29.11.08

انهيار برج بابل- 43

(43)
على ضفاف الأعظمية
وصل الرفاق إلى بغداد قبل الغروب مباشرة، فاتجهوا إلى حي الأعظمية حيث منزل "كاظمي" الذي أصر على استضافتهم، كان بيته على ضفاف دجلة مكونا من طابقين ويحيطه حزام أخضر زرعت فيه زهور يانعة، واختار له "كاظمي" اسم "كرمة النعمان" المنقوش على لوح حجري بجوار الباب، حين سأله "علي" في أول مرة زاره فيها عن اختيار لقب الإمام "أبي حنيفة" أول أئمة الفقه السني لبيته وهو الشيعي، أجابه "كاظمي" قائلاً: إمام عظيم، ومنطقي أن يسمى باسمه بيت في الأعظمية التي اشتهرت بضريحه ومسجده
كان "علي" يضع "كاظمي" تحت المرتبة الأسمى بين أصدقائه، ويطلق عليه لقب "رجل من زمن الحب"، فهو عالم فذ ومثقف مستنير، وهو فوق ذلك رجل وضع الله في صدره طاقة حب بلا نهاية، كان "علي" يذكره حين يسمع عن مشاحنات طائفية ببغداد، ويتصور كم يتألم رجل مثله لهذا العنف الأحمق، ويذكره واصفا التطرف والطائفية قائلا "لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها"، ومن حسن حظه أن منطقة الأعظمية حيث يسكن عرفت الهدوء النسبي بعد واقعة جسر الأئمة في نهايات 2005م، حين أنقذ ساكنوها من السنة عددا كبيرا من الحجاج الشيعة الذين انهار بهم الجسر، فسقطوا في نهر دجلة، يومها ظهرت الشخصية العراقية الحقيقية ممثلة في تدافع قاطني الحي السني لنجدة الغرقى القادمين من حي الكاظمية الشيعي، ولهذا ندر العنف الطائفي فيها بعد هذا الحادث
أما "علي" فيرتبط حي الأعظمية في مخيلته دائما بقصيدة "نزار قباني" في رثاء زوجته التي قتلت في حادث إرهابي ببيروت "بلقيس يا عصفورتي الأحلى ويا أيقونتي الأغلى .. ويا دمعا تناثر فوق خد المجدليه .. أترى ظلمتك إذ نقلتك من ضفاف الأعظميه؟ بيروت تقتل كل يوم واحدا منا وتبحث كل يوم عن ضحية" فهاهي الأعظمية الغناء الراقدة على ضفاف دجلة كغانية تتهيأ لحبيبها قد طالتها يد الحماقة بالخراب والموت! فصارت كبيروت السبعينات والثمانينات تبحث كل يوم عن ضحية، وكأن كأس الموت في بلاد العرب نخب نمرره بيننا!
استقر الجميع بعد الترحيب والأشواق في صالون البيت، فعرفهم "كاظمي" بفريد الذي كان حتى هذا الصباح مديرا لمشروع اليونسكو في العراق، فصار في المساء مقاتلا منفردا في كتيبة الحقيقة، صافحه "علي" بود وتبجيل يليقان بموقفه، وبعد استقرار الجمع قال "علي" موجها كلامه لكاظمي وابتسامة ودودة تعلو وجهه: أين شايك العراقي المهيل[1] يا "أبا موسى"؟
- القوري على النار يا صديقي
التفت "علي" لزوجته مفسرا فقال: القوري هو إبريق الشاي باللهجة العراقية، والشاي العراقي المغلي يشرب في أكواب صغيرة تسمى الاستكان، فللعراقيين طقوس في شرب الشاي لا تقل عن طقوسكم الإنجليزية، وإن كانوا قد عرفوه على أيديكم زمن الاحتلال
ثم التفت لكاظمي فقال: شرح لنا "ديار" ما حدث للوثائق قبل أن نفهم موضوع الكشف ذاته تفصيلا، كيف حدث وأين وما هو محتوى الوثائق الذي أزعجهم لهذا الحد؟ حان حين الفهم يا صاحب المبادرة
- كان "فريد" يخشى أنكم قد ترغبون عن العمل في مرمى الخطر الذي أظلنا بعد خطف الوثائق، لهذا شرح لكم "ديار" قبل خروجكم من آربيل
وصل الشاي تحمله مدبرة المنزل التي بدت ريفية بجلبابها الأزرق الفضفاض وطرحتها السوداء التي تغطي نصف رأسها وعنقها، وزعت الاستكانات على الضيوف، فبدأ "كاظمي" يحكي بينما ضيوفه الذين أرهقهم السفر ينعمون بمذاق الشاي ورائحته المنعشة، بدأ بالقاء سؤال على الجمع قائلا: ما هو الإمام؟
- ما أم من؟
هكذا علق "علي"، فابتسم "كاظمي" مجيبا: بل ما، ومن هنا تبدأ الحكاية، فأنا أتفق معك في نظريتك حول شيوع نظرية المخلص في كل الأديان، الفارس الذي يخرج في آخر الزمان فيغير وجه الأرض ويحل العدل محل الظلم والحق محل الباطل، وأوافقك في أن شيوع الفكرة وتضارب الأخبار لدينا يلقي ظلالا على الموضوع برمته، لكنني شخصيا كنت في انتظار إمام مختلف عن هذا الشائع في آداب العالم، فالإمام في لغة القرآن جاء بالفعل بمعنى الفرد الذي يقود الناس ويهديهم كقوله تعالى "قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً"[2]، ولكنه جاء كذلك بمعنى الكتاب والعلم الذي يهدي للحق، كقوله تعالى "وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً"[3] والذي تكرر بلفظه في سورتين من القرآن، هود والأحقاف، فلماذا لا يكون الإمام المنتظر علما ينفع الناس ويعينهم على صلاح دنياهم؟
- فكرة منطقية، لكن لماذا تميل لفرضية الإمام المكتوب؟
- ما الذي كتبه الإمام "علي" في عزلته؟ أو بدأ كتابته خلالها؟ ما الذي دعاه ليتفرغ فور وفاة الرسول فلا يضع ثوبه إلا لصلاة الجمعة؟ وما هو أساس الأخبار المتضاربة عن الجفر ومصحف فاطمة والصحيفة الجامعة، كل هذه الأخبار الشفوية لابد لها من أساس بنيت عليه وتفرعت منه، وقد يكون هذا الأساس نصوصا مكتوبة، كان الأئمة يقرأونها ويضيفون إليها مع إحاطتها بالسرية بسبب ظروفهم السياسية، فعرف هذا مع الوقت بعلم آل البيت، وخلق حوله العامة أساطيرا تحاول استنتاج كنهه وطبيعة محتواه
- ولماذا يكتم آل البيت عن الناس علما ينفعهم؟
سألته "ماري" فأجابها: لأن محتواه لم يكن موجها للصدر الأول من المسلمين، فلم يكن فيه جديد عليهم غير ما عرفوه وفهموه من الرسول، فهو مدخل للفكر الديني لا يضيف للسلف ولكنه يضيف لنا اليوم، ذخيرة لتصحيح المسار لو جاز التعبير، خواطر في الفكر الديني كتبها السلف في صدر الإسلام، ولم تصلنا مشافهة تروى عبر العصور وتتعرض للتشوه من فم إلى فم كما هو الحال في الأخبار التي كتبت بعد مئات السنين من موت أبطالها، لكنها أعدت لتصلنا مخطوطة بلفظها كما أراده من كتبها!
- ما هو محتوى المخطوطات وأين صورها؟
قال "علي" وقد أثار الحديث اهتمامه لأبعد حد، فقد دق الكلام على أوتار شغلته كثيرا هو الآخر، فأجابه: المحتوى يتكون من ثمانية وأربعين رقا، أقدمها ستة عشر رقا يرجع تاريخها للقرن الأول الهجري، جزء كبير منها يصعب تمييزه لكتابته بالحجازي القديم وتآكل أجزاء منه، وهذه مهمة خبيرتنا
- و بقية المخطوطات؟
- اثنان وثلاثون مخطوطا من القرنين الثاني والثالث للهجرة، كتبت في تقديري بيد خمسة أشخاص، ولدي تصور عمن تنتمي إليهم الرقوق من الأئمة لكن ثقتي بتصوري ليست كبيرة، وهذه مهمتك يا "علي" من الناحية البحثية
- وهل لي مهام أخرى في نواحٍ غير بحثية؟
هكذا سأله "علي"، ليشرح له "كاظمي" غايته في استخدام الكشف لدعم جهود التقريب بين السنة والشيعة الإمامية والشيعة الزيدية، حيث تفصل المخطوطات في كثير من الأمور الخلافية، وهذا يحتاج إلى مهارة خاصة في صياغة الطرح الذي ستتناوله الصحف والبرامج الاعلامية حتى يخرج بصورة مبسطة يسهل فهمها، وكذلك سيفيد نسب "علي" للأشراف في إضفاء بعد روحي على الكشف عند العامة
هنا عارضه "علي" قائلاً: وجود هذا التراث يعني أن كاتبيه قصدوا أن يتركوه مكتوبا حتى يتسنى لكل مسلم قراءته والإفادة منه، إمام مكتوب كما قلت أنت، لكن التركيز الإعلامي على وجود عضو في الفريق من الأشراف، سيجعل البعض يقول: ولماذا لا يكون هو المهدي المنتظر مادام منتسبا للرسول؟ وعندها نعود لنقطة الصفر، ويضاف اسمي لقائمة المجانين ممن ادعوا أنهم المهدي عبر التاريخ
- فكرت في هذا الاحتمال، ومع ذلك أرانا بحاجة للتأثير في البسطاء حتى نحقق نتيجة لشعب العراق الذي يسفك دمه بيد أبنائه، والتأثير في هؤلاء يختلف عن التأثير في الخاصة
كان شعور خفي لدى "علي" يخبره أن صاحبه لا يفصح عن الدور الحقيقي الذي يريده له، ولا عن خطته الحقيقية، فموضوع التقريب بين المذاهب ودوره الفوري في تهدئة الوضع الطائفي في العراق كان دفعا شديد التسطيح من رجل ككاظمي، لذلك علق قائلا: سنؤثر فيهم لو آمنا بما نقول بما فيه الكفاية، وإن كنت أرى أن ما يجري اليوم في العراق لا يجري على أساس من الخلاف المذهبي، قدر ما يجري على أساس من تكتل أصحاب المصالح، فالكتل الشيعية والسنية وغيرها لا تتناحر على الفرق بين المذاهب، ولكن على مكاسب ترجوها كل طائفة، عموما كل هذا سابق لأوانه، هل الصور موجودة هنا؟
- بعد العشاء تأخذ أنت و"ماري" نسختكما، وهي مصورة على جهاز تصوير الخرائط بالحجم الطبيعي للمخطوطات
- علينا أن نسرع يا سادة، فغدا سيحدد موعد المؤتمر الصحفي لإعلان الكشف الجديد بعد موافقة الحكومة على تأمين المؤتمر، وأنا أتوقعه خلال أيام
هكذا قال "فريد" فعلق "علي" في دهشة: خلال أيام؟
قاطع "كاظمي" صديقه "فريد" الذي هم بالرد قائلا: أعدت لكما "أم موسى" جناحا فيه غرفة مكتب وبها حاسب آلي ووصلة إنترنت فضلا عن غرفة النوم في الدور الثاني، لتكونا على أتم راحة في بحثكما، ولن نزعجكما في غير مواعيد الطعام
- لكننا لا نتكلم عن ورقة عمل، بل مخطوطات يتعين علينا دراستها بروية وصياغة طرحها التاريخي
هكذا علقت "ماري" فرد عليها "فريد" قائلا: للأسف يا سيدتي علينا الإسراع لو أردنا لكشفنا رؤية النور، ولو أردنا نحن شخصيا الاستمرار في رؤية النور
مرة ثانية رأى "علي" في عبارة "فريد" هذه تلميحا لخطر غير مبرر لو كانوا يتحدثون عن وثائق تاريخية! وتذكر عبارة "كاظمي" في مكالمته التليفونية الأولى عن الأمر الآخر والمرتبك بتيار الإسلام السياسي كما أشار، فبدأت شكوكه تتنامى

6 comments:

Meero Deepo said...

لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها

==============

أنحنى إحتراما لقائل تلك الكلمات...

فلو نظرنا حولنا لكل المصائب التى ألمت بالوطن العربى نجد الحماقة تخرج لنا لسانها قائلة ..هأنذا

فالغرور ...حماقة
والعنف ... حماقة
والظلم ...حماقة
والجهل .... اشد الحماقات

وكل نكسات العالم العربى لم تخرج عن كونها بسبب غرور حاكم متعجرف أو ظلمه أو عنف جماعة جاهلة ترى نفسها سيف الله المسلول ....ليس على الأعداء ولكن على إخوانهم

وكما تقول فى روايتك جزاك الله كل الخير عن تلك المعلومة ... أنه عندما حدثت فاجعة انسانية بحجم كارثة جسر الائمة ..توارت الحماقة جانبا وظهرت الفطرة الإنسانية السليمة فى نصرة الجار ونجدة المصاب وبراعم الخير النابتة فى نفوس البشر مهما كانوا إلى يوم الدين

سبحان الله العظيم !!!... عندما يتدين بعض الناس ويكون من المتوقع جدا أن يسمو سلوكهم بعلاقة طردية مباشرة مع زيادة تعلقهم بالخالق ...نجد مايحدث هو العكس ...العنف الفاجر قد يكون هو الصورة الجديدة لسلوكياتهم....فى حين أنهم نفس البشر عندما يتعرضون لموقف إنسانى محض تظهر فطرة الخير بداخلهم التى خلقها الله لإعمار الأرض وتختفى تلك الضغائن التى يحملونها لإخوانهم فى الإنسانية

أى حماقة تلك !!!

أتذكر كلمة قالها لى رجل صالح متدين بحق شكلا وموضوعا ....ملتحى وينتمى لمن نظلق عليهم فى مصر ..." السنية "....وهى كناية عن من يلتحى كسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكناية أيضا عن أن مثل هؤلاء ممن يسيرون على نهج السنة...كما هو مفترض !!

سألته يوما عندما رأيته فى تجارته البسيطة بشوش ويعامل بعض زبائنه المسيحيين بإبتسامة وود ووجه منبسط الأسارير... سألته" هل تفعل ذلك عن تسامح دينى فعلا ؟"

قال لى ... يا بنتى.. عندما يبدأ الإنسان فى طريق ما متخذه نهج له يكون إندفاعه مشوب بالعنف ( والغشم ) أى الحماقة ... وبالذات لو كان فى مرحلة الجهل بالحقائق والتمسك بالمظاهر القشرية ...وأول تلك الحماقة هى رفض الأخر بكل مايمكنه من كراهية ....
ثم...
يبدأ فى التمهل ...والسؤال ...
والتمعن .. وإدراك حقائق الأشياء ...حينذاك يبدأ تسامحه مع الأخر بكل مايمكنه من ود...

فلو حاولنا تطبيق مثل ذلك المبدأ فى حالة الصراع الدامى بين أبناء نفس الوطن الواحد ليس فقط فى العراق ولكن فى مصر ولبنان وكل بقاع العالم لوجدنا أنه لو كان المتناحريين من ذوى التدين الحق لإختلف وجه الصراع من الدموى للعقلى...تصارع أفكار وأرآء وليس تناثر دماء وأشلاء

تحياتى

مهرة عربية said...

د.إياد

أعجبنى جدا جدا رأى وتفسير د.كاظمى فى روايتك عن تفسير الإمامة...فهى قد وردت فى القرآن الكريم بمعنى الشخص القائد المهدى ...وبمعنى الشئ ..الكتاب والعلم

ولكن ماأود التناقش معك بشأنه وأرجو أن تصحح لى معلوماتى فيه ..

كل سواء السنة أو الشيعة ..الجميع يستند لأحاديث صحيحة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن المهدى المنتظر هذا هو رجل صالح يكون إمام للمؤمنين ...ولكن السنة يرون أنه من نسل الحسن ... والشيعة يرون أنه من الأئمة الإثنى عشر من نسل الحسين

وبالتالى فالصراع تحول بين السنة والشيعة إلى أهو حسنى أو حسينى ...ولكن الثابت أنه شخص ...فرد ..إنسان ..كما جاء فى حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وهذا يعنى أن فكرة أن يكون الإمام المنتظر هذا هو شئ ....كتاب أو علم غير واردةعلى الإطلاق

ثانيا...

إذا كان سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه قد قام بتأليف المنهج كما تقول أو مايفيد المسلمين فكيف لم ينشرها أثناء حياته..على الأقل كان يمكنه نشر أفكاره المدافعة عن دين الله وسنة رسوله أثناء خلافته بصفته الحاكم وبصفته من أل البيت النبوى الشريف وعترة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام

ولكن ماحدث أن ذلك لم يحدث...ولا أعتقد أن سيدنا على بما عرف عنه من البأس الشديد والقوة فى الحق كان سيتوانى عن نشر ما يعتقد أنه تطهير لما قد يشوب السنة النبوية من شوائب فى الأزمنة اللاحقة

وحتى بعد إستشهاد الحسين ... كان يمكن لأبناؤه أن يتوارثوا المنهج القويم هذا الذى ألفه أقرب إنسان لرسول الله

وبالتالى فإن ما يطلق عليه علوم وكتب يختص بها الشيعة عن من سواهم فعلا لا يخرج عن كونه أساطير...لأن العلم الحقيقى لا يمكنه أن يظل فى الخفاء للأبد
وخاصة إذا كان علم حول دين الله يحمله آل بيت رسول الله... فماذا كانوا سيخافون ليخفوا مثل هذا العلم والكتب والنص المكتوب ؟؟....أسخافون سلطان أو قتل أو إستشهاد أو ظلم أو فقر ؟؟؟؟؟

كلها أشياء لا تتناسب مع سلوك آل بيت النبوة... ولهم فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة

أليس كذلك؟؟؟؟

عفوا لللإطالة ....وفى إنتظار ردك فعلا

شكرا وتحياتى لروايتك الرائعة

Dr. Eyad Harfoush said...

الصديقة العزيزة جدا ميرو ديبو
شكرا لتعليقك الرائع يا عزيزتي، و شكرا للأخ الملتحي الذي اتبع صحيح السنة، فخالق الناس بخلق حسن، و الناس يقصد بها الرسول عموم البشر، و لو أراد المسلمين لخصهم بذلك

لكن الأديان كل الأديان، و حتى الفلسفات، و جدت من الحمقى من يفرغها من مضمونها و يحولها لآلية كراهية، بينما هي آلية حب، و أحسب هؤلاء من قصدتهم الآية الكريمة بالأخسرين أعمالا الذين يفسدون الأرض بينما يرون أنفسهم من أكبر مصلحيها، و الله أعلم بما أراد

تحياتي و تقديري و شكري و ان شا الله يخليكي يا دكتورة :)

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي مهرة عربية طليقة
وافر شكري للتعليق الشديد الثراء بحق

نبدأ بالمهدي، موضوع نسبته للحسن كان برأيي حيلة أموية، لأن الأمويين خشوا أن يتبع الناس ثورة واحد من نسل الحسين، و قد كثر منهم الثوار، على أنه المهدي، فنسبوه للحسن و جاراهم في هذا من جاراهم، لكن الحديث واضح لو سلمنا بصحته في نسبته للرسول بغير تخصيص

الفارق الأهم بين السنة و الشيعة هو اعتقاد السنة بأنه لم بولد بعد، اما الشيعة فهو عندهم محمد بن الحسن العسكري، و قد ولد و أم الناس ثم اختفى و لا يظهر الا آخر الزمان، و قد عرض الدكتور علي لهذا مفندا في فصل سابق، أما فكرة مخلص آخر الزمان فعليها ظلال أرجعك فيها للفصل سابق الذكر

ليس المقصود هنا علم اختص به الشيعة عن السنة أو العكس، و لكن نصوص كتبها الأئمة من آل البيت و أخفيت في ظروف معينة يأتي ذكرها، يمكنك اعتبارها كاجتهادات الأئمة في فهم النص، و التي يمكن أن توضح لنا منهجهم في التعامل مع النصوص، فتبين لنا ما هي السلفية الحقيقية، على عكس السلفية الحالية التي تقضي بتقديس الثلاث قرون التالية على عصر الوحي

تعدد الروايات و حقيقة اعتزال علي لانجاز عمل فكري، و رواية عن طرحه على الناس و رد الفاروق عمر بأن الناس لا تحتاج لغير القرآن، و قد كان الفاروق كما هو معروف معترض حتى على وضع الحديث في كتاب، و الروايات المتواترة تشير لذلك

و لقد عمل علي بالفعل بهذا المنهج في خلافته و عليه أسس اجتهاداته، فليس منهجه المقصود هنا غير القرآن و ما وافق القرآن من صحيح السنة ثم العقل، و قد أعلنه مشافهة في بيعة الستة حين قال: بل كتاب الله و سنة نبيه و أجتهد رأيي، عكس رأي بن عوف رضي الله عنهما حين رأي تثبيت سنة الشيخين مع سنة الرسول، فهذا هو الفارق بين أهل العقل و أهل النقل

تحياتي و تقديري و شكري

مهرة عربية said...

د.إياد

فتح الله عليك بحق !

بارك الله فى علمك ياصديقى ووفقك لما يحبه ويرضاه دائما

ردك يفتح مجالات أخرى أوسع للنقاش ولكنك لم تترك لى المجال لأكون طليقة....
فمع كل مقالة أعتز وأفتخر بالنقاش الثرى الممتع معك ...
متعة التلميذ عندما يناقش أستاذه متصور أنه ستتقارب الهامات ومعها العقول... ليفاجئ بأن الأستاذ سيظل ذو الهامة الأعلى والقامة الأسمى دائما


شكرى لتعليقك وردك الكريم السريع...وشكرى الأكبر لروايتك الرائعة

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي مهرة عربية
بل ألف أهلا و سهلا بالنقاش دائما معك يا صديقتي و أهلا، و قد ناقشت نقاش الاساتذة و ليس التلاميذ، دمت لنا صديقة عزيزة و دامت تعليقاتك التي تضيف للموضوع و تثريه