2.6.10

لبانة الأنظمة وحقيقة الشعوب


كلما وقعت واقعة كواقعة أسطول الحرية، تجد الكثيرين منا -ولا نستنثني أنفسنا- يلعنون آباء الحكام العرب والأنظمة العربية لسابع جد، متهمين تلك الأنظمة بالهوان والسلبية، حتى الآن وهذا أمر طبيعي، فالهوان والانكفاء الداخلي والسلبية، بل والخنوع والركوع حتى العمالة، هو مذهب هذه الأنظمة الأزلي الأبدي، لا يرضون عنه وعن رضا السادة الآنجلو-أمريكان والصهاينة بديلا، لكن السؤال، هل التشدق بلعن الحكام يعني أن الشعوب فعلا جياشة بالكرامة والعنفوان لكن تلك الأنظمة تكبتها؟ الحقيقة التي أراها أكثر جلاء كل يوم أن الهوان يجري من شعوبنا مجرى الدم، وعت ذلك أم لا، وأننا أفرزنا صديد الحكام من جروح كرامتنا المزمنة التي لا نطلب لها علاجا، ولنضرب أمثلة ونسوق أدلة
  • بعض من يلعنون تكاسل النظام المصري في أفريقيا والذي أدى لتهديد ماء النيل وبالتالي الأمن القومي في مصر، هم بذاتهم من كانوا ينتقدون نفوذ مصر الستينات في أفريقيا، ويقولون مالنا ودعم لومومبا؟ مالنا ودعم إعادة بناء القارة ودعم حركات التحرر وتعليم الشعوب الأفريقية؟ هل فهمتم اليوم يا ألسنة بغير عقول ولا منطق لماذا كان النفوذ المصري حيويا في أفريقيا؟ ولماذا حرصت صهيون على أن تحل محلنا؟ ستفهمون أكثر وأكثر حين يقتحم الظمأ بسكينه حلوقكم، الحقيقة أنكم تعرفون أهمية النفوذ المصري في منابع النيل، لكن شح نفوسكم يريده نفوذا بلا ثمن، وهذا محض خيال
  • بعض من ولولوا على الموقف المصري الهين اللين الرقيع من قرصنة صهيون على أسطول الحرية، هم ذاتهم من ظلوا ينوحون على موقف مصر الستينات من القضايا العربية، والمليء بالانكسارات حينا والانتصارات حينا والثبات والصلابة في كل حين، مدعين أن فلسطين أولها فلس وآخرها طين، ومولولين على حرب اليمن وأسطورة الذهب الشهيرة التي روجها المدعو أنور السادات ورقصوا خلفه وصفقوا لمبادرة العار، حددوا مواقفكم يا شعبا يريد الكرامة بغير ثمنها، ويرتعد خوفا من ذات الشوكة أن تكون له، ولا كرامة بغيرها، إما الخضوع لمنطق البغاء الحالي أو تبني منطق الكبرياء والعنفوان وسداد ضريبة الدم والمال والدموع
  • بعض من كتبوا اليوم عن الاشتباكات بين ميليشيات الإخوان وبلطجية الوطني، فزعين من عودة زمن القمصان الزرق والخضر والتنظيم الخاص والحرس الحديدي، وهؤلاء هم ذاتهم من تباكوا على سجن الإخوان في سجون مصر الستينات وإعدام الخوارج الستة لضلوعهم في مؤامرة مع السعودية والولايات المتحدة في زمن الحرب كما هو ثابت بالوثائق واعترافات الإخوان وآخرهم أبو العلا ماضي، الحوار ليس مع السكين والجنزير يا ليبراليون حتى الانفلات
  • بعض من يصفقون اليوم لموقف تركيا الأبي هم ذاتهم من يتهم حزب الله وايران بأسطورة المطامع الفارسية، الله، ألم يقل لكم أحد يا بهاليل أن تركيا اليوم هي الروم بتعبير القرآن والدولة الرومانية الشرقية أو البيزنطية بتعبير التاريخ، لم لا يكون الدور التركي الفاعل إذن مؤامرة رومية؟ والحق أنه لا مؤامرة فارسية ولا رومية ولا قرمطية ولا كردية ولا شركسية، لكننا نداري عارنا باختراع الأساطير، وإيران وتركيا كل منهما منفردة تساوي الشعوب العربية مجتمعة
والله والله والله بعقد الهاء، لن نخرج من عصر الانحطاط المصري المعاصر، حتى ندرك الفارق والشتان بين ولاية علي وغواية معاوية، بين عملقة سعد زغلول وقزامة مصطفى النحاس، بين عنفوان ناصر وهوان السادات ثم مبارك، نحن وليس حكامنا يا سادة من يتعين عليه أن يتغير، وحينها، سوف نفرز من يلبس الدرع كاملة ويشعل الحرب شاملة، وإلا فمن هوان إلى هوان

No comments: