28.5.08

تهافت التهافت-02

الوعظ و الفكر الديني

بعد أن أفضنا في بيان تهافت الإطار المعرفي الذي يقدم به الفضائيون الجدد مضمونهم الفكري، نأتي على بيان تهافت هذا المضمون ذاته، ليس تهافتا فكريا و حسب، بل و تهافت شرعي، مخالف للدين القيم و منهجه المستقيم، و لأن موضوع حبس العلم الديني و قصر الاجتهاد على المحترفين ، كان بدايتنا، نقوم هنا بتفنيده و بيان تهافت دعواه، كمثل واضح على تداعيهم الفكري و المعرفي ، و لأنهم يعلمون ألا دليل شرعي من الكتاب أو السنة النبوية، يدعم دعواهم بقصر الفكر الديني على من يسمونهم المتخصصين و أسميهم المرتزقين، تراهم يتحككون بالدليل العقلي، على غير عادتهم، فيقولون هذا عصر التخصص و التخصص الدقيق، جميل جدا، لدينا عليكم و على منطقكم المعوج الحجج الآتية

ليس فيهم متخصص يتحدث في تخصصه
لا يوجد علم اسمه علم الدين، حتى يتخصص فيه الواحد منهم، و لكن للدين علوما عدة، منها علوم القرآن العديدة، و علوم الحديث العديدة، و الفقه، و علم الكلام، و غيرها، و تحت كل علم من هذه العلوم تقع علوم فرعية، فهل منهم من يقتصر حديثه و فكره و اجتهاده على علم واحد من علوم الدين؟ اللهم لا، تجد الواحد منهم حاصلا على ماجستير أو دكتوراة أو على الأقل بكالوريوس في علم من العلوم الدينية، ثم تجده يبغبغ في كل هذه العلوم، و هذا ليس خطأ، و لكن نحن و هم فيه سواء، ليسوا من المتخصصين و لا نحن، و مهمة المتخصصين لا تقتصر على التفكر و التدبر، و الحوار و المناقشة، فهذا مضمارنا نحن و هم، اما الأكاديميون من أهل العلم الديني فمضمارهم البحث العلمي الجاد و المتكامل الأركان


تيسير الفكر الديني

الفكر الديني، بمعنى التفكر و التدبر بعد المطالعة و البحث، هو علم يسره الحق تبارك و تعالى ، و ذلك كما في قوله تعالى "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" و هي آية تكررت في سورة القمر أربع مرات، و هذا التكرار للتأكيد، و ليس الذكر بالطبع أن نقرأ القرآن لا يغادر حلوقنا، و ليس الذكر تعديد أسماء الله على قرع الدفوف و هز الرؤوس، بل الذكر أن يقرأ القرآن بتفكر و تدبر، و تقرأ السنة قياسا بتفكر و تدبر، على أن للقرآن خصائصا ليست فيه غير، جعلها الله آليته التي حفظ بها الذكر، و هذه الخصائص هي ما يلي

- وحده القرآن كتب و روجع في حياة صاحب الرسالة
- وحده القرآن مازال مقروءا ليومنا هذا في لغته الأم التي نزل بها، بينما الآرامية و التي نزل بها العهد القديم و كتبت بها الأناجيل لا نجد نسخة منها الآن ، و أقدم نسخ التوراة الموجودة هي ترجمتها للعبرية، و أقدم نسخ الانجيل هي ترجمته لليونانية، و اللغة الأم دوما هي المرجعية، و لو قرأ أحدكم ترجمة معاني القرآن و قارنها بما يفهمه من لغة القرآن لوجد فيها اختلافا كثيرا يؤثر على المعنى تأثيرا جذريا
- نزل القرآن منجما ليكون مواكبا لحياة الناس و متفاعلا معها، و جعل الله فيه النسخ ، ليس لبداء تعالى الله عن هذا، و لكن ليضرب لنا المثل الأعلى في التفاعل مع المتغيرات و مراعاة مقتضى الحال

الفقه هو الإجازة و ليس التحريم
قال "مالك بن أنس" إمام أهل المدينة "الفقيه هو القادر على استنباط الإباحة بدليل شرعي، فالكل قادر على التحريم، و إنما الفقه في استنباط الإباحة" و هكذا كان مالكاً يحاول التيسير على الناس، و الإمام مالك بالمناسبة هو الذي جعل في مذهبه جواز العقد المشروط في الزواج، فتشترط الزوجة على زوجها عند العقد ما تراه ، كألا يتزوج عليها مثلا و لا يتخذ عليها سرية، أو ألا تغادر مدينتها، و ما إلى ذلك مما لا يحل حراماً، و قد هفلط بعض الفضائيين ممن ذكرنا قبلا عندما شرعت الحكومة المصرية العقد المشروط، فلم يعجبهم ذلك، لأنه مضاد لفلسفتهم الذكورية البدوية، و كذلك كان الإمام "محمد عبده" يقول "آتوني بما ينفع الناس ، آتيكم بدليله من الكتاب أو السنة" فجعل الصالح العام هو نبراسه الذي به يستدل على الحلال و الحرام، فالشارع الأعظم لن يشرع للناس شر و لن ينهاهم عن خير



عصر العلم و التخصص يقضي عليهم و ليس لهم
من هو القادر في يومنا هذا على استنباط ما ينفع الناس و ما يضرهم؟ هم علماء العلوم المعاصرة من الطب و الهندسة و الفلك و غيرها، و من القادر على تحديد توجهات المجتمع لماينفعه و لا يضره ؟ هم علماء الاقتصاد و الاجتماع و التاريخ و علوم الإدارة و غيرها، فالعلماء اليوم هم أجدر الناس بالفقه، يتممون به علومهم، حتى يعرفوا طريق الفلاح، ثم ينظروا في الشرع الإلهي ليبرهنوا للناس أن الشرع ان لم يشجع على هذا الخير، فهو لا ينهى عنه ، فهؤلاء العلماء هم من يحتاج الناس لعلومهم اليوم، اما المهطرشين بغير علم من أمثالهم، في أمور طبية كختان الإناث المزعوم، و الذي قاومه الإسلام في إطار عدم الاصطدام بالأعراف القبلية السائدة في حينه، فقال الرسول للخاتنة البدوية "اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج" فقد كانت تختن و أمرها الرسول بالتخفيف، و ليس العكس، فكان توجه الإسلام ضد و ليس مع الختان لو كانوا يفقهون، و اليوم قضي الأمر ، و قال الطب الحديث كلمته ، و هو ما لا يقدرون على وعيه و لا فهمه و لا حتى المطالعة فيه ، بأن ختان الإناث جريمة، فوجب عليهم الصمت عندما يتكلم العلماء الحقيقيون الذين يبحثون فيما ينفع الناس ، و ليس في بطون الكتب الصفراء عما يبلبل العوام لتحقيق الشهرة الرخيصة

العلم الإلهي ميسر، فضلا عن كونه فرض عين على كل مسلم، أما العلم الحديث فهو متشعب و غير ميسر بنفس الدرجة، لذلك كان الأولى بمحترفي العلم الحديث تتميم علومهم بالعلم الديني، يصلوا إلى ما ينفع الناس و لا يضرهم، بينما محترفي الكلام في الفضائيات عجزة قاصرون عن تحصيل علوم الدنيا، و المواءمة بينها و بين علوم الدين بالتبعية، لهذا لا نظن دورهم لو أراد الله بهذه الأمة خيرا، إلا منته عن قريب ، و إلا فستنته هذه الشعوب نفسها و تستقر بغياهب النسيان عما قريب

هل كان السلف يوجبون التخصص؟
اللهم لا، فكما كان الإمام أبو حنيف النعمان تاجرا، ينفع الناس بعلمه على غير احتراف، كان هؤلاء الكبار الرائعون كذلك ، غير متخصصين في الكلام مثل فضائيي اليوم، كانوا موظفين لهم أعمالهم في القضاء و الأوقاف و دار الإفتاء و التدريس و علوم اللغة و غيرها ، و كان دورهم بالنصح للمسلمين دورا تطوعيا لا يطلبون عليه الأجر من غير ربهم ، فبدعة "الصياعة" و تلقيط الرزق بالفضائيات مستحدثة في الزمن العليل هذا، و على الطريقة الأمريكية جدا

و الدليل الأكبر في عدم قول السلف بتخصص و لا برتب كهنوتية في الفتيا على طريقة "عمر عبد الكافي" هذا، أن "عمر بن الخطاب" و هو الخليفة الحاكم يومها، حين وقف على المنبر يحدد للناس منهجا في قيمة الصداق للمرأة عند زواجها، فعارضته إمرأة بشجاعة و جرأة بقولها "ليس ذلك لك يا عمر ؛ إن الله يقول " وآتيتم إحداهن قنطاراً من ذهب " فهل قال لها "و يحك يا امرأة، هو كل واحد هيبقى عمر بن الخطاب و يتكلم في الدين و لا ايه؟" اللهم لا، بل تواضع فاروق الحق للحق، و قال "اللهمَّ غفراً، أصابت امرأة و أخطأ عمر" فمن أنت يا عبد الكافي لتتأبى على ما لم يأباه الفاروق عمر؟

الفتوى فرض عين
كل واحد منهم يرغي و يزبد في شؤون الناس و الحياة، ثم تراه يقول، انا لا أفتي!!! ألا كل من حدث الناس في شؤون الدين بما يؤثر على سلوكهم فقد أفتى، و عموما موضوع الفتوى بمعناها الموجود في المسيحية "الحصول على حل من الأب" ليس موجودا في الإسلام، فلكل مسلم أن يسأل و يستشير، لكنه في النهاية مكلف بالوصول لقراره بنفسه، لأنه وحده سيحاسب عليه، و الأدلة على ذلك لا حصر لها، فمنها قوله تعالى من سورة المدثر "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" و كذلك قوله تعالى في سورة الأنعام "وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ" و كذلك قوله في سورة الإسراء "مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ" فضلا عن تكرر نفس المعنى بسورة فاطر و سورة النجم، فلن ينفع أحدنا أن يقول قال فلان أو علان، و هذا ما أكده الحديث الواضح للرسول (ص) حين يقول "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتَوك" و برواية أخرى "يا وابصة استفت قلبك ؛ واستفت نفسك" فكيف يستفتي الرجل قلبه لو لم يكن متفقها في دينه قدر استطاعته؟ لقد أبطل الإسلام كل أشكال الوساطة الإلهية و وظيفة ظل الله في الأرض التي احترفها النصابون في كل زمان و في كل الأديان

9 comments:

Unknown said...

عزيزى الدكتور اياد
الشيوخ الجدد الو الدعاة الجدد ليتهم يفهمون اننا لسنا فى حاجة الى من يبكينا او يخوفنا فبعضهم بفعل ذلك وبعضهم يفعل ذلك لسنا بحاجة الى من بدعوى التحضر ومسايرة العصر تجدة تحول الى داعيى مودرن وكانة متخرج من مدارس الدبلومة الامريكية فتجدة بعد كل كلمة عربى يترجمها انجليزى ليس عيب ان يكون مطلع على اللغات بس فى مكانها يعنى لما يسافر للدعوة خارج الاقطار العربية مش فى مصر ولسنا فى حاجة الى التخويف من عذاب القبر واخلى البنات والاولاد يعيطوا والى تخرج لابسة حجاب خوف مش اقتناع ان جسمها مش لازم يبقى عرضة لكل الناس ولا الى يبطل خمرة وسجاير علشان الخوف من كلمتين مش باقتناع انها محرمة ومضرة لصحتة وتلاقية بعد يومين رجع للى كان فية بعد مراح تاثير الكلمتين الى سمعهم والبنت بعد كام شهر تلاقيها قلعت الحجاب والنقاب ورجعت لافظع من الى كانت فية لانة مش اقتناع
فعلا تهافت التهافت كان احسن عنوان للموضوع لانة بيعبر عن حالنا مع شيوخ الفضائيات
تحياتى

Capt. Haytham Harfoush said...

أخى د/اياد

يا ترى عندك فكرة عن كلمة افتاء مشتقة من فتوى و لا من فتة , أصل هى لو فتوى يبقى نتكلم, لكن لو فتة يبقى ما فيش مشكلة و ها نتعب قلبنا على الفاضى, و بعدين الفتوى عايزه علم و قياس و اطلاع و قبل ده كله عدد واحد مخ, انما الفتة متطلباتها سهلة و تحب اللمة, و الهبر تعلوها كل واحد يهبر كما يتسنى له الهبر, و على فكرة شكلك كده ها يفقعوك واحد فتة تفريق زى الدكتور........من مراته

فى مدونة أيوية فى موضوع عن مفتية تعظ فى المترو, يعنى افتاء فضائى و افتاء ترامى و افتاء شوارعى.....مش قصدى والله, قصدى يعنى افتاء فى الشارع, هو ده طبعا من متطلبات العصر افتاء فى المواصلات و الشوارع "تاك أواى" يعنى

Eftaa delivery coming soon.

تحياتى

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي أيوية
نعم يا عزيزتي، في ظل ظروف حالكة تمر بها البلد و المنطقة كلها، تجدينهم و لا على بالهم، همهم الأكبر هو الحجاب و لا النقاب، و عذاب القبر و يأجوج و مأجوج .........الخ، و يعملولك اتحاد علماء المسلمين فين؟؟؟؟ في لندن، تحت مظلة ملكة بريطانيا رأس الكنيسة الكاثوليكية، طيب لما الغرب ابن ستين كلب و و ضال و فاسد رايحين تتمحكوا فيه ليه يا مشايخ؟

شكرا لتعليقك المثري يا عزيزتي
تحياتي و تقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

أخي الحبيب كابتن هيثم
و الله هي من شكلهم و كلامهم يبدو لك أنها بقت فتة بالخل و الثوم، لكنها و الله أعلم من مصدر "فتي" بمعنى القوة و المنعة، و استخدمت في الفتوى و الافتاء لكونهما علم مؤسس على دعائم راسخة

أما الفتة التي أصبحت في كل قناة فضائية، و في المترو و الشوارع، فهي حالة من الهوس العام حلت بالعقل الجمعي لأمة يجتمع بها الفقر ، فهو محرومة تمني نفسها بالأماني، و الجهل، فهي عاجزة عن تمحيص ما يعرض عليها، و المرض، الذي من ضروبه المرض العقلي الغشوم الذي أصاب كثيرا من شبابنا
شكرا لتعليقك أخي الحبيب
مع تحياتي و تقديري

Meero Deepo said...

عزيزى د.إياد

اشكرك جدا على إشارتك لتعليقى وأن تبدأ به بوست جديد لك فهذا شرف لى

أبدأ من حيث إنتهيت أنت ألا وهو الفتوى... أوافقك تماما فيما قلته ..يمكن من هنا لغاية أخر بلاد المسلمين حيث أنه قد تكونت لدى قناعة ذاتية على مر السنين وهى أنه كما قال الرسول ص "إستفت قلبك ولو أفتوك ...وما إتضح لى وهذا- رأى شخصى تماما-..أن السائل يسأل من يروق له رأيه وتوجه...بمعنى... أنا أريد أن يحدث هذا الشئ الذى أسأل عنه وأشعر فى داخلى أنه حرام بعض الشئ ولكنى أريد من يقول لى أنه حلال - علشان أتحجج بالفتوى ويعنى ماأصدق- ...لذا فلن أذهب لسؤال هذا العالم الأزهرى المعمم لأنه سيقول لى أنه حرام لأنه هذا هو الرأى الفقهى السليم الواضح ولكنى أبحث ليس عن الفقه الواضح ولكن عن التفصيل مما يجعلنى أسأل الشيخة فلانة وعلانة وهذا وذاك ولا أتجه للمصدر الأصلى وهو مثلا دار الإفتاء

ولكن فعلا إذا كانت المعضلة مصيرية فأنا واثقة تماما أن السائل لن يسأل سوى المصادر الموثوق بها تماما

نعود للتهافت...
أولا هناك نقط إتفاق بيننا على أن ليس الكل سواء... قد يكون كل شخص منهم حالة خاصة

وأتفق معك فى رأيك حول من ذكرتهم سوى 2 فقط لمواقف رأيتها وعاصرتها وكتمها سيكون كتم للشهادة سأحاسب عليه أمام الله

يوما ما كنت أريد شراء بعض الشرائط الدينية وذهبت لمكتبة كبيرة جدا تحتل الشرائط فيها مساحة كل الجدران الأربعة وبعد جهد وبحث لم أجد الشريط الذى أبحث عنه وكان لعمرو خالد...فسألت الأخ الملتحى عن مكان شرائط عمرو خالد فتجهم وجهه وزجرنى

حلوة زجرنى دى موش عارفة جبتها منين )

وقال لى..." يا أبلة إحنا موش بنجيب شرائط البتاع ده "

بينى وبينك حسيت إنى بتشتم فى مكان عام فرددت عليه سريعا " ليه بقى هو أنا بقولك عاوزة شرائطط عمرو دياب !!!1"...

طبعا الرجل إتخض من ردى وقالى " لأ بس يعنى دى موش طريقة دعوة "...قلتله هو يعنى سعادتك حد قال إنه داعية ولا شيخ الراجل كاتب وبيقول ويقدم كالأستاذ فلان محدش قال عالم ولا شيخ جليل وبعدين يعنى لامؤاخذة هو الراجل قال حاجة غلط ...يعنى او راجعنا كل مايقوله فيه حاجة ضد الدين...قال للناس صلاة الظهر 5 ركعات...إذا كان يجتهد وأصاب فلنا نتيجة جهده الحسن وإذا كان بيتمنظر وله مآرب أخرى فبرضه مالناش دعوة ..ربنا حيحاسبه هو على نيته ...وبرضه لينا الظاهر والخير اللى بيدل الناس عليه

أتفق معك على أن الحوار أحيانا كثيرة يكون " أطفاليكا "...يعنى خالى من العمق وبالإضافة لللغة العامية المستخدمة تجد الموضوع كله يتحول لقشرة...ولكن قشرة لمن ...قشرة للجيل الذى تربى وسمع الشيخ الشعراوى يوم الجمعة ...والشيخ جاد الحق والشيخ الغزالى وكل من ذكرتهم ...نعم كل من إستمع لهؤلاء سيشعر أن مايقال الآن تهريج ...ولكن ماننساه هو الجيل الذى هو فى عشريناته الآن

هل تريد أن تعلم ماهو الفرق بيننا وبينهم ... إتفرج على أى فيلم عربى قديم لزكى رستم مثلا ... ستجد أن الخناقة الفزززززيعة بين 2 رجال فى الشارع هى عبارة عن الجمل الأتية ..." إحترم نفسك يا أفندى إنت "... " أنا محترم غصب عنك ...إنت اللى إحفظ مكانك "...وهكذا لأخر الخناقة اللى فيها دم للركب

أما خناقات اليوم...تيقى بركة من ربنا لو لم يذكر الجد الرابع فى الشتيمة...يابن ويابن ويابن

هذا هو الفرق بين الأجيال...وهو نفس الفرق بين من كانوا يقولون لأبائهم حضرتك والآن يقولون إنت

وهو نفس الإنحدار اللغوى والأخلاقى فى المجتمع وهو أيضا ما إنعكس بدوره على لغة الخطاب الدينى

فإذا كنت تريد أن تتوجه للجيل الصغير بالإرشاد فلن يمكنك هذا إذا إستخدمت اللغة الفصحى العريقة...أعلم أنه خطأ ولكن هذا هو مجتمعنا الآن والفجوة بين الأجيال لم تعد بين الحفيد والجد بل صارت بين الأخ وأخوه الذى يفرق عنه سنتين تلاتة ولكى تقرب الشباب الذى لا يقرأ ولا يهتم لا يمكنك إستخدام لغة قوية كبداية ...وصدقنى كل من تدين وإلتزم بعد فترة لن تشبعه مثل تلك الدروس وسيتجه أتوماتيكيا للعمق

ولكن ماأتحفظ عليه هو جملتك " أنك تتحفظ على ربط النشاط الإجتماعى بالدينى "...بالعكس مانصبوا إليه هو أن يكون الدين مربوط بكل شئ فى حياتنا... أن نجعله هو المانيوال - الكتالوج- أتمنى يوما ما أن نخرج القرآن من المصاحف إلى الشارع إلى البيوت إلى أماكن العمل

أما بالنسبة للدكتور عمر عبد الكافى..فأستميحك عذرا فى وصفك له بالكاهن...أوضحت وجهة نظرى حول تشدده سابقا ولكن بغض النظر عن هذا أنا أعرف الرجل شخصيا منذ أن كان يلقى دروسه فى مسجد أسد ابن الفرات بالدقى منذ سنين طويلة وهو تلميذ نجيب للشيخ محمد الغزالى وكان السبب فى قرائتى لكتب الشيخ الغزالى والتى كانت طاقة نور لى دائما... أعلم الأمور تطورت الآن لتصبح شبه بيزنس ..محطات وفضائيات ووووو...ولكن إذا حتى كانوا يعتبروها سبوبة رزق فبرضه لا يعنينى هذا فى شئ لأنه لا ينالنى منهم غير العلم أما نيتهم ولو كانت مهببة فمنهم لربنا بقى...سيكون لى خيرهم ولهم شر أنفسهم...صح ؟؟؟

وعموما فكما ذكر رب العزة فى القرآن " أما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس يمكث فى الأرض"... والصالح هو الذى سيهزم الطالح والغث ويمحوه

وياسيدى إعتبرها بداية لإهتمام الناس بالدين مرة أخرى ...يعنى لو 100 شخص بيسمعوهم...و5 بس طلعوا عدلين وبدأوا يتعمقوا أكثر..فهؤلاء سيعلمون غيرهم وهكذا

وليكن الحل فعلا قال قال أحد العلماء أنهم إذا كان هناك من يريد أن يعمل بالدعوة فلتكن هناك جهات متخصصة للتصديق عليه أعنى توحيد المعايير لضمان الجودة كما يقولون

أعتذر بشدة عن الإطالة ولكن الموضوع كان شيقا فعلا وأنا متأكدة أنه يوما ما ستكون مدونتك السبب فى فقدى وظيفتى!!!1

شكرا لك وعظيم إعتزازى بصداقتك

Dr. Eyad Harfoush said...

العزيزة جداً ميرو ديبو
بل بالغ شكري و تقديري لتعليقك الثري، و أرد أولا بنصيحة على موضوع فقد الوظيفة، حتى تتمكني من الحفاظ على عملك مع نشاطك التدويني، سأقول لك ما فعلته أنا شخصيا من تعديلات بحياتي
1- التليفزيون مضيعة للوقت و مفسدة للعقول بكل ما فيه ، نشرات الأخبار يمكن متابعتها على النت ايضا دون فواصل و لا اعلانات و برامج استفزازية
2- آليات النفاق الاجتماعي من قراء الفاتحة للدخلة هي الأخرى عبث لا طائل منه ، ديليت
3- المودة و التواصل قاصر على الأخوة و الأصدقاء القريبين و هؤلاء بطبيعتهم محدودي العدد
4- الجرائد يمكن متابعة عنواينها الأساسية على النت و التجاوز عن قراءة المقالات الحمضانة
أرد بقى دلوقت برواقة على موضوع عمرو خالد و عمر عبد الكافي

Dr. Eyad Harfoush said...

عمرو خالد
بداية ، أنا مع خروج الدين من المصحف ليؤثر في كل شيء في سلوكياتنا، التي تزداد كل يوم بعدا ، و بين نفس الأشخاص الذين يسمعون عمرو و غيره عن الدين و الأخلاق و العرف و كل ما هو أخلاقي أو منطقي ، ما قصدته من فصل النشاط الاجتماعي عن الدين، هو عدم القيام به تحت لافتات دينية، خاصة في شعب به دينين، حتى لا ننتهي لمجتمع الكانتونات الذي أصبحناه اليوم، مدرسة و مستشفى و نادي مسيحي ، و مدرسة و مستشفى و نادي اسلامي، فانا كذلك ضد النشاط الاجتماعي المربوط بالكنيسة، النتيجة هي شباب من عينة هذا الأحمد مهنى ، الذي يفخر برؤية مغتصبة و لا يمد لها يدا حسب قصته المختلقة

أما عن باقي مآخذي على عمرو خالد تحديدا فهي كالتالي
1- التباكي 30 يوم متواصل في رمضان، مافيش يوم حالة الوجد و الورع خيبت معاه، طيب يا سيدي ربنا يزيدك ، ما علينا
2- السطحية العلمية و الدخول في مواضيع أكبر من حجمه، مثلا مرة في الحديث عن الفتنة الكبرى ، و هو موضوع و لا ريب لا تتسع سنين ثقافة عمرو خالد للالمام به وحده، دخل فيه و هفلط هفلطة، ذكرتني بنكتة "اول هام مافيش نبي اسمه عبد السلام، تاني هام سيدنا علي مامتش في حادثة موتوسيكل، تالت هام مافيش خطيب و هو نازل من المنبر يتزحلق على الترابزين
3- تبسيط اللغة و تبسيط العلم الديني أراه ممكنا ، و لكن بدون عملية ترويش الاسلام و التي يقومون بها ببراعة
4- منطق اعمل الغلط بس حاول بعديه تعمل حاجة صح بسرعة علشان تمسحه هو ما ادى بنا الى فاسدين ينهبون مال الناس ثم يعتمرون كل عام ، هو ما ادى بنا لازدواجية الشخصية، واحدة تتصل ببرنامج و تقول انها اقامت علاقة محرمة مع زوج اختها و عاوز تعرف ايه صك الغفران الي تعمله علشان تصفر العداد!!! أهذه هي التوبة؟ هل هذا هو الفهم الصحيح لاتباع السيئة بحسنة؟ طبعا لا
5- الفارق بين الجيل العشريني اليوم و بيننا و بين من قبلنا هو نحن، لان آباءهم أقل ثقافة و أضعف شخصية، لأن مدرسيهم أفسد، لأن شيوخهم بلا طعم و لا رائحة، لقد ولدوا كما ولدنا و شوهناهم نحن ، و حين يهبط الدين ليستوعب هؤلاء الشباب، لا يصبح دينا، يكونون هم الذي استوعبوه في بوتقة الهيافة و السطحية، فاصبح اي شيء غير كونه دينا
6- مررنا نحن ايضا بمرحلة حماقات الشباب و كل خبراتها و تجاربها، لكن لم تكن لدينا صكوك غفران، كنا نعرف و نذكر جيدا اننا غلط و زفت و قطران، فبقي الامل في العودة، و شببنا، و كل يوم كنا نقول لنفسنا مش كفاية بقى؟ مش نحترم نفسنا؟ و مازلنا نحاول ان نكون افضل في مجملنا، مش لو عملت حاجة غلط الحق بسرعة يا مودي اعمل حاجة صح علشان ماما تسامحك، قصدي ربنا يسامحك
و لا ايه؟
مع اعظم تحياتي و تقديري و شكري لحوارك الثري و الممتع معا في آن، و يعلم الله سعادتي بصداقتك على حداثة العهد بها

Dr. Eyad Harfoush said...

عن عمر عبد الكافي أقول
1- لو كان عمر تلميذا للغزالي، فأنا أختلف معك في نجابته كتلميذ، لانه لم يدرك عصب الدين و الفكر الديني الذي ادركه الغزالي رحمه الله، و هو ان الدين يقع في روح النص و ليس في حروفه، لقد اجترأ الغزالي على الاحاديث التي تحقر المرأة فأنكر نسبتها لرسول الله جملة، و لو لم يكن في عنعنتها عور و طعن، لأنها لا تتماشى مع روح الدين، و سيرة الرسول، و آيات القرآن، و لان القرآن قطعي الثبوت و الحديث ظني الثبوت، فاذا تعارضا يطرح الحديث للشك في ثبوته، عبد الكافي أهون كثيرا من اتباع منطق اهل الحقيقة هذا، لانه طالب مجد و دنيا و تلميع، هذا ما اراه من تصرفاته، و يعلم الله وحده بما في قلبه
2- منطق السبوبة يجعله هشا متهافت العلم فيما يقول، يردد ما في بطون الكتب الصفراء دون تحقيق، و سأضرب مثلا واحدا، ذات يوم كنت مع الاسرة ، فاذا به يردد خبرا من كتب التراث و يقول فيه "و كانت اللات و العزى يراهما الرائي خلفه" و لا تتصوري ان كاتب هذا الخبر قد عاصر هذه الاصنام، لانها كتب كتبت بعد اكثر من قرنين من وفاة الرسول، ضحكت حتى استلقيت ، فلما سالني من حولي قلت لهم
الافندي لا يعرف ان اللات، كانت صخرة لثقيف ، صخرة بيضاء مربعة، وثن و ليس صنما، و في أرض ثقيف، و كان لها بيت كالكعبة حاولت به ثقيف منافسة قريش و فشلت ، و كان اساسه من عبادة الربة المؤنثة فاللات تأنيث الاله، و قصة لت الخبز للحجاج لا اساس علمي و لا تاريخي لها، أما العزى فكانت نخلة بمضارب بني شيبان، حوالي نصف ساعة بالسيارة من مضارب ثقيف التي كانت مدينة أخرى، فما هو هذا الفيو الرائع الذي جمع اللات و العزى معاً/ الافندي عمر لان السبوبة تشغله، ينقل من سيرة ابن هشام بدون تمحيص، ناسيا ان عبد الملك بن هشام هذا هو الآخر يتحدث عما لم يره، لانه مات بعد اكثر من قرنين من الهجرة، قد يبدو الموضوع تافها، لكن له دلالته، العالم الذي يحتاجه المسلمون اليوم هو العالم الذي يدقق التراث، العالم الذي يجدد لهذه الأمة دينها كما قال الحديث الشريف، عالم يعتنق العقلانية المؤمنة، او الايمان العقلاني، هذا هو الطريق الوحيد لو كان لهذه الامة ان تنهض يوما
تحياتي و تقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

3- عمر عبد الكافي و ختان الاناث، يبدو ان الشيخ كان نفسه يدخل طب و لم تمكنه مهاراته العقلية من المجموع، فبالاضافة لترهاته العديدة التي كانت دويتو في حين من الاحيان مع وجدي غنيم، نسمع لقوله في ختان الاناث الذي اثبت العلم ما له من ضرر بالغ بالدليل الطبي القاطع، فاذا به يجدف منكرا ما هو معلوم من العلم بالضرورة، و لو كان عالما، لقال في شيء ليس من السنة و لا الفرائض ان الرأي فيه للطب و العلم، و كذلك سقط في نفس الخية الشيخ القرضاوي، أما نصائحه للمقبلين على الزواج، فلم يكن بها بأس لو قصرها على نصائحه العامة، اما الدخول بامور طبية عك فيها، فهذا ما يعاب عليه
تحياتي و تقديري