في اختبار التاريخ بالصف الثالث الثانوي عام 2080م كان السؤال الأول هو عقد مقارنة بين رئيسين مصريين، كليهما كان اسمه "جمال" وحكم الأول مصر ما بين 1954-1970م والثاني ما بين 2010-2038م، فشرع الطالب في الإجابة الكترونيا على الحاسب النقال فكتب
- كلاهما تنتمي جذوره الأسرية للطبقة الكادحة المصرية، الأول من صعيد مصر والثاني من محافظة المنوفية في الدلتا، وبينما استمر الأول في انتمائه لتلك الطبقة معلنا انحيازه الدائم لها، كان الثاني وهو المولود في الرفاهية منتميا لطبقته المستحدثة، وهي الطبقة الفوق-فوقية الراقية، والتي ظهرت بمصر في عصر الرئيس السادات ونمت وترعرعت في عصر الرئيس مبارك الأول
- الأول نشأ ودرس في مدارس مصرية عامة مع أقرانه من أبناء الطبقة المتوسطة المصرية التي انتمى إليها والده، والثاني نشأ وترعرع في مدارس أمريكية مع أقرانه من أبناء البعثات الدبلوماسية الأمريكية والانجليزية والاسرائيلية وغيرهم من أنجال كريمة المجتمع التي تربع والده على قمتها
- الأول تخرج في الكلية الحربية ودرس في كلية أركان حرب وعمل مدرسا بها، بعدما عمل في المعسكرات ووحدات القتال من منقباد للد والرملة في فلسطين واشترك في حرب عام 1948 كأركان حرب الكتيبة السادسة وجرح في هذه الحرب، بينما الثاني عمل في البنوك الانجليزية بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية بالقاهرة ليكتسب بذلك خبرة اقتصادية رائعة في تحقيق الربح الذاتي من المضاربات الاقتصادية، وهو ما ساعده لاحقا على تنمية أرصدة المعاشات من خلال المضاربات قبل كارثة البورصة الأمريكية عام 2013م
- الأول وصل للسلطة عبر الشرعية الثورية التي فرضتها حركة الجيش عام 1952م ثم الشرعية الانتخابية عام 1954م، الثاني وصل للحكم من خلال الواقعية الوراثية وعبر الشرعية الدستورية المعدلة بعد تعديل الدستور المصري، وفي نطاق من رضا المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر وفي انتخابات امتازت بالشفافية المعتادة
- تبنى الأول خطا اقتصاديا اشتراكيا كان قوامه انشاء القطاع العام المصري لتشهد مصر أعلى معدلات نمو في تاريخها الحديث ما بين 1962 و1965م، وبدأ ثورة صناعية مصرية سبقت بداية الصين للتصنيع، وانتعشت خلال عهده صناعة النسيج في خطوة تطويرية كانت الثانية بعد خطوة طلعت حرب المؤسسة، أما الثاني فتبنى خطا اقتصاديا يمينيا بعد بيع القطاع العام المصري في عهد والده، وفي هذا الاطار تمت خصخصة قناة السويس والبنك الأهلي وهضبة الأهرام وتم منح امتياز تشغيل لآثار الأقصر وأسوان لشركات فرنسية وايطالية، وزادت في عهده صادرات مصر من النسيج المصنع من خامات اسرائيلية 100% وذلك في اطار اتفاقية الكويز الثانية عام 2018م
- تبنى الأول منهجا متشددا حيال دولة اسرائيل الصديقة، فالتزم بلاءات ثلاثة هي لا مفاوضات مباشرة ولا صلح ولا اعتراف، وكانت هذه الثلاثية ملزمة لجميع الدول العربية خلال حياته ففاوض اسرائيل من فاوضها سرا كملك الأردن، أما الثاني فقد انتعشت في عهده علاقات الصداقة والتبادل التجاري المتميز مع اسرائيل الشقيقة، كما تمتعت مصر بمعونات اسرائيلية عينية في شكل قمح وبذور ومعدات اسرائيلية مجانية خاصة خلال الأزمة الاقتصادية ما بين 2019 و2025 فيما عرف ببرنامج مكافحة الجوع
- بينما منيت مصر بهزيمة عسكرية في عهد الأول، إثر هجوم اسرائيل عليها عام 1967م واحتلال سيناء، فقد تحررت مصر في عهد الثاني من النفوذ اللبناني الذي بدأ في عهد سلفه، وذلك بعد أن وظف بذكاء بالغ علاقاته مع الولايات المتحدة لانشاء قواعد أمريكية جديدة ومتطورة تعد الأكبر في الشرق الأوسط، مكنت القوات الأمريكية من فرض نفوذها على مصر برا وبحرا وجوا وضيقت الخناق على القوات اللبنانية التي تدخلت لحماية العمق المصري بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 2020م وقبل تجديد معاهدة السلام مع اسرائيل الشقيقة
- بينما ساءت في عهد الأول العلاقات المصرية بالبيت الحاكم السعودي بسبب تآمر السعوديون ضد الوحدة العربية وبسبب موقفهم في حرب اليمن، فقد تميز عهد الثاني بعلاقات استثنائية كان للمركز الثقافي السعودي خلالها دورا رائدا في صياغة الوعي المصري وعملية التمدين والتطوير الوهابية الإسلامية الأمريكية المشتركة، كما انتعش النشاط التجاري باستيراد القمح والدواجن المجمدة وبيض المائدة من القطر السعودي الشقيق في اتفاقية التعاون الاقتصادي الثلاثية بين مصر والسعودية واسرائيل
- كانت ثروة الأول عند وفاته قرابة الأربعة آلاف جنيه مصري في شكل حسابات توفير في بنوك مصرية وأسهم شركات قطاع عام مصرية، بينما لم تكن للثاني حتى وفاته أية معاملات مع البنوك المصرية ولا المؤسسات المالية المصرية
- شيعت جنازة الأول بعد وفاته حشود قدرت ببضعة ملايين ودفن في مسجده المسمى باسمه في القاهرة، بينما تلقت رئاسة الجمهورية بعد وفاة الثاني آلاف الرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية المعزية في وفاته بحكم طبيعة عصر الاتصالات، ودفن في الحديقة الخلفية لقصره في شرم الشيخ
- لم يمارس أحد من عائلة الأول السياسة بعده، مما يعكس تقصيرا واضحا في تربية أنجاله سياسيا، بينما تولى ابن الثاني الرئاسة بعده، ليعقبه حفيده الأول ثم حفيده الثاني، وهو الرئيس الحالي، وذلك بعد أن تم التعديل الثالث عشر للدستور المصري ليستوعب الفكر الجمهوري الوراثي الرائد الذي قدمته مصر "توني مبارك" للعالم الحر وأشادت به الأنظمة الديمقراطية في العالم
عندما انتهى من الإجابة التي أسهب فيها كانت المدرسة الأمريكية التي تراقب على اللجنة من خلال كاميرات المراقبة البانورامية تنبه الطلاب لمضي الوقت من خلال الإذاعة الداخلية للفصل