بين الإطار و المضمون
حكمة خالدة قالها السيد المسيح يوما في القدس، لتكون من أعظم ما قيل من كلمات جامعة على مر الزمان:
"إنما جعل السبت للإنسان .. و ليس الإنسان للسبت" (مر 2:23)
قالها المسيح حين سمح لحوارييه بجمع المحاصيل الزراعية يوم السبت، فلامه الفريسيون، لأن اليهود يرون السبت يوماً مقدساً لا يجوز العمل فيه، فرد المسيح عليه السلام بحكمته المفحمة ، لقد جعل الله السبت للإنسان يوم راحة أسبوعي، حتى لا ينسى الإنسان حاجته للراحة في خضم الحياة العملية، لكن جمود اليهود حول السبت من راحة لهم، إلى قيد عليهم، فيالها من عبارة تلخص كل معاناة البشرية و تصف طريق نجاتها في كلمات!
لو نظرنا في الحياة الخاصة أو العامة، في الزواج أو التعليم، في العمل أو السياسة، في الدين أو العلاقات الإنسانية، الفارق في هذا كله بين الحكيم و الساذج هو إدراك هذه الجملة البسيطة حق إدراكها، و احسان العمل بها، فالحكيم يدرك أن سعادة الإنسان و خيره هما الهدف الأسمى، و أن كل ما عدا ذلك وسائل لتحقيقه، و يدرك أن الإطار- أي إطار- غايته أن يحفظ الصورة و يظهر جمالها، فلا يمكن أن يفوق الصورة أهمية حتى لو صنع من ذهب نضار، أما العاطل من الحكمة، فينسى الصورة مع الوقت، و يصير الإطار عنده مقدسا في ذاته، و لكن أليس هذا ما يفعله الكثيرون منا صباح مساء؟دعونا نرى، و سنضرب أمثلة هنا بأربعة إطارات، هي إطارات الدين و الزواج و التقاليد و العمل، لنرى هل نحن نحفظ السبت أم نحفظ الإنسان بالسبت؟
و يتناول الكتاب هذه الأطر الإنسانية الأربعة و مدى الحفاظ عليها مقارنة بالحفاظ على مضامينها في حياتنا
No comments:
Post a Comment