6.6.10

البرادعي مضللا



حين عاد الدكتور محمد البرادعي إلى مصر، كنا ضمن من بعثت في صدروهم آمال التغيير واستقبلوه في مطار القاهرة، ثم بادرنا للتوقيع على بيان الجمعية ضمن أول مائتي توقيع عليه، ودعونا غيرنا ليوقع قدر جهدنا، ودعونا لميثاق عمل وطني يدعم ناشطي التغيير بعد بطولة الدكتور طه عبد التواب، وأهملنا ما تورط فيه الدكتور البرادعي مرتين من هجوم غير محمود وغير مبرر على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، مرددا حكايات عن والده رحمه الله أثبت ناشطون ناصريون عريها من الحقيقة من واقع مضابط مجلس الأمة، والذي كان والده رحمه الله أحد أعضائه، لكننا اعتبرنا هجومه رأيا وتقديرا شخصيا لا يعبر عن توجهات الجمعية الوطنية، وهي "المفترض"فيها أن تحترم كل الأطياف الوطنية، ثم مرت مياه عسرة تحت الجسور، وتراكمت مآخذنا على الدكتور والجمعية وحملة دعم البرادعي جميعا، فكان أهمها

  • النجاح في قيادة الجماهير نحو التغيير المطلوب يحتاج إما لقائد كاريزمي له رؤية إصلاحية وعقيدة وطنية مجملة، أو لإداري موهوب لديه برنامج تفصيلي للإصلاح، والدكتور تنقصه الكاريزما ليكون القائد، وينقصه البرنامج ليكون المدير الناجح، ولا يفهمن أحد من قولي هذا أني لا أرى الدكتور أفضل ألف مرة من خياري التمديد والتوريث، فعلم الله أننا لا نشك في نزاهة الرجل ونراه أولى بالحق ألف مرة من النظام الحالي والوريث المنتظر
  • إهمال دعوة مفكر بوزن محمد حسنين هيكل - ربما لتوجهاته الناصرية - عند تأسيس الجمعية ودعوة من هم دونه ثقلا وتاريخا وثباتا في وجه النظام، ثم تهميش تدريجي لدور النائب حمدين صباحي، مما يوحي مع نوستالجيا البرادعي الوفدية إلى احتمال إقصاء نوعي مقصود للتيار الناصري
  • القضايا المحورية للوطن مثل الثورة الاقتصادية المنشودة وآليات الحراك الاجتماعي وقضايا الأمن القومي لم ترد أبدا في خطابات وبيانات الدكتور البرادعي، فيما عدا كلام عام أكثر مما ينبغي عن البعد الاجتماعي
  • لم نعارض وجود الإخوان ضمن بقية الأطياف منذ اليوم الأول، ولكن الغزل المتبادل بين الجمعية والإخوان والذي بدا متصاعدا حتى ظهر في أجلى صوره في زيارة الفيوم أمس القريب يثير ألف علامة استفهام، ولنا هنا أن نتساءل عن تصريحاته الغريبة من رجل قانون له وزنه، الدكتور يقول أن الإخوان أكبر حزب شرعي معارض لأنهم حازوا أكبر عدد مقاعد في المناورة الانتخابية السابقة في عام التمرير، وفي هذا عور قانوني مباشر، فقد يتفق معنا الدكتور أن عضوية المستقلين الذين انضموا للوطني بعد انتخابهم كمستقلين باطلة، لأنهم اختانوا ناخبيهم، وفقا لفقه القانون الانتخابي، أليس كذلك؟ أفلا تكون مثلها باطلة عضوية من يسمون أنفسهم كتلة برلمانية للإخوان لأنهم انتخبوا كمستقلين، وليس من حقهم أي صفة أخرى، وعلى هذا، فالجماعة الغير قانونية ليس لها مقعد واحد في مجلس الشعب
  • يقول رئيس الجمعية الوطنية أن من حق الإخوان حزب سياسي، ونحن لا ننكر ذلك على أي فصيل وافقناه أو خالفناه، ولكن ماذا عن شبكة غسيل الأموال المعروفة بالتنظيم العالمي للإخوان، هل هناك حزب سياسي في بلد في العالم الحر له فروع خارجية وتوكيلات دولية وحسابات بنكية عنكبوتية يا دكتور محمد؟ مالك كيف تحكم؟ ألا يتعين عليهم أولا أن يختاروا بين دور وطني ودور دولي؟
  • الدكتور يقول أن الإخوان مؤيدون لمبدأ الدولة المدنية ، وهو ما لم يقولوه هم أبدا، عدا في برنامجهم عام 2005، في عبارة متناقضة تقول أنهم يؤيدون دولة مدنية ذات مرجعية دينية، عبارة تذكرني بعنوان فيلم لناهد شريف هو "أشرف عاهرة"، ثم لماذا يشغلون الناس إذن بحديثهم عن هلاوس الخلافة لو كانوا يتبنون خيار الدولة المدنية؟
  • البرادعي يرحب بهم في الجمعية وهم يعدون بدعوة "الجماهير" لتوقيع البيان في الفترة القادمة، لكن الكتاتني يعقب فيقول أن قرارا بحشد الإخوان أنفسهم للتوقيع في المحافظات لابد أن يتخذه مجلس القبيلة .. أو مجلس الإرشاد، وهو ما لم يتم بعد، ألا تشم رائحة المناورة يا دكتور محمد أيها السياسي المخضرم؟ المغرور والله من غروه ومن استعان بهم فقد استعان بالسهم الأخيب، اقرأ تاريخهم جيدا يا سيدي تعرف سوء منقلب المتحالفين مع الإخوان من فاروق لاسماعيل صدقي لمحمد نجيب لأنور السادات
  • أليس الإخوان هم ذاتهم من ناهضوا حركة 6 أبريل في نشأتها عام 2008م وأعلنوا عدم المشاركة او التشجيع على العصيان المدني؟ أليس الإخوان من قام بمظاهرة منفردة لدعم القدس في يوم 6 أبريل 2010 تحديدا بهدف زعزعة الجماهير؟ أليسوا من برأ من محمد عبد القدوس حين حضر للمطار ليستقبلك وقالوا أنه لم يحضر بصفته نائبا عنهم؟ الإخوان لا يعرفون العمل الجماعي يا دكتور عبر أكثر من ستين عاما، ولن يعرفوه، عدا استعمالهم لحزبي الوفد والعمل (ليبرالي ويساري كله ماشي) فانظر أين تضع قدمك ولا تضاعف كل يوم خذلان من استبشروا بك، ومازالوا يضنون بالأمل أن يتبدد
  • ألم يقم الإخوان بالدور الأول والأكبر في عملية وهبنة المجتمع المصري الذي أبديت أنت منها امتعاضك غير مرة؟ ألم يدع الإخواني السابق عمرو خالد الشباب لعدم التظاهر والاكتفاء بالصلاة والدعاء لإخوانهم في غزة وقت العدوان؟ أليس هذا هو التدين البديل الذي أفزعك حين عدت لوطنك لتجده غير الوطن الذي تركت؟ فلم اليوم تميل برأسك كل الميل مع من تآمروا بالوطن؟ مع أردأ عناصره السياسية وأكثرها تلوثا بالصفقات القذرة من صدقي للسادات؟

لم يفت الوقت بعد على المراجعات، ونأمل أن يضيء الله للدكتور البرادعي طريق الخلاص، وأوله أن نميز مخلصي هذا الوطن المهمومين به آناء الليل وأطراف النهار من انتهازييه ومنتفعيه، وعلى الله قصد السبيل

6 comments:

Unknown said...

مقال عبقري وتحليل رائع
احييك :))

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي استاذ محمود عثمان
علم الله يا سيدي أني وددت لو كنت مخطئا ومازلت أود أن يأت الغد بغير ما أتى به الأمس، فيعيد الدكتور البرادعي حساباته وخطته للتغيير بالارتكاز على الأرض الصلبة وليس حمام الرمال المتحركة الذي قصده مؤخرا
تحياتي وتقديري وشكري

AHMAD Sarhan said...

فقد يتفق معنا الدكتور أن عضوية المستقلين الذين انضموا للوطني بعد انتخابهم كمستقلين باطلة، لأنهم اختانوا ناخبيهم،

ده كلام غير صحيح .. الوطني نجح في الجولة الأولى ب 145 مقعدا من أصل 444 سماهم الحزب على قوائمه يعني نسبة 33.5 % و هو ما يشهد للانتخابات ببعض النزاهة.. عدد المستقلين الذي خاضوا الانتخابات 4573 مستقلا من اصل 5177 مرشحا يعني بنسبة 88% .. و كان أغلب المستقلين من أعضاء الحزب الوطني الذين لم يلتزموا بقرار الحزب بعدم ترشيحهم .. و من كانوا يسمون بالمستقلين هم اصلا من المنشقين عن الحزب لأن الحزب لم يدرجهم في قوائمه فارادوا ان يخوضوا الانتخابات بنفسهم بدون دعم الحزب.. ثم انضم المستقلون للحزب و عددهم 166 مرشحا قبل جولة الاعادة ..يعني ان الحزب سماهم قبل كل جولات الاعادة في كل المراحل الثلاثلة و تم انتخابهم تم على اساس انهم حزب وطني و ليسوا مستقلين

المصدر.. كتاب الدكتور علي الدين هلال: النظام السياسي المصري بين ارث الماضي و افاق المستقبل 1981 - 2010

Dr. Eyad Harfoush said...

موقف أن ينشق "فرد" أو اتنين أو خمسة عن حزب سياسي ممكن يحصل، لكن 166 منشق عن الحزب معناها أمر مرتب مع الحزب من قبل الانتخابات يا سيدي

AHMAD Sarhan said...

أخ اياد حرفوش.. أختلف معاك .. و للأسباب التالية:

أولا: في كل دائرة من دوائر مجلس الشعب ال 444 ، أجرى الحزب الوطني انتخابات داخلية لتحديد مرشحه و هو ما يسمى بالمجمع الانتخابي .. و كانت النتيجية اختيار عدد كبير من المرشحين لم يكونوا على قائمة الحزب في انتخابات 2000 و كانوا غالبيتهم من الشباب.. و كان طبيعيا ان يثور عدد كبير من المستبعدين و يرشحوا أنفسهم خارج ارادة الحزب .. و عدد 166 منشق يعني ثلث المقاعد هو عدد معقول للغاية ..

ثانيا: اختار الحزب رجلا لا يختلف عليه احد و هو الدكتور حسام بدراوي .. و رغم ذلك سقط أمام أحد منشقي الحزب.. نفس الأمر حصل مع الدكتور محمد عبداللاه في الاسكندرية

ثالثا: وجود المنشقين أدى الا تفتيت اصوات الناخبين بشدة في عدد كبير من الدوائر .. مما أدى الى عدم حسمها من الجولة الاولى و الاضطرار الى الذهاب لجولة اعادة بكل ما تعنيه من تكلفة و مجهود.. كما أدى تفتيت الاصوات الى حصول الاخوان على عدد من المقاعد لم تكن في حساباتهم .. فهل يعقل ان يقوم اي حزب في العالم بتفتيت اصوات الناخبين هكذا؟

رابعا: العبرة هنا هي متى انضم المنشقون الى قائمة الوطني؟ غالبيتهم كان قبل جولة الاعادة .. و هو مثبت في بيانات اللجنة العليا للانتخابات .. و بذلك يكون انتخاب غالبية ال 166 منشقا كان بعد انضمامهم للحزب و على اساس حزبي و ليس بصفة مستقلين

خامسا: في اغلب دوائر الجمهورية ، و بسبب نظام الانتخاب الفردي الذي اراه سيئا للغاية ، فان الناخبين يختارون ممثليهم بناء على اسمائهم و ليس انتماءاتهم الحزبية .. يعني مش بتفرق مع حد اذا كان فلان حزب وطني او وفد او جن ازرق .. المهم اسمه و عائلته و مركزه في البلد او القرية او المركز... و بالتالي القول بأن المستقلين قد خانوا ناخبيهم هو قول غير صحيح .. بالاضافة كما قلت الى انهم انضموا للحزب قبل جولة الاعادة

سادسا: في انتخابات الشورى الحالية ، انضم احد المستقلين لحزب الوفد قبل جولة الاعادة و ذلك في دائرة البلينة.. و ده شيء عادي جدا

سابعا: في انتخابات 2000 ، انضم احد المستقلون الى الهيئة البرلمانية للحزب الناصري .. و ذلك بعد اعلان الانتخابات ... اشمعنا بقى؟

ثامنا: ظاهرة الانشقاقات حدثت اكثر من مرة .. و ادي بيان بعددهم في اخر 4 انتخابات شعب:
في 1990: الفائزون من على قوائم الوطني 262 . و المنضمون 98

في 1995: الفائزون من على قوائم الوطني 317. و المنضمون 100

في 2000: الفائزون من على قوائم الوطني 172. و المنضمون 216

في 2005: الفائزون من على قوائم الوطني 145. و المنضمون 166


و السبب الرئيسي هو حالة التشرذم و عدم الالتزام الحزبي .. و لكن من المتوقع ان يقل هذا العدد كثيرا في انتخابات الشعب بسبب سيطرة جناح احمد عز و قدرته هذه المرة على التنظيم الشديد.. و هو ما ظهر في عدم وجود منشقين في النتخابات الشورى

حسين سعدون said...

https://www.blogger.com/comment.g?blogID=7152122983991679478&postID=658768977028406749