11.5.08

رسالة إلى الله

كثيراً ما نخاف مواجهة أنفسنا بعجزنا أو فشلنا، كثيراً ما نتجنب لوم جلادينا، و في كل الأحوال نلوم الزمن، أو الدهر، أو القدر، أو قد نتبجح فنسأل عن معنى الكون، هنا ألخص غطرسة الإنسان و غلوائه في سؤال للسماء في: رسالة إلى الله، ثم أعود فأستلهم وجه الحقيقة في أسئلتي بــإلهام من الله


رسالة إلى الله
مـــــــــــــــــن أين ؟
و إلــــــــــــى أين ؟
و ما الحــــــــكاية ؟
بدأت طريقـــــــــــــــــــــاً يبدو بلا نهــــاية
طريق البحث في أصـــــــــــــل الروايــــة
أللجنون مســــيري ؟ أم إلى نور الهـــداية ؟

***

يا حكيم .. لماذا مـــــلحمة الدمـــــــــــــاء؟
يا رحــيم .. لم الظمأ و سماؤك يثقلها الماء؟
يا قهار .. و لماذا يقهــــــــــــــرنا الدهماء؟
يا مغني .. لم جـــــــــــــــــــــوع الفقراء؟
يا شافي يا معافي .. الداء يشق الأحــــشاء!

***

يا كريم .. لم يبخل بالحلم على من يتمناه؟
لم يغدو الأمل ســــــــــــــــراباً ننســــاه؟
لم ختم الحزن على الأفـــــــــــــــــــواه؟
يا عظيم .. صارت دنيانا ملهــــــــــــــــاة
سخرية مرة .. تضحك الشفـــــــــــــــــاه
أما الفـــــــــــــــــؤاد .. فالبسمــــــة تأباه

***

طفلٌ كسيح .. على التراب يحــــــــــــبو
وعينه لكل من سار على قدمـــــــين ترنو
وإذا ما جاء نومٌ .. فعلى التـراب يغفـــــو
على شوك ينام .. وعلى الآلام يصحـــــو
لا يعرف كيف يصــــــــــــــــــــــــــرخ


لا يعرف كيف يشكـــــــــــــــــــــــــــــو
ومن عينيه .. سؤال حقٍ ينســــــــــــــاب
لماذا أنا لصيق التـــــــــــــــــــــــــراب؟
لماذا أنا أذوق العــــــــــــــــــــــــــذاب؟
لم تُسرق طفــولتي و الشــــــــــــــــباب؟
أحيا و اموت حــــــــــــبيس التـــراب !!

***

شيخٌ بالعراق
عاش عمره .. في رحــــــــــــاب السماء
نسفوا بيته .. فنظـــــــــــــــر إلى السماء
ذبحوا ولده .. فنظــــــــــــــر إلى السماء
سملوا عينيه .. فأشـــــــــــار إلى السماء
قتلوه ..
قتلوك يا أبتي، فلماذا ..
لا تنقض على قاتليك السمــــــــــــــــــاء؟

***

و فتاة كانت .. في عمــــــــــــــر زهـــرة
كانت بالبوسنة تعزف لحناً، تغرس شجـرة
تحلم بالبيــــــــت
بحصانٍ أبيض .. و فارسها يعتلــي ظهره
فأتت جحافل الليل
سرقت عرضـــــــــــــــــها قسراً و قهرا
وغاصبها .. ترفع الـــدنيا ذكــــــــــــــــره
كانت تعد لغدها .. أحلامــــــــــــــاً نضرة
بيت بالحب تبنيه .. تجـــعل الإيمان عطره
فانقلبت الحلم أوهاماً والبيت أطلالا قفرة!

***

شللٌ يسري بجســـــــــــــــــــــد الأطفال
و دمٌ طاهـــــــــــــــــــــــــرٌ بالغدر سال
و الفقرُ يذيب الأسمــــــــــــــــــــــــــــال
و أنا يضنيني الســـــــــــــــــــــــــــؤال
دائماً و أبداً نفس الســــــــــــــــــــــؤال
أخلقنا لنكابد ألماً ؟ أخلقنا لنذوق الأهوال؟

إلهامٌ من الله

من أيــــــــــــــــــــــن ؟ .. من عنــده
و إلى أيــــــــــــــــــــــــــن ؟ .. إلـيه
و شرح الحكـــــــــــــاية .. سهلٌ عليه
و نهاية الطـــــــــــــــــريق .. بين يديه
فالرواية كلها .. من صـــــــــــنع يديه

***

من يا عبد أسال الدمــــــــــــــــــــاء؟
ومن أراد الظمـــــــــأ لهـــــــــــــيباً
فمنع عن العباد المـــــــــــــــــــــــاء؟
من أطلق العنان .. لقهر الدهمـــــــاء؟
من منع القـــــــــــــــوت عن الفقراء؟
من لبطــــــــــــــــــــــن اليم ألقــــــاه
لتجوع بطون البؤســـــــــــــــــــــاء؟
من ترك الداء يسري و بيده الــــدواء؟
ألستم أنتم من أراد الشقــــــــــــــــاء؟
ألستم أنتم من صــــــــــــــــاغ العناء؟
تخافون لوم طغاتكم فتلومون السمــاء؟

***

لم يبخل ربكم بالحلم .. أنتم منعتموه
لم يقتل الأمل يوماً .. أنتم قتلتمــــوه
وختم الحزن أنتم وضعتمــــتــــــوه
ولهو الدنيــا انتم أردتمـــــــــــــــوه
خيركم فاخترتم .. و التسيير أبيتموه
أخلفكـــــــــــــــم ربكم في أرضــه
فتركتم عهــــــــــــــــده و نسيتمـوه
أمركم بالطيبات .. فاخترتم الخبائث
هنيئاً لكم ما اخترتمــــــــــــــــــــوه
زرعتم الأرض حقداً .. فأنبت شراً
حصادكم اليوم ما بالأمسٍ زرعتموه

***

وتسأله عن الطـــــــــــــفل الكـــسيح!
وهو به أدرى .. وأرحـــــــــــــــــــم
تعــــــــــــــــــــــال يوم الديــــن تراه
بفردوســــــــــــــــــــــــــــــــــه ينعم
أبدله بالساق جـــــناحــــــــــــــــــــــاً
يطير به في الجـــــــــــــــــنان فيكرم
و إذا ما جاء نومٌ ..
فعلى ديباج ينام و على سندس يحلــــم
بكى بالأرض يوماً .. وإلى الأبد يتبسم
هذا عوض من بلاء الســـــــــــــــــقم
فطوبى لمن يشقـــــــــــــــــى و يسقم
يا عبد الله رويداً
أأنت خلقته .. لتحنـــــــو عليه و ترحم؟
أم ربه الرحــــــمن .. به أدرى و أعلم؟
فتب إليه و اهتدي
و سل الغفران عما قلت و انـــــــــــدم

***

شيخ العراق .. أعلم مــــــــــــنك بربه
شب في رحابه و جعل له جمــاع قلبه
فوهبه الرحـــــــــــــــــــــــمن صبراً
أين أنت من صــــــــــــــــــــــــــبره؟
نسفوا بيته .. فنظــــــــــــــر إلى ربه
ذبحوا ولده .. فرضـــــــــي بأمر ربه
سملوا عينيه .. فرأى بنــــــــــور ربه
قتلوه .. ففــــــــــــــــــــرح بلقاء ربه
و عنده سيعلم .. كم فضـــــــــــل ربه
ويرى في قاتله .. قصــــــــــاص ربه
فأمهل القاتل ليومٍ هو يوم كــــــــــربه
راقته لعبة الدماء
ولسوف يعرف ع
اقـــــــــــــــــبة لعبه

***

أما الفتاة و عرضها .. فسل عنهما نفسك
فالعار عارك يا فتى .. و الذنب ذنبــــك
إخوة في الحق أنتما
فكيف نال الكـــــــــــــــــــلاب أخــتك؟
لمَ لم تجفف دمعها؟
وتأخذ كالرجــــــــــــــــــــال بثـــأرك؟
لم رضيت بقهرها؟
ولماذا لم تغضـــب لعرضـــــــــــــــك؟
بكيت عرضها شعراً؟
وندبت بكـــــــــــــــــــــــارتها بقلــمك؟
لا .. لن يبريء الشعر عرضـــــــــــــاً
ولن ترفع الأقــــــــــــــلام من ذُلـِّـــك!
هاك رأســـــــــــــــــــــــك فوق العنق
وذراعـك ثابت في كــــــــــــــــــــتفك
ألق قلمك واحمل سلاحــــــــــــــــــــاً
وامض فأثأر لأخــــــــــــــــــــــــــتك
وإلا .. فاستحــــــــــــــــي منه تعــالى
وانظر للأرض .. و ارض بوصــــمك

***

رضيت بالدم المنــــــــــــــــــــــــهال
أطلقت الفقر .. يذيـــب الأثمـــــــــــال
وبعد هـــذا تلقي الســــــــــــــــــؤال؟
لم تخـــــــــــــــــــلق لتكــــــــابد ألماً
لم تخــــــــــــــــــــلق لتذوق الأهوال
خُلقتَ حراً .. فاخـــــــــترت الأغلال
خُلقتَ مهتدٍ .. فأردت الضــــــــــلال
عشقت الحرام .. و كرهـــت الحلال
فكن كما شئت
وانهل من الدنيــــا حتى الثمــــــــــال
فستعلم يوم تنزل لحــــــــــــــــــــدك
يوم التــــــــــــــــــــراب عليك يهال
أفعال من كانت .. هذه الأفعــــــــــال
EyaD
القاهرة – خريف 1995

No comments: