18.10.10

حديث الرقابة والسيادة


لا يفوت الوزراء وقيادات الحزب الوطني في كل محفل تذكر فيه الرقابة الدولية على الانتخابات أن يبادروا لذكر السيادة الوطنية، والإيحاء بأن الرقابة الدولية تدخل أجنبي سافر في شأن وطني داخلي، وتحضرني في هذا الصدد عبارة للدكتور مفيد شهاب صرح بها مؤخرا بقوله "الدول التي تقبل الرقابة الدولية لديها مشكلة سيادة"، وهي عبارة لم تختبر لأن الرقابة الدولية تطلب ولا تقبل، والحقيقة أن النظام والحزب الحاكم في هذا الصدد يدقون وترا له صدى مسموع بين البسطاء، ممن تروج بينهم نظريات المؤامرة الغربية (عامة) على الشرق (عامة كذلك) في تعميم مخل ومضلل، وممن أقنعهم وعاظ المساجد أن الصليبيين (في الخارج) يأتمرون بنا نحن المسلمون (في الداخل) ويضمرون لنا شرا مستطيرا، ولهذا يكون من المستحسن أن نفهم ما هي الرقابة الدولية وما هو دورها

ما هي الرقابة الدولية؟
هي رقابة خارجية "تطلبها" الدول الحرة بمحض إرادتها الوطنية على الانتخابات، سواء في ذلك البرلمانية أو الرئاسية، و"تطلبها" من جهات تحددها حصريا وبمحض رغبتها، ولا يفرض عليها أحد جهة إضافية ولا بديلة، حتى الأمم المتحدة، وعادة ما تكون تلك الجهات منظمات مدنية دولية أو حكومات دول صديقة أكثر تطورا في الممارسة الديمقراطية، وتطلبها الدول التي تحرص على إثبات نزاهة الانتخابات بها، وبالتالي جذب الاستثمارات والثقة العالمية في المناخ السياسي لها، أو تلك التي تعاني من أزمة ثقة بين فصائل سياسية مختلفة، ولا تعد الرقابة الدولية انتهاكا لسيادة الدولة التي تطلبها لعدة أسباب
  1. هي رقابة تطلبها الدولة ولا يمكن أن تفرض عليها
  2. الدولة هي من تحدد المنظمات أو الحكومات التي ترتضي رقابتها بحرية كاملة
  3. تشهد المنظمات أو الحكومات المراقبة بنزاهة الانتخابات أمام المجتمع الدولي أو تكشف خللا فيها دون الحق في تغيير نتيجة الانتخابات بأي درجة ولا الحق في إعادتها أو الحكم بعدم دستوريتها، فكل هذه الأمور قرارات سيادية للدولة المضيفة التي طلبت الرقابة
  4. في حالة الانتخابات النزيهة تشكل الرقابة دعاية دولية للنظام الذي أجرى الانتخابات، ولهذا لا يتحرج منها غير نظام يعتمد على تزييف إرادة الشعب للبقاء في السلطة
مشكلة ثقة وليست مشكلة سيادة
الدول التي طلبت، والتي ينبغي لها أن تطلب الرقابة الدولية على الانتخابات، هي تلك التي مرت بممارسات قمعية وشمولية شملت تزويرا للإرادة الوطنية وتجاوزات فادحة في آليات العملية الانتخابية وحياد الأجهزة القائمة عليها، فتلك الممارسات تخلق حالة من عدم الثقة بين الفصائل السياسية، وبخاصة بين المعارضة والنظام الحاكم، فهي مشكلة ثقة وليست مشكلة سيادة كما يقول الدكتور شهاب، والسؤال هنا، هل لدينا هذه الأزمة في الثقة أم لا؟ أنا أقول أنها لدينا وبوفرة، ولهذا ستكون الرقابة من منظمات مجتمع مدني دولية مختارة بعناية من الاتحاد الأوروبي وسويسرا على سبيل المثال قفزة واسعة نحو الحرية

3 comments:

عبد الرحمن said...
This comment has been removed by the author.
عبد الرحمن said...

عم لدينا أزمة فى الثقة بوفرة
و لكنها فقط تصريحات الوزراء الساذجة كما اعتدنا , لقد صدعوا رؤوسنا حقا بهذه الكلمة التى يتغنون بها ليلا و نهارا و مازالت إسرائيل تنتهك سيادتهم صبحا و مساءا , سرا و جهرا
لا أدرى أين تلك السيادة التى يتحدثون عنها
و طالما أن الرقابة الدولية على الإنتخابات انتهاك لسيادة الدولة لماذا شاركت هيئات مصرية فى الرقابة على إنتخابات السودان من قبل
وإن كانت حقا كذلك فسيكون هذا أقل إنتهاك سيادة تتعرض له مصر مذ أمد بعيد

Dr. Eyad Harfoush said...

الكذابون يعرفون تماما استاذ عبد الرحمن أننا بوسعنا ان نختار مراقبين من منظمات حسنة السمعة في دول صديقة من أوروبا وامريكا اللاتينية لا علاقة لها بسيادة ولا غيره لكنها تماحيك ليس الا واستغلال لجهل العوام
تحياتي وشكري