مثقفون في حياة الناس
بداية وحتى لا أقع في مطب التعميم، أدرك تماما وجود مجموعة مميزة من المثقفين المعاصرين من جيلنا وأجيال سابقة ولاحقة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر العالم والمبدع د/ يوسف زيدان، والروائي الخلاق د/ علاء الأسواني، والساخر الرائع اللامع دائما بلال فضل، والإعلامية الكاتبة/ دعاء فاروق، والأديب الفنان/ خالد الصاوي، وأشهد الله أن هؤلاء خلال احتكاكي الطفيف بهم في الحياة أو الكترونيا كانوا نموذجا يجعلني أقول: مصر بخير، فقد وجدت منهم وفيهم اتساقا مع الذات، وتفهما وقبولا للآخر، وكلهم لم يرتدوا سمت النجوم ويعيشوا الوهم أبدا، جرب أن ترسل بريدا لزيدان أو الأسواني أو دعاء أو خالد وستجدهم يجيبون، جرب أن تتصل ببلال فضل وسيجيب، وقد فاجأني شخصيا بأنه قرأ عملين من أعمالي المنشورة وهو ما أسعدني جدا، هؤلاء من يمكنك أن تسميهم مثقفين أو نخبة ثقافية، أبدا لا يتحججون بعمل أو انشغال أو "وحي" ليتجاهلوا الرد على قاريء أو مشاهد لديه سؤال يريد طرحه، أبدا لا يقولون آراء شاذة أو يتبنون أسلوبا ناشزا للفت الأنظار، ولم أر أحدهم يناقض ذاته في حدود ما عرفت وقرأت لهم
وموضوع مشغول وحياتك مشغول ده من واقع تجربتي الشخصية أونطة في أونطة، فعملي الاحترافي يستهلك أغلب يومي، ولا يترك لي غير سويعات المساء والسهرة للكتابة والقراءة، ومتابعة الأحداث والرد على بريدي الشخصي، إلا أن هذا لم يضطرني أبدا - عدا في ظروف السفر - لإهمال أو حتى تأجيل الرد على بريد أو تعليق من صديق أعرفه، أو قاريء لا أعرفه، فأن يشتري قاريء كتابي ويقرأه، أو يقرأ ما أكتب أونلاين، ثم يتكلف مشقة كتابة انطباعه، أو يحصل على رقم هاتفي من الناشر ليبلغني رأيا كريما مشجعا، أو حتى معترضا، فهذا كرم وتقدير لشخصي لا يمكنني إلا مقابلته بكل ود وتقدير، ولست أقارن نفسي بالنجوم أعلاه، لكنني أعني أنني مع اعتبار العمل الفكري مهمة جانبية لدي ووقتها محدود، مازلت وسأظل كهؤلاء الرائعين أجد الوقت لأقدر من قدرني بالرد عليه، تعالوا نشوف نموذج شائع بقى للمثقفين اليومين دول، مثقفين أونلاين
وموضوع مشغول وحياتك مشغول ده من واقع تجربتي الشخصية أونطة في أونطة، فعملي الاحترافي يستهلك أغلب يومي، ولا يترك لي غير سويعات المساء والسهرة للكتابة والقراءة، ومتابعة الأحداث والرد على بريدي الشخصي، إلا أن هذا لم يضطرني أبدا - عدا في ظروف السفر - لإهمال أو حتى تأجيل الرد على بريد أو تعليق من صديق أعرفه، أو قاريء لا أعرفه، فأن يشتري قاريء كتابي ويقرأه، أو يقرأ ما أكتب أونلاين، ثم يتكلف مشقة كتابة انطباعه، أو يحصل على رقم هاتفي من الناشر ليبلغني رأيا كريما مشجعا، أو حتى معترضا، فهذا كرم وتقدير لشخصي لا يمكنني إلا مقابلته بكل ود وتقدير، ولست أقارن نفسي بالنجوم أعلاه، لكنني أعني أنني مع اعتبار العمل الفكري مهمة جانبية لدي ووقتها محدود، مازلت وسأظل كهؤلاء الرائعين أجد الوقت لأقدر من قدرني بالرد عليه، تعالوا نشوف نموذج شائع بقى للمثقفين اليومين دول، مثقفين أونلاين
على ما تفرج
قفزت البشرية أول قفزة معرفية مع اختراع الكتابة في مصر وسومر 3000 ق.م. ثم القفزة التالية حوالي 1439م مع اختراع المطبعة، ثم القفزة الثالثة في التسعينات مع انتشار الانترنت لتصبح المعرفة شبه مجانية في أساسياتها، وقد جعلني هذا أتنبأ بمستوى رائع للمثقفين من الجيل العشريني حاليا ممن عاصروا الطفرة وهم في قمة تحصيلهم المعرفي وفترة النهم لاكتشاف الكون المترامي حولهم، ومازالت هناك نماذج طيبة من هذا الجيل، بل ومميزة جدا، لكنها فلتات لا تنفي وجود خلل جوهري في هذا الجيل من المثقفين الشباب، وفي بعض من مثقفات ومثقفي جيلي بالعدوى فيما يبدو، وبعضهم له أعمال منشورة، وأرصد معالم الخلل فيما يلي- ستايل الفراشة الاجتماعية، من ندوة لندوة، من ساقية الصاوي لوسط البلد لمكتبة س وص، طوفان من البريد الدعائي كأنهم متفرغين للمراسلة دعاية لإصداراتهم، وكل هذا جميل ومشروع جدا، لكنه على حساب الجوهر، على حساب ساعات القراءة والبحث وجمع المادة العلمية للإصدارات
- طوفان من الأخطاء اللغوية، وأحداث تاريخية مغلوطة، وتواريخ خطأ، فضلا عن الاستدلال الفاسد الشائع للغاية في كتابات كثير منهم حتى يكاد يكون سمة جيل بالكامل
- قناعة ساذجة بأنهم يعرفون بما يكفي، فقضاء الساعات على التويتر أو الفيسبوك في تناول وجبات سريعة من هنا وهناك عن شتى جوانب المعرفة والأحداث الجارية يعطيهم شعورا مزيفا بفهم العالم من حولهم، بل وقدرتهم على تصحيح مسار الآخرين، بينما لم يتجاوزوا طور المراهقة الفكرية
- تصنع النجومية بتجاهل الرد على بريد قاريء أو تعليقه على بوست أو مقال الكتروني أو مطبوع، وهو ما يبرز الفارق الكبير بين المثقفين أعلاه ممن صاروا نجوما وبين محدثي النجومية ومفتعليها
6 comments:
Dr-Tamer Harfoush
نحن في زمن الزيف
فلا المثقف مثقف
ولا السياسي سياسي
ولا المناضل مناضل
ولا الفلاح فلاح... See More
ولا العامل عامل وكله بقى على ما تفرج
إلا من رحم ربي
وهم قليل لكن لولا وجودهم لإستحالت الحياة في بر مصر المسروقة
Dr-Tamer Harfoush
لأ ...........على ما تفرج
Yesterday at 7:10am ·
Mamdouh El Nakeeb
نحن في زمن المسخ كما قال الرائع علاء الأسواني
Marwa El Marsafawy
مين فيهم اللي مضيائك ؟ اكيد حصل حاجة خلتك تقول كدة
Eyad Harfoush
عزيزي دكتور تامر ودكتور ممدوح، نعم زمن المسخ تعبير مناسب جدااااا، تحياتي وشكري
Eyad Harfoush
لأ يا مروة، مش حد في اللي ذكرتهم دول، بالعكس دول نموذج لعكس السلوك ده، نموذج لاحترام المثقف لقارئه ولنفسه بالتالي، التانيين نكرات في مجملهم
د/ اياد
أنا عندي فعلا مشكلة أني مشغول ولست أدعي لنفسي لقب الثقافة أصلا يكفيني أن لي رأي
وانا لا أزهد في أن أطلع
ولكن سرعان ما أزهد فيما أقرأ إن لم يشدني وعندي مشكلة أساسية أني ضعيف الذاكرة في الحفظ ولذلك كرهت التاريخ والجغرافيا في المدرسة وزملائي كانوا يرونها مواد مضمونة ،ولكن ما أفهمه لا أنساه أبدا
وعزائي أني لا أبخل نصحا أو تشجيعا لمن أشعر بحاجته إليه
تصدق...حطيت ايدك فعلا على جرح مهم قوي ظهر مؤخرا....
على قدر سعادتي الشديدة والشخصية بكم المدونين والمدونات الي اصبح ليهم اصدارات مكتوبة ومطبوعة تقرأ على قدر احباطي لما بقرأ ما طبع فعلا فأجده في أغلب الوقت افكار مشوشة غير واضحة المعالم...فقط هو وضع على ورق..فترى...المدونين حالة فردية ومزاجية خاصة...يعني مش مطلوب من المدون انه يكتب حاجة عامة ولا تخص كل الناس ولا مطلوب منه انه يناقش القضايا بموضوعية وحيادية...ببساطة لإنه بيكتب في الحيطة بتاعته وهو حر بقى يقول االي هو عايزه...لكن لما الكتابة دي تنزل على ورق ويشتريها الشباب من مصورفهم واهاليهم فاكرينهم بيتثقفوا...فيقولولهم شطار يا حبايبي..يبقى المفروض يكون فيه جيش ينقح الكلام ده...من باب الأخطاء الإملائية والكتابية والجمل الي مش راكبة على بعضها وخلط العامي بالفصحى وخلافه...احبطت كثيرا لما نشر للمدونين..واتفهم تماما حالة النجم المفرغة الي بتتكلم عليها...كان فيه فيلم (بصراحة مش فاكره لا اسمه ولا اسم بطله) بس بيجسد حالة ممثل مثل في حياته فيلم واحد وهو صغير حقق نجاح عظيم والناس كانت حباه قوي...فساب نفسه بقى يتخن وبقى سخيف ومبتذل وعايز ياخد اعلى اجر والناس تكلمه على انه اله مع ان تاريخه فيه فيلم واحد بس مثله كويس وهو طفل...
تحياتي للملاحظة الهامة...لعل الشباب القادم يدركها...مبكرا
أخي العزيز Arabic ID
لم أقصدك بكل تأكيد، فقد كنت دوما في حواراتنا ومراسلاتنا نموذجا راقيا
أما القراءة فلكل منا ما يحب ويكره فيها، تاريخا او سياسة او شعرا او غيرها، المهم ان تقرأ في مجال اهتمامك الذي تكتب فيه دائما وتعمق قراءاتك مع مرور الوقت
تحياتي وتقديري يا صديقي
الصديقة العزيزة جدا سكوت هنصوت
إنت اللي أنجزت وأوجزت في التعليق بتاعك بعبارة "مش مطلوب من المدون انه يكتب حاجة عامة ولا تخص كل الناس ولا مطلوب منه انه يناقش القضايا بموضوعية وحيادية...ببساطة لإنه بيكتب في الحيطة بتاعته وهو حر بقى يقول االي هو عايزه...لكن لما الكتابة دي تنزل على ورق ويشتريها الشباب من مصورفهم واهاليهم فاكرينهم بيتثقفوا...فيقولولهم شطار يا حبايبي..يبقى المفروض يكون فيه جيش ينقح الكلام ده"، ذكرني هذا بأني تفرغت شهرا كاملا صباح مساء في صيف 2008 لتنقيح كتابي وجع الدماغ، وحين أقارن اليوم ما طبع بالموضوعات التي نتج عنها هنا على المدونة أجدني قد أعدت كتابته تقريبا، ع المدونة ممكن أتناول موضوع وأنا متنرفز فتلاقيني باشتم واستعمل لغة حادة، وممكن أكتب وانا ف مود ساركازم فتلاقيني باهرج زيادة عن اللزوم، كل ده مش مكانه الورق، المدونة أجندة مسودات الكترونية لا يمكن طباعتها بعبلها
تحياتي وتقديري وشكري للتعليق المثري
Doaa Farouk
أنا مش معاهم ... خرجنى من صف المثقفين اللى يخض ده وحط نفسك مكانى وحطنى مع المتابعين والمعجبين بكتاباتكم جميعا ... أنا مجرد ماما حظها حلو شوية
Eyad Harfoush
العفو يا نجمتنا المتألقة، يزيدها الخلق تألقا وعمقا :) وبعدين ماما مايتقالش عليها مجرد، ماما لقب أعظم من لقب مثقفة على فكرة :)
Post a Comment