18.1.09

توقف حمام الدم في غزة



تراجيديا تنتهي بلا معقول

انتهت التراجيديا الدامية ضبابية المشهد في غزة، مجزرة عسكرية ومدنية غبية لم تحقق أي شيء خلاف الدمار والخراب، تنتهي ولم يتغير في الوضع السياسي أي شيء، كان هدف حماس من كسر التهدئة هو كسر الحصار الخانق عليها، وكان هدف الرد الصهيوني البشع في دمويته وجنونه تأديب حماس لتعرف كما تقول يديعوت أحرونوت أن ثمن اثارة الذعر في مستوطنات جنوب اسرائيل بصواريخ عديمة الفعالية سيكون عاليا جدا من الدم الفلسطيني، وكذلك كان يهدف لإثارة السكان في غزة ضد حماس، وكما فشلت حماس في كسر الحصار فشلت اسرائيل في القضاء على الترسانة الصاروخية الهزيلة لدى حماس وفي تقليب الفلسطينيين عليها، فهي معركة يحيطها الفشل ودم الصغار وأرواح الشيوخ والنساء بلا أدنى مبرر وبلا أدنى نتيجة، معركة الكل فيها خاسر، وما خسرناه من روحنا المعنوية فيها كان كثيرا، فلا يوجد عربي لم يشعر بالهوان والعجز أمام حمام الدم المنهال بلا قدرة عربية على رد فعل مؤثر

حيرني التعاطف الشعبي البليد، والتعليقات شديدة التسطيح، أين كنتم طوال الأعوام الثلاثين الماضية يا سادة؟ لماذا تتعجبون من عدم قدرة مصر على اظهار الاحتجاج حتى بطرد السفير أو غيره؟ ألستم أنتم من هلل وطبل لقرد كامب ديفيد في دولته؟ لماذا تسخطون لعدم تدخل مصر لمؤازرة فلسطين؟ ألستم أنتم من تمصمصون الشفاه على ما فقدناه من ثروة في اليمن وتكررون أساطيرا بلا أساس حولها؟ ولماذا تعجبون من تصدير الغاز؟ أين كنتم حين وقعت الكويز؟ لقد كانت التعليقات الشعبية أشبه بتعليقات شعب بقاله خمسة وتلاتين سنة بايت برة! هم يضحك وهم يبكي


ذكرتني المأساة بقصيدة لعبد الرحمن الأبنودي، كتبها في رثاء صديقه ناجي العلي الذي اغتالته الموساد لتوقف ريشته المسلولة على صهيون وأذنابها، و منها اخترت لكم بعض المقاطع المؤلمة، لنغنيها سويا في تتر نهاية المجزرة الكئيبة لحد الموت

أماية ... وأنتي بترحي بالرّحي .. على مفارق ضحى
وحدك وبتعدّدي على كل حاجة حلوة مفقودة
ما تنسينيش يا أمة في عدُّودة
عدّودة من أقدم خيوط سودا في توب الحزن
لا تولولي فيها ولا تهللي
وحطي فبها اسم واحد مات
كان صاحبي يا أمه .. واسمه: ناجي العلي
يا قبر ناجي العلي .. وينك يا قبر
يا قبر معجون بشوك مطلي بصبر
الموت بقرّب عليك يرتد خوف
وإذا ما خافش الموت يرتد جبر
يا قبر ناجي العلي يا دي الضريح
كان ميِّتك للأسف وطني صريح
تحتك فتى ناضر القلب غض
كان قلبه أرض مخيّمات الصفيح
الأرض متغربة والحلم ملْكْ
خريطة شبه الوطن محاصرها سلك
واقف وراها شريد عاقد إيديه
حنّ الوطن ذلك للأرض تلك
***
غشيم في حب الوطن .. طبعا غشيم
ياللي تحب الوطن من الصميم
على طريقة العرب في الحب عيش
وَليْ.. نقي.. متقي.. لكن لئيم
ناجي العلي في الأغنية هلّ عليْه
زي الغزالة البرية .. ماسك رسمة
كم قلتلو قولها خفايف .. نص شفايف
قالي يا شاعر لو خايف .. شوف الرسمه
والرسمة فيها يهود بحاخام والأنكل سام
وعرب لطاف عايشين في سلام .. جوه الرسمه
رسم الكفوف زي الصبّار .. حنظل بمرار
صبي قصير واقف محتار .. قدام رسمه
رسمة لا تعرف تتحادق .. ولا بتنافق
عيب ناجي إنُّه عاش صادق .. عاش للرسمة
***
أهلي لا أهلك .. ولا أهلك ساعات أهلك
ما تحكيليش ع اللي قتلك .. مش حاخدلك تار
ما ملكش غير أحسدك خالص على قتلك
قتيل في غربة .. بيفرق عن قتيل الدار
يا ماشي للنور.. ومش ماشي على مهلك
واحنا خطاوينا يمّ الموت .. تجيب العار
أنا الموساد .. والفساد.. قاتل كتيرقبلك
كمال .. وغسان .. واسأل ماجد أبوشرار
وحاموت .. لاشفتك ولا حاعرف في يوم قبرك
لا حاحُط زهرة عليه ولا حأغرس الصبّار
حاولت قتل الجهل؟
طلع الجهل متعلّم .. وأهو قتلك
وحولك وأنت واضح . . سر من الأسرار

6 comments:

طارق هلال said...

د/ أياد
أكتب الأن ودموعى تسبقنى
دموعى التى لم تجرؤ وتهمس قبل هذه اللحظة
كنت أعتبر كل شئ مزايدة
المظاهرات ... التصريحات ، الوقفات ، التألم والعزاء، خطب المساجد، البكاء
كل قصائد الشعر وكل نوح أو حتى صراخ وتظاهر بالشلل
كل ذلك كان مزايدة ولا عذر
وأكثر الناس بلاغة هو أكثرهم نفاقا
وأكثرهم يأسا هو أكثرهم تمردا
---------------------------------------
الأن أبكى كل شهيد وكل دم سيطبق فمنا عليه ولن نطالب بحقه
---------

Dr. Eyad Harfoush said...

أخي العزيزArabic ID

أيها الباكي رويدا لن يسد الدمع ثغرة، ربما لفارق العمر يا صديقي الشاعر لم تعد في المآقي دموع، فلقد وعيت أنا على الهوان العربي متصل الحلقات منذ عام 1979م وحتى العام 2009، ثلاثون عاما من الهوان عشتها من عمر مجمله خمسة وثلاثون عاما

تحياتي وشكري للتعليق وتعازي في الشهداء والكرامة العربية

Dr.Tamer El-arid said...

أخى وصديقى العزيز د/إياد
كما قلنا مسبقنا وكما جف بحر الكلمات وكما نطق كل جماد على الكرة الأرضية وبكى حزنا على غزة وحزنا على كرامتنا وعزتنا وعروبتنا وديننا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا ورجالنا وكل شىء جميل تحطم.
أرجو من كل شريف عربى مخلص غيور على كرامتةو عروبته ودينه وعزه الضائع ومجده الذى تاه وسط بحور الدماء، أن نحاول ولو للحظة أن نضع بعض الحلول فكلما وجدت المشاكل وجد حلول لها أرجو ان نعتبر ونعرف ،أنه يجب أن نتعلم من التاريخ نتعلم من النكبة والنكسة ودير ياسين وقانا ومذابح الحرم الأبراهيمى ومن صبرا وشيلا
أن الحل ليس فى البكاء والحزن وأن نبكى على أطلال الحبيب والمفارق فمن مات هو شهيد عند ربه ومات دفاعا عن دينه فماذا صنعنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يجب على كل شريف أن يحاول على نهضة أمته عسى فى يوم من الأيام ويكون بالقريب إن شاء الله أن تنهض أمتنا أمل عشت عليه وسنسعى جاهدين إلى أن يكون هذا هو العزاء الوحيد لنصرة أخواننا فى غزة النهوض والتقدم والتفوق من بعدها النصر
والله الموفق

Meero Deepo said...

لللإطالةد/إياد

أتفق معك تماما أنه بعد أن إنقشع الضباب الفسفورى الحارق عن سماء غزة ظهر كم الخراب على الأرض كما ظهر كم الفشل فى الدوائر والإجتماعات المغلقة

وكذلك أتفق معك أنه الطرفين المتنازعين حماس إذا جاز التعبير مجاز عن الشعب الفلسطينى أو المقاومة بشكل عام وبين إسرائيل كطرف معتدى كلا منهم فشل فى تحقيق أهدافه

بالنسبة لإسرائيل فالأمر واضح ....مدارة الأهداف الحقيقة منذ اللحظة الأولى لتجنب تكرار الفشل مع حزب الله بالرغم من الإختلاف الكلى والجزئى فى إمكانيات حزب الله مقارنة بمقاومة فلسطينية مختلفة الأطياف سواء حماس بخلفية دينية وجبهة التحرير بخلفية أقرب ماتكون لليسارية وباقى الفصائل المقاومة للعدوان ومنها بعض عناصر فتح والتى مازالت تتذكر أن إسرائيل دولة إحتلال وليست نيران صديقة

كان هدف إسرائيل إذن هو القضاء على المقاومة ...أو لنكون أكثر وضوحا كان هدفها إضعاف المقاومة وتقليب الشعب الفلسطينى عليها كما تفضلت وذكرت فى مقالتك وذلك لأنى أعتقد أن وجود المقاومة هى مصلحة خالصة لإسرائيل لكى تستخدمها كذريعة من وقت لأخر لمثل هذا العدوان وأعتقد أن تلك هى غلطة حماس الفادحة دوما

هذا بالنسبة لإسرائيل
ولكن هل هذا الفشل فعلا كان من نصيب حماس أيضا ؟؟؟..

اعتقد أن الإجابة هى لا ...على الأقل يمكن أن نقول أن الأهداف المبدئية لحماس كما قلت كانت كسر الحصار الخانق والذى لم يتم على الأقل حتى الآن وكما قال عمرو موسى فى ختام مؤتمر شرم الشيخ اليوم عندما تحدث الجميع عن وقف إظلاق النار وضمان تثبيته من الطرفين فأضاف عمرو موسى أنه لا يجب أن ننسى أن الهدف الأصلى كان كسر الحصار وفتح المعابر

وبالتالى فأنا أتفق معك فى أن الهدف المبدئى لحماس من قطع الهدنة فشل ولكن ما هى المحصلة النهائية الآن؟

اعتقد أن ماكسبته حماس والمقاومة فاق تصوراتهم والتى يمكن إيجازها فى النقاط التالية الت قالها خالد مشعل منذ أسبوع مضى وهى :

أولا ... عادت القضية للظهور بشدة كما لو كنا فى عام 1948 والرأى العام عربيا كان أو غربيا أو حتى يابانيا كما رأينا عاود الإهتمام بالقضية خصوصا بعد أن شارك حاخامات وشخصيات يهودية بارزة فى المظاهرات ووضحت أنها ضد مايحدث

ثانيا... إتضح للكثير من عقلاء العالم المتحضر بحق أن إسرائيل دولة معتدية وبدأوا فى مراجعة سياسات دولهم فى تعاملها مع إسرائيل بالذات بعد موقف دول لا ناقة لها ولا جمل فى الصراع كما هو حال فنزويلا وبوليفيا

ثالثا... إتضح بشكل فاضح موقف الكثير من قادة الدول العربية مما يجعل أى كلام عن تسوية وإتفاقات سلام ضرب من ضروب الخيال لأن المفاوضات والإتفاقيات بالنسبة لإسرائي مجرد حبر على ورق .... بلوووه وإشربوا ميته ياعرب

وبالتالى فإن قوة تأثير الكثير من الدول المعتدلة كما يقولون قد ضعف تماما فى التاثير على المقاومة

رابعا... نجحت الحرب فيما فشلت فيه إجتماعات شرم الشيخ للمصالحة الوطنية الفلسطينية على الأقل صار هناك جبهتان فقط بعد أن كانوا عدة..فالآن صارت كل جبهات المقاومة متحدة فى شكل تيار موحد وذلك ما إتضح فى إجتماع فصائل المقاومة اليوم وإعلانهم قبول وقف إطلاق النار حالماإلتزمت إسرائيل بذلك
هذا من جهة من جهة أخرى هناك تيار السلطة وفتح بعد التعديل بعد أن تنازل الرفاق عن السلاح وإستبدلوه بشيسوار الشعر الواضح اثاره على شعور شخصيات عديدة فى السلطة!!!1

ويكفى دليل على ضعف التيار الأخير أن الشعب الكويتى وعلماؤه طالبوا اليوم فى مظاهرة شعبية وفى بيان موقع ألا تستقبل الكويت أبو مازن فى قمة غدا لأنه لم يعد شكلا أو موضوعا رئيس للسلطة الفلسطينية التى طالما حاولت أن أفهم أين هى وماهى حدود تلك السلطة إذا كان أبو مازن رئيسها لا يستطيع التحرك بدون تصريح

هذا بالنسبة لما أراه قد تحقق لم تقصده حماس ولا غيرها ولكنه فعلا ماتم

اخيرا أنا لا أتفق مع بعض أيدولوجيات حماس والتى يراها البعض مشابهة للإخوان المسلمين فى مصر وإن كنت لا أرى أى وجه مقارنة بينهم فحماس فى رأى الشخصى اكثر صدقا ووضوحا للهدف فى حين أن فكر الإخوان أحيانا مع يكون على طريقة اللى تغلب به إلعب به...لا أقصد إهانة لأحد ولكنى أكره التناقض بين ماهو معلن وماهو خفى فى أى شخص أو جماعة

وإختلافنا مع حماس لا يعنى أنها غير محقة فى مقاومتها لعدوان وإحتلال على أرضها وإذا رجعنا للوراء قليلا سنجد أن حماس كانت أبعد ماتكون عن السياسة والسلطة ولكن فى مرحلة مابعد أوسلو وعندما ظهر أن الرفاق سيسيروا على طريقة مصر فى كامب ديفيد أو كما أسميها أحيانا كعب ديفيد لأننا أخدنا بال(...) على رأسنا بموجبها فكان هذا مادفع حماس للإتجاه للسلطة حتى لا تضيع القضية ويضيع الحق وتضيع الأرض

وإذا كنا نلوم حماس على مقاومتهم فانا لا أرى داعى لذلك فتاريخ مصر المقاومك للإحتلال الإنجليزى كان فيه الإخوان المسلمين ( الأصليين) وكان فيه اليسار وكان فيه الوفد وكان فيه الفدائيين وكلا يعمل وفقا لمرجعيته ولكن هدفهم كان واحد

لذا أعتقد أنه إذا كانت حماس قد فشلت فى السلطة أو لنقل أنها لاتصلح كوجه مقبول للقضية عالميا فأنا أعتقد أنه لو كان هناك شخص متفق عليه وعلى وطنيته من الجميع ومعتدل فستكتفى حماس بالعودة لللمقاعد الخلفية وهى مطمئنة أن ظهرها محمى وهذا ما عليهم فعله الآن قبل إختيار رئيس جديد للشعب الفلسطينى

واخيرا ..أعتقد أنه قد إتضح الآن لكل من يقول ...ياما حاربنا علشانهم أخدنا إيه يعنى ...ولمن قال أنه يكفينا أن إقتصاد مصر إتدمر من الحروب ...أو من قال نحارب علشانهم ليه ماهم موتوا ظابط مصرى ناسيين أو متناسيين التلاثة ظباط الذين ماتوا والعساكر الذين جرحوا والبيوت التى هدمت منذ أيام فى رفح المصرية بنيران إسرائيلية التى كانت ....بتمسى علينا!!!1

لكل هؤلاء أختم كلامى بمقولة قالها أ.هيكل إذا لم يكن تدخلنا من أجل الجوار وحقوقه فلتكن من الأمن القومى لمصر لأنه إذا لم يكن هناك مايسمى القومية العربية لوجب إختراعها بالذات الآن حماية لمصر التى لم تعد تملك ماتدافع به عن نفسها

تحياتى لك وعذرا لللإطالة

Dr. Eyad Harfoush said...

أخي الحبيب د/تامر العريض
أهلا بك يا صديقي وشكرا لتعليقك
أما عن الطريق الايجابي فهو كما قلت أنت في أن نعمل لننمو ونتميز، ويضع كل منا نصب عينيه اصلاح بيته وعمله، ليخرج في بيته جيلا قويا وفي عمله أجيال من الطاقات الخلاقة

ثم التنوير يا صديقي، لن نخرج من هذا البلاء وبلادنا سادرة في الجهل، من الأمية لجهل العوام و حتى جهل المتعلمين وبعض من يسمون أنفسهم مثقفين
تحياتي وتقديري وكبير شكري

Dr. Eyad Harfoush said...

الصديقة الغالية جدا ميرو ديبو
عزيزتي في تعليقك الثري المثري كثير من الصواب، ولكن حماس مقاومة ضلت طريقها الصحيح، لم يقل أحد بأن ليس من حقهم أن يقاوموا، بل أرى أنه كان من واجبهم الاقتصار على المقاومة، والبعد عن السلطة

لقد تحررت اندونيسيا بفضل السياسة الثنائية بين سوكارنو السياسي وجلال الدين المقاوم، تنسيق داخلي وعداء ظاهري بينهما، ولم يكشفا عن علاقتهما الا بعد التحرر من الاستعمار الهولندي واعلان الاستقلال، وهذا ما كان يحسن أن ينتهجه الفلسطينيون، سياسة الرجل الطيب والرجل الشرس لو جازت الترجمة
مع وافر التحية والتقدير