للرجل فضل شخصي علي، فهو واحد من الكبار الذين شكلوا وجداني بجو الدراما المصري العربي حتى نخاع العظام والشخصيات المتفردة التي نسجها من خليط يمكننا أن نسميه باسمه، ففي كل أبطال أسامة نجد مجموعة معطيات ثابتة بعيدا عن المعطيات المميزة لكل شخصية، تلك المعطيات الثابتة هي الحس الوطني والعروبي + التفرد البطولي أو الإبداعي + المعاناة التي تلازم البطل كأبطال الدراما الإغريقية + الكاريزما والقدرة على التأثير، ولعل أنسب ما نرسي بها العبقري الفريد هو تذكر شخوصه تلك التي أبدعها، وضمن في كل منها شيئا أو أكثر من ذاته المتفردة، لتقدم في عمل فني جماهيري عبقري، بنفس الخلطة الفنية عادة، سيناريو أسامة من إخراج إسماعيل عبد الحافظ، ومقدمة من كلمات سيد حجاب وألحان عمار الشريعي، يغنيها صوت رخيم لعلي الحجار أو غيره
آرابيسك:
حسن النعماني أو حسن آرابيسك أو حسن أبو كيفه، صنايعي الآرابيسك الذي لا يبارى ومجدع الحارة المهيب، المقاتل القديم في حرب العبور الذي تعود أن يغير ما لا يعجبه بيديه، حتى ضج محاميه
مصطفى بطاطا من مشاكله كل يوم في الحارة، يحب
توحيدة بنت البلد الفطرية المجدع ولكنه يراها "
زي النجمة أم ديل"، غزالا بريا يفقد معناه لو أسر، لهذا لا يتزوجها، ومقابله نجد شخصية الدكتور
برهان صدقي وزوجته
ممتاز محل، يشيدان فيلا تعبر عن مصر كما يرونها، ركن فرعوني وركن عربي وركن روماني وركن فيكتوري، ويلجآن لآرابيسك لتنفيذ الركن العربي فيحطم الفيلا لأنه يراها "
بزرميط" وفاقدة للهوية، والرمز طبعا لمصر السادات مع ظهور الصرعات الفرعونية والإقليمية التي تعزل هوية مصر عن محيطها العربي
ليالي الحلمية:
زينهم السماحي فتوة الحارة في الحلمية الجديدة وصاحب المقهى الذي تاب عن حياة الهلس بعد استشهاد أخيه
طه السماحي في عمل فدائي ضد الإنجليز في القناة، سجن عندما حطم فيلا البدري في صدام بينهما يرمز لضيق الطبقات الشعبية بالأرستقراطية المصرية الحديثة نسبيا قبيل ثورة يوليو، خرج من السجن ليتزوج
سماسم العدلي العالمة، التي يحولها حبها له لست بيت وأم، ويمثل زينهم عبر الأجزاء الرجولة وجدعنة ولاد البلد، مقابل الباشا
سليم البدري، الرأسمالي المصري خفيف الظل، المتيم بالجمال بشتى أشكاله، والعمدة الخبيث بظرف والوصولي بغير شر
سليمان غانم، ونرى زينهم خلال فترة عنفوان الثورة في مصر مسيطرا ومهيمنا على الطفيليين المصريين ممثلين في
الخمس و
بسة، جامعي السبارس الذين كانوا يعملون في الكامب وقت الاحتلال، ثم ازدهروا مع الانفتاح الاستهلاكي ليفلتا من سيطرة زينهم بقوة المال ونفوذه حتى يواجهه بسة يوما بوقاحة وحقد قديم في مشهد عبقري لا يكتبه غير أسامة أنور عكاشة
الراية البيضا: الدكتور
مفيد أبو الغار المثقف العائد لوطنه ومدينته الإسكندرية لينعم بالإقامة في فيلته الخاصة التي تعد تحفة معمارية وضع فيها كل ما يملك من رحلة العمر لينعم بخصوصية وهدوء في مدينته الساحلية الحبيبة، ليجد المعلمة
فضة المعداوي تمارس ضغوطا عليه لتشتري الفيلا وتهدمها ضمن ظاهرة هدم تراث الثغر الجميل لتبني مكانها برجا قبيحا، ويتحزب المثقفون الذين يعاني كل منهم مشاكله في وطن غير وجهته مع الدكتور ضد المهلباتية المتحزبين مع فضة رمز الطفيليين والثقافة الإ‘ستهلاكية في مصر ما بعد العبور العظيم، وتنتهي الأحداث نهاية أليمة ينتصر فيها معسكر القبح الاستهلاكي بهدم الفيلا بالبلدوزر بعد أن يرفع مفيد الراية البيضا إعلانا للتسليم في حربه ضد فضة وما تمثله من تدني ثقافي وحضاري، وهي رؤية لأسامة نراها كل يوم تتحقق في حياتنا
الشخصيات
رائعة المعالم بلا عدد ونعجز عن إحصائها في روائع فقيد مصر الجليل، شخصية
حافظ رضوان في الشهد والدموع، في مرحلة كان فيها عكاشة مازال ينتصر للخير في النهاية، وشخصية
زينب الأم التي تربي أولادها بالحب وترضعهم الكراهية للعم الغاصب، وليست زينب المرأة الوحيدة البارزة في دراما عكاشة، فهناك
أبلة حكمت، و
أميرة العائدة لأصولها في عابدين، وعابدين هو نقطة ميلاد ثورة يوليو، وفي المسلسل بشر عكاشة بعودة مصر لخط يوليو وهو ما نراه يحدث ببطء وانتظام
رحم الله أسامة أنور عكاشة، أحد ركائز الدراما التليفزيونية، والذي قام بدوره في عودة الوعي الناصري الحقيقي لكل بيت في مصر من خلال الدراما الخلاقة، وألحقنا به ثابتين على الحق كما عرفناه