتدي الحجاب لن تكفر بالمجتمع اذا لم لم يقدم لها العريس المناسب اذا وفقط اذا كان كل هذا الالتزام لله ثم لاحترامها لذاتها وليس بدافع من المجتمع على سبيل المقايضه تقدم الالتزام فيقدم لها المجتمع العريس المناسب.
وفترة الدراسة اللتي انهينا في الامس القريب نذكر جيدا ان اي ارتباط فيها كان على اساس الالتزام وان الفتاه اللتي لم تتجنب الزملاء الشباب كأنهم جرب تجنبوها هم كأنها جرب !!
اذا تحدثنا عن شخص بأنه مؤدب و ابن ناس وبيصلي ومبيدخنش و... فهي صفات ذاتيه صالحه لوصف شخص معين ( مع بعض الصفات الاخرى طويل .. قصير .. دمه تقيل ... الخ ) مادمنا بعيدين عن عنده ايه او يملك ايه فلا حرج اطلاقا من ان تكون ضمن مجموعة مواصفات لانسان ما.
من المؤكد وجود نماذج غير صالحه لتبرهن اننا في زمن المسخ ولكنا ليست الغالبيه في احسن الاحوال.
ختاما ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) واذا التزم كل انسان بقناعاته الشخصيه من المؤكد انه سيجد من يقتنع به و بها. موضوع رائع وكما تقول الحكمة العربيه القديمة ... بي يور سيلف :)
عزيزتي Hatoon
لا شك أن المشكلة عامة وأن للمجتمع نصيبا وافرا فيها، واتفق معك كذلك في قولك ان الدور المجتمعي لا ينفي المسئولية الفردية لكل فرد بعينه في التصرف بهذا الصدد
تحياتي وتقديري وشكري
الصديقي العزيزة والمميزة آنسة ياسمين مدكور
أهلا بك وسهلا يا عزيزتي، واشكرك للتعليق الجميل المثري للحوار
أما عن تشييء الرجل للمرأة والتعامل معها كخادمة اقتصادية فهو حق في كثير من الحالات، كذلك حق اننا صرنا نتعامل مع الحياة كهم ثقيل نحب تمريره بسرعة كانها ليست عمرنا وحياتنا الوحيدة :)
أما نجاح المرأة في الحصول على عريس مناسب ، وهي مشكلة تواجهها بنات كثيرات، فالرجل لو لم يكن كامل الاقتناع بالفتاة عادة ما يتزوج في غضون حدفة تنتابه، وبعض الفتيات لديهن حاسة سادسة للكشف عن الرجال المحدوفين، ويعرفن كيف يتلقفن الرجل في تلك المرحلة بجدارة كبيرة :) تحياتي وتقديري وشكري
سيدي العزيز
متفق معك في ان اي تصرف عن اقتناع لا يعقبه ندم ولا مقايضة مع المجتمع، لكن هذا ليس الحال في كثير من الحالات لو لم يكن في معظمها
أختلف معك في أن تجنب الفتاة للرجال في اطار الزمالة الجامعية كأنهم جرب هو سلوك محمود، والالتزام الخلقي لا يعني ابدا التعامل مع الرجل كوحش ضاري او شر مرصود لو مسته ينفجر في وجهها، وان يبيح الشاب لنفسه صداقات جامعية ثم يعرض عنهن ليخطب من كانت تصطنع الاعراض عن الشباب فهي ازدواجية غير محمودة، قد احترم وجة نظر شاب لا يختلط بالجنس الاخر ويطلب فتاة مثله وان اختلفت معه، لكني لن احترم من يناقض ذاته
عجبني موضوع الحكمة العربية القديمة بي يور سيلفن ده :) تحياتي يا صديقي
أعجبني, في النهاية هو مجتمع ينادي بشيء و يتخلّق بشيء آخر
لي عدة ملاحظات على ما قلته، أتمنى أن يتسع صدرك لسماعها.
- أولا: المسلسل ساخر، وليست علا ولا العرسان شخصيات حقيقية، بل كاريكاتورية. لا بد أن تكون صورتها مستفزة ومبالغ فيها (تمامًا كما نرسم صورة كاريكاتورية فيكون الأنف طويلا جدًا). فيجب أن نرى المسلسل كعمل ساخر ومبالِغ ككل.
- ثانيا: "يا رب أشوفك عروسة".. يوجد خطأين شائعين هنا.. الظن العام لدى كثير منا أن التحفيز على الزواج منذ الصغر هي عادة شرقية.. وأن الزواج يجب أن يكون شيئًا ثانويًا في حياة الإنسان.
بل الزواج: شهوة ومجتمع. الشهوة فهي التي نولد بها، كحاجتنا للطعام، ولكن يستطيع الإنسان العيش بدونها كالرهبان. أما المجتمع فهو أن البلاد تقوم أصلا على الأسرات (كما قسمها أفلاطون في كتابه الجمهورية).
وأنت لو ذهبت لأفقر قبائل أفريقيا، ستراهم يهتمون بالزواج جدًا، كأنه الغاية من الوجود. ولو ذهبت لأغنى شعوب العالم، ألمانيا مثلا، تجد الدولة تمنح معونات للمتزوجين وتحفزهم على الإنجاب. وهذا في بلد متحرر أخلاقيًا، يشبع المرء فيه شهوته بسهولة. وإن لم يكن التشجيع على الزواج يكون التشجيع على الارتباط، وتجد الام الأمريكية تسأل ابنتها عن الأمر تمامًا كما تسأل الأم المصرية. فليس غريبًا في بلادنا إذًا أن يكون محور اهتمام الأهل هو زواج أبنائهم.
والدين حث على الزواج وكذلك الفلسفة (سقراط رغم ما عاناه مع زوجته حثَّ على الزواج). و"يا رب أشوفك عروسة" ليست غريبة إذًا ما كان الإشباع الوحيد للحاجة يكون بالزواج. أما "يا رب أشوفك متهنية في بيتك" فهذا طبيعي أيضًا، لأن بيتها سيكون مملكتها وليس مملكة أمها، وهذا شئ فطري، كما يتمنى الشاب أن يكون رجل بيته، له فيه الأمر والنهي والدور والمسؤولية، مثلما كان أبيه.
- ثالثا: الالتزام في التعامل هو حرية شخصية، ولكل إنسان رأيه، فهناك من يرى الصداقة بين البنت والولد في سن المراهقة وفي ظروف المجتمع الحالية (معظم المدارس تفصل البنات عن الأولاد منذ الصغر) هو احتكاك خاطئ – وأي مجتمع يطوَّر الطرق التي يراها تصونه من التحلل، ومجتمعنا طوَّر نموذج التفريق بين الفتى والفتاة، فإن كان هذا النموذج مخطئًا، فالمجتمع سيغيره.
- رابعا: ليسوا كل الشباب هذا العنترة، هو خطأ أن نعتقد بهذه الصورة "فتى يترك فتاة بسبب سلوكها المتزمت". السلوك الذي يتبعه أي إنسان ينبع عن قناعاته ورغباته، والفتاة التي اختارت السلوك الشبه متزمت سوف يكون لها عنترتها الذي يأتيها لإعجابه بهذا السلوك.
أما العزف على أوتار الذكورية، فهذا شئ يمكن لأي فتاة فعله، والفرق أن الفتاة التي اختارت الأخلاق وألا تكون لعوبًا، اختارت أن يكون عزفها متفردًا بعد الزواج، وألا يكون عزفها على أوتار أي واحد. ولا يمكن بأي حال تعميم ما تفضلت وقلته عن الفتاة التي ارتبطت لأنها كانت أثناء فترة الدراسة لا تتجنب الزملاء، لأن هناك غيرها تتزوج مع أنها كانت من النوع الذي يتجنبهم.
- خامسا: تشيئ المرأة هو شئ قديم جدًا عند الإنسان وليس عند المجتمع الشرقي. وتختلف الرؤية من شخص لأخر ومن مكان لأخر ومن زمن لأخر. وتتغير.
أما صفات فتى الأحلام، فطبعًا لا بد أن تكون صفات تقليدية تبعًا للمجتمع المحيط بالفتاة، ولكن تفاصيلها ربما تختلف من فتاة لأخرى. فكما رأيت في المسلسل يأتي العريس، وهي تنتظر نفس الصفات النمطية التي ذكرتها (متدين، ميسور، مؤدب)، ثم تظهر فيه صفة لا تعجبها (رغم أن هذه الصفة لا تناقض النمط العام، كأن يكون قاسي الطبع أو كثير الكلام مثلا) فترفضه – في حين تقبله أخرى.
معنى ذلك أن الصفات النمطية لها تفاصيل تختلف من واحدة لأخرى، تفاصيل طورها المجتمع داخل ذهن الفتاة في سنين طويلة حتى يحافظ على نفسه.
- سادسا: شخصية علا ساخرة، ولا يمكن أن نحكم عليها خارج الإطار الساخر. لذلك "لماذا لن يتزوجها" هو كلام خارج السياق. ولو كانت هناك فعلا فتاة بهذه العيوب، فهي أول تعيس.
- أخيرا: "نولد، نتعلم، نتخرج، نعمل، نتزوج، ننجب، نموت" هذا بالضبط كأن تقول "نتفق، نتقابل، نتعرف، نتحدث، ننصرف"، هذا اختصار لكل التفاصيل التي تعطي معنى أصلا للحياة. وهذه صورة تمرير الوقت في معظم مجتمع الإنسان، وليس المجتمع المصري فقط، وهي صورة طورها المجتمع الإنساني على طول سنين طويلة، وليست بدعة نحن اخترعناها.
والتعميم عندما قلت: سمات الفتاة... أراه معكوسًا، بل المعظم محترم والأقل منحط - والاحترام ككل شئ، نسبيٌ، لو قست احترامها بالنسبة للفتاة الغربية العادية فهي كأنها السيدة العذراء، ولو قستها للسيدة العذراء فستظهر أدنى بكثير منها.
في النهاية أتمنى حقا أن يتسع صدرك لما قلته، وهو مجرد رأي في عجالة من غير تدقيق. وأشكرك على الكلام الذي كتبته فهو كلام يشجع على التفكر والنقاش. وأحييك على أسلوبك المرتب الواضح.
تحياتي وتقديري وشكري. وأرجو أن تقبلني قارئًا جديدًا لك.
أتفق مع كل حرف حضرتك كتبته ... رغم إن المسلسل فيه بعض حلقات حلوة و رغم إن هند صبرى تقمصت الشخصية حلو قوى و أعرف ناس كتييييييييير شبهها بالضبط...لكن تناول حضرتك للموضوع فعلاً أنا أتفق مع حضرتك فى كل كلمة منه ... و مما يزيد احترامى لهذا الكلام إن حضرتك رجل ...فى مجتمعنا الذكورى للأسف نادر جداً لما رجل يفكر بهذا الشكل المحايد و المنصف .
دمت حضرتك بكل الود و أنا يسعدنى جداً أن أتابع مدونتك القيمة من الأن فصاعداً ... و أتمنى لو وقتك يتسع لتشريفى فى مدونتى
http://reeeshkalam.blogspot.com/
عزيزي أستاذ محمود عزت
نعم يا صديقي، بالنهاية هي ازدواجيتنا الشهيرة في أوضح صورها
تحياتي وتقديري وشكري
عزيزي آخر ايام الخريف
أشكرك وافر الشكر على التعليق الكريم يا صديقي وارحب بك صديقا دائما، ان شاء الله اتشرف بزيارة مدونتك، اما مجتمعنا الذكوري فحدث ولا حرج، واعجب ما فيه ان تجد فيه نساء يكرسن للقهر وينظرن له ويبررون بأنفسهن كأنهن لسن ضحاياه، نزعة مازوشية ربما
تحياتي وتقديري وشكري
حضرتك قولت اللي كان نفسي اقوله
مقال أكثر من رائع تسلم يداك
:)
Dear MSMO
أهلا وسهلا ومرحبا بك، أشكرك يا عزيزي، تقبل تحياتي
طب بجد عندك حق
واول وموش اخر ذياره بأذن الله
كلام حضرتك مظبوط وواقعى جدا اقول لحضرتك مش عايز يتجوزها لانها مش عايزة تصاحبة لانها مش بتديلة ريق حلو لانها مصحبتش حد فى الجامعة وكانت مركزة فى مذكراتها علشان تتخرج وتخلص وبعد كدة تشوف ابن الحلال فلقت صاحبتها اللى كانوا بيحبو واللى مصاحبين هما اللى اتجوزة وخلصو وهى لاء فى مجتمع مظهرى وعندة ازدواجية فى المعايير فمشكلة تأخر الزواجل لايمكن تنحصر فى اسباب اقتصادية لان بشوف كل يوم حفلات زواج بتم برغم الحالة الاقتصادية للعريس ولا مغالاة فى المهور ولا اخلاقيا ولكن المشكلة فى مظاهر وشكليات عمرها ماكانت من الدين بالاضافة للاذواجية اللى بيعانى منها المجتمع
مقال حضرتك وطرحه للموضوع وتحليه رائع جداً بل أكثر من رائع وفي الصميم .. ولكن بعد التحليل والطرح وفهم المشكلة بأبعادها .. ما هو الحل ؟؟ لاقتناعي الشديد بما ذكرته حضرتك في المقال أعاني حرباً نفسيه يومية عندما يسألني من حولي .. هيه مفيش أخبار ؟ مفيش جديد ؟؟ لأن الزواج عند الأغلبية العظمى هو الهدف الأسمى للحياة بغض النظر عن أي شيء آخر .. وعندما يتقدم عريس غير مناسب أكون محملة بهموم شرح أسباب رفضي بما يتناسب مع فهمهم لأني إذا ذكرت أسبابي الحقيقية سوف تسفه فورياً وأوضع في قالب المتكبرات أو العازفات أو رافضات النعمة والتي سأحفى حتى أحصل على ظفرها فيما بعد حين أندم ولات حين ندم .. أرجوك يا أستاذي الفاضل أن تضع حلولاً بديلة أو تشرح لنا كيف نقوم بإصلاح الأوضاع
عزيزي سوني أهلا بك واشكرك للتعليق، وفي انتظار زياراتك وتعليقك، تحياتي وشكري
عزيزي الغير معرف أشكرك للتعليق والمشاركة، تقبل تحياتي وترحيبي وشكري
عزيزتي هبة
شكرا لتعليقك يا عزيزتي
ألا إن الحل هو ثباتك على الصواب الذي تفعلين الآن، ببساطة لأن الحرب النفسية التي يشنها عليك المجتمع لا تقارن بيوم من تعاسة زوجية لو استسلمت، اليوم لديك الأمل في غد أجمل، وهو أمل يضيع مع تعاسة الزوجة التي قررت القرار الخطأ
الحل أن تتمسكي بأن الزواج وسيلة لترتبطي برجل تتمنين ان تقضي بقية العمر بجواره، رجل تؤمنين به ويؤمن بك، ترغبينه ويرغبك، وليس ابدا هدفا بذاته، وذكريهم بحالات من حولك سلكن صراط المجتمع الأعوج فانتهين تعيسات او مطلقات، او اسخري من تعاستهم في سرك وهم يريدون ان يجروك لمثلها، وقولي لهم العبوا غيرها
تحياتي وتقديري وشكري
Post a Comment