فكرة كانت تدور برأسي منذ زمن بعيد، منذ مللت لعن الظلام الذي نعيش فيه و أخذت أفكر كيف أوقد شمعة، فلطالما أزعجني أن التيار المنظم الوحيد في مجتمعنا هو تيار التطرف الديني، فعناصر هذا التيار بشقيه المسلم والمسيحي يتقدون نشاطاً في جذب العناصر الشابة لهذا التوجه، و ليس هذا ما يزعجني بحد ذاته، فالتشدد الديني موجود بكل مجتمع بشري و في كافة الأديان و الطوائف ، لكن المزعج بحق هو عدم وجود تيار منظم في المقابل يدعو للإعتدال و إحترام المجتمع المدني و مؤسساته، ببساطة لا يقلقني ارتفاع صوت التشدد و لكن يقلقني أنه أصبح الصوت الوحيد، أو يكاد، في الشارع و العمل و الجامعة، و انا لا أدعو للحجر على نشاطهم، و لكن لمواجهة هذا النشاط
أما التيار الآخر الذي لا يقل نشاطاً و ان كان يفتقر للحد الأدنى من التنظيم، فهو تيار معاكس لتيار التطرف في الاتجاه و مساوٍ له في القوة هو تيار الانحلال اللا-أخلاقي و القائم على اعتناق الانتهازية البرجماتية لمالا نهاية ، وهو في النهاية رد الفعل الطبيعي لتنامي قوة التيار المتطرف الذي بدأ ببلادنا منذ سبعينات القرن الماضي، وبينهما تضمر الوسطية شيئا فشيئا، فيصبح الخلق الطبيعي في حياتنا هو الاستثناء، ويصبح التطرف هو القاعدة، ومن هنا فكرت في "الإخوان المصريين"، مجموعة إجتماعية تطرح مفهوم الوسطية و العقلانية و الالتزام الخلقي و السلوكي كطريق بديل لطريقي التطرف الديني و التطرف اللا-ديني و اللا-خلقي، مجموعة تستوعب العناصر الواعدة من أبناء هذا الوطن بكل طوائفهم و انتماءاتهم السياسية و الدينية و الاجتماعية و الاقتصادية، جماعة لا تشترط لعضويتها سوى موافقة العضو على مجموعة محددة من المباديء، فلنستعرض معا ملامح هذا الحلم
أهداف المجموعة
- تدعيم روابط الصداقة بين عناصر الصوت المعتدل من النخبة المثقفة المصرية المهتمة بالشأن العام، مما ينفي عن كل منهم إحساسه بالاغتراب نتيجة لسيادة النماذج المتطرفة في المجتمع، و هذا يعود عليهم بالنفع شخصياً، كما ينفع غيرهم من خلال توظيف مواهبهم المتنامية في توعية العناصر المحيطة بهم أسرياً و دراسيا و عمليا و توجيهها لتيار الاعتدال
- مواجهة الآفات الاجتماعية في مصر بالرأي و التنظير، مع التركيز على الآفات الرئيسية التي تواجهنا اليوم و هي التطرف الديني، الانهيار الأسري، التحلل الأخلاقي، تدهور قيم العمل، و التطلع الاستهلاكي
- الاسهام في تصحيح الصورة المشوهة عن مصر خاصة و الشرق المسلم عامة ، والتي أنتجها الهزال الفكري والحضاري للتيار المتأسلم، ووضعتها الميديا الصهيونية تحت المجهر
- المساهمة الفكرية في رأب الصدع الطائفي الذي ظهر في بنيان الوطن منذ السبعينات و مازال في اتساع حتى اليوم
- العمل على نشر الثقافة الأسرية داخل المجتمع، للمساعدة في الحد من الانهيار الأسري و الاجتماعي الذي تجاوزت مؤشراته المعدلات الصحية منذ سنوات مع تجاوز معدلات الطلاق للحد المعتاد في العشر سنوات الاخيرة
من الطبيعي أن يكون لكل مجموعة منظمة خط فكري، و الخط الفكري لمجموعة الإخوان المصريين هو خط مرن يستوعب طيفا واسعا من التوجهات و الأفراد، مع الاحتفاظ بالحد الأدنى من الثوابت التي يدعى العضو قبل انضمامه لقراءتها و بحث اذا ما كانت تتفق مع ميله و خطه الفكري الشخصي، و نوجزها في عدة نقاط و تعريفات
- الإخوان المصريون يعرفون الهوية المصرية بأنها هوية مستقلة، تنتمي للعديد من الدوائر بحكم الموقع و التاريخ، لكن ذلك لا يخل باستقلال هويتها، و الهوية المصرية مزيج متجانس من حضارات مؤثرة، هي الحضارة المصرية القديمة، فالحضارة الهيلينية البحر متوسطية، ثم الحضارة القبطية المسيحية، ثم الحضارة العربية الاسلامية، كل هذه العناصر تتكاتف في مزيج تراكمي يعطي للشخصية المصرية ميزاتها المتفردة، و يحترم الإخوان المصريون دوائر الانتماء المصرية التي لا تنفي الهوية و لا تناقض أحدها الاخرى، فلمصر انتماء عربي واضح في لغتها و جزء من تركيبتها العرقية، و انتماء بحر متوسطي جغرافي يصلها بمحيطها الهيليني، و انتماء و ريادة اسلامية بدور الأزهر و علماء مصر في الفكر الديني الإسلامي، و انتماء وريادة قبطية أورثوذكسية بحكم رئاسة بابا الاسكندرية للطائفة عالمياً، و أخيرا انتماء أفروآسيوي يربط مصر بمحيطها الجغرافي و الإنساني في أفريقيا و آسيا
- يحترم الاخوان المصريون الأديان السماوية و المشاعر الدينية للجميع، و يقدرون دور الدين المحوري في تنظيم علاقة الفرد بربه، و يقدرون كذلك الدور الروحاني المشتركة لجميع الأديان في تنظيم علاقة الفرد بالمجتمع، كما يحترمون رجال الدين من كافة الأديان، طالما التزم رجل الدين بدوره في الريادة الروحية، و عدم تجاوزها الى دور سلطوي تحت اي مسمى، فدرس التاريخ مازال ماثلا للأذهان يحكي نهاية المجتمعات الثيوقراطية
- يعلي الاخوان المصريون من شأن العقل، فهو الهبة التي من خلالها يستقيم للانسان أمره في شؤون الدين و الدنيا جميعاً، و يتطلعون الى انطلاق مصر من ربقة الجهل و ما يتبعه من ايمان بالخرافة و اللامنطق الموروث، انطلاقة كتلك التي حررت أوروبا العصور الوسطى من ظلمات الجهل و حملتها الى نور العلم، و يتبعون المذهب العلمي البحثي في تناول و دراسة الامور جميعا، عدا الغيبيات الدينية، و الايمانيات التسليمية
- يتبع الاخوان المصريون المنهج العلمي الوثائقي في تناول التاريخ بعيدا عن نظرية المؤامرة و بعيدا عن النزعات الاسطورية، فيبنون رؤيتهم للمستقبل على أساس الاستعراض العلمي لدروس تاريخ مصر و المنطقة و العالم، من منطلق وثائقي علمي و ليس من منطلق أحاديث مرسلة أو مؤامرات محتملة كتلك التي يميل لها الاعلام اليوم
- الاخوان المصريون مجموعة غير سياسية و لا تنتمي لاي تيار سياسي و لا يسمح للاعضاء ممارسة نشاط سياسي من خلالها او الترويج لمذهب سياسي معين، و كذلك هي مجموعة لا تستهدف الربح و لا يجوز ممارسة اي نشاط يستهدف الربح او جمع المال من خلالها