15.4.10

لتحمل الجمعية الوطنية كفنها


من صوم غاندي ومعاناته اكتسب المؤتمر الشعبي الهندي شرعيته واكتسبت جماهير الهند صلابتها، فقد أدرك ذلك المحامي العجوز جوهر الثورة السلمية، أن تقود الناس في طريق التضحيات بتضحيتك الذاتية أولا، أن تتقدم بصدرك العاري ليحشد الناس صدورهم وصدور أبنائهم خلفك، كذلك كان نضال هادي نصر الله ثم استشهاده في الميدان هما خاتم الأصالة على المصداقية الثورية للسيد حسن نصر الله، ليتحول من قائد للنضال الوطني اللبناني إلى أسطورة نضالية بمستوى عربي وعالمي، فالألم يا سادة هو خاتم الاعتماد لشرعية الثورة، فقط عندما يتجرعه قادتها قبل أفرادها

اليوم، أعاد النائب العام عرض الناشط/ بهاء صابر على النيابة، والتي أخلت سبيله بكفالة، وأفرج عنه من قسم الأزبكية، والذي تعرض فيه للتعذيب المبرح والظاهر من إصاباته المتعددة، إثر مشاركته في مظاهرة الثلاثاء 13 أبريل أمام دار القضاء العالي، ولذا وجب علينا أن نكرر الصرخة التي أطلقتها الصحفية الحرة الأستاذة أميرة الطحاوي في أذن الجمعية الوطنية للتغيير والدكتور البرادعي، لأننا نرى اللحظة فارقة ونرى عملية التغيير كلها ترتهن اليوم بمصداقية قادتها عند جموع الشعب عامة وعند الناشطين الشباب خاصة، فما تحتاجه الجمعية هو الشرعية التي تؤهلها للحكم والتغيير، وتلك الجماهير هي الطريق الوحيد للشرعية

لقد اكتسبت يوليو شرعيتها من مغامرة ليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م، حيث كان الضباط الأحرار معرضين للمحاكمة العسكرية والرمي بالرصاص لو فشلت الحركة، وظل السادات منقوص الشرعية طيلة حكمه وقبله وبعده لأنه لم يشارك في تلك المغامرة مشاركة فعلية بسبب واقعة السينما المعروفة، فتغيير السلطة الحاكمة ووصول قوة أخرى للحكم يتم من خلال واحدة من ثلاث شرعيات
  • شرعية دستورية قائمة على الاقتراع الحر بأي من أشكاله المعروفة، وهذا طريق مسدود في حالة مصر، إذ سدوه بالتعديلات الدستورية المشبوهة عام 2007م
  • شرعية تقليدية وراثية في حالة الملكيات، ونحن حتى الآن على الأقل لسنا ملكية وراثية، ولا نرجو أن نكون
  • شرعية ثورية، تقوم على تعرض النخب لأخطار التمرد على نظام حكم فاسد، ثم تأييد الجموع الشعبية لهذا التمرد، وهذا الطريق الشرعي هو الوحيد المتاح أمام الدكتور البرادعي وأمام جميع الناشطين في مضمار التغيير
وبعد يا سادة، الطريق السياسي المشابه لطرق العمل في أروقة المنظمات الدولية لن يفيدنا، والدليل أقل من ستين ألف توقيع على بيان البرادعي من بداية الحملة، فلو داومنا على تلك الوتيرة سيحل موعد الانتخابات الرئاسية ولدينا نصف مليون توقيع فقط بأقصى تقدير، وهي نسبة مستحيل أن تمنح الشرعية، معطيات العمل الوطني والتركيبة الشعبية مباينة تماما لظروف توكيلات ثورة 1919م يا دكتور محمد، والنوستالجيا لن تفيد، فقد حدثت التغيرات الآتية من ثورة 1919م وحتى اليوم
  • لم يعد هناك كبار العائلات والعمد وأعيان الريف المصريين الذين كان ختم أحدهم على توكيل للوفد يجر خلفه ألف توقيع من عائلته وقريته، وفي المدن لم يعد هناك مجال لمفهوم كبار "الحتة" من القادة الشعبيين، نحن في زمن شديد الذاتية، كل فرد فيه يتصرف بشخصه وبلا أدنى علاقة بتصرف الآخرين، وإن كانت أساليب إدارة العقل الجمعي مازالت تنطبق علينا، لكن بنمط مغاير
  • حل خطباء المساجد ومقيمي الشعائر محل القيادات الشعبية التقليدية في مجتمعنا منذ السبعينات وحتى اليوم، وهؤلاء يتراوحون بين موظفي وزارة الأوقاف، فهم بالطبع أتباع للنظام، أو سلفيون ممن خمرهم النظام ورباهم ليوم كيومنا هذا، وهم أطوع للنظام حتى من موظفيه، وفتاوي الشيخ محمد حسان وأمثاله في عدم شرعية العصيان المدني أكبر دليل
  • تزايد الخوف من بطش النظام مع تقادم جهاز القمع البوليسي واستحداث الأمن المركزي منذ السبعينات، كلمة سلبية يا سيدي كلمة مضللة لوصف حال المصريين، إنه الخوف في أكثر صوره فجاجة
ولكل هذا، فالطريق الوحيد هو خلق زخم في الشارع يجعل النضال السلمي حقيقة يومية، كل يوم مظاهرات وكل يوم اعتصامات، حتى يعتاد الشعب هذا المنوال، ويتشجع أبناؤه الواحد تلو الآخر على المشاركة، حتى تأتي لحظة فارقة يعم فيها طوفان الجماهير ليغسل القبح عن وجه مصر، وحتى يحدث هذا لابد للمشاركين في المظاهرات من ظهر يركنون إليه، لابد لهم من قيادات ميدانية تنزل للشارع كل يوم لدعم الجماهير ضد القمع الأمني، أما الثائرين أمام الميكروفونات يا سيدي فلدينا منهم فائض للتصدير، وليس لأحدهم عندنا مصداقية ولا ثقل، لأنهم يشعلون النار في صدور الشباب بالكلمات، وحين يندفع هؤلاء الشباب للشارع يتركونهم وحدهم فريسة لقمع الأمن الغشوم ويؤثرون السلامة في بيوتهم

المطلوب
أعضاء الجمعية الوطنية في الشارع في أقرب وقت، وفي مقدمتهم البرادعي والشخصيات الجماهيرية، وعلى كتف كل منهم كفن، ثوب أبيض إعلانا لنية المواجهة مع الطاغوت حتى الموت، مطالبين بكف يد الأمن عن قوى التغيير السلمي، هكذا بكل بساطة وأمام سمع العالم الحر وبصره، وحين ترى الجماهير هذا الحدث في الشارع المصري، سيتضاعف عدد الموقعين على البيان في غضون ساعات، ولن يمر الشهر حتى يصبح رقما مليونيا، والأهم هو مضاعفة عدد المشاركين في كل مظاهرة، بعد أن يوقن الكل أن النخبة معه وفي جانبه بحق وليس بالكلمات، كانت هذه فكرتنا في عقد ميثاقنا، ميثاق الشرف الذي ندعو إليه الجميع اليوم، حماية لقوى التغيير وحفاظا على شعلتها الوليدة، اليوم .. نحتاج أن تحمل الجمعية الوطنية كفنها حتى نتبعها للنهاية ومهما كانت العقبات

9 comments:

عبقرينو said...

اتفق معك وبشدة فيما قولته

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي عبقرينو
أشكرك للتعليق، تحياتي وتقديري

Anonymous said...

عم المثقفين كلهم د.إياد

جزاك الله كل الخير عن إعطائى فرصة بمقالتك تلك لفش غلى من الحكومة المحكومة بأمنها الفاجر

ياسيدى ... خير الله ماإجعله خير ...بفتح التلفزيون فى خطوة نادة الحدوث لأفاجا ببرنامج لوائل الإبراشى

قلت كفاية بقى زهق من الجزيرة وخلينا فى المنج المحلى

لافاجأ بالسيد المحترم اللواء نبيل بباوى ... أو كما أسمته العبقرية أ/ أميرة الطحاوى ... " سيادة اللوز برميل بلاوى " ... يدافع كالأسد الجسور عن عرين الأمن وظباطه الأفاضل قائلا ما يلى ... لكن ياريت تأخد دوا ضغط الأول قبل ماتقرأ:

1- دول ضربوا ظابط .... عاوز إيه من الأمن المركزى لما يلاقى الظابط بتاعهم بينضرب....
ياسلام سلم القلة بتتكلم .... ياروحى على حنية مرات الاب اللى بين الأمن المركزى والظابط ... ياقلبى على روح الجماعة اللى مغرقة العساكر والظباط


ده لو عسكرى أمن مركزى طال رقبة الظابط حيفرمها ... عسكرى غلبان مقهور من كل الجوانب ولايعامل كالبنى أدمين أصلا ويتم طابور الصباح باقذع الشتائم لامه واللى خلفوه بقى حيخاف على الظابط وحيضرب المتظاهرين كده من نفسه


2- المتظاهرين دول عملاء لأمريكا ....

تحيا مصر والله .... بلادى بلادى كل مافيكى لأمريكا حتى ولادى

بقى المتظاهرين تبع أمريكا أمال هو مين اللى موش تبعها بالظبط


3- دول كسروا خوذة العساكر

إوعى وشك ... شباب لايتجاوز 50 كجم علاوة على فقر الدم والأنيميا والقهر والبطالة حينفخ فى وش عسكرى الأمن المركزى يكسر خوذته .... الصبر يارب


وهكذا تتوالى الخزعبلات ولكن اشيد فعلا بردود الصحفية جانيت التى واجهته بمنتهى الصلابة قائلة ..." لن أسمح لك بأن تكرر معى مافعلته منذ سنوات مع الصحفيتين نوال العسكرى وزميلتها ... الأولى هاجرت والثانية ماتت من القهر"


وأخيرا .... بعد ماسمعته من تفاصيل ماحدث مع جانيت وزميلتها صفا وماتعرضوا له من بشاعات
وبالرغم من كونى مؤخرا من أنصار إياكش تولع والبلد عمر ماإتصلح حالها فى يوم ... ألوم على كل مصرى أنه لايدافع عن هؤلاء لأن الظلم ظلمات يوم القيامة

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي الغير معرف
فش غلك ولا يهمك، على الرحب والسعة وشكرا للمشاركة والاثراء :)متفق معك طبعا، ولو ان الموضوع عندي مش دفاع وبس، حين يموت الناس وقوفا ذلك يعني ان الارض ستنبت يوما بعض الأمن وبعض الخير وبعض النور، يمكن
تحياتي وتقديري

Anonymous said...

شكرا عزيزي وإن كنت أري أن ماحدث هو أول تجربة عملية تثبت فشل الجمعية الوطنية في المواجهة الجادة بوجهها العنيف
لان الواقع أنها إستفادت من شباب 6 أبريل وليس العكس وكذلك لم تقم بحمايتهم كما ينبغي
على الأقل لم يظهر أي من رموزها العامة ذات الثقل والتي قد يرهب الأمن وجودهم خاصة أمام شاشات العالم

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي الغير معرف
وأنا أشاركك الرأي تماما، لهذا نستصرخهم للمشاركة الفعالة حماية لشباب التغيير قبل أن يكفروا بهم كما كفروا بغرهم من معارضي اللمايكات
تحياتي وتقديري

Anonymous said...

عزيزى الدكتور اياد
ممكن ان تكون المظاهرة المؤيدة للشباب
تكون مظاهر لكل الجمعية الوطنية ممسكين بعلم مصر جميعهم ومتجهيين لميدان التحرير
وبذلك تكون مظاهرة منظمة وبها كل الشعب وتقلل من فرص تعرض الامن لهم
كتب الله الخير لمصر
وسدد الخطى
ورفع قدر مصر وعلى شأنها

Mostafa Abdelmoneam Badr said...

هيهات هيهات
ولا أخشى أن يكون د/إياد أساء التقدير
ولكنى لا أدرك مغزى استصراخه حتى الآن

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي مع اصراري
عذرا مافهمتش تعليقك، تقصد ايه؟ تحياتي