هل نقول وداعاً يا مصر؟ أستمع
الآن لاسطوانة أشجان مصر .. ليست اسطوانة تباع و تشترى ، لكنها كوكتيل شخصي أحفظه في سيارتي و مكتبي دوما، اسمعها كثيرا و أنا مسافر على الطريق الزراعي بين القاهرة حيث أعيش و طنطا حيث مسقط رأسي، بينما مشاهد الريف المصري تتوالي على يميني و شمالي، أو ما تبقى من الريف المصري لو شئنا الدقة، و أول ما فيها أنشودة كتبها الأبنودي و غناها علي الحجار، الرجل الذي يغني بأوتار قلبه و فيها يقول
يالولا دقة اديكى .. ما انطــــــــــرق بــابى
طول عمرى عارى البدن.. وانتى جــلبابى
ياللى سهرتى الليالى يونسك صـــــــــوتى
متونسة بحس مين .. يا مصر فى غيابى؟
ثم تختم الأغنية بالبيت الدامي المدمي عندما تسمعه بصوت علي الحجار
أسكت الجرح يسكت .. ينطق التانى
أتذكر بصوت صلاح جاهين رباعيته الجميلة ، فيملكني الشجن ، الشجن ، تلك النعمة أو النقمة التي لا يشعر بها الا من كانت له نفس شاعرة
قالوا ابن آدم روح و بدنه كفــــــن
هل
حقاً نحن روح في بدن في وطن؟ لقد جربت الأسفار ، جميلة شائقة حين تكون جولة بعد جولة، نعود بعدها الى أحضان الوطن، و جربت الاغتراب الطويل عن مصر ، اي الاقامة خارجها و زيارتها في اجازات ، فوجدتها مريرة مؤلمة ، و أشهد أنني خلال عام و نصف قضيته خارجها ، و برغم أني زرتها خلال هذه المدة القصيرة أربعة مرات، قد كنت بالفعل أشبه برجل بلا روح، لكن ، ماذا نفعل؟ مصر حالة شديدة الخصوصية بالنسبة للمصريين ، وطننا الذي نتعذب فيه ، فاذا ابتعدنا قليلا .. نتعذب به ، و نشعره في فؤادنا وخزا مستمرا و في رؤوسنا صداعا مزمنا، ثم ألوم نفسي قائلا: و ماذا ينقصك لترحل؟ هناك من يرحل لطلب الرزق ، و هذا رحيل لابد منه ، و هناك من يرحل لطلب العلم ، و هذا مبرر معقول ، و هناك من يهاجر لأنه بلا مستقبل هنا ، لكن انت لماذا ترحل؟ كان هذا الحديث لنصفي المنطقي المنظم التفكير بالورقة و القلم ، فيقهقه نصفي الشاعر ، و يترنم اولاً بقصيدة صلاح جاهين ، اجمل من عبر عن حالنا نحن المصريين مع هذا الوطن
أنا مصـــــــــر عندي أحـــــب وأجمل الأشياء
باحبها وهي مالكــــــه الأرض شرق وغــرب
وباحبهــــــا وهي مرميه جريحــــــــــــة حرب
باحبها بعنف وبرقة وعلى اســــــــــتحيــــــاء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الــــــــــداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلاقيني جنبهــــــــــــــــــــــا في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمـــــة وضرب
ياريت ، و الله يا ريت أي أمة ، بس يكون لها طعم و شكل و لون ، كنت هابقى مفتقد المصريين صحيح، المصريين بخفة دمهم ، و شقاوة عيونهم ، و ذكاء فطري في تصرفاتهم ، و تحايلهم على اكل العيش بكل شكل و لون ، لكن برده كنت هالاقي شعب تاني أعيش معاه على الأقل، لكن الموجود دلوقت ده ، لا شرق و لا غرب و لا وسط ، ده كبيره طبق سلاطة، القاسم المشترك الوحيد فيه هو التطرف، تطرف ديني أو تطرف لا ديني ، نقاب أو عري ، تطرف يساري و تطرف يميني ، فقر بدون دعم من الدولة ، أو غنى بدون دفع ضرائب ، كنا بلد اشتراكي ، النهاردة امريكا اكثر منا اشتراكية ، على الاقل من ناحية الضمان الاجتماعيالشاعر: أبو تريكة و خالد الجندي و هالة سرحان ، الكورة و مشايخ الفضاء و برامج النص التحتاني ، مهرجان لاي ماتش خايب كسبته دولة محتلة مرة في قارتها و كأننا فتحنا عكا ، و افندية عاوزين يشربونا بول الابل و يرضعونا و احنا بغال ، و شلة نسوان ضايعة من اللي لابسة جوانتي اسود و عمالة تاكل في نفسها و تتكلم على المرأة و هي مالهاش أي علاقة بالمرأة من أصله، للي تابت فعاوزة تخلي كل أشكال البوظان حلال علشان تبقى منحرفة بس شرعي ، للمعلمة الكبيرة اللي دايما باقول انها خدت الكاريير الغلط، و لو كانت اتولدت في الزمن الصح كانت هاتبقى زعيمة في وش البركة
انت عارفني ، لازم افكر و اتناقش قبل ماخد قرار ، بس في النهاية عندي شجاعة الاعتراف بالحق ، و انت كلامك مقنع، و حالة المجتمع واضحة للعبيط ، حاولنا الاول نعمل هجرة داخلية، مجتمع صغير من المستنيرين، فكرة حالمة عبيطة من بقايا حماس الشباب اللي في النزع الاخير، و فشلنا، يبقى مافيش غير الهجرة الخارجية
محطة قطار طنطا بعد الفجر ، صلاة الفجر في مسجد السيد البدوي ، الشاي و شيشة التمباك على القهوة الأحمدية امامه؟ الساعة ثلاثة ميعاد خروج مدرسة قاسم أمين للبنات و قوافل الصبايا في شارع الفالوجا بطنطا ، و يا بنت يا ام المريلة كحليالمفكر: يا اخي احترم نفسك ، بنت ايه و مريلة ايه؟ احنا بقينا في منتصف العقد الرابع من العمر ، ثم اطمئن ، كل ده خلاص يا اما باظ يا اما تحت التخريب ، الموسيقى و حرموها ، حنى الشيخ رفعت حل محله مشايخ السعودية مع المؤثرات الصوتية و الايكو، السيد البدوي حرام علشان القبور في المساجد بدعة، الشيشة طبعا دي فسق مش عايزة كلام ، و البنات دلوقت ممكن تغنيلها يا بنت يا ام النقاب الكحلي ، يا ضلمة كابسة و حالة من الكولة ، لو قلت عنك في الغزل قولة ، هايقيموا علينا يا حلوة الحد احنا الاتنين
ده الفرق
بينا يا جميل ، انت ممكن تعزم مية مرة و تتراجع ، انا لأ ، صعب ، علشان باحسبها كويس ، حتى لو هناك كمان في بعض المعاناة ، على رأي الأبنودي، قتيل في غربة بيفرق عن قتيل الدار

















