20.7.10

ولد وبنت

سعدت بحضور عرض خاص لفيلم ولد وبنت بمركز الإبداع الفني بالأوبرا، بناء على دعوة الصديق العزيز والسينمائي الرائد دكتور/ محمد العدل، الفيلم هو العمل الأول لمخرجه كريم العدل، عن قصة وسيناريو وحوار علا عز الدين، وبطولة مجموعة من الوجوه الجديدة الشابة بجوار النجمين سامي العدل وسوسن بدر، في دورين مميزين عمقا وثراء رغم الوجود الزمني القصير على الشاشة، وأول ما لفت نظري هو أفيش الفيلم العادي جدا، والذي أثير حوله لغط يبدو أنه يصنف تحت بند "عدوك ابن كارك" والله أعلم، حتى لو كان هذا الكار أو الكاريير هو الفن السابع للأسف، ورغم عدم تخصصي ومحدودية خبرتي السينمائية، إلا أن الفيلم يستحق رصد إيجابياته وسلبياته وأهم ملامحه، فهو أعمق مما كتبه عنه أغلب المتخصصين، والذين اختزلوه في قصة رومانسية بين ولد وبنت من الطفولة وحتى العقد الرابع. وضاع من معظمهم الخط الذي أراه محوريا في الفيلم، وهو خط شهد-حامد رضوان، العلاقة الحاكمة في الفيلم.

في ظلال حامد رضوان
شخصيات الفيلم بصورة عامة مرسومة بكفاءة احترافية، هي أهم مميزات نص علا عز الدين، زاد من تألق الشخصيات الذكاء البصري لكريم العدل، والملابس والمكياج المنضبط زمنيا وسيكولوجيا مع الشخصيات وتطورها (ريم العدل)، كأحد أهم عناصر القوة في الفيلم، وأكثر تلك الشخصيات وضوحا وثراء هي شخصية الأب، الروائي حامد رضوان (سامي العدل، والذي لعب الدور بخبرة وسلاسة زادت من ثراء الشخصية ومصداقيتها)، المبدع والروائي الرومانسي المتيم بأميرته الصغيرة، أو سندريلا بابا كما دعاها، والمصاب بتضخم الذات، والذي يفصح عنه العباقرة عادة للخاصة ويسترونه بالتواضع بين العامة "حامد رضوان فقط هو من يقرر كيف تربى ابنة حامد رضوان" ، وعلاقته الإنسانية الخاصة جدا بابنته الطفلة ثم المراهقة شهد (لعبت دورها مريم حسن بجمالها الواثق)، كعلاقة بجماليون بجالاتيا التي لا يستطيع أن يجدها في دنيا الناس فينجبها، لتحمل صفات السندريلا، ويتم هو بعينه المبدعة ما لا تحمله من صفات، أما علاقته بالأم (سوسن بدر) فلم يوفها الفيلم حقها بلفتات كاشفة، عدا مشهد دكتاتورية حامد رضوان في تربية ابنته، وتعليقه عليها بأنها أفضل امرأة في العالم، بينما يقارنها بصديقاته اللائي يصفهن بمجرد بطلات لقصصه، في أحد ملامح متلازمة تضخم الذات، والتي تبيح له -في نظره- أن يكون حريما ثقافيا خاصا من الملهمات، حيث تتغذى الذات الإبداعية المتضخمة على نظرات وعبارات الإعجاب كتلك التي صورها مشهد الحديقة

حياة المبدع الكبير ومن حوله هي مأساة في أحد وجوهها، فحتى بموته لا تزول ظلال الروائي الكبير، حيث تبهت صورة الحبيب سامح، (والذي جسدها الشاب أحمد داوود ببساطة رائعة الصدق)، والحقيقة أن شخصية سامح أقل شخصيات الدراما عمقا، فجفاف الأم طبيبة أمراض النساء العملية للغاية، وضعف شخصية الأب، وقسوة التمرجية التي تقوم بدور الدادة، كل هذا لم يرسم شخصية سامح بوضوح، وبعد موت والدها وتجربة الدراسة في أكسفورد تعود شهد فتاة ناضجة متفجرة بالحيوية والعناد، ويبهت حضور الحبيب سامح خاصة بعد ظهور المثقف اليساري الأفاق المنحاز للمهمشين حتى يتخلص من الانتماء إليهم فقط، ليظهر الانتهازي من داخله، فيفقد دوره في حياة شهد كمعادل موضوعي للأب المفقود، والممثل الشاب أدى دوره هنا كذلك بشكل مرضي تماما، وإن اعتمد على طريقة الشرير التقليدية في تعبيرات الوجه والنظرات قليلا، آية حميدة لعبت دور الفتاة الظل بصدق وسلاسة، وعبقرية الملابس والمكياج والإضاءة تجلت واضحة في الحفاظ عليها دائما باهتة الملامح بجوار شهد المتألقة

الحوار والموسيقى .. القادم أفضل
كتجربة أولى كان الفيلم بصورة عامة أكثر من مفاجأة، ولو أردت حصر أهم المناطق التي تحتاج لجهد وعناية أكثر في العمل القادم لكريم سأجدها كالتالي
- إيقاع السيناريو أصابه الترهل أكثر من مرة خلال الفيلم
- الموضوع والشخصيات تحتمل جملا حوارية أعمق وأقوى بكثير مما كان الحوار عليه فعليا
- النقلات الزمنية تمت بسلاسة شديدة، وهذا جميل، وإن أثرت السلاسة على الوضوح أحيانا
- الموسيقى التصويرية أحد أهم نقاط القصور في الفيلم
- لو حمل أفيش الفيلم صورة الطفل والطفلة في صدر البوستر والأبطال في خلفيته كان سيعبر عن المضمون أفضل ويميز الفيلم أكثر

في النهاية فيلم فاق توقعي وقد كنت مهيأ لفيلم شبابي تسيطر عليه لغة خنيق .. وحد كويس قوي ,. وقد إيه مش عارف إيه .. وسيس وتيت، فوجدت فيلم إنساني جميل ومواهب شبابية متفجرة

No comments: