23.7.08

رأس و أغاني

كل عام و مصر بخير، في مثل هذه الساعات من يوم الأربعاء من يوم 23 يوليو عام 1952م قام الضباط الأحرار تحت قيادة خالد الذكر و طيب الذكرى "جمال عبد الناصر" بحركة الجيش التي سماها "السنهوري" لاحقا بالثورة، فأجمل التهاني لمصر في عيد ميلاد الثورة السادس و الخمسين، و نشاطرها الأحزان في ذكرى وفاة الثورة الثامنة و الثلاثين، ثمانية عشر عاما من الثورة ، و ثمانية و ثلاثون عاما من الردة على الثورة ، و لهذا احترت فيما أكتب اليوم؟ هل أكتب مقالا يعبر عن بهجة عيد الميلاد؟ أم عن شجن الذكرى و حزنها؟ ثم خطرت لي الفكرة التالية، الأغاني شكل فني مركب يجتمع فيه الشعر و اللحن و الأداء الصوتي، فهي بذلك مرآة صادقة للمجتمع، فلماذا لا نقارن الفنون الغنائية في عهد الثورة ثم ما بعدها؟ لنرى كم تشبهنا فنوننا و نشبهها، حتى لا نلوم الفن بل أنفسنا، فما الفن الا صورتنا في مرآة، لكننا نكره هذه الصورة في المرآة كثيرا لأنها تواجهنا بحقيقتنا .. تلك التي لم نعد نحبها .. أو نحترمها


فن الثورة
عندما كان جمال عبد الناصر يقول "على كل فرد أن يثق في نفسه ، ويفهم أن له قيمة ، وان له التأثير الكامل على كيان الوطن" كان "عبد الحليم حافظ" يغني ، معبراً عن حالة التوثب للعمل العام و التي سادت في هذا الوقت بين أفراد الشعب، نعم، لم يكن الجميع مخلصاً لفكر الثورة و لا قائدها، و لا حتى الأغلبية للأسف، لكن كانت هناك أرضية و مناخ عام، يساعد من يريد أن ينتمي لوطنه أو يخدم وطنه، و كانت هناك ثقافة الشرف و المبدأ التي تخجل من الجهر بالوصولية أو الانتهازية، فكان العندليب يقول: ناصر ، الشعب دليله و الهامه .. قربوا من فكره و احلامــــــــه .. ياللي عليكم كل كلامـــــــــــــه .. في الصــــــــورة شايفكم قدامه .. قيادات شعـــــــــــــبيه قلتم ايه؟ قلنا يا زعيمنا قلــــــــوبنا اهيه .. ايامنا اهيه ليـــــــــــــالينا اهيه .. في يوم الــــــــــــدم وهبنا الدم .. هنبخل باللـــــــــــــــــيالي ليه؟ .. و الصورة اكتملت بالرواد مع ناصر و ايديهم في ايديه

و حين نأتي للأغاني العسكرية، و التي تهدف لتعبئة الجبهة الداخلية وقت الحرب، و مازلت أنا أسمعها لليوم يوميا في طريقي للعمل و العودة منه، لانها تبث النشاط في الجسد بما فيها من صدق و حماسة تتفجر من الكلمات، عندما كان يكتبها "صلاح جاهين" أو "عبد الرحمن الأبنودي" أو غيرهم من الكبار، ثم تأتي الألحان لتزيدها تألقا و تأججا في آن واحد، في زمن كان فيه الرئيس و رأس الدولة يقول في مؤتمر الخرطوم و بعد الهزيمة في يونيو 1967 لاءاته الثلاثة " لا صلح مع اسرائيل ولا اعتراف بها ولا مفاوضات مباشرة معها" كان العندليب يغني في العام التالي رائعة "فدائي" الشهيرة من كلمات "محمد حمزة" و تلحين المبدع الأسطوري "بليغ حمدي" فيقول: فدائي فـدائي فدائي .. أهدي العروبــــــــة دمائي .. و اموت أعيش ما يهــــــــــــمنيش .. و كفاية أشوف علم العـــــــروبة باقي .. وسط المخاطر هنـاك مكاني .. و النصـــر عمره ما كان أماني .. جوه المواقـع بين المدافع .. وسط القنابل أنسف أقـــــــــــــاتل ... لو مت ياأمي ما تبكـــيش .. راح أمــــــــــــوت علشان بلدي تعيش .. افرحي يامــــه و زفيني .. و في يوم النصـــــــــــــــــــر افتكريني .. و إن طــالت يامه السنين .. خلي أخــواتي الصغيرين .. يكونوا زيي فــــــــدائيين

و حين سقط الفارس الكبير من فوق الجواد، و بكته أمته بأسرها، خرجت كوكب الشرق "أم كلثوم" تغني و هي تنتحب قصيدة فورية كتبها "نزار قباني" و لحنها "رياض السنباطي" و هو يبكي بعد اذاعة خبر الوفاة بساعات قليلة ، ثم أذاعتها الاذاعة المصرية مرات قليلة قبل أن يمنع الرئيس الجديد اذاعتها ، قالت أم كلثوم فيها و هي تنتحب باكية: حبيبنــــــــــــــــــا .. زعيمنا .. قائدنا .. عندي خطاب عاجــــــــــــــــــل إليك .. من أرض مصر الطــــيبة .. من الملايين التي تيمـــــــــــها هواك .. من الملايين التي تريد أن تـــــــراك .. عندي خطاب عاجــــــــــــــــــل إليك .. لكنني .. لا أجــد الكلام .. فالصبر لا صبر له ، و النوم لا ينام .. والدنا .. جمال عبد النـاصر .. الحزن مرسوم على الغيوم والأشجـــــــار والستائر .. وأنت سافرت ولم تســـــــــــــــــــــافر .. فأنــــــــــــــــت في رائحة الأرض و في تفتح الأزاهـــــر .. في صوت كل موجة وصوت كل طــائر .. في كتب الأطفال في الحروف والدفاتر .. في خضرة العيون وارتعاشه الأساور .. في صدر كل مؤمن وسيف كل ثــــــائر .. يا أيها المعــــــلم الكــبير .. كم حزننا كــــــبير ... كم جــــرحنا كبير .. لكننا ... نقسم بالله العلـــــــــــي القدير .. ان نحبس الدمـــــــــــــوع في الأحداق ونخنق العبرة .. نقسم بالله العلي القدير .. ان نحفظ الميثاق ونحفظ الثورة .. وعندما يسألنا أولادنا .. من أنتـــــــــم؟ في أي عصــر عشـــــتم ؟ في عصر أي ملهم؟ في عصر أي ساحر؟ .. نجيبهم .. في عصر عبد الناصــــــــــــــر .. لم يكن نفاقا كما قال البعض من "أم كلثوم" أن تغني لناصر في حياته، فهاهي تفعل بعد موته، و على الرغم من رغبة القزم الذي تلاه رئيساً، حتى يمنع القزم إذاعة أغنيتها ، و أكثر ما يؤلمني في هذه الأغنية، فضلا عن اختناق صوت كوكب الشرق بالعبرات فيها و بخاصة في نهايتها، أننا كنا بعد هذا نموذجا لتضييع ميثاق العمل الوطني و إهدار كل منجزات الثورة
و حتى في الأغاني العاطفية، عندما طلب الرئيس "جمال عبد الناصر" من "أم كلثوم" و "محمد عبد الوهاب" أن يلتقي صوتها مع ألحانه، بعد ما كان بينهما من طول شقاق نتج عن التنافس الفني، خرجت لنا رائعة "إنت عمري" فيما عرف وقتها بلقاء السحاب، سحاب الغناء المبدع مع سحاب اللحن الخلاق ، و فيها شدت كوكب الشرق من كلمات "أحمد شفيق كامل" و ألحان موسيقار الأجيال، فقالت: رجعونى عينيك لأيامى اللي راحوا .. علموني أندم على الماضي و جراحه .. اللي شفته قبل ماتشوفك عينيه عمر ضايع يحسبوه إزاى علىّ؟ .. انت عمرى اللي ابتدى بنورك صباحه .. قد إيه من عمرى قبلك راح و عدى ياحبيبى .. ولا شاف القلب قبلك فرحة واحدة .. ولا داق فى الدنيا غير طعم الجراح.. إبتديت دلوقت بس أحب عمري .. و إبتديت دلوقت اخاف لا العمر يجرى .. كل فرحة اشتاقها من قبلك خيالي .. التقاها في فى نور عينيك قلبي وفكري .. يا حياة قلبي يا أغلى من حياتي .. ليه ما قابلنيش هواك ياحبيبي بدرى؟.. الليالي الحلوة والشوق والمحبة من زمان والقلب شايلهم عشانك .. دوق معايا الحب .. دوق حبه بحبه .. من حنان قلبي اللي طال شوقه لحنانك .. هات عينيك تسرح قي دنيتهم عينيه .. هات ايديك ترتاح للمستهم ايديه .. يا حبيبي تعالى وكفاية اللي فاتنا .. هو فاتنا يا حبيب الروح شويه؟ .. و ليس الأمر قاصرا على غناء العمالقة، حتى الغناء الشعبي كان له ذوق و مذاق مختلف ، فها هو "محمد رشدي" بصوته الذي يمثل بحق الرنين المحبب للغناء الشعبي المصري، يقول: طاير ياهوى .. طاير على المينا .. رايح ياهوى تخبر أهلينا .. بقصة الهوى و تفتن علينا.. اوعى يا هوى تخبر أهالينا .. جينا يا هوا للبحر جينا .. و الشط و ناسه بعيد عن عينينا .. علي شوية المية تداري علينا .. ناوي ياهوى تخبر أهلينا؟ .. عارف ياهوى ايه الحكاية ؟ .. مكتوب على المية قصتها معايا .. ولاقيتها الموجة خايفة عليها .. منك ياهوى ومن أهلينا .. حتى أغنيته "عدوية" التي كان للرأي العام الفني وقتها بعض التحفظ عليها، نجدها الآن أرقى من الكثير من كلمات أغاني الزمن القبيح ، و فيها كان يقول: آه يا ليل يا قمر .. والمانجه طابت ع الشجر .. اسقيني يا شابه وناوليني حبه مية .. اسم النبي حارسك ، اسمك ايه ؟ردي علي؟ .. عدوية .. آه يا عدوية .. أوعوا تحلوا المراكب ، والله يا ناس ما راكب ، ولا حاطط رجلي في المية إلا ومعايا عدوية .. هذا ما كان البعض يقول عليه في الزمن الجميل هبوطا في مستوى الغناء، فهيا بنا نكمل اللوحات لنرى الهبوط على أصوله ، بعد أن أنهينا هذه اللوحة .. لوحة مجتمع كحصان يسابق الريح نحو هدفه مهما كانت العقبات و الهزائم
فنون الردة على الثورة

لما تولى القيادة الرئيس المؤمن "أنور السادات" و وصلنا لزمن الانفتاح، و قال الرئيس المؤمن "من لم يغتن فى عهدى لن يغتنى أبتاً .. أبتاً" فـاللي حصل إنه .. أ .. أ (استلهاما لروح الزعيم) التوجه الشعبي بقى نحو النجاح المادي بتحقيق الثراء و بأقصى سرعة، حتى و لو من طريق مش و لابد يعني ... لأن رئيس دولة العلم و الإيمان ماقلناش الغنى لازم يبقى حلال و شريف و لا لأ، المهم نلحق، لهذا، نجد الصورة اختلفت خالص، وظهرت عناصر فنية جديدة ، تواكب طبيعة المرحلة الملونة بكل الألوان، ظهرت مواهب شابة واعدة، عندنا مثلا الشاب الجميل "أحمد عدوية" و الفنان الراقي "كتكوت الأمير" و ده كله طبعا حصل بعد الانفتاح على العالم .. على العالم الوسخة تحديداً، فنلاقي كلمات الأغاني و الألحان بتعبر عن ده أصدق تعبير، فنجد النشيد العظيم لمطرب الانفتاح الاستهلاكي العظيم و اللي بيعبر عن روح و توجهات المجتمع التواقة للمجد ، و هو يقول بصوته المجلجل: قرقشنجي دبح كبشه .. يا ما احلى مرقة لحم كبشه .. عكشه.. فركش .. نكشه .. طنش .. قلشه .. إقلش .. سبع سلاطين استسلطناهم من عند المستسلطنين .. تقدر يا مسلطن يا مستسلطن تستسلطلنا سبع سلاطين زي ماستسلطناهم من عند المستسلطنين؟ .. و سبع دبابيس استدبسناهم من عند المستدبسين .. تقدر يا مدبس يا مستدبس تستدبسلنا سبعدبابيس زي ماستدبسناهم من عند المستدبسين؟ .. و سبع لحاليح استلحلحناهم من عند المستلحلحين .. تقدر يا ملحلح يا مستلحلح تستلحلحلنا سبع لحاليح زي ماستلحلحناهم من عند المستلحلحين؟ .. فن راقي و كلمات عميقة مفيش كلام، و بيعبر عن سيادة ثقافة المخدرات السابحة في الهلاوس، فإذا كان رب البيت مأفين، فشيمة أهل البيت لازم تكون تحشيش

لكن ده لا ينفي إطلاقاً إنه كانت هناك أغاني جميلة حفزتها روح أكتوبر المتأججة بحدث العبور العظيم، و قبل الانفتاح على العالم الوسخة، فكانت هناك روائع لمبدعين من حجم "عبد الحليم حافظ" مثل "الله أكبر باسم الله" و فيها قال العندليب: بسم الله ... الله أكبر باسم الله .. سينا يا سينا .. آدينا عدينا .. و جنود أعادينا ما قدروا علينا .. و أدان ع المدنة بيحيي جهادنا.. و كذلك أغنية "وردة الجزائرية" و هي تقول: و انا ع الربابة باغني .. ماملكش غير اني أغني و أقول تعيشي يا مصر.. ماملكش غير غنوة أمل للجنود .. أمل للنصر .. ليكي يا مصر.. و انا على الربابة باغني قول معايا يا شعب تحيى مصر .. كانت هذه هي آخر أغاني الكرامة، و بعدها .. و يا شوم ما بعدها .. بدأت رحلة الانهيار، و انحدر "محمد عبد الوهاب" ليلحن طقاطيق راقصة ، و على أنغامها رقصت "نجوى فؤاد" أمام "مناحم بيجن" ترحيبا بزيارته التي نجست تراب القاهرة، و عن هذا الحدث المروع، غنى الشيخ "إمام عيسى" مولولا على مصر و فنونها و ألحانها فقال: اترقصي يا نجوى في الهزايم .. و اتقصعي يا نجوى للخراب .. في كل هزة رشي دم غزة .. و حطي راس أبوك في التراب .. يا مزوقة الخيانة يا تمر حنة .. يا مغرقة الحقيقة في الظلام .. تبيعي يا سالومي راس يوحنا .. بليرة في الجليل و في حفل عام .. ثم ظهرت الأغاني المرخية، الأغاني العنينة و العطبة ، لتعبر عن طبيعة عصر كان الرئيس فيه يضع المكياج قبل الخروج، و تأخذ له الصور و هو يقص شاربه، و يزور الجبهة ببدلة النازي و أكبر همه ألا يتسخ الحذاء الأنيق، كان يحب هذه البدلة جدا حتى تمت غربلته فيها في العرض العسكري، و على الصعيد العاطفي نجد أغاني مثل ما غنته "سعاد حسني" قائلة: بمبي بمبي بمبي.. الحياة بقى لونها بمبي .. و أنا جنبك و انت جنبي .. بمبي بمبي بمبي .. و نجد تألق نجوم من عينة "شريفة فاضل" و انتعاش حضارة كازينوهات شارع الهرم التي حلت محل بعض المصانع فقال المؤرخ الموسيقي المجهول لعصر السادات ، الشيخ إمام عيسى : و الخمارات جنب المصانع .. و السجن مطرح الجنينة .. منوها عن اقتطاع جزء من حدائق القناطر الخيرية لبناء السجن الجديد، و حتى أغاني حليم شابتها الشوائب في كلماتها تحديدا، فأصبحت أقل عمقا و تأثيرا لحد كبير ، ثم ينتهي العصر القبيح ليبدأ عصر اللا-لون و لا طعم و لا رائحة ، و بهذا ننهي اللوحة الثانية، لوحة مجتمع الفرخة الدايخة التي لا تقر على قرار

آه ، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه ، في مطلع هذه اللوحة ، كانت فيه أغنية ، منهم لله اللي غنوها و منهم "محمد العزبي" ، فقالوا: اخترناه .. و بايعناه .. يوم ما عبر و عبرنا معاه .. علشان كده احنا اخترناه .. ثم منهم لله فولوا علينا و قالوا .. و احنا معاه لما شاء الله .. و خلال هذه الفترة الطويلة ... حصل ... ماحصلش .. ماحصلش حاجة يتغنالها من أساسه، يمكن فيه بعض حاجات كانت محتاجة ولولة و تعديد، و نجد الفن مواكب أيضا للعصر، فنسمع فلته الجيل و الطفل المعجزة "حمادة هلال" يعبر عن روح الأسرة و العائلة التي تسيطر على لغة السياسة في مصر قائلا في أغنيته الدرامية المروعة: دي عيلة واطية و نصابة .. الليلة جينا نهنيكوا .. هاتوا الفلوس اللي عليكوا .. عادي بقى ، ماهو لما لغة السياسة تبقى لغة مصاطب لازم المغنى يتقلب ردح و تشليق و فرش ملايات ، و لازم المطرب يبقى عيل لسة شنبه ماخطش ، و لا هايخط غالبا

و لا الأغاني الوطنية .. يا سيدي على الأغاني الوطنية ، زمان في بداية عصر رمسيس العاشر، كان فيه جوز مطربين، واحد من بلدي طنطا و التاني هو رائد السهوكة في الغناء العربي، طلعوا لابسين قمصان ملونة بلونين، كل نص لون، و بيلعبوا في المية و يرشوا على بعض ، و بعد ما كنا في الزمن الجميل نغني و نقول: بلدي .. بلدي يا بلدي .. بكل حبي للحياة و لبلدي .. و بكل بسمة فوق شفايف ولدي .. و بكل شوقي لفجري و شروقي .. و بكل نبض الثورة في عروقي .. جيتلك و انا ضامم .. جراح الأمس .. و حالف لرجعلك عيون الشمس .. يا يا.. يا بلدي .. بلدي يا بلدي.. جالنا زمن الصغيرين، فبنفس المطلع غنى "محمد ثروت" و غنى معه "هاني شاكر" بلدي يا بلدي الجديدة ، أغنية لا أستطيع أن أتذكر منها سوى .. و املا كفوفي من النيل و اشرب .. حلوة المية لو مصرية .. بلدي .. بلدي يا بلدي، طيب سيبك من دي، في أواخر عهد رمسيس العاشر و بدايات عصر رمسيس الحادي عشر و الحاجة أم رمسيس، غنت المطربة شيرين أغنية وطنية كاتا باتا خالص، فقالتلك ايه بقى : بلدنا أمانة .. في ايدينا نعليها .. أه نبني روف و نخلي مصر دوبلكس و نبيعها بالمتر .. مادام عايشين نعيش فيها ..سنين و سنين و احنا مطمنين .. آه و بعد ما نموت ممكن تتأجر مفروش و موقعها ع البحر المتوسط هايجيب ايجار زي الفل .. ماشربتش من نيلها؟ يا وحش؟ .. طب جربت تغنيلها؟ يا بيئة ؟ .. جربت في عز ما تحزن تمشي في شوارعها و تشكيلها؟ .. مامشتش في ضواحيها؟ يا كخة؟ .. طيب ماكبرتش فيها؟ و لا بابا و ماما كانوا في الخليج و اتربيت معاهم؟ لأ لأ .. ده انت كده مش شيرينج و لا كيرينج خالص .. بيئة موووووت ، و طبعا صورة الفنانة اللي تحت دي بتعبر عن العصر و طبيعته أصدق تعبير

كنا زمان نغني و نقول: ابنك يقولك يا بطل هاتلي النهار.. ابنك يقولك يا بطل هاتلي انتصار .. ابنك يقول أنا حوالية .. الميت مليون العربية .. و لافيش مكان للأمريكان بين الديار.. ابنك يقولك ثورتك عارفة الطريق .. و عارفة مين يابا العدو و مين الصديق .. ثابتة كما الجبل العفي .. حالفة ع الانتصار.. بقينا النهاردة بقى لما نغني لبابا بنقوله ايه؟ بنقوله يا سيدي: بابا قول لماما دح بابا أوبح .. تاته فيها واوا يح بابا اوبح .. و لما كنا زمان نغني للولد و نقوله: حبيت بلدي .. و عشان بلدي أنا عايزك تكبر يا ولدي .. و اشوفك بتعمر فيها .. و بتزرع قمح في أراضيها .. و بتبني مصانع يا ولدي.. عاوزينه يزرع قمح، مش كنتالوب و لا فراولة خيارية الطعم ، النهاردة بقى مزة مصر و الشام "هايفة وهبي" تغنيله تقوله ايه؟ تقوله: ليك الواوا .. ليك الواوا .. بوس الواوا خلي الواوا يصح .. لما بست الواوا شلته صار الواوا بح .. بالبس لعيونك يا حبيبي .. كل جميل و دح .. بوس الواوا بوس الواوا .. خلي الواوا يصح .. انا من دونك يا حبيبي .. أنا بردانة أح .. بس تعجبني اللمحة الصادقة في آخر كلمات هذه الأغنية، صدقت يا هايفة هانم ، يا خي ستين ..... عليكي و على الزمن و على الغنا لو كله كده

و لا العاطفي .. يا سيدي على العاطفي، من روائع الفن غنت كوكب الروف "بوسي سمير" فقالت: حط النقط على الحروف .. قبل ما نطلع سوا ع الروف .. البنت عايزة تأمن مستقبلها مافيهاش حاجة يعني ، و لو رجعنا ورا شويتين نلاقي مغني الحضانة "محمد محيي" يقولك ايه: أنا من الأول عارف إن .. قلبك مش بسهولة يحن.. أعمل ايه في صغير السن؟ .. اعمل ايه في صغير السن؟ .. نفسي أفهم مين صغير السن ده؟ و لا قصده أعمل ايه في اللي في بطني؟ أما عن الشعبي بقى فحدث و لا حرج، ده عصر شعبولة ، نتاج اختلاط دماغ البيرة المغشوشة بالحشيش المخلوط في الأفراح الشعبية المصرية بعدما انحدر الشعب المصري لحافة الهاوية و الهوان ، و أقولها للتاريخ "شعبان عبد الرحيم" مع "بوسي سمير" هما العلامات المعبرة عن طبيعة الحقبة الحالية في مصر ، كما عبر "عبد الحليم حافظ" و "أم كلثوم" عن حقبة الخمسينات و الستينات أصدق تعبير ، و هم يشبهوننا كما شابه العندليب و الكوكب نفس هذا الشعب في الزمن الجميل

12 comments:

Unknown said...

عزيزى الدكتور اياد
عندما تنحدر الاخلاق ويصبح هم الاسرة مجرد ان تكون مكينة لانتاج الاموال هل تعتقد ان لا يخرب الفن عندما لا يكون لدينا ما نلتف حولة سواء قضية وطنية او مشروع قومى حقيقى سوف يعود بفوائدة على المجتمع ككل وليس خاصتة فقط هل تتوقع نضج للفن فعلا الفن مرءاة للمجتمع سمعت مقولة يوما ان السيدة ان كلثوم جعلت من البواب (مع كامل احترامى للمهنة )ولكنى اقصد نقص المستوى التعليمى للهذة الفئة يغنى اراك عصى الدمع وان عدوية جعل استاذ الجامعة يغنى كوز المحبة اتخرم
مع كل تلك السنوات اعتقد ان الثورة فشلت فى تحقيق اهدافها فاصبحنا دولة مسخ لا هية ملكية ولا جمهورية لا زراعية ولا صناعية دولة ليست لها ملامح لم تعد مصر ام للدنيا بل صارت عجوز قبيحة مليئة بالامراض مختلة عقليا
اعتذر قد يكون كلامى بة جرح لدولة احبها جدا ولكنى لانى احبها اقول ذلك فاين هى الثورة التى نحتفل بها بشوية اغانى وحفلة ذلك كل كا تبقى لنا منها يوم اجازة وحفلة فيها شوية عرايا بيغنوا اعتذر لكلمتى الاخيرة فلم ارى سوى ذلك

Dr. Eyad Harfoush said...

الصديقة الغالية جدا أيوية
أهلا بك عزيزتي في أول التعليقات يا آية المدونين و المدونات

أنا معك في كل ما قلته يا صديقتي ـ ربما عدا موضوع فشل الثورة، فالثورة ماتت عام 1970 بعد أن حققت العديد من أهدافها و مهدت لباقي الأهداف، ربما ما عدا الديمقراطية ، المشكلة كانت في ردة مسيلمة الكذاب التي روج لها أنور، نحن الآن نعيش نتيجة الردة لمدة 38 سنة على الثورة و ليست نتيجة الثورة

تحياتي و تقديري يا عزيزتي

Meero Deepo said...

صديقى الثائر المحتفل بالثورة

أستطيع أن أجزم بأنك الوحيد فى مصر المهتم بمقارنة اوضاع ماقبل 23 يوليو 1952
ومابعد 23 يوليو
2008

حيث ان الأولى ثورة على الإستعمار والإقطاع والثانية ثورة برضه...بس ثورة على مبارة السوبر بين الاهلى والزمالك

أشفق عليك يا صديقى من التفكير والمقارنات ..حتى لا تفقد رأسك

فالسؤال الذى يقفز لذهن كل من يفكر فى احوال المحروسة قديما وحديثا....يعنى هو أنا الوحيد اللى شايف الخلل ؟؟...يعنى محدش شايف أن الأوضاع متشقلبة غيرى....يعنى ويعنى ويعنى ....ويتبعها ليه وليه وليه...والنتيجة... بوس الواوا

ذكرتنى كلمات إنت عمرى لأم كلثوم برائعتها الأطلال فى وصف حبيبها...

أين من عيني حبيب ساحر فيه عز وجلال وحياء واثق الخطوة يمشي

ملكا ظالم الحسن شهي الكبرياء عبق السحر كأنفاس الربى

ساهم الطرف كأحلام المساء أين مني مجلس أنت به فتنتة تمت

سناء وسنى وأنا حب و قلب هائم وفراش حائر منك دنا


وفورا اقفز فوق السنوات لأسمع.....

ارجعلك..
اسمعلك..
ارجعلك يعني حرقة دم .. اسمعلك كل كلامك هم
عايزانى يااااه .. تانى لااا .. في غيرك انا عنده اهم
راجعي نفسك مين زمان خاف عليكي وحبه كان دار امان وبحور وحنان .. خساره فيكي الحب

والرائعة الأخرى....

سيب الحب لناسه خليك احسن ناسي
ولا تضحك على قلبي ولا تجرح احساسي

مشتاق ايه يا ابو شوق ما تروق ما تصحصح حبة وفوء
انت قابلت الخير بالسوء دلوقت اتعذب دوء


وأخيرا ولكل هواة الفن الاصيل ....

هتموتي وتنسيني فكراني هموت وتجيني
اصلا مابقاش فيكي حاجه من الحاجات اللى بتغريني

اعتذري للي هيجي بعدي خليه يسامحني اصل انا
اخدت كل حاجة في عهدي وشوفي عهدي كان كام سنة
لو فاكرة انك يا حبيبتي هتقدري تنسيني
لا بصي كل حاجة فيكي اكيد هتفتكريني

لو فاكراني واحد هتكلميه وتقفلي تكلمي غيره
ده انا اول واحد في حياتك حبك واداكي خيره

Dr. Eyad Harfoush said...

Meero Deepo عزيزتي

منورة يا دكتورة، ايه ده؟ ده انتي طلعتي قاموس أغاني ... معاصرة، هو بجد في ح بيغني الكلام ده؟ يا حلاوة، تصدقي الواحد بقى مش عايش في البلد دي؟

فيه حد مفروض بيغني لحبيبته " ارجعلك يعني حرقة دم .. اسمعلك كل كلامك هم" دي كانت تكمل بقى بقافية جامدة موت و يقولها "يا جزمة يا حرمة نص كم"

خسارة فيك الحب معبرة، بس كانت تبقى أشد لو خسارة في جتتك الحب اللي طفحتهولك

حلو قوي قوي اللي بيصيح لحبيبته و يقولها "اعتذري للي هيجي بعدي خليه يسامحني اصل انا، خدت كل حاجة في عهدي وشوفي عهدي كان كام سنة" لا ما شاء الله تصييح بجد يعني ، بس كانت تكمل بقى يقولها " لو فاكرة انك يا حبيبتي هتقدري تنسيني .. اطلعلك الصور اياها و الشريط بتاع شرم الشيخ" ي سلااااااااااام

دي مابقتش محتاجة مقارنة بحاجة اساسا ، لو قارنا كل سنة باللي قبلها هانلاقي الانحدار واضح

شكرا للتعليق خفيف الظل و المثري يا صديقتي

Capt. Haytham Harfoush said...

أخى الحبيب حمدا لله على السلامة

زى ما قالت الأستاذة ايوية الفن مراّة المجتمع, و احنا شعب مشوهة تنعكس صورته على مراّة صفيح صدأة

الذى لا ينتقى تصرفاته و سلوكه هل ينتقى فنه, الذى لا يعقل و لا يفكر هل ينتقى فنه, الذى يجد متعة و لذة فى التفاهة هل ينتقى فنه

لا يلتقى الغباء مع الفكر و نحن فى زمن الغباوة, لا يتسنى التذوق مع فقد الاحساس و نحن فى زمن البلادة

أكيد التوجه العلمى و الفكرى و السياسى يؤثر على الشعوب, لكن اعتقادى هو أننا شعب غالبيتة عندها استعداد أزلى للتردى و الانحدار, و لا بلاش كفاية كده

تحياتى دائما

Dr. Eyad Harfoush said...

اخي الحبيب هيثم

الله يسلمك يا أخي

أعجبني جدا تعبيرك "لا يلتقى الغباء مع الفكر و نحن فى زمن الغباوة, لا يتسنى التذوق مع فقد الاحساس و نحن فى زمن البلادة" و أراني متفقا معه، و كان الله في عوننا

أما عن الاستعداد للتدهور، فهل هي خاصة بنا وحدنا؟ أم تراها عامة في البشر بوجه عام؟

تحياتي و تقديري يا أخي الحبيب

Che Ahmad said...

مقارنة ولا اروع

فعلا الفرق شاسع واحنا بنتحمل الجزء الاكبر منه

مقتنع تماما ان لن يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم واحنا بطلنا نحاول نتغير وبندور على شماعات
معجب جدا بجملة

لنر كم تشبهنا فنوننا و نشبهها، حتى لا نلوم الفن و لا الفنانين، بل نلوم أنفسنا، فما هم إلا مرآة لنا، لكننا نكره هذه الصورة في المرآة كثيرا لأنها تواجهنا بحقيقتنا


يكفيني بس ان اجي واقرأ واستمتع مع حضرتك وكفي على كدا

شكرا كتير

ETSH said...

دكتور اياد / بصراحه المقال متميز فى كتابته .... بس برغم انه خفيف الظل الا انه محزن الى اقصى درجه وبيطرح اسئله زى مثلا مين سبب الانحدار دا؟ (ولوسمحت ماتقوليش انا احنا سبب الانحدار لان فرأيي المتواضع ان العامه فى اى مكان مش الشعب دا بس- صحيح ان نسبه محدودى الثقافه فالشعب دا كتير -ممكن توجيهم اعلاميا وبكذا طريقه اما ليكونوا شعب منتج ونشيط اوشعب كسول وجاهل )تانى يا ترى هانوصل لايه بعد كدا ؟ تالت سؤال ايه الحل؟بصراحه المقال دا محزن الى اقصى درجه بالنسبه الى على الاقل ........... مع شكرى وتقديرى واحترامى

Dr. Eyad Harfoush said...

Che The Hermit صديقي
أهلا بك يا عزيزي ، منورني دائما ان شاء الله

نعم صديقي هم مرآتنا بكل أسف

مجيئك و تعليقك يسعدنا و يثلج صدورنا

تحياتي و تقديري

Anonymous said...

هاهاهاها
مقموص من الفيديو كليب ليه يادكتور :)

من الذي لا يحب عبد الناصر ؟
أحيانا يخربش تاريخ العظماء امثال عبد الناصر لتماسه مع المصلحه الشخصيه جدا
هل تصدق أن من المصريين من يفضلو ن الملكية على الجمهوريه؟
كدت أصعق وانا استمع لحسين فهمي
وهو يتمجد بالممالك العربية وفخرهم
لكأن أي نظام جمهوري ييتيم المواطن

وعبد الناصر هو عبد الناصر
مهما تخرص المتخرصون
يكفي أن لديه نخوة وضمير وعروبة
لم ولن
يتحلى بها رئيس أو ملك عربي

القراءة لك تشحذ العقل
وفقت لكل خير دكتور

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي ETSH

شكرا صديقي لزيارتك و تعليقك ، لكن قل يا عزيزي ، لو لم نكن نحن السبب ، فمن؟ السنا نحن من نشاهد و نسمع هذا الهراء على المقاهي و في البيوت؟ السنا نحن من نقبل عليه فتتزايد الاعلانات التي تموله ؟ و الرسائل التي تنتجه من عائدها؟ هي بضاعة كأي بضاعة يا سيدي تروج لو وجدت من يشتري، و البضاعة الجيدة موجودة ما زالت لكن بلا تشجيع و لا جمهور الا من رحم ربي

تحياتي يا صديقي و تقديري ، و اهلا بك دوما

Dr. Eyad Harfoush said...

nonymous صديقي
أصله مابقاش فيديو كليب يا عزيزي ، دي بقت سماجة و قلة قيمة و قلة معنى

عن عبد الناصر يا عزيزي ، فقد كتبت يوما عن الواد حسين فهمي ده و الكلام اللي داير يبغبغ بيه عن قسم قصر النيل اللي كان بتاع خالته ، و عن الملكية الرومانسية .. ياختي بطة .. و غيره و غيره ، هاتعمل ايه؟ راجل في السبعين و عقل ماجابش عشرين، فماذا نفعل يا صديقي

تحياتي و تقديري و سعادتي دوما بتعليقك