قصة قصيرة
كانت الشمس غائبة خلف تخوم السحب في هذا اليوم الشتوي الطقس من يناير، ودرجة الحرارة خارج السور الزجاجي للمقهي منخفضة للحد الذي جعل الدكتور "عماد عز العرب" - أو "ع ع" كما يسميه طلبته بقسم الفلسفة بكلية الآداب - يتنازل عن فكرة الغذاء في مطعم السمك المفضل لديه في حي بحري ويكتفي بشيء من الباتيه مع الشاي، فالجو منذر بمطر غزير، وعليه أن يقف بسيارته بعيداً عن المطعم لأن الشارع الضيق الذي يقع به المطعم لا يتسع لوقوف السيارات على جانبيه وإلا ناوشتها القبلات جانبية من عربات الكارو، تلك التي تحمل السمك من حلقة الانفوشي التي كانت يوماً شهيرة تكتظ بروادها قبل الانفتاح، والسير على الأقدام في شوارع بحري النصف ممهدة بعد المطر ليس بالشيء الجيد من وجهة نظر البنطلون والحذاء
بينما كان "عماد" يتناول الباتيه ويرشف الشاي، دخل المقهى رجل ملتحٍ يرتدي جلباباً قصيراً يعلو كعبه بمسافة تبلغ عشرين سنتيمتراً على الأقل، وتغطي لحيته النصف الأعلى من صدره، بينما تغطي رأسه عمامة مكونة من طاقية حجازية لف حولها شالاً أبيض تدلت ذؤابتاه على كتفه، أشاح "عماد" بوجهه عن الداخل فنظر نحو البحر، لا يخفي امتعاضه من التطرف بكل أشكاله، سواء حمل المتطرف فوق صدره سواكاً في جيب جلبابه أو صليباً في سلسلة ضخمة، يحترم بالطبع حرية المظهر للجميع، ولا يريد لأحد أن يمنع المسلم أو المسيحي من ارتداء ما يشاء وقتما يشاء، لكنه يرى في هذه المظاهرات الدينية التي تسود البلد في الألفية الثالثة نذير شر مستطير، المسلم يرص فوق زجاج سيارته إشارات دينية مختلفة ويعلق مسبحة في مرآتها، والمسيحي يلصق سمكة على خلفية السيارة ويعلق صليباً في المرآة، مظاهرة يقول بها كل فريق للآخر "نحن هنا ونزداد عددا وقوة كل يوم" ، قرأ ذات مرة في جريدة الصباح عن قرار لوزير الداخلية بمنع الإشارات الدينية في وسائل النقل الخاصة والعامة، كان هذا القرار الحكيم منذ بضعة سنوات، لكنه لم، وبينما هو في هذه الخواطر المتتابعة ناظراً نحو البحر، أتاه سوط من يمينه قائلاً
- عماد عز العرب!
فالتفت و اذا بمحدثه هو صاحب الجلباب الأبيض واللحية الكثة نفسه، فأجاب والدهشة تعقد لسانه
- نعم، أنا عماد!
- أعرف أنك هو برغم ما فعلته بك السنون، يبدو أنك تزوجت وحملت الهم مبكرا مثلي
شعر بالحرج، فالبادي من "العشم" الذي يتحدث به الرجل أنه يعرفه حق المعرفة، وهو يشعر بألفة مع ملامحه خلف اللحية حين اقترب، لكنه لا يذكر اسمه ولا أين التقى به؟ لعله زميل دراسة قديم من المرحلة الجامعية أو الثانوية قبلها
- يخونك البسكويت وقطع الشوكولاتة "بيمبو" من كانتين مدرسة طنطا الثانوية بنين، أم أنك صرت سكندريا ونسيت طنطا وأهلها؟
يا الله، يتذكر الآن فقط من طريقة كلامه المميزة، هو "محمود نافع" بطل الملاكمة في مدرسته الثانوية، كانوا يطلقون عليه "محمود الثور" لقوته وقوة اندفاعه الشديدة الغير متعقلة، قام من كرسيه معانقاًً لزميله القديم ومعتذراً عن عدم التعرف عليه فورا، ومتحججا بالهيئة الجديدة التي اتخذها "محمود" لنفسه، فأجابه صاحبه قائلا
- ليست الهيئة وحسب، بل قلبا وقالبا والحمد لله، عقباً لك
آه، بدأ الصديق القديم في ممارسة واجبه الدعوي مبكرا جدا، هكذا فكر "عماد" بداخله، فاستقر رأيه أن الأفضل هو الاقتصار على الترحيب وواجب ضيافة سريع ثم ينسحب من هذا اللقاء قبل أن يتطور بينهما الحديث، فحديث الأضداد كما علمته التجارب ينتهي بجفاء على أقل تقدير، وقد ينتهي بمصيبة في بعض الأحيان، دعاه "عماد" للجلوس وهو يتمنى الاعتذار من الطرف الآخر، لكن "محمود" سحب الكرسي المقابل له وجلس بعد أن كوم الجلباب بيديه في حجره، قائلاً
- ياه .. والله زمان، كم وعشرون عاما مرت منذ كنا معا في الثانوية العامة؟ لقد دخلت أنت الآداب هنا في الإسكندرية وقتها، أليس كذلك؟
- نعم، وأنا الآن أستاذ مساعد في قسم الفلسفة بها، وماذا عنك أنت؟
ضحك "محمود" بدون صوت قائلاً
- تعرف أيام الشقاوة يا صاحبي لا أرجعها الله، لم ألحق إلا بالمعهد الفني التجاري المجاور لمدرستنا بالكاد، لكنه كان فاتحة خير بفضل الله، ففي المعهد شرح الله صدري وأبعدني عن صحاب السوء، ثم وجدت نفسي في العمل الحر فتركت المعهد وتفرغت للتجارة، فبها تسعة أعشار الرزق
جاء الجرسون فوقف بأدب خلف "عماد" الذي التفت إليه ثم إلى "محمود" سائلاً
- ماذا تشرب يا "محمود" بيه؟
- قرفة باللبن إن شاء الله
- وأنا سآخذ قهوتي
انحنى الجرسون في أدب قائلاً
- أتحب الشيشة مع القهوة يا دكتور؟
- ليس بعد
انصرف الجرسون فقال "محمود" معلقا
- تبدو عميلا دائما هنا؟ أنا لا أجلس في المقاهي عادة، لكن الجو المطير اضطرني لذلك، صحيح، فلتنادني "محمود"، ولو كان لابد من الألقاب فلتكن الشيخ "محمود"، لقد ألغى صاحبك الألقاب منذ عقود، أمازلت ناصريا أم هداك الله؟
- هدانا الله جميعا لما يحب ويرضى، لم أكن ناصريا أبدا، فبرغم تقديري للرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" وقناعتي بسياساته وتوجهاته، إلا أني لا أحب الانتساب لفرد، سواء كان "ناصر" أو "ماركس" أو "ماو"
- أي توجهات وأي سياسات، لقد راح على يد "عبد الناصر" هذا رجال يساوي ظفر أحدهم رقبته، رحم الله الشيخ الشهيد "سيد قطب" صاحب الظلال العظيم
إذن فقد كتب القتال على "عماد" في هذا اليوم المطير، في حوار لم يكن متحمسا له، لكن ولم لا؟ لقد كتب "مصطفى محمود" كتابه "حوار مع صديقي الملحد" حين ظهرت نبرة إلحاد محدودة مع التطور العلمي، أما اليوم، وبعد اتفاقية "سادات-تلمساني" في سبعينات القرن الماضي، فقد تبدلت الدنيا، وارتفعت نبرة التطرف الديني لعنان السماء، وهذا لا يقل خطرا، فلماذا لا يقيم حوارا يكتبه وينشره؟ حوار مع واحد من هؤلاء الرجال المؤسفين، والذين اختزلوا صورة المسلم كما أرادها الله عز وجل لهذه الصورة الممسوخة اللا-إنسانية التي روجوا لها، هكذا قال عماد في سريرته وهو يخرج سيجارة من علبته ويشعلها، سحب نفساً وهو يعتدل فوق كرسيه متأهباً للحوار، وقال
- لكن "قطب" لم يعدم بسبب مؤلفه المتميز "في ظلال القرآن"، ولكن بسبب ضلوعه في مؤامرة عام خمسة وستين، فضلا عن تكريسه للإرهاب في كتابه المدمر "معالم على الطريق"، وضلوعه في المؤامرة ثابت باعترافه واعتراف غيره كما تعلم
- اعترافات تحت التعذيب
- و الكتاب؟ كتبه أيضاً تحت التعذيب؟
- كتبه وهو أسير في سجن النظام الكافر
- يدهشني ذلك، فالنظام الذي يعذب السجناء لا يوزع عليهم أوراقا وأقلاما سواء كان نظاما كافرا أو غير كافر
أسقط في يد "محمود" من هذه الملحوظة الذكية، فتبدلت ملامحه من الحدة والحماس إلى صورة حانية وهو يقول
- أقلقتني عليك يا صديقي القديم، أعرفك وأعرف طيب سريرتك، لهذا أخشى عليك من شدة يوم عظيم، فحبك لمثل هذا الرجل يجعلك تحشر معه يوم الدين، ومثله يكون محشره عصيبا
ضحك "عماد" وهو يعجب من مهارة الزميل السلفي في تحويل دفة الحوار ، ثم قال والابتسامة لا تفارق وجهه
- حذار يا شيخ "محمود"، فأنت بهذا تحدد مصير الرجل يوم الحشر، وهذا أمر نهانا الله عنه، والرجل بين يدي ربه، إن شاء عذب وإن شاء غفر، فلا تنذرني بما لا تملك لنفسك منه نجاة
ظهرت على "محمود" علامات الحماس ثانية، فقد أعطته الجملة الأخيرة دلالة على خلفية دينية لدى صديقه القديم أغرته بالدق على وترها، فاقترب بجزعه من الطاولة التي تفصله عن "عماد" قائلاً بلهجة ودود
- صدقت، لهذا أقول أنك خسارة، ولكن سبحان الله، "إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ"، ماذا أقول لك يا صديقي، أسأل الله العلي القدير أن يهديك
كانت فكرة الحوار معه قد اختمرت برأس "عماد"، لهذا عاجله قائلا
- آمين، هل لديك ارتباطات اليوم؟
- أبداً، أتيت للثغر في عمل وانتهيت منه، وكان يجب أن أعود لطنطا لكن المطر حبسني عن العودة، ولا أحب العودة في الظلام، لهذا سأجد لي فندقا أقضي فيه ليلتي
- لك عندي إذن عرض لا يقاوم، مادمت متحمسا للدعوة لطريق الخير الذي ترى أنك تسلكه، ما رأيك لو قضيت الليل عندي ونتسلى بالحوار؟ هذا لو كنت مستعدا لحوار رجل حصل على الدكتوراة في فلسفة "ابن رشد" و"ابن طفيل"، ومن يدري، قد تقنعني
- أهلا بالحوار، لكن ألن يضايق هذا أسرتك؟
- لن يضايقهم لأنهم لم يوجدوا بعد
- لم تتزوج حتى هذه السن؟
- ولن أفعل، فما رأيك؟ أم تريد الانسحاب من المناظرة الودية؟
- لا يا سيدي، نبات شاكرين ونحاورك قادرين بإذن المولى عز وجل
- اتفقنا، نشرب القهوة والقرفة ثم نمضي للعشاء في المنزل ونمكل ليلتنا هناك
تعجب "عماد" لحماسه المفاجيء لاستضافة أحد الأصدقاء المؤسفين في بيته وإقامة حوار طويل معه! وهو من كان يرى في الحوار معهم مضيعة للوقت، ويتجنبه في الجامعة والمحافل البحثية والعلمية والأدبية التي يرتادها هنا وفي القاهرة، ربما أراد التأكد من نظرياته حول المحتوى الفكري لتلك التيارات التي تمور وتفور في مصر اليوم
جاء الجرسون بقهوة عماد وقرفة صديقه المؤسف كما سماه، ووضع كوبان من الماء المثلج على المنضدة، تناول "محمود" كأسه ورفعه إلى شفتيه بعد أن جمع لحيته الكثة وخفضها بيسراه، ولدهشة عماد بدأ صديقه يرشف الماء من الكأس بصوت مسموع، توقف بعد رشفتين وأبعد الكأس عن فمه ثم أخذ شهيقا عميقا وزفره، ثم أعاد الكرة ثلاث مرات قبل أن يضع الكأس على المنضدة وهو يمسح ما تسرب من خيوط الماء على لحيته، فلما رأى "عماد" ينظر اليه، ضحك وهز رأسه كالمتعجب من جهل صاحبه وقال
- مالك؟ أراك كالمشدوه
- ماذا كنت تفعل الآن؟ لماذا كنت تنفخ في الماء كأنك ساحر؟
- لا تتجاوز حتى لا تقع في محظور، فهكذا كان سيدك المصطفى يشرب الماء، ولم افعل إلا تحري سنته، حصلت على الدكتوراة يا رجل ولم تقرأ بديهيات دينك؟
- بديهيات الدين؟
- طبعاً فقد روى "البخاري" في صحيحه عن "أنس بن مالك" أن الرسول أمرنا بمص الماء مصاً من الإناء وأن نتنفس ثلاثاً أثناء الشرب، وقال (ص) أن هذا "أروَى وأمرَأ وأبرأ" وهذا من الإعجاز العلمي في الطب النبوي الشريف
قاوم "عماد" رغبة في الضحك حتى لا يشعر ضيفه بالسخرية وقال
- وما الإعجاز؟
- نصيحة الرسول تلك تقي من اتبعها من تضخم الرئتين وقصور الشرايين التاجية وتضخم الكبد والاستسقاء والعياذ بالله، وهناك طبيب ألماني عالمي أسلم حين سمع الحديث ووجده متفقا مع أحدث ما وصل إليه العلم الحديث، سبحان الله
- وما اسم هذا الطبيب العالمي؟ وفي أي جامعات ألمانيا؟
هكذا سأله "عماد" وهو يبتسم ابتسامة الواثق من كذب موضوع الطبيب هذا، وصدق حدثه إذ قال صاحبه
- وهل تتوقع أن أحفظ اسمه؟ يا أخي ما مصلحتي في الكذب عليك؟ سبحان الله
- عفوا، لم أقصد أنك تكذبني، لكنك تردد قول مرسل سمعته أو قرأته بغير مرجع موثق، فأمر طبيب عالمي يسلم بسبب حديث نبوي كان لابد وأن يردد في وكالات الأنباء عالميا
- أصبحت مشككا يا صاحبي على عادة الفلاسفة، رحم الله الإمام "الغزالي" حين كتب في تهافت الفلاسفة وفلسفتهم
ضحك "عماد" وهو يتناول رشفة من قهوته ثم يرد قائلا
- ورحم الله ابن رشد حين رد عليه وفند أطروحاته في كتابه القيم "تهافت التهافت"، هل قرأت "تهافت الفلاسفة" للغزالي؟
- لا، لكنني سمعت درسا عنه في المسجد
- مم .. مسجد "الوليد"، مستعمرة جماعتكم في طنطا
قطب "محمود" حاجبيه و هو يقول منفعلاً
- لا والله، بل دوحة الإخوان ودوحة الإسلام في طنطا بإذن الله، ولو كره الكافرون
- مالك يا رجل؟ تتحدث كأنك تخاطب أباجهل أو أبالهب؟
- أنت من قال عن مسجدنا مستعمرة
- لم أقصد المسجد، ولكن الشارع الذي انتشرت فيه مكتباتكم ومحلاتكم ونباتاتكم الطبية، عموما حقك علي في التعبير القاسي، لكن قل لي، هل فكرت في حديث النبي الذي رويته لي الساعة؟ ألم يلفت نظرك شيء فيه؟
- تدبرته طبعا كما يجب تدبر القرآن والحديث لاستلهام الحكمة من منابعها الصافية، ولم يلفت نظري فيه شيء
- أما لاحظت أن الرسول في العبارة التالية نهانا عن النفخ في الطعام والشراب، حتى لا يتأذى من يشاركنا الطعام والشراب وتأنف نفسه الطعام؟
- نعم، حكمة وأدب نبوي جليل
- فكيف تجمع هذه الوصية بالحديث عن طريقة شرب الماء تلك؟
لم يجبه صديقه ولكنه شرد مفكرا، فعاجله "عماد" قائلا
- ولو افترضنا صحة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، فبأي صفة قاله؟
- بصفته النبي الخاتم طبعا
- رويدك، ألم يسأل الرسول في غزوة بدر عن الموقع الذي اختاره، أهو موقع اختاره كقائد أم أوحي إليه به؟ فأجاب بأنه اختياره كقائد، وقبل بمشورة من اقترح أن يعسكروا أمام البئر ليكون لهم ويحرموا منه عدوهم؟ ومثل ذلك حدث في واقعة تلقيح النخل، وفي استشارة التجار له في مقدار ما يربحون، فقال في ذلك كله أنه من أمور دنيانا ونحن أدرى بها
- نعم، وبعد؟
- فقد كان الصحابة إذن يميزون بين أكثر من شخصية اعتبارية للرسول، فقد كان (ص) رسول الله المبعوث خاتما للأنبياء، وكان حاكم المدينة المنورة المبايع من أهلها، وكان القائد الأعلى للجيش، وكان الرجل والزوج لأهل بيته، وقد دلهم النبي في واقعتي النخل والتجارة أن سنته هي أقواله وأفعاله وتصديقه بصفته كنبي، وفيما يخص أمور الدين وتحسين وتنمية المجتمع الإسلامي، فليس كل ما قاله الرسول قد قاله بصفة النبوة
هنا هب "محمود" واقفاً، وملامحه تنبأ بشر، وقال
- أعوذ بالله، لقد أفسدتك الفلسفة، أنت تنكر معلوما من الدين بالضرورة في قوله تعالى "وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ" سأمضي لحال سبيلي
قام "عماد" فأمسك صديقه من ذراعه وطلب منه أن يهدأ، ثم سأله
- لو كان كل حديث الرسول وحيا يوحى، فما الفارق بين الحديث النبوي والحديث القدسي؟ اقرأ للشيخ "مصطفى العدوي" كتابه "الصحيح المسند من الأحاديث النبوية" تعرف أن الفارق بينهما كبير، فالأول ينسبه الرسول لنفسه والثاني ينسب لله، أما الآية عن الوحي فتعني القرآن الكريم، فالقرآن وحده هو الوحي، وحتى الحديث القدسي قد يكون بالوحي أو الإلهام أو غيرها
أرتج على "محمود" مرة أخرى، وقد أيقن أن محاوره أعلم منه بعلوم الدين، فهو حتى لم يسمع بالشيخ "مصطفى" هذا، لهذا استغل فرصة توقف المطر عن الهطول فتراجع عن فكرة المبيت وودع صديقه خارجا، كان يردد في نفسه وهو خارج قول الله تبارك وتعالى "مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ" بينما كان "عماد" يدفع الحساب وهو يردد في نفسه قوله تعالى من سورة النحل "ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ"