10.8.08

خريف العمالقة

وداعا محمود درويش

هل عام 2008م هو الخريف الذي تتساقط فيه الأوراق الأجمل و الأكبر و الأعلى في شجرة العروبة؟ ألم تكتفي الأرض بالعملاقين "عبد الوهاب المسيري" و "يوسف شاهين" فأرادت لهما عملاقاً ثالثاً؟ رحم الله "محمود درويش" ... بين ريتا و عيوني بندقية ... و الذي يعرف ريتا ينحني ... و يصلي لله في العيون العسلية ... بين ريتا و عيوني بندقية ، رحمك الله أيها الشاعر الكبير ، أيها الناي الذي يشدو لفلسطين ، و الذي توحد الوطن المفقود في قلبه بالحبيبة المفقودة ، رحمك الله يا درويش فلسطين السليبة ، الباكي على أطلالها و المبشر بالعودة في يوم قريب ، مات شاعر الثورة في غربته بأمريكا ، بعد أن عاش العمر مغترباً عن "الجليل" الذي ولد فيه، طوال عمره تقريباً ، مات الشاعر الفلسطيني-المصري ، و الذي منحه الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" جواز سفر مصري تكريما له و اعترافا بدوره ، و حين مات "جمال عبد الناصر" ، كتب فيه "درويش" واحدة من أجمل روائعه ، فقال يرثيه


نعيش معك ، نسير معك ، نجــــــــــــــــــــــــوع معك

و حين تموت ... نحاول ألاّ نمـــــــــــــــــــــــوت معك

ولكن، لماذا تمـــــوت بعيداً عن الماء والنيل ملء يديك؟

لماذا تمــــــــــــــوت بعيداً عن البرق والبرق في شفتيك؟

وأنت وعدت القبائــــــــــــــل برحلة صيف من الجاهلية

وأنت وعدت السلاســـــــــــــــــــــــل بنار الزنود القوية

وأنت وعدت المقاتل بمعركة... ترجع القادســـــــــــــــية

نرى صوتك الآن ملا الحنـــــاجر ... زوابع تلو زوابع

نرى صــــــدرك الآن متراس ثائر ... ولافتة للشوارع

نراك طويلاً ...كسنبلةٍ في الصـــــــــــــــــــــــــــــــعيد

جميلاً ...كمصنع صهر الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديد

وحراً ... كنافذة في قطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار بعيد

ولست نبيّاً، ولكن ظلّك أخضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

نعيش معك ، نسير معك ، نجـــــــــــــــــــــــــوع معك

وحين تموت ... نحاول ألا نمـــــــــــــــــــــــــوت معك

ففوق ضـــــــــــــــــريحك ... ينبت قمحٌ جـــــــــــــــديد

وينزل ماء جديد ... وأنت ترانا نسير نسير نســـــــير

رحم الله الراثي و رحم المرثي ، و رحم زمان الرجال و عزم الرجال و شرف الرجال ، في زمان بلا شرف ، و بلا رجال ، يوم مات "شاهين" تساءلت أنا، و لكن لماذا لا تهب لنا الحياة عوضاً من الكبار الراحلين؟ ليست نستالجيا، و لكن بطن مصر قارب من الجدب حقا و صدقا، فلا تهب لكل جيل عباقرته و رواده كما كانت تفعل ، أم أنها مازالت تحمل و تلد ، و لكننا كمجتمع من الجاهلية ، نؤد شرفاءنا و رجالنا و أوتادنا ، فالرجولة و الشرف عار في وطني في زمان التخنث و الغباء

19 comments:

Meero Deepo said...

صديقى العزيز

كلمات الرثاء التى تكتبها فى الأونة الأخيرة تزيد من عمق الشعور بالفقد


لست أدرى أيكون السبب هو علو قامة الراحلين الذين يتوالى سقوطهم تباعا أم السبب هو أنك ترى مايراه كل مصرى محب لبلده من أنه ....خلاص مافيش فايدة.... وعلينا أيضا الإستعداد للرحيل


...ياترى مين اللى عليه الدور

Anonymous said...

أصعب ما في الموقف أنه لا حلم قريب ببديل عنهم جميعا
هؤلاء الذين خُلقوا وتكونوا في زمان غير هذا الزمان
تقول لي صديقاتي يموت ونحن في أشد المحن القضيه أيضا تموت

العزاء في أن الكلمات لا تموت
والتاريخ لا ينسي

Che Ahmad said...

أنا أبكي !
أنا أمضي قبل ميعادي ... مبكر
عمرنا أضيق منا ،
عمرنا أصغر... أصغر
هل صحيح ، يثمر الموت حياة
هل سأثمر
في يد الجائع خبزا ، في فم الأطفال سكّر ؟
أنا أبكي !

وكلنا الآن نبكي

Dr. Eyad Harfoush said...

الصديقة فوق العادةMeero Deepo

أما عن الاستعداد للرحيل ، فهو ما يحسن بالجميع ، أن يستعد ليمضي ذات يوم إلى القدر المحتوم

لكن ما يحز بالقلوب هو فقد الكبار و ما من جيل بعدهم قارب قاماتهم بعد ، فليحفظ لنا الله الباقين من عقلاء هذا الوطن ، حسنين هيكل و نصر أبو زيد و من جيل الشباب ابراهيم عيسى و علاء الأسواني

تحياتي و تقديري و اعزازي

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي basma
صدقتي إذ قلتي أن الكلمات لا تموت و التاريخ لا ينسى ، فالذي يعزينا في زماننا هذا هو الكلمات التي تركها السابقين ، تعيننا منبراس من نور على تخطي الأزمات و تجاوزها ، اما قضية فلسطين ، فستبقى ، و لكني أخشى أنها ستبقى كمجرد قضية و مشكلة ما بقي الوهن العربي بحاله

تحياتي وتقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي Che The Hermit

رحمه الله يا عزيزي ، مازلت أتساءل، لماذا يا موت لا تخطف الا أروع الجياد؟ و هناك من شر البقر من تجاوز الثمانين؟ سبحان الله ، لعل له في ذلك حكمة

تحياتي و تقديري صديقي العزيز لبكائك النبيل على فقيد العرب

Mostafa Abdelmoneam Badr said...

أيا من أوقدت المشاعر من فيض لهيب حزنك
واحزنت القلوب من وقع أنين يأسك
نعم سيدى حزين أنا مثلك
ولكنى معترض عليك
فلن اسمح لحزنك أن يغلف بهذا الاحباط القاتم
فلكل زمن رجال لمن يعرفهم
وأنا أحسبك من طليعة رجالنا وفتيان عصرنا
فلا تلوم أبدا على الدهر
وأبحث عن الفرسان تجدهم من غير زيف ولا تشويه
رحم الله درويش
وأكثر من أمثال التميمى
رحم الله عبد الناصر
وبارك فى حسن نصر الله
رحمنا الله جميعا
مع أزكى تحياتى
السلام عليكم ورحمة الله

Dr. Eyad Harfoush said...

صديقي الأستاذ / مصطفى عبد المنعم

أشكرك يا عزيزي لتعليقك أولا و ثقتك الغالية ثانيا و اهتمامك ثلاثا، أنت على حق في أن لكل عصر فرسانه ، و لكن كمادة خام ، المشكلة انه في هذا العصر ، لا تجد الفروسية مجالا خصبا لتورق و تتضخم في الأرض

بالغ تحياتي و تقديري

كلاكيت تانى وتانى said...

يعزيزى لى اصدقاء من المثقفين الفلسطينيين لا يرون فى درويش ماتراة فية بل هم يرونة مثالا للشيوعية واستخدام الشعر فى اهداف دنيويى بحتة ومادية ورحمة الله لا مجال لذكر عيوبة ولكن لكل من عيوبة ومأثرة ودرويش فى اعتقادى برغم عبقريتة الشعرية لا يستحق كل هذة الضجة والتأبين على كل المستويات ليس لأننى معة او ضدة ولكن لأنة شاعر لم يسهم الا فى القليل من مشاكل وطنة وشعرة لم يكن يرقى للملاحم او للارتباط بالشعب لهذة الدرجة
وعذرا على الاختلاف الذى لا يفسد للتعليق قضية ههههههه
تحياتى

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي كلاكيت
أعتقد أن أصدقائك ربما كانوا من أنصار حماس و ذلك على الأرجح ، نظرا لطبيعة رأيهم ، لأن محمود درويش كان ضد حماس على طول الخط ، و ضد أصولهم من الاخوان المجرمين و اشباههم ، و هاك نماذج عزيزتي مما يقوله الحماسيون عن الراحل الكريم "سقط بوق للكفر والإلحاد .. كان كثيرا ما يسب طالبان .. فهلك درويش وبقيت طالبان !!!!" و هذا يقول "ليس هو من اتبع الزمرة الفاسدة ودافع عنها ووقف في وجه حماس وخونها" و ثالث يقول "يعني هذا الزنديق الملحد إن شاء الله وجبت عليه النار"

فلو كان من قال لك عنه هذا من فئة حماس الضالة أو حتى فئة فتح المتربحة فليس رأيهم عندي بقوي ، أعرف شيئا واحدا اكيدا عن محمود درويش رجمه الله ، لو كان أحد في أوروبا و أمريكا تعاطف مع القضية فبسبب اشعاره المترجمة عنها

تحياتي عزيزتي و الاختلاف طبعا لا يفسد للود قضية

تحياتي و تقديري و اعزازي

كلاكيت تانى وتانى said...
This comment has been removed by the author.
كلاكيت تانى وتانى said...

بعض ما يعاب علية وليس كلة
عيونك شوكة في القلب توجعُني.. وأعبُدها)،..(إنْ خُلِقْنَا غَلْطَةً في غفلةِ الزمان)،..(أمس عاتبنا الدَّوالي والقَمَرْ.. والليالي والقَدَرْ)،..(مثلما يدَّعي القَدَر)،..( فعسى صليبي صهوةً، وعسايَ آخر من يقول)،.."رأيت الأنبياء يؤجرون صليبهم واستأجرتني آية الكرسي دهراً ثم صرت بطاقة للتهنئات"، وقوله: "وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة، دم كالمياه وليس تجففه غير سورة عم وقبعة الشرطي وخادمه الآسيوي"،!!وقوله: "ونمت على وتر المعجزات ارتدتني يداك نشيداً إذا أنزلوه على جبل كان سورة ينتصرون
ولكن
حين قلت صديقى عنيت صديق ولم تهمنى توجهاتة بقدر ما يهمنى رأية لأنةفلسطينى ومحب لوطنة ومتألم لحالها ومناضل فيها ولا يهرب منها بل يتنقل بها ويعيش في ارضها
اما محمود درويش رحمة الله فليس لى افكار محددة تجاهه ولا يجوز علية سوى البحث عن مناقبة وليس عيوبة وبالنسبة لى شخصيا لا أرى مايفيد فى ذكر الاثنين فبلا شك هو من شارك فى العديد من نشر القضية الفلسطينية ونشر اخبار وطنة بشعرة ولكنة ايضا منتمى لفكر ومنطق شيوعى بحت ولست مع حماس فى خلط كينونتة كشاعر مع توجهاتة الفكرية او الدينية المهم شعرة فقط وما تجلى فية من حب للوطن برغم عدم حبى لبعض بل العديد من الابيات التى فيها اخلال بالمعنى الألهى والتقدير الواجب للخالق
". وكما قلت انا لست مع او ضد بل اتعجب من كل تك الضجة علية فى مماتة بينما لم تثر فى حياتة وكذلك العديد من القضايا الاخرى التى لا مجال لذكرها الان فلا حماس افضل من فتح ولا فتح افضل من حماس كلاهما عيوب وكلاهما ساهم فى دمار بشكل او بأخر واما حماس التى طاردتة بالشتائم او فتح اللذين بكوة وانتحبوا علية ما درويش الا انسان عاش ومات ولة محاسنة ولة عيوبة رحمة الله وادخلة فسيح جناتة وغفر لنا جميعا الاثنين

كلاكيت تانى وتانى said...

لغيت احد التعليقين لانة تكرر فقط
دون قصد واعتذر عن هذا
تحياتى

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي كلاكيت
أما عن الأبيات التي ذكرتها ، فأنا مثلا حين أستخدم القدر في شعري لا أعني به ذات الله ، و لكن تصاريف الاحداث من حولنا ، و حين أقول العبادة حبا لا أعني بها عبادة التقديس و التاليه و لكن عبادة الاعتزاز ، و ليس للشاعر سلطان على ما يكتب ، فالشعر كالنوايا خارج عن الارادة ، و لو شئت فاقرأي حكاية الرشيد مع أبي نواس في هذا الأمر

أعرف عن درويش أنه يساري ، و أنا كذلك ، و لا أعرف عنه أنه شيوعي ، و لو كان ماركسيا مثلا ، لأن لفظ شيوعي عام جدا و غير محدد ، فأستاذنا الراحل عبد الوهاب المسيري كان ماركسيا

أما بقية ما قلته فهذه كلمة سواء أتفق معك فيها تمام الاتفاق ، نحن لنا الشاعر الذي نشر القضية بشعره ، و له هو عمله بين يدي ربه ، و الانتماء لفكر اقتصادي أو غيره لا يعيب الرجل ، و كما قلت عزيزتي ، رحم الله درويش الشاعر المهموم بقضايا وطنه و أمته و غفر له

تحياتي و تقديري و اعزازي

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزتي كلاكيت
أهلا بك دوما حتى لو تكرر التعليق

Anonymous said...

يا دكتور اياد يا اخر الرائعين
دع الحمام يحط او يطير
لن يشفي جراحه جليدية رخام قبر درويش

حيث نام درويش للأبدية
طار الحمام .. وحط الحمام

عزائي ومودتي سيدي

The Z. said...

آه

Dr. Eyad Harfoush said...

عزيزي Anonymous

شكرا لك يا صديقي على تعليقك و على جبر خاطري بجعل للرائعين آخرا

مع تحياتي و تقديري

Dr. Eyad Harfoush said...

الأخ العزيز زكرياء
تعليق مختصر و لكنه معبر آهتك تلك

تحياتي و تقديري