12.5.06

سر النيبيرو

هل توجد رموز وثنية متوارية في كاتدرائية شارتر؟


كاتدرائية شارتر من أولى الكاتدرائيات القوطية التي بنيت في باريس خلال القرن الثاني عشر، و تقع في مدينة شارتر حوالي 80 كيلومتراً جنوب باريس، و قد تعرضت في عام 1149 لحريق دمر بنيانها القديم عدا الواجهة الغربية الباقية لليوم، و التي مازالت على طرازها القوطي القديم، أما باقي الكاتدرائية فأعيد بناءها فيما بين 1149 و 1220 م، و ترتبط نشأة هذه الكاتدرائية إرتباطا وثيقا بفرسان الهيكل ، و هم من المواضيع الأساسية للرواية محل التحقيق، مما يبرر إهتمام المؤلف بها، حيث تضمنت أحجارها رموزاً لصيقة الصلة بالأحداث الواردة في "شفرة دافنشي"، و بصفة عامة، فقد إستدعى التركيز الشديد في أيقونات الكاتدرائية على السيدة العذراء فضلاً عن العدد اللا نهائي من الرموز الأنثوية فيها ميلاً شديداً من الباحثين و علماء الرموز لإمكانية تضمين المعماري المجهول الذي أسس الكاتدرائية، لعدد من الرموز الوثنية للآلهة المؤنثة الوثنية في أحجار الكنيسة.

العذراء السوداء:
من هذه الرموز في شارتر، تمثال "سيدة الأعمدة" أو "العذراء السوداء" و هو تمثال لسيدة سوداء في وضعية العذراء، و يلقي الضوء على عادة مبكرة لدى المؤمنين المسيحيين الذين إعتادوا تطبيق رموز و صفات الربة المصرية إيزيس على مريم العذراء، و هذا يفسر اللون الداكن للمادونا السوداء و المأخوذ من رسوم و تماثيل إيزيس. و يدلل كتاب " بيكنت آند برينس " على هذا الربط الوثني بأسماء إيزيس التي تم إطلاقها على السيدة العذراء مثل "ملكة الجنة" و " نجمة البحر" و كذلك بنقل الهالة التقليدية حول رأس إيزيس من الأيقونات الفرعونية للأيقونات المسيحية، و التي أصبحت بعدها علامةً أساسية للقداسة في الفن المسيحي، ثم إنتقلت منه للأيقونات الإسلامية الشيعية، و تمثال "المادونا السوداء" يقع داخل تجويف تقليدي و هي ممسكة بيسوع الطفل، أسود البشرة أيضاً و هو اللون التقليدي لحورس الطفل، و محاطة بنصف دائرة من النجوم و فوقها صورة جسم مشع أبيض اللون، محاط بدوره بقوس فيه سبعة نقاط حمراء مضيئة. و هذا في رأي علماء الرموز الدينية يشير إلى إرتباط هذه الأيقونة بعبادة كوكب الـ "نيبيرو" الواغلة في القدم و المتأصلة في الديانات الوثنية القديمة.

عبادة النيبيرو:
و هذا النيبيرو متعدد الأسماء في تراث الشعوب، و من أسمائه "الكوكب الثاني عشر" و "الكوكب المجهول" و "مردوك" و سكانه يشار إليهم بالـ " الأنوناكيين" و "نيبيرويين" و "المردوكيين" و "إلوهيم" و هو لفظ الجمع العبري للفظ "إله" و يعني الآلهة، و تروي الأسطورة أن هذا الكوكب من خارج المجموعة الشمسية يقترب من الأرض كل 3600 عام، و يرتبط هذا الاقتراب بالعديد من الفيضانات و الزلازل و الكوارث الطبيعية. و تحيط به سبعة أقمار تابعة له.

ما علاقة الـ "نيبيرو" بالسيدة العذراء بالربة المصرية إيزيس بأيقونة المادونا السوداء؟؟

كانت هناك إحدى الطوائف السرية بالمسيحية تربط أقدم إقتراب مسجل للنيبيرو بمولد "حورس" الطفل الإلهي. و بعد قرابة الأربعة آلاف عام، و في الاقتراب المسجل الثاني ، تعتقد هذه الطائفة أن حورس ولد من جديد في شكل "يسوع" الطفل، و ذلك لإعتقادهم في إمكانية تناسخ روح الإله في الكائن البشري، و في الأيقونة كما هو واضح رمزية لإعادة القصة من خلال إضفاء لون إيزيس و حورس الأسمر على هيئة مريم العذراء و المسيح الطفل، فالملامح لإيزيس و ابنها و الزي للعذراء و ابنها، كما يرمز لنجم النيبيرو المتحكم في القصة كلها بالنجم المشع الأبيض في موقع مركزي فوق رأس المادونا، و كذلك لأقماره السبعة بالنجوم السبعة الحمراء، و يتكرر هذا الرمز ثانيةً في البناء الخارجي للكاتدرائية في شكل نجم يعلو العذراء محاطاً بهالته، كما يتكرر الرمز في دائرة النجوم المميزة في بهو الكاتدرائية، حيث يظهر لنا النيبيرو في موقع غريب غير متكرر في الزودياك عادةً، و فضلاً عن ذلك كله، هناك العديد من النظريات الرمزية و الأساطير الدينية تدور حول كاتدرائية شارتر و تربط بينها و بين فرسان الهيكل من جهة و بين العقائد السرية الماسونية من جهة أخرى و بين وثنيات الأنثى المقدسة من جهةٍ ثالثة.



و من هذه الأساطير، أن الملك "شارلمان" أهدى إلى الكاتدرائية ثوباً من ثياب السيدة العذراء، و هذا الثوب مازال معروضاً بها لليوم، و وفقاً للأسطورة، حصل "شارلمان" على هذا الثوب من فرسان المعبد، و الذين غنموه بدورهم أثناء الحروب الصليبية في أورشليم. و لكن الحقيقة التاريخية تقول أن هذا الرداء أهدي عام 867 م من الملك "شارل الثاني" و ليس "شارلمان"، و أيدت الدراسة العلمية للثوب أنه من منسوجات سوريا في القرن الأول الميلادي مما يزيد من إحتمالية كونه للسيدة العذراء. و لقد نجا الثوب من الحريق المدمر بفضل بعض الرهبان ، و الذين إعتبروا نجاته أمراً من العذراء مريم ببناء كاتدرائية جديدة في نفس المكان، و جمعت التبرعات من كل فرنسا لهذا الغرض. و تم ترميم "شارتر"

و من غرائب الكاتدرائية، وجود متاهة خطية على أرضيتها ! ، و قد وضعت هذه المتاهة الخطية قرابة عام 1200م أثناء ترميم الكاتدرائية بعد الحريق، و يقال أن السير في خطوط هذه المتاهة كان شرطاً من شروط الحج للجماعات "المريمية" التي كانت تأم الكاتدرائية في القرون الوسطى، تقرباً للقديسة "مريم المجدلية" ، و كرمز للبحث عن الحقيقة و محاولة التقرب من الرب، حيث يدورون في أفلاك المتاهة، و عند النقطة المركزية بها يركع الحاج على ركبتيه و يردد الأدعية. و من الغريب أن على هذه النقطة المركزية حيث يركع الحاج نقشاً لنجمة مميزة سيأتي الحديث عنها في فصل لاحق، و تعتبر هذه الوردة / النجمة الخماسية رمزاً للسيدة مريم المجدلية

10 comments:

Anonymous said...

انا مستمتعة بقراءة حقائق واشياء لم اعرفها من قبل
لكن انا اريد ان اعرف شى هل منع نشر اشياء لا تتفق مع رؤية البعض هل هذة دعوة للبحث عن الشئ الممنوع بكل الطرق حتى لو لم يكن داخل فى اطار اهتمامنا بل لانة ممنوع نبحث عنة ولو ترك مسموحا قد لا ننظر لة

Anonymous said...

صديقتي الغالية أيوية
قد أقول نعم ، فالمنع بذاته حين يكون للافكار و الاراء أراه سياسة مقيته، و احاول ان اقهرها بالوصول لما يمنع عني من فكر، فليس من حق الكنيسة او غيرها ان تقرر لنا ماذا نقرأ و ماذا نهمل

تحياتي و تقديري

Anonymous said...

بدأت القراءة

راقت لي الخاتمة جدا وعدت من الفصل الاول

سؤال : هل هذا كتاب لحضرتك نشرته ؟؟

تحيتي لك دكتور

Anonymous said...

عزيزتي ماجدولين
أتمنى أن يعجبك الكتاب كله، هو كتاب لي، و هو تحت الطبع الآن و لكن للأسف ليس بمصر و لكن ببيروت، ما نشر لي في مصر مطبوعا هو فقط ديوان القلب و سنينه و تجدينه هنا

http://heartyyears.blogspot.com/

تحياتي و تقديري

Anonymous said...

عزيزى د. إياد

أذهلتنى قدرتك الفائقة على التحليل والربط بين التفاصيل الصغيرة وقراءة ماوراء النص الدينى فى الخاتمة التى قرأتها قبل ان اعود لقراءة كتابك من فصله الأول

سيدى بدون أدنى مجاملة لقد حباك الله ومن عليك بقدرة تحليلية ثاقبة وبصيرة تمكنك من الوصول للهدف الإلهى من النص الدينى

وأعتقد أن تلك القدرة التحليلية هى التى تعتبر علامة المتدين الحقيقى وليس الزائف الذى يتمسك بالقشور ويردد ما يسمع كالببغاوات دون أدنى إجهاد ذهنى للفهم

بمعنى أخر..... ( حضرتك فاهم موش حافظ) وبالتالى ربنا يكون فى عونك

بالمناسبة عندما قرأت هذا الفصل تذكرت واقعة حدثت منذ حوالى 11 عام لزميلتى الباحثة فى كلية الأثار والتى قدمت فكرة لرسالة الماجيستير الخاصة بها كما يلى

(تأثر الديانة المسيحية بالديانات المصرية القديمة - الثالوث المقدس وأسطورة إيزيس زأوزوريس وحورس )

وطبعا كانت نهاية صديقتى أنها الأن تعمل فى شركة سياحة لأنها طردت شر طردة من الدراسات العليا بالكلية

سلاموا عليكم

Anonymous said...

عزيزتي مهرة عربية
أهلا و سهلا بك و شكري العميق لتعليقك المشجع ، و الذي أتمنى أن أستحقه ، أما عن الفهم و الحفظ يا عزيزتي ، فلديك كل الحق ، و الموضوع هو اعتقادي بأنه سبحانه لو أرادنا أن نتبع منهجا صلبا محفوظا كقضيب القطار ، لألزمنا الحجة بلوح من السماء عليه قوانين الايمان ، و لله الحجة البالغة ، و لكنه أراد لنا أن نصل لنوره بعقولنا التي وهبنا اياها ، فالدين في رؤوسنا كمنطق للتفكير و الاستنباط ، و تلك هي فطرته تعالى

أما عن صديقتك ، فعليها المضي في بحثها بعيدا عن الجامعة ، فاليوم مجالات البحث ميسرة ، و مجالات النشر مفتوحة أكثر ، أعانها الله على ما ستلقاه ، لكن سعادتها بالحقيقة ساطغى على كل ما عداها باذن الله

تحياتي و تقديري و شكري

مع وافر شكري و تقديري

emy.emy85 said...

القراءة فى هذا الموضوع شيق جدا وبعيدا عن المعتقدات الدينية فهو بيبحث فى ثقافات الدول ومعتقادتها وتاثيرها علينا ومواقفها اتجاهنا وانا باشكر حضرتك جدا على المجهود الجامد اللى اكيد حضرتك بذلته علشان توصل الكتاب للمستوى ده مع مراجعة وتفنيد الحقايق كلها بشكل ممكن لاى حد يقراها و يقدر يستوعبه اكيد كان شىء مجهد انك تشيل امانة توصيل الفكرة والبحث والتحليل عن اركان الموضوع اكيد كان شىء مرهق جسديا وفكريا
كنت عايزة اسئل لو الكتاب فى منه نسخ فى مصر انا عارفة انه نشر فى بيروت فهل نزلت منه اى نسخ مصصر او متحمل على اى موقع علشان انزله منه

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي إيمي
للأسف لا توجد نسخ معروضة
لدي نسخة الكترونية على ملف بي دي اف لو أردت أرسلي لي بريدا على
eharfoush@gmail.com
ليمكنني الرد مع تحميل الملف
تحياتي وتقديري ووافر شكري لجميل تشجيعك

Anonymous said...

سيدي عندما قرأت رواية شيفرة دافنشي بدا لي ان عينين ستظل علي اتساعهما ابد الدهر وبعد انتهائي من القصه قلت هي روايه رائعه لخيال مؤلف عبقري ومره اخري وانا اقرأ في مدونتك اتسعت عيناي ولكن هذه المره لأني اقرأ حفائق كل تقديري سيدي لجهدك الغير عادي وكل شكري لكل هذه الروعه

Dr. Eyad Harfoush said...

سيدي العزيز
أشكرك لتعليقك المشجع، وسعادتي كبيرة أنها حازت اعجابك ورضاك
تحياتي وتقديري وشكري