دعما لصناعة الدواجن المصرية ضد استيراد الدواجن المشبوهة
أمريكا طليعة الانهيار
لست أتحدث هنا عن الشعب الأمريكي الطيب والمغيب، ولكن عن محور الشر ما بين حكومات اليمين من الجمهوريين خاصة والمؤسسة الشرقية، فمنذ سبعينات القرن العشرين وحتى اليوم دأبت المؤسسات المالية والإنتاجية الأمريكية المعروفة باصطلاح المؤسسة الشرقية على تصفية الصناعات الوطنية والتنموية في بلاد العالم الثالث الذي أرادوه سوقا مفتوحا، وكتب العالم الأمريكي والناشط الحقوقي الجليل "ناعوم شومسكي" التي فضحت هذه السياسات بالحقائق والوثائق متاحة للجميع، استحلت هذه المؤسسات المتحالفة مع البيت الأبيض كل الوسائل لإجهاض تلك الصناعات، بما فيها تدبير وتمويل الانقلاب على الحكومات الوطنية من إيران لفنزويلا، لتدبير الانشقاقات من نيكاراجوا لوسط أفريقيا، لعقد صفقات مشبوهة مع حكومات السماسرة من السعودية لغرب أفريقيا، وقد شهدت مصر منذ السبعينات تآمرا قذرا على قطاعها العام وصناعاتها الوطنية، ومنها تصفية إنتاج القمح المصري الذي وصل لنسبة اكتفاء ذاتي أكثر من 85% في الستينات لصالح استيراد القمح الأمريكي، فألغت حكومة السادات نظام الدورة الزراعية وشجعت المحاصيل الغير إستراتيجية لتحقيق هذا، واليوم تستمر المؤامرة لتصل لواحدة من أهم صناعاتنا الوطنية، هي صناعة الدواجن المصرية، فتهددها بالانهيار الكارثي، بينما لم تجف دماء القمح المصري على أيد التطرف اليميني الأمريكي والمتواطئين معه
تطورات الأوضع فيما يخص حماية الصناعة
لأننا في ظل استيراد المواد العلفية من الذرة وفول الصويا لن نتمكن من منافسة الدول غزيرة الإنتاج لهذه المحاصيل وفي مقدمتها الولايات المتحدة، والمؤسسات البرازيلية ذات الرأسمال الأمريكي، فقد تمتعت الصناعة الوطنية في الفترة من 1986 إلى 1997م بحظر كامل على استيراد المنتجات الداجنة، وتلا ذلك تعريفة جمركية تحمي الصناعة وقدرها 80% على منتجات الدواجن، ثم استمرت التعريفة الجمركية في الانخفاض لتصل إلى 32% عام 2007م، وذلك تحت ضغوط منظمة التجارة العالمية، وفي 2007 تم رفع التعريفة أو كاد فأصبحت غير واقية من الإغراق
مؤامرة طيور الظلام على صناعة الدواجن المصرية
1. بدأت حلقاتها بإصرار منظمة التجارة العالمية على رفع الحظر عن استيراد المنتجات الداجنة في مصر، رغم وجود حماية للصناعات الوطنية برسوم إغراق في أمريكا ذاتها، وقد وقعت الحكومة المصرية عام 2000م تعهدا بالسماح بالاستيراد الحر للدواجن ومصنعاتها بداية من عام 2002م، لكن جهود الصناعة واتحاد منتجي الدواجن قاومت تنفيذ القرار فعليا حتى عام 2006م، حين استغلت الحكومة أزمة أنفلونزا الطيور، والقصور المؤقت في الإنتاج للوفاء بتعهد التزمت به قبل بسنوات، فسمحت باستيراد الطيور المجمدة الكاملة دون استيراد أجزاء الدواجن، وأجزاء الدواجن لمن لا يعلم هي حثالة المصنعات العالمية التي تغرق بها أمريكا أسواق الدول النامية لقتل صناعتها الوطنية بمنتج رديء منخفض السعر، يتدنى سعره لأقل من 300 دولار للطن
2. تم الاتفاق بين الجهات التنفيذية واتحاد منتجي الدواجن بمصر على عدم تجاوز حجم الاستيراد للفارق الكمي المؤقت بين الإنتاج والاستهلاك، ولمدة ستة شهور فقط، وهو ما لم تلتزم به الجهات التنفيذية التي فتحت الباب على مصراعيه للمنتجات المستودة من أمريكا وأمريكا اللاتينية وفرنسا فضلا عن العربية السعودية وتركيا، وحظي بالموافقات الاستيرادية بعض معدومي الضمير من المقربين من النظام وحكومة السماسرة الشهيرة بحكومة رجال الأعمال، ليظهر أكثر من توفيق عبد الحي جديد بالأفق أبرزهم وكيل شركة ساديا
3. أثبتت الجهات الرقابية المصرية عدم صلاحية المنتجات المستوردة أكثر من مرة، لاحتوائها على الميكروبات المسببة للتسمم الغذائي (وهو ما يذكرنا بقضية توفيق عبد الحي في الماضي القريب)، وفي كل مرة تم التحايل على تقارير الجهات الفنية المعتمدة، وطرحت الدواجن المستوردة للاستهلاك، لترتفع حالات التسمم الغذائي بعد تناول الدجاج في المطاعم والفنادق خاصة، والتي آثرت هذه المنتجات لانخفاض قيمتها بهدف زيادة الربح على حساب صحتنا وصحة أبنائنا، كذلك قامت مؤسسة سعودية (والمؤسسات السعودية غنية عن التعريف في علاقتها المعقدة والمشبوهة بالمؤسسات الأمريكية) بطرح دواجن مجمدة في السوق المصري، وذلك بعد انتهاء صلاحيتها إثر عرضها في السوق السعودي كدواجن مبردة.
4. طرحت حملات إعلامية تروج لتلك المنتجات بدعوى أنها طازجة وحلال، وواقع الأمر أنها ليست طازجة ولا حلال، فهي تشحن بالبحر من أمريكا وأمريكا اللاتينية لعدة أسابيع في ظروف حفظ متفاوتة، وتنتظر على أرصفة المواني لمدة مماثلة تهدد بفسادها فضلا عن المسببات المرضية الموجودة بها من الأساس، كذلك توضع عليها عبارة "حلال" كعبارة دعائية لا تعبر عن حقيقة قتلها بالصعق الكهربائي في مجازر أمريكا.
5. واليوم، تلعب طيور الظلام اليوم في خلفية الصورة، ومن خلال غرفة التجارة الأمريكية والسفارة الأمريكية في القاهرة، في محاولات للحصول على قرار وزاري يسمح باستيراد أجزاء الدواجن من الولايات المتحدة، حتى تحقق المؤسسات الأمريكية ربحا مضافا، فضلا عن توجيه رصاصة الرحمة لصناعتنا الوطنية بمنتجات رديئة زهيدة الثمن، وهو ما يتعين علينا جميع التصدي له بلا تواني وأيا كانت التضحيات
والأدهي من كل هذا كان شراء أقلام رخيصة وأصوات إعلامية مأجورة دأبت على محاولات تشويه المنتج الوطني والارتماء في حضن الاستيراد، مستخدمة نفس اللهجة القديمة التي بدأت في مصر منذ سبعينات الهوان، وقول الحق الذي يراد به باطل وهو توفير طعام رخيص للكادحين، دون النظر لتشريد 3 مليون أسرة تقريبا لن تملك قدرة شرائية لطبق فول لو انهارت الصناعة الوطنية الناجحة
حقائق حول صناعة الدواجن المصرية
نشأت صناعة الدواجن المصرية لتسد الفجوة الغذائية التي نتجت عن تصفية المؤسسة العامة للدواجن، وأسست برؤوس أموال وطنية مائة بالمائة، مستفيدة من دعم الخامات العلفية الذي استمر حتى عام 1988م، لكنها تجاوزت أزمة رفع الدعم، لتشهد سنوات الثمانيات والتسعينات ثم الألفية ازدهارها المطرد، والذي حققت خلاله اكتفاء مصر ذاتيا من لحوم الدواجن وبيض المائدة، ثم فتحت أسواقا لتصدير كتاكيت التسمين في الأسواق العربية والأفريقية، وقد تجاوز إنتاجها المليار طائر تسمين وقرابة السبعة مليار بيضة مائدة، فضلا عن قطعان الطيور البلدي وقطعان التربية المنزلية.
وفرت الصناعة غزيرة العمالة بطبيعتها فرص عمل لما لا يقل عن المليون نصف المليون فني وعامل وموظف حين كانت بكامل طاقتها، فضلا عن الصناعات الداعمة والمرتبطة والتي يقدر عدد العاملين بها بقرابة 2 مليون عامل، أي ما يربو على 3 مليون أسرة مصرية معظمها من الطبقات محدودة الدخل والمتوسطة
مرت مصر كغيرها من بلاد الله بأزمة أنفلونزا الطيور في مطلع عام 2006م، لكن التعامل الأمني مع المشكلة في مصر، فضلا عن عشوائية القرارات الحكومية في هذا الصدد شكلا عرقلة جسيمة أمام الصناعة، ومع ذلك استردت الصناعة عافيتها جزئيا خلال بضعة شهور، وتجاوزت ستين بالمائة من حجم إنتاجها قبل الأزمة، ثم واصلت استرداد عافيتها بفضل جهود أبنائها ومثابرة العاملين بها، فضلا عن الجهود الفردية المخلصة من بعض القائمين على مؤسسات بحثية وتنظيمية. ويقدر اسهامها في الناتج القومي المصري بحوالي 17 مليار جنيه مصري بأسعار عام 2004 الذي جرت فيه الإحصائية
المقاطعة الإيجابية هي الطريق
الاعتماد على حكومة السماسرة أثبت فشله دوما، ولهذا فاليوم يتعين على كل الناشطين الحقوقيين والأقلام الوطنية المصرية من التيارات اليسارية والناصرية الداعمة للمنتج الوطني، فضلا عن المهتمين بالصناعة والعاملين بها أن يواجهوا هذه المؤامرة الدنسة بتوعية المواطنين بحقيقة المنتج المستورد بواجبهم في تفضيل المنتج الوطني المضمون صحيا وشرعيا مقابل دواجن مشبوهة تحمل كلمتي طازجة وحلال بلا أدنى مضمون، ونقترح خطة عمل كما يلي
مجموعات من المدونين من التيارات المستنيرة تتطوع لنشر الحملة الكترونيا بأوسع نطاق
حشد القضية صحفيا من خلال الصحف الوطنية
حشد القضية إعلاميا من خلال إثارتها في البرامج عالية المشاهدة، وطلب المناظرة مع سماسرة استيراد الدواجن
أما على الصعيد الرسمي، فينبغي توضيح حقيقة أن تمرير قرارات تجهض صناعة تفتح بيوت ملايين العمال لن يكون سهلا ولن يكون بلا ثمن، فالصناعة قادرة لو جد الجد على حشد مئات الآلاف من المتضررين، ممن تتوفر بينهم آليات الاتصال والتنسيق بحكم الحقل المشترك، وممن تمثل الصناعة لديهم مسألة حياة أو موت، ولن تكون كل وسائل الاحتجاج السلمية مستبعدة في ذلك الوقت، من الاعتصامات للإضرابات العمالية وحتى الإضراب عن الطعام وحشد رأي عام عالمي ضاغط من خلال الاتصال بالناشطين الحقوقيين عالميا من المنتمين للتيارات اليسارية والوطنية