1.6.08

مبارك شعبي مصر

حديث في المسألة الطائفية

قرأت منذ فترة كتاباً هاماً رغم إختلافي معه للدكتور "نبيل لوقا بباوي"، و أهمية الكتاب تأتي من تفرد كاتبه، فالدكتور "بباوي" مثقف مسيحي مستنير، تعده الكنيسة المصرية علمانياً، لواء سابق، و هو مثقف حقيقي فضلاً عن كون لقب "دكتور" الذي يحمله مدعم بثلاث درجات دكتوراة في القانون ، و اللاهوت المسيحي، و الشريعة الإسلامية. و الكتاب عبارة عن تناول جريء للمشاكل المزمنة التي وضح الدكتور بباوي أنه ليس من المنطق تسميتها بمشاكل قبطية، لأنها مشاكل كتلك التي يعاني منها كل أبناء الوطن مسلمين و مسيحيين، و أضيف أنا، أن قصر الهوية القبطية على الأقباط الأورثوذوكس هو خطأ لغوي كما يعلم الكثيرون منا ، لأن "قبطي" معناها اللغوي "مصري" و هي صيغة النسب لإسم مصر ما قبل الفتح العربي "كوبتس" و منها أشتقت أسماء مصر في اللغات اللاتينية "إيخيبتوس" ، "إيجيبتوس"، "إيجيبت"


و أعتقد أن تشخيص الدكتور بباوي و تلخيصه للمشاكل المتعلقة بالمسيحي المصري هو تلخيص وافي و متكامل، حيث حددها في عشرة نقاط أساسية هي


  1. مشكلة الخط الهمايوني فيما يتعلق ببناء و ترميم الكنائس، و وضع التصريح ببناء الكنائس تحت سلطات رئيس الجمهورية، و إقترح لحل هذه المشكلة أسلوباً لا-مركزياً بتفويض المحافظين في هذا الشأن ، بالمناسبة ليس في الموضوع اي خطوط، الاسم الصحيح للمرسوم التركي السلطاني هذا هو "هاتي هومايون" و هاتي هذه لا تعني خطاً
  2. ضيق الهامش الإعلامي الديني المسيحي، و الرغبة في إذاعة القداس الأسبوعي أسوة بصلاة الجماعة، و إقترح لحلها أن يبث القداس من خلال إحدى الفضائيات المصرية، و كذلك توجيه المتحدثين من الجانبين في أجهزة الإعلام لعدم التعرض للأمور الخلافية و التي من شأنها تسفيه أو مهاجمة عقيدة الآخر بشكل مباشر أو ضمني
  3. مشكلة الأوقاف القبطية، و إقترح عودتها تدريجياً لسلطة الكنيسة
  4. مشكلة تعداد الأقباط، و إقترح التصريح الرسمي بنشر التعداد الحقيقي للأقباط، مع الرفض التام لربط نسبة التعداد بنسبة التمثيل في الوظائف الحكومية
  5. مشكلة نسبة التثميل الحكومي الآنفة الذكر و يرفضها الكاتب كما أسلفنا
  6. مشكلة نسبة التمثيل البرلماني و يرفض الكاتب منطق توزيع المقاعد على أساس ديني
  7. مشكلة المادة الثانية في الدستور الحالي و التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، و أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، و هي مادة حديثة نوعا لأنها أضيفت في السبعينات، و لا يرى بباوي بأسا ببقائها لحساسية الموضوع على الجانب المسلم، و لعدم وجود ضرر فعلي واقع على الأقباط من وجودها
  8. تجاهل المناهج التعليمية للمرحلة القبطية، و يطالب بتخصيص لجنة علمية لكتابة تاريخ الحقبة القبطية بشكل علمي و إضافتها للمناهج
  9. الخطاب الديني المتعصب و المعادي من الطرفين، و يقترح لحلها دعم الوسائل المساعدة على نشر ثقافة التسامح و التعدد
  10. مشكلة الإعتداءات على الأقباط في الصعيد، و لا يراها بباوي مشكلة تصل لحد الظاهرة و لا تقتضي حلاً لو خففت حالة الإحتقان بكل ما سبق، و هي بالفعل أصبحت نادرة الحدوث

فكرت حين قرأت هذا الكتاب، لقد عشنا قروناً دون أن تكون هناك مسألة مسيحية، و عشنا أياماً إختلف فيها "مكرم عبيد" المسيحي مع "مصطفى النحاس" المسلم على زعامة الوفد، فكان لكل منهما أنصار، ليس على أساس ديني و لكن على رؤية وطنية، فقد ضم فصيل "مكرم عبيد" مسلمين و مسيحيين، و كذلك ضم الوفد تحت زعامة النحاس أنصارا من الطرفين، و لم ينبث احدهما ببنت شفة عن دين الآخر و لا يستغله كأرضية مناورة سياسية، و مررنا بأيام جليلة كانت أول تبرعات فيها لبناء الكاتدرائية الجديدة هي مدخرات أبناء الرئيس "عبد الناصر" و التي أعطوها للبابا "كيرلس" في منديل حين زار الرئيس في بيته ، فكانت العربون الذي دفعه البابا للمقاول الذي بنا الكاتدرائية، و ظل البابا ، و الذي كان حبيبا لكل المصريين رحمه الله ، يحكي هذا و يتندر به، فماذا حدث لنا؟ ماذا جرى لمصر؟ متى توغلت كل هذه المشاكل في مجتمعنا؟ حتى وصلنا للحضيض الذي يعكسه موقف هذا الغلام "أحمد مهنى" بتحشيش و تأليف قصة مختلقة للتحرش بالأقباط؟ و متى انحدرنا لمستوى ردود الأفعال المسيحية و ردود الردود من المسلمين و التي تميزت جميعها بلغة منحطة و سذاجة بغير حدود؟ ماذا جرى لنسيجنا الوطني؟ هل اهترأ كما اهترأ كتان مصر و قطنها؟



أعلم في نفسي أنني أكره "السادات" ، ربما أكثر من حبي للزعيم "جمال عبد الناصر"، فأحاول أن أكون موضوعياً في البحث عن جذور المشكلة في تاريخنا المعاصر بعيداً عنه، و لكنني أفشل، و أجدها شديدة الإلتصاق بسياساته الرعناء، حين تفتقت عبقرية السادات الذي عاني من عقدة القزامة دائماً في مقارنته بعبد الناصر، عن حل أشر لمواجهة المد الناصري، فحرر المتطرفين الضالعين في قضايا إرهاب في الستينات من السجون، و عقد حلفاً صريحاً مع "عمر التلمساني" المرشد العام للإخوان في هذا الوقت، و أطلق سرطان التطرف من معقله حتى قتله، و زادت في ذات الوقت عمالتنا بمملكة آل سعود زيادة سرطانية على هامش صداقته مع "أخونا فيصل" ، و شملت الطبقات الغير متعلمة و النصف متعلمة، طبقات من السهل التأثير عليها لجهلها، فعادت لنا متشربة بالتطرف الوهابي. و عدل الدستور و أضيفت له المادة الخلافية، ثم جاء خلاف الرئيس مع البابا "شنودة" في قضية سفر الأقباط للحج بالقدس "المحتلة" تحت رعاية أصدقاء الرئيس من الصهيونيين، و هو خلاف كان البابا أشد وطنية و حكمة فيه معاً، أما الوطنية فهي واضحة، و أما الحكمة فكانت ألا يتخذ الأقباط في عيون العرب جميعاً مظهر الخيانة الوطنية، و هو موقف أقدره للبابا "شنودة" و ان كنت لا أحب منه الجمع بين صورة الزعامة الدينية و الزعامة السياسية للأقباط، في خلط واضح لأوراق اللعبة لا يقلل بل يدعم نشاط جماعات الإسلام السياسي، من باب تحول الخلط بين الدين و السياسة إلى مبدأ و قاعدة طبيعية تحدث كل يوم

و برغم إتفاقي مع الدكتور لوقا في حصر المشكلات، أختلف معه في تقنيات الحل التي طرحها للمشاكل القبطية / المسيحية و التي حددها في عشر مشاكل، و أرى ما اقترحه الدكتور ، هو أقرب لأسلوب المساواة في الخطأ منه لتعديل الخطأ، إن الحلول التي طرحها الدكتور بباوي تضمن أوضاع عادلة للأقباط و حقوق مواطنة كاملة، و لكنها تنضوي على تكريس الهوية الدينية للأقباط لتقابل التكريس الديني الحالي للمسلمين، و هذا على ما يحمل من العدل، يحمل خطراً مستطيراً على المدى الطويل، فالأصل في المجتمعات المتحضرة هو المساواة في حقوق المواطنة، مع إعتبار الأديان المختلفة في المجتمع إثراء لهذا المجتمع بالإختلاف، على أن يقتصر دور الدين على توجيه سلوك الأفراد و الجماعات من خلال الحفاظ على علاقة وثيقة للفرد المؤمن بربه، و تحسن المعاملات بين الناس بروح الاخاء و الحب، ففي مجمل كتابه، يقترح الدكتور بباوي بعض التعديلات التي تسعى لموازنة الصبغة الدينية الإسلامية التي صبغ بها المجتمع المصري في السبعينات بقرار سيادي ، و لأهداف سياسية بحتة، بصبغة مسيحية مقابلة ترضي الحس الديني للأقباط، و هذا ما أراه علاجا للخطأ بالتمادي فيه و تكراره و تعميمه

أما ما أراه حلاً صحيحا على طريق الديمقراطية و المدنية، فهو العودة بجرأة الإعتراف بالخطأ لخط المجتمع المدني، و الذي يضمن حرية الإعتقاد و العبادة و ممارسة الشعائر في ظل المجتمع الحر، على ألا يتجاوز أحد حدود نفسه ليحتك بأنف الآخرين، و على ألا تهدر إمكانيات المجتمع في منافسات غبية في بناء دور العبادة أو المستشفيات أو المدارس المتأسلمة و المتمسحة، فلو أردت أنا طرح حلول لما أوجزه الدكتور بباوي من مشكلات ، تكون أطروحتي كالتالي



الحلول المدنية لمشاكل الإحتقان الديني في مصر

  1. تأسيس هيئة الأبنية الدينية: حيث أرى تأسيس هيئة مدنية بنسبة 100% من الخبراء و المؤهلين في علوم الإحصاء و العلوم الإجتماعية، تكون مهمتها المتابعة المستمرة لكفاية دور العبادة الحالية لتعداد السكان من الدينين في كل منطقة سكنية، و تبسط هذه الهيئة سلطاتها على جميع المساجد و الكنائس في مصر، و تتخذ القرار بإنشاء المساجد أو الكنائس وفقاً للإحتياج، و لا يصرح لأية أفراد أو جهات أخرى بناء دور عبادة، و على من يرغب في المساهمة في بناء مسجد أو كنيسة التبرع لهذه الهيئة. أما الإشراف الديني على المساجد فيكون للجان من علماء الأزهر لإختبار و تعيين الدعاة وفقاً لمعايير ثابتة، و كذلك الإشراف الديني على الكنائس للكهنوت الخاص بكل طائفة

    حدود الهامش الإعلامي الديني: نقترح حلا متوازنا و بنفس الوقت عادل و مرضي لجميع الأطراف، و ذلك بأن يقتصر الهامش الديني في القنوات العامة المصرية المحلية و الفضائية على إذاعة مواقيت الصلاة، و تخصص قناتين للبرامج الدينية الإسلامية و المسيحية، واحدة لكل دين، مع مراعاة تخصيص وقت مناسب للطوائف التحتية لكل دين (السنة و الشيعة و كذلك المذاهب الفقهية المختلفة لهما، و كذلك الأقباط الأرثوذكس، الروم الأرثوذكس، الكاثوليك، و الإنجيليين) و بهذا تكون جرعة التوعية الدينية موجودة بقنوات متخصصة و حكومية ليشاهدها من يريد، ثم يحل محل البرامج الدينية على القنوات العامة، برامج أخلاقية عامة، ترسخ القيم الإنسانية التي تشترك فيها جميع الأديان، و دون التورط في أمور خلافية، و هذه توجه للنشأ بصفة خاصة و تحرص على ترسيخ معاني الحب و التآخي بين البشر جميعا

وزارة التكافل و الأوقاف المدنية المصرية: تحل مشكلة الأوقاف المزمنة، بأن تأسس هذه الوزارة كوزارة مدنية، و يتكون هيكلها من كوادر مالية و إدارية، و تبسط سلطاتها على جميع الأوقاف المصرية ، إسلامية و مسيحية، و كذلك على عائد صناديق النذور و العشور الموجودة بالكنائس و المساجد و الأديرة ، على أن تلتزم برواتب العاملين بالإشراف الديني المسلم و المسيحي من الوعاظ و رجال الكهنوت، كما تتحول لملكية الدولة و تنضم تحت هذه الوزارة جميع المدارس و المستشفيات و المنشآت ذات الصبغة الدينية الإسلامية و المسيحية، و تخصص هذه الأصول جميعها لأعمال التكافل الصحي و التعليمي لجميع الطبقات غير القادرة من المصريين ، بعد أن تحول هويتها و أسماءها لأسماء مصرية و كفى

مشكلة التعداد: يلغى بند الديانة تماما من النقاط المطلوب إستيفائها في التعداد العام، فالهدف من التعداد هو التوصل لقاعدة بيانات تخدم تقديم الخدمات للمواطنين، و ليس من بين هذه الخدمات ما هو متعلق بالدين، و عليه لن يكون تعداد المسلمين أو الأقباط موضوع ذو قيمة للدولة أو الأفراد ، فقط هيئة الأبنية الدينية هي التي ستتابعه للتأكد من كفاية دور العبادة بكل حي و تجمع سكاني

نسبة التمثيل الحكومي: الكفاءة المهنية هي المعيار الوحيد للتعيين في مختلف الوظائف، و يفصل القانون و اللوائح الداخلية لكل مؤسسة أو جهة إعتبارية في القطاعين العام و الخاص معايير التوظيف، على أن يخصص بند في القانون الجنائي لتجسيم العقوبة الجنائية لمن يثبت بحقه التمييز العنصري ضد أي مواطن و لأي سبب من الأسباب دينيا كان أو غير ديني

نسبة التمثيل البرلماني: العملية الديمقراطية و الإنتخاب هما المعيار السليم للتمثيل النيابي، كما يجب إلغاء المقاعد الخاصة بالتعيين و التي تغازل بها الدولة قضايا المرأة و الأقباط، فلو أراد الناخبين رجلاً أو إمرأة فلهم ما أرادوا أيا كان دينه أو جنسه أو إتجاهه، و على عاتق المرشح وحده تقع مسؤولية إقناع ناخبيه بصلاحيته

المادة الثانية للدستور: لقد لبثت قضية إضافة نص يشير إلى مسيحية أوروبا في دستور الإتحاد الأوروبي قضية خلافية لأمد طويل، حتى إستقر الرأي على عدم وضعه، رغم حشد الفاتيكان لكل طاقاته لهذا الغرض، و لم يضف هذا النص لكون الدستور موضوع ليحدد علاقات دول مدنية ببعضها البعض و بالأفراد في كل منها، و عليه فلا موضع للهوية الدينية هنا، و مع ذلك لسنا نرى في المادة الثانية بنصها الحالي بأساً، و لا بغيابها على حد سواء، فلن تحدد هذه الفقرة هوية مصر، و التي نراها هوية تجمع أربع أعمدة أساسية، و هي بالترتيب الزمني ، عمود فرعوني، عمود هيليني بحر-متوسطي، عمود قبطي مسيحي، و عمود عربي إسلامي، و هذه الأعمدة هي المكونة لخلفيتنا الحضارية جميعاً مسلمين و أقباطا

الحقبة القبطية: من حقنا جميعاً و ليس من حق الأقباط فقط أن تضاف حقبة تبلغ 600 عام من تاريخ بلادنا إلى مناهجنا، لتشغل حيزا موازيا لفترة إمتدادها الزمني، فليس من حق أحد أن يطمس أو يبرز في ذاكرة الشعوب. و لست أعتقد أن هذه القضية يمكن أن تواجه إعتراضا من أي عاقل رشيد

الخطاب الديني و التعليم الديني: يقتصر الخطاب الديني على المساجد و الكنائس، و بدون إستخدام أية وسائل تضخيم صوتي من شأنها توسيع نطاق الإستماع خارج المسجد و الكنيسة، ما عدا للأذان أو الأجراس الداعية للصلاة، و لا يتطرق الخطاب الديني أو التعليم الديني إلى المواضيع الخلافية بين الأديان إلا في المرحلة الجامعية و الدراسات العليا في الجامعات الإسلامية أو اللاهوتية، حيث يكون المتلقي قادرا على فهم و إستيعاب علم الأديان المقارن بعقلية ناضجة، كما تنشأ بكل مدرسة قاعتين لتدريس الدينين الإسلامي و المسيحي، على أن يتم تدريس المواضيع التي لا تحمل قضايا خلافية بين مذاهب الدين الواحد، فمن حق الطقل الكاثوليكي مثلا أن يدرس الخطوط العريضة للمسيحية دون الاشارة الى الخلافات الكنسية و مع عدم ترسيخ أية تعليمات تجافي مذهبه الموروث حتى يصل للسن التي يقرر فيها لنفسه

الردع العقابي: أرى التعامل مع من يتخذ من العنف وسيلة لتمكين أهدافه السياسية أو العقائدية بمنتهى الحزم، و من روح الشريعة الإسلامية، و التي تطابق الشريعة الموسوية التي صدق السيد المسيح عليها في قوله "لم آت لأنقض، بل لأكمل"، نقترح وضع تشريع قانوني لحالة الإفساد في الأرض التي يرتكبها المتطرفون دينياً بالعنف ، أو ما يؤدي إلى العنف ، من تجهيل المجتمع و تكفيره ، و تهوين دم المصري على المصري، فليكن كتاب الله الذي يدعون أنهم يعملون به ، هو القول الفصل بينهم و بين المجتمع، و قد جاء فيه حد الحرابة المعروف و الخاص بالارهابيين و الذي طبقه "علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه في الخوارج من متطرفي زمانه، و أرى أن إعمال قول الله الذي يدعون أنهم جنده فيهم، هو ما يردع أمثالهم عن حمى المجتمع الوطني، بالطبع على أن يحدد القانونيون و المشرعون الضوابط القانونية لتطبيقه حتى ينال المجتمع بهذا العقاب الرادع من ينالون من أمنه و سلامته، بجرائم تصل لدرجة الارهاب، على ان تكون هناك آليات قانونية لردع المتعصبين في الحياة العامة من الدينين ، لو ترجم تعصبهم لتحيز مادي ملموس ضد الآخر، و هو عقاب يهدف لردع الجاني و غيره ممن تسول لهم أنفسهم أمرا فيما يخص الأمن القومي المصري

الخطة الأمريكية للتدخل في المنطقة يا إخواني شبه معلنة، و بند مصر فيها مربوط بملف الفتنة الطائفية لتكون مدخل أمريكا للنفوذ المباشر في مصر (الاحتلال بصورة أو بأخرى) و قد نشر الأستاذ الجليل "حمد حسنين هيكل" هذا منذ زمن مؤيدا بمصادر و وثائق، فماذا ننتظر؟ لا نحن لا ننتظر، نحن نعدو، لكن نحو ذات الهاوية الممهدة لنا بأيدي السفهاء منا، و هم للأسف الشديد كثيرون جداً، و ختاماً، كل ما قلناه هنا نعلم أننا اليوم بعيدين عن تحقيقه، و ليس من الضروري أن نطبق كل هذا في توقيت واحد و بحذافيره، و لكن ما يهمنا هو الخط الفكري للمجتمع، أن يكون التوجه العام نحو الدولة المدنية و ليس المجتمع المصبوغ دينياً، فالمجتمعات المصبوغة دينيا هي مجتمعات شاذة كجزر متفسخة في محيط مدني، يرفضها العالم اليوم من نسيجه، لأن تجربة آلاف السنين أثبتت أن الدولة المدنية تتسع للجميع بعدالة و كرامة و كفاية و عدل، و هي لا تتنافى مع منهج الإسلام ، فنحن نرى أن دولة المدينة التي أسسها "رسول الله" بنفسه أسست على دعائم مدنية تماما، كذلك لم يدع المسيح أبدا لخلط هذا بذاك ، و لو كانت المدنية حلا أفضل في المجتمعات المتجانسة دينيا و عرقيا، فهي الحل الوحيد في المجتمعات المنوعة الأعراق و الأديان، فلعلنا نفقه دروس التاريخ و حقائق العالم من حولنا

10 comments:

The Alien said...

كل الحاجات دي يادكتور عشان نحل مشاكل اﻷديان؟
لا وإيه .. دول ديانتين بس .. أمال لو بنتكلم عن 10 ديانات ف البلد كان حصل إيه؟
وبعدين فين باقي البشر الغير مسلمين والغير مسيحيين ف اللي بيحصل .. هل ملهمش مكان ف مصر؟

أنا عندي سؤال:
هل وجود هيئات تابعة للدولة لتنظيم شؤن اﻷديان لا يعتبر كسر لقواعد العلمانية؟

تحياتي

Unknown said...

عزيزى الدكتور اياد
طبعا الحلول المفترحة عظيمة جدا
بس انا بجد عايزة اسال سوال واحد
لما بتحل كارثة زى وقت الزلزال او حريق كبير هل قبل مكنا بنمد ايدنا ننقذ حد كنا بنسال د ة مسلم ولا مسيحى لو نعيش كدة بجد فى حياتنا الطبيعية اكيد هجات كتير هتتغير

Dr. Eyad Harfoush said...

صديقي آلين
حمدا لله على سلامتك أولا

كل الحاجات دي مش علشان نحل مشاكل الأديان، لكن مشاكل البشر، و الضيق بالآخر و عدم محاولة فهمه، علشان نضع حدودا نعرف منها اين و متى تنتهي حرية الفرد و تبدأ أنوف الآخرين

أما عن وجود مؤسسات مدنية تنظم هذه الشؤون، فأرى فيه دعما لقواعد الدولة العلمانية الحديثة، علمانية تحترم الدين، لكتها لا تسمح لرجال الدين بممارسة سلطة على الناس، لذلك تنزع منهم السلطة المادية التي تتمثل في العشور و الزكاة و غيرها و تضعها بيد الدولة، تنفقها في أوجه التكافل الاجتماعي و تخفيف بؤس المواطنين جميعا، كذلك تنزع منهم الوسائل التي يشعلون بها نار الفتنة بين ابناء الوطن الوحد، المجتمع العلماني هدفه أن يحيا كل مواطن بحرية كاملة و يحترم سيادة القانون و لا يضر بالاخرين، كل ما حقق هذا يحقق العلمنة الحقيقية للمجتمع، الحساسية ضد الدين لا أراها من العلمانية في شيء يا صديقي
تحيات و تقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي أيوية
لقد عشنا لقرون هكذا، كانت هناك مشاكل وقت الفتح العربي، ثم تعايش الدينان في صفاء نسبي عالي جدا، ثم جدت أمور عكرت الماء، و حتى يصفو الماء يحتاج تدابير، فهذه هي التدابير لنرجع لما كنا عليه قبلا، لا نسال هل انت مسلم ام مسيحي
تحياتي و تقديري و شكري

Unknown said...

الحقيقة يا دكتور انا لحد دلوقتى عقلى مش قادر يستوعب اية هية نوعية الانسان الى ممكن يتسب فى دمار بلد بوقيعة فية علشان مصلحتة الشخصية ولية بقى صعب علينا نتعايش مع بعض ولية كل واحد فينا مستنى التانى يغلط ولية سمحنالهم يوقعوا بينا
مش قادرة استوعب

Meero Deepo said...

عزيزى د.إياد

لا أعلم لماذا صار الأمر كما لو كان الناس قد إستيقظوا من النوم صباحا فجأة ليجدوا أنفسهم مسلمين ومسيحين يعيشون فى شارع واحد!!!1

هل تذكر حديثنا عن مسجد العزيز بالله... أو مسجد السنية كما يطلق عليه أهالى المنطقة فى الزيتون

كماقلت أنت فهو مسجد يسيطر عليه الفكر السلفى ... وعندما ذهبت هناك كنت أتمنى سؤالهم ...إنتم عارفين مين العزيز بالله ده أساسا؟؟؟

العزيز بالله...إبن المعز لدين الله الفاطمى وأبو الحاكم بأمر الله... أمراء من الدولة الفاطمية المسئولة عن نقل الفكر الشيعى لمصر ومظاهره العديدة

العزيز بالله تزوج من سيدة واطلق عليها اسم العزيزية ... مسيحية كاثوليكية ..واخد لى بالك..مسيحية كاثوليكية.... وأسلمت طبعا ولكن بقى أخويها مسيحيين ... ونظرا لحب العزيز بالله الشديد لها قام ببناء كنائس وأديرة لأخويها ليكونا بطاركة فيها وهذا بالإضافة لأنه إختار وزيره يهودى اسمه يعقوب الناطورى على ماأذكر

كان نفسى أسأل المسؤلين عن المسجد الآن ..ما العلاقة بين الفكر السلفى أو الوهابى ...والشيعى الممثل فى الدولة الفاطمية فى مصر...والزواج من مسيحية وبناء كنائس حتى أن مسيحى مصر وقتها كانوا يقولون أنها أسعد فترات حكم المسلمين لهم؟؟؟؟

العلاقة ياسيدى هى فقط أنها سماحة المسلمين - وليس الإسلام- فى العصور الأولى وقلت ليس الإسلام بين أقواس لأن الإسلام وأى ديانة سماوية تحنل فى طياتها السماحة دائما لأنها تدل على نفس الطريق إلى وجودالله

ولكن عندما إمتدت العصور بالمسلمين بدأوا يفقدوا إسلامهم الحقيقى وظهرت بدلا منه قشور وقشور غطت على نقاء الإسلام وظهرت سلوكيات تسئ له أكثر مماتفيده

لذا فأنا أختلف معك فى ضرورة تحجيم الهوية الدينية للمصريين ليكونوا مصريين فقط

لا ياسيدى... المصرى بطبيعته متدين بل وشديد التدين مهما كان دينه ولا يمكن أن يستقيم الحال بمصرى بعيد عن كنيسته ومسجده..نحن نستمد هويتنا من أدياننا وتلك الهوية الدينية هى التى تجعلنا أكثر سماحة وتقبل للأخر الذى هو أخر عقيدة وليس أخر وطنا

أعنى أن المسلم الحق والمسيحى الحق الذى يستمد اسمه من المسيح عليه السلام لا يمكن أن يستقيم تدينه إذا كان يسئ معاملة الاخر أو يظلمه أو يهدم كنيسته ومعبده ومسجده

الإختبار الحقيقى ليس بمحو خانة الديانة من البطاقة بل الإبقاء عليها ليعلم من أمامى هويتى الدينية وبالتالى يقاس تسامحه ووعيه من تعامله معى

وكما قال الشيخ الغزالى ...لا يمكن إحلال النزعة الوطنية محل العقيدة الدينية التى تقوم دنيا العبد وأخرته... بالرغم من ان حب الوطن غريزة لاتنكر فلا يعنى ذلك أن نفرغ القلوب من الإيمان بالله ونستبدلها بالإيمان بقطعة من أرض الله!!!1

أما باقى نقاط الحل الذى ذكرته أتفق معك تماما فيه بالإضافة لجملة دائما ماأقولها لأصدقائى مسلمين ومسيحيين وهم كثر.... " الإنسان له بعدين ..واحد رأسى بين العبد وربه وواحد أفقى بين العبد وباقى عباد الله...وعلينا العمل على تحسين البعدين بنفس الدرجة من القوة...فلماذا يهتم كلا منا بالبعد الرأسى لإنسان أخر وهو علاقته بربه "!!!1

وشكرا لك

Dr. Eyad Harfoush said...

العزيزة دائما أيوية

انت لا تستوعبين هذه النوعية لان طبيعتك بعيدة كل البعد عنهم ، اما هم فيستوعبون بعضهم بعضا بشدة
تحياتي و تقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي Meero Deepo

التعليق يحتاج هذه المرة أيضا لمقال منفرد للرد، لكن دعينا نحاول الرد هنا،
1- صار الأمر هكذا يا صديقتي يوم حكمنا رئيس محدود الأفق و الامكانات العقلية كأنور السادات، فعقد حلف الشيطان مع الاخوان بقيادة عمر التلمساني، و اطلق يدهم في جامعات مصر و مؤسساتها لمناهضة التيار اليساري المعارض له، و زاد الأمر بعد خلافه الشهير مع البابا و الذي كان فيه البابا أكثر وطنية و شرفا
2- الأمر كما قلت بشأن العزيز بالله، و قدوتنا في قبول التعدد رسول الله، لقد كان أبطال رحلة الهجرة امرأة و عبد أسود، و مشرك، فضلا بالطبع عن أبي بكر و ولده رضي الله عنهما، كلنا يعلم أن الأديان تدعو للحب و السماحة، لكن كما قلت أنت كذلك، لا يمكن أن نترك امن الوطن بيد معتنقي الاديان، لو شاءوا أحسنوا أو ضلوا و أضاعوا الحقوق و القانون
3- نأتي لبيت القصيد، هل الدين هوية؟ أم طريق؟ أرى أن الدين أسلوب حياة، علامات عريضة على طريق حياتنا تبين لنا افضل الخيارات في أمور حياتنا، حياة كل فرد على حدة، لان الدين في صلبه مسؤولية فردية، خيار فردي

أما الهوية، فهي ليست دينا و لا فكرا نعتنقه، بل هي واقع حال، و الاسلام و المسيحية و الديانة المصرية القديمة و الثقافة الهيلينية كلها عناصر تكون نسيج متجانس، يمكننا ان نصطلح على تسميته الهوية المصرية

لكن ان ينقلب الامر الي كانتونات و معسكر شرق و معسكر غرب، فلا، لقد كنا مسلمين أفضل الف مرة في معاملاتنا و قربنا من روح الاسلام قبل ظهور هذا التيار الذي يتخذ من الدين صبغة، و كذلك الامر في المسيحية

4- من قال أننا يجب ان نأخذ الناس من المسجد و الكنيسة؟ بالعكس، لكن علينا ان ناخذ السياسة و الاقتصاد من المسجد و الكنيسة، الاسلام ليس دين و دولة، لكنه دين و أمة كما يقول الدكتور البنا، و كذلك المسيحية

5- لا يتعارض الايمان بالله مع الولاء لقطعة الارض تلك، لقد أحب رسول الله مكة لأنها كانت مسقط رأسه، و قال في أكل الضب "ليس بارض قومي" هذه معاني وطنية في زمن و مكان كانت القبيلة و المدينة فيه هما الوطن و القومية

6- الحق ما ختمت به تعليقك، البعد الرأسي يخص الانسان وحده، اما الافقي فهو يخصنا جميعا لانه يرتبط بمعاملة الفرد مع الجماعة، و لاننا ننتمي لدينين مغايرين، يجب أن يلتزم كل منا بدينه في علاقته بالاخر، و بالقانون علاوة على ذلك، حتى يكون هناك اطار يجمعنا

تحياتي و تقديري و اعزازي يا دكتورة، شرفنا التعليق و حمسنا للرد

Capt. Haytham Harfoush said...

أخى د/ اياد

نظرا لأنى أود التعليق باستفاضة, سوف استعير العنوان نفسه و أكتب التعليق فى مدونتى

تحياتى

Dr. Eyad Harfoush said...

أخي الحبيب هيثم
سأكون بانتظار الموضوع على مدونتك
مع تحياتي و تقديري و حبي