22.11.08

أنين الوطن

بصوت الشيخ إمام عيسى و ألحانه

الثنائي الجميل "أحمد فؤاد نجم" شاعرا و"إمام عيسى" رحمه الله ملحنا و مؤديا، أرخا خلال الستينات و السبعينات لآلام هذا الوطن، و بصفة خاصة لمرحلة انهيار الحلم النهضوي في السبعينات، فقد نقد عيسى و نجم النظام الناصري بأغان عديدة، كان أهمها و أشهرها أغنية: بقرة حاحا، غناها إمام بعد النكسة، و تقول كلماتها الحزينة
ناح النواح و النواحــــــــــــــــــــــة
على بقرة حاحا النطـــــــــــــــــــاحة
و البقرة حلوب .. تحلب قنطــــــار
لكن مسلوب .. من أهـــــــــل الدار
و الدار بصحـاب .. و حداشر باب
غير السراديب .. و بحـــــور الديب
و غيلان الدار .. واقـــــــفين زنهار
و ف يوم معلوم ... عملوها الروم

زقوا الترباس ... هِربوا الحراس
دخلوا الخواجات .. شفطوا اللبنات
و البقرة تنادي .. و تقول يا ولادي
و ولاد الشوم ... رايحين ف النوم

و عرف "إمام" و "نجم" السجن السياسي في عهد "عبد الناصر" رحمه الله، لكن كما يقول الفاجومي: كانت علاقتهما بالحقبة الناصرية علاقة عتاب بين الأصدقاء، و لم تعرف أغانيهما الأنين المرير إلا مع عصر بيع الانجاز الوطني و الحلم القومي و مبدأ الكرامة في السبعينات، و خلال حكم الرئيس السابق "أنور السادات"، فلنأخذ اليوم جولة مع الأغاني التي مازال بعضها حيا و مريرا حتى اليوم، لأن الطريق الذي بدأناه في السبعينات، هو الذي نمر اليوم بمنتصفه و ليس سواه

كان موت المناضلين الكبار على المستوى العالمي مناسبة للرثاء و تخليد البطل الراحل، و المقارنة خلال هذا الرثاء بين البطل الحقيقي و الأبطال المحليين وقتها، و على رأسهم بطل الحرب و السلام السادات، و أشاوس المقاومة الفلسطينية الهيكلية الذين طالتهم أغاني إمام و كاريكاتير ناجي العلي كثيرا، من هذا الرثاء أغنية انطلقت مع وفاة البطل الفيتنامي الأسطوري: هو شي منه، و اسمه الحقيقي نيوجين شن شونج، و أطلق عليه اسم: هو شي منه بمعنى الروح ذات الإشعاع، تعبيرا عن روح الحماس الذي كانت تشع منه، و هو البطل الذي هزم مع القائد الأسطوري "جي آب" الفرنسيين ثم الأمريكان محررا فيتنام الشمالية، فينتخب رئيسا لها، ثم يرسل القوات لمساعدة ثور فيتنام الجنوبية، ضد نظام "نجو دين ديم" العميل للأمريكان، و يموت القائد عام 1975م و لكن جنوده يواصلون المسيرة حتى تتحرر سايجون، ضيعة أمريكا الآسيوية قبل التحرير، و يغير اسمها لهو شي منه! في رثاء البطل الرائع قالت الأغنية الإمامية
و لما بان الخـــــــــــبر و اتــــــــــأكد الاثبات
صــــــــــاح الســــــــــلاح في الحــــــــــرس
قال: هو شي منه .. مـــــــــــــــــــــــــــــــات
الحـــــــاكم اللى زهــــــــد فى الملك واللذات
و الزاهد اللى حكم .. ضد الهــــــوى والذات
مات المسيح النبى .. ويهـــــــــوذا بالألوفات
مات الصديق الوفى للخضـــــــــره والغابات
مات .. بس فات للأمل فوق الطريق علامات
لو سار عليها العمل طول الطـــــــريق بثبات
تهدى الغريب سكته .. و تقرب المســــــــافات

أما مرثيته لما مات البطل الأرجنتيني الأصل الكوبي النضال "آرنستو جيفارا" فكانت الأروع على الإطلاق، فقد كانت شهادة "جيفارا" في ميدان المعركة ضد أمريكا، بعد استقالته من منصبه الوزاري في كوبا التي حررها، و سفره مع مائة من صحابه لدعم ثورة "لومومبا" في في الكنغو، ثم توجهه لبوليفيا لتحريرها من سطوة أمريكا، حيث استشهد فيها، منظرا ألهب الخيال الرومانسي في العالم كله، فقد هاجمه الجيش الموالي لأمريكا في 1500 جندي بينما كان هو مع 16 جنديا من رجاله، و مع ذلك صمد جيفارا و صحبه ستة ساعات كاملة، برغم الاصابات، و لما فرغت ذخيرته تماما وقع في الأسر، فقتله الأمريكيون في فالي جراند و بتروا يديه لارسالهما لأمريكا للتعرف على بصماته!!! يا لقذارة الكلاب؟
، و دفنت حكومية بوليفيا البطل سرا حتى لا تصبح مقبرته مكانا لتجمع الثوار حول العالم، حتى اكتشف رفاته عام 1997م بعد أن كشف عميل سابق للمخابرات المركزية وقائع القتل و الدفن، فأعد له رفيق نضاله كاسترو جنازة رسمية و دفنه في كوبا بمقبرة تليق بمثله، في مرثيته غنى إمام قائلا

جيفارا مــــــات .. جــــــيفارا مات
آخر خــــــبر في الراديوهــــــــــات
وفي الكـــــــنايس والجــــــــــــوامع
وفي الحتـــــواري والشــــــــوارع
و عَ القهــــاوي و عَ البـــــــــارات
جيفارا مات
واتمد حبل الدردشـــة والتعـــــليقات
مات المناضـــــــل المثال
يا ميت خسارة عَ الرجال
مات الجدع فوق مدفعـــه جوه الغابات
جسد نضاله بمصـــرعه ومن سكــات
لا طبالين يفرقعـــوا .. و لا إعلانـــات
ما رأيكم دام عــــزكم يا انتيكـــــــــــات
يا غرقانين في المأكولات والملبوسات
يا دفيانين ومولعــين الدفـــــــــــــــايات
يا محفلطـــــــين يا ملمعين يا جيمسنات
يا بتوع نضال آخر زمن في العـوامات
ما رأيكم دام عزكم؟ جيفـــــــــــارا مات
لا طنطنة ولا شنشـــــــنة
و لا إعلانات واستعلامات
***
عيني عليه ساعة القضا من غير رفاقة تودعه
يطلع أنينه للفضا يزعق ولا مين يسمــــــــــعه
يمكن صرخ من الألم من لسعة النار في الحشا
يمكن ضحك أو ابتسم أو ارتعـــــــش أو انتشى
يمكن لفظ آخر نفس كلمة وداع لأجل الجــــياع
يمكن وصية للي حاضنين القضية في الصراع
صور كثير ملو الخيال وألف مليون احتـــــــمال
لكن أكيد ولا جدال جيفـــــــارا مات موتة رجال
و يغني إمام لثوار فلسطين الحقيقيين من المقيمين بداخلها و من يحتملون المرارة و القتام في سبيل الوطن السليب، فيغني من شعر توفيق دياب قطعة ملتهبة بالثورة يقول فيها

أناديكم .. أشد على أياديكم
أبوس الأرض تحت نعالـــــكم .. و أقول: أفديكم
وأهديكم ضيا عيني .. و دفء القـــــلب أعطيكم
فمأساتي التي أحيا .. نصــــــــــيبي من مآسيكم
أنا ما هنت في وطني ولا صغـــــــــــــــرت أكتافي
وقفــــــــــت بوجه ظـــــلامي يتيما، عاريا، حافي
حملت دمي على كفي وما نكست أعـــــــــــــلامي
وصنت العـــــشب فوق قبـــــور أســـــــــــــــلافي
و يقول في ثوار الأرض العزيزة على القلوب و النفوس كذلك أغنية رائعة

يا فلسطينية و البندقــــــــــــــــــــاني رماكوا

بالصهــــــــــــيونية تقتل حمامكو في حداكوا
يا فلسطينية وأنا بدي اسافر حـــــــــــــداكوا
ناري في أيديه .. و إيديه تنزل معــــــــــاكو
على راس الحيه .. وتموت شريعة هولاكو
***
يا فلسطينية والغربة طالت كـــــفاية
والصحرا أّنت م اللاجئين والضــحايا
والأرض حنّت للفلاحـــــين والسقايه
والثورة غاية والنصر أول خطــــاكوا
***
يا فلسطينية والثورة هي الاكـــــــيدة
بالبندقية نفرض حياتنا الجــــــــــديدة
والسكه مهما طالت وبانت بعـــــــيدة
مدّ الخطاوي هو اللي يسعف معاكوا
***
يا فلسطينية فيتنام عليكـــــوا البشـــــارة
بالنصرة طالعة من تحت ميت ألف غــارة
والشمعة والعه والامـــــريكان بالخسارة
راجعين حيارى عـــقبال ما يحصل معاكوا
و مع ضبابية التوجهات المصرية بعد أكتوبر العظيم غنى يقول
إذا الشمس غرقت في بحر الغمــام
ومدت على الدنيا موجة ظــــــــــلام
ومات البصرفي العيون والبصـــاير
وغاب الطريق في الخطوط والدواير
يا ساير يا داير يا ابو المفهـــــومية
مفيش لك دليل غير عيـــــون الكلام
و في بدايات الارتماء في حضن الخواجات و الانفشاخ الاقتصادي تصاعدت الصيحات الإمامية، فيقول
بوتيكات النات كوانات .. و شقق مفروشة و عمولات
يا حلاوة الناوة كوناوة .. يا بلدنا يا آخــــــــــر فتكات
شبيك لبيك فتح مخك .. لبيك شبيك غمــــــــض عينك
هتقفل مخك هنطخك .. و نلوشك لو تفتــــــــــح عينك
ركب قرنين تركب مازدا و تعيش سلطان في البرواز ده
مش عاجبك فالجبنة الفاسدة و الفول و العيش و الكرات
***
مين فيكوا ما يعرفش عليوه .. شيّال المينا الكـــــحيان
في ثواني اتمول واتحول .. بقي مسيو عليـــــوه عليَّان
إزاي؟

ما هي بوظه ومفتوحه .. على حس ولاد المفضــوحه

وأرانب صاحيه ومدبوحه .. تتأستك تبع البنوكــــــــات
يا حلاوه الناوه كوناوه .. يا بلدنا يا آخر فتكـــــــــــــــات

و حين ارتهن الوطن لأموال الأمريكان و عقود العمل في الخليج، و تفتحت الشهية للطفرة الاستهلاكية، و ضاعت الصناعة الوطنية، بعد أن ضاع استقلال الوطن و سيادته على أرضه في كامب ديفيد، غنى فقال
بنادي على كل واحد في مصـــــر
ندايا أنا لكل بيت مش لقصــــــــر
بلدنا في محـــــــنة نظامها دابحنا
و واجبنا إحنا نصـــونك يا مصر
***
بنادي على الورشجـــــية الصـــغار
و دول مسروقين من سماسرة كبار
هتخرب بيوتكم فلوس أمريـــــكاني
مع الانفتاح جت مصيبة لمصـــــر
***
بنادي على الجيش هناك ع الحدود
مسلح و رابض لمين بالبـــــارود؟
رئيسك خلاص سلمك لليهــــــــود
و ضيع عليك أي فرصـــــة لنصر
و مع طفرة المعمار الانفتاحي، و التطاول في البنيان على الطريقة الأمريكية، غنا عن البنائين أغنية تفيض شجنا بلهجتها الصعيدية، موضحا القطبية الوطنية بين من يجدون مالا ينفقون، و من لا يجدون ما ينفقون، متجسدة في بناء يبني عمائر الأغنياء، فقال
دلي الشيكارة جنب الشيكارة .. و اقعد يا حفني ولعلك سيجارة
دقق شوية في العيشة دية .. ايه القضـية؟ ايه العبــــــــــارة؟
من صغر سني .. شقيان لكني .. ما لط سني غير البصـــــارة
دخلت حارة من جوة حارة .. و في كل حارة عليت عمـــــارة
وقت المهاول بنا و مناول .. بس المقاول كلني بشطــــــــــارة
و لا خلا صرة و لا لقمة حرة .. و العيشة مرة أخر مـــرارة
و مع اعتصام ميدان التحرير برقت بارقة أمل فغنى يقول
رجعــــــــــوا التلامــــــــــذة
ياعم حمـــــزة للجـــــــد تانى
يامصــــــــــر انتِ اللى باقية
وانتِ قطف الامـــــــــــــــاني
لا كوره نفعت ولا اونطـــــه
ولا المناقشة وجدل بيزنطـــــه
ولا الصحافة والصحـــــــفجية
شاغلين شبابنا عن القضـــــية
قيمولنا صهبة يا صهبجـــــــية
ودوقـــــونا طعم الاغــــــــــانى

و حين زار "نكسون" المنطقة في مساعي السلام الفلسطيني، محاولا تحقيق أي انجاز يغطي على عار قضية ووتر جيت، فرحب به الحكام العرب و هللوا له، فغنى
شرفت يا نيكســـــون بابا يا بتاع الووتر جيت
عملولك قيمه و سيما سلاطـــــين الفول والزيت
فرشولك أوسع سكه من راس التين على مكـــــه
وهناك تنفد على عكـــــا ويقولوا عليك حجـــــيت
ما هو مولد ساير داير .. شيلاه يا صحاب البيت
***
جواسيسك يوم تشريفك .. عملولك زفــــه و زار
تتقصع فيه المومــــــــــس والقارح والمــــــــــندار
والشيخ شمهورش راكـب
ع الكوديا وهات يا مواكب
وبواقي الزفه عناكب ساحبين من تحت الحـــــيط
واهو مولد ساير داير .. شيلاه يا اصحاب البيت

2 comments:

Anonymous said...

صديقى

رائعة مقالتك عن ذلك الزمن الرائع مهما كان به من إنكسارات

ولكنى أحمل عشق خاص لرائعته - كيسنجر -

وعموما فتلك فرصة لكل محبى إمام ونجم لمتابعة كل القصائد وسماع كل أغانيهم فى ذلك الموقع

http://chaykh.imam.free.fr/

وكذلك يمكن متابعة جديد ابداعات نجم فى مدونته الخاصة على الرابط التالى

http://elfagomy.blogspot.com/

تحياتى

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي مهرة عربية
بالطبع كل من كيسنجر و فاليري جيسكار ديستان أغاني لا تنسى لطابعها المميز، و خفة ظل الشيخ امام في غنائها رحمه الله
وافر شكري نيابة عن الجميع على الرابط يا مهرة عربية أصيلة منسبة
تحياتي و تقديري