27.1.11

مشروع أولي للمصالحة الوطنية العامة

مقدمة
ندرك جميعا طبيعة الظروف والتعقيدات التي أدت لحالة الفوران الحالية في الشارع المصري في مطلع 2011م، والتي نؤكد وتؤكد كل العناصر الوطنية الشريفة والغير مغرضة أنها كانت ومازالت حالة غضب شعبي عفوية بالدرجة الأولى، لم يدبرها ولم يقد الجماهير فيها أية قوة تنظيمية من القوى الموجودة على الساحة السياسية، وإن شاركت كل تلك القوى في مخاضها وتهيئة الأرض لها منذ 2004 وحتى اليوم. ومع ذلك، فتحول الغضب الشعبي لعمل صحي وبناء لا يمكن أن يكون عفويا، لهذا أعددنا هذا المشروع الأولي للمصالحة الوطنية، ليكون ورقة عمل تتم المناقشات حولها للوصول لمشروع متكامل يتم من خلاله مرور البلاد من حالة الفوران لحالة الحراك المنهجي والصحي نحو التغيير. وحتى ينجح المشروع في تجنيب الوطن مرحلة انفلات أو فوضى خطرة، ينبغي للجماهير أولا، والقوى الوطنية المنظمة ثانيا، والنظام الحاكم ثالثا
  • على الجماهير أن تترفع عن لغة تصفية الحسابات ونزعات الانتقام والعقاب، لتضع المصلحة العامة لمصر فوق كل الاعتبارات
  • على القوى الوطنية أن تتسامى عن عقلية الفرص السانحة وأفكار القفز على إنجاز الجماهير بدون وجه حق، فلم تحرك أيا منها الجماهير، ولا تستحق أي منها موقع صدارة دون بقية القوى تأسيسا على ذلك.
  • على النظام الحاكم أن يقدم الصالح العام وحقن الدماء وتجنب الدمار والخراب على نزعة البقاء ودوافع الهيمنة والحفاظ على السلطة، نزولا على رغبة جماهير الشعب وليس سواها، وحفاظا على نفسه والمنتسبين إليه من عقبات الملاحقة القضائية دوليا في جرائم لا تسقط بالتقادم وتضع "زين العابدين بن علي" اليوم على قوائم المطلوبين للإنتربول
وتقديري أن كافة الأطراف لو تعاملت مع الأمر بعقلانية وبدون عنجهية ولا آمال كاذبة أو نعرات فارغة فستراه مشروعا عادلا للكل وملبيا للحاجات الملحة لكافة الأطراف

النقاط الأساسية للمشروع
  1.  التفاوض على المشروع: يعتبر تاريخ قبول مناقشة المشروع من حيث المبدأ هو اليوم (صفر)، ويفوض السيد رئيس الجمهورية مندوبين عنه للتفاوض مع ممثلي القوى الوطنية عليه، وتعقد جلسات مطولة لذلك تنتهي لإقرار صيغة نهائية لمشروع التفاوض في غضون (24) ساعة من بداية الاجتماع الأول 
  2. تشكيل مجلس الثقات: يصدر السيد رئيس الجمهورية أن يصدر قرارا له قوة القانون تأسياسا على المادة رقم () من الدستور المصري، بتشكيل مجلس ثقات وطني يتكون من العناصر المدرجة أسماءها في الملحق (1) والتي تمثل عشرون عضوا من المستقلين وعشرة أعضاء من الأحزاب والجماعات السياسية الفاعلة، وتفوض للمجلس كافة السلطات الدستورية لرئيس الجمهورية، وينص على ذلك قرار التشكيل. ويعد تاريخ قرار التشكيل هو اليوم الأول من تطبيق المصالحة الوطنية ويشار إليه باليوم واحد لاحقا.
  3. استقالة رئيس الجمهورية: يقدم السيد الرئيس استقالته طواعية من كافة مهامه الدستورية كرئيس لجمهورية مصر العربية، بعد تشكيل مجلس الثقات، ويتنازل عن حقه القانوني في الرجوع في استقالته خلال أسبوعين، ثم يغادر البلاد في غضون (12) ساعة بعد الاستقالة لأي بلد صديق يقع عليه اختياره لإقامة مؤقتة لا تقل عن ستة أشهر، تستقر خلالها الأوضاع في مصر، ويكون له بعدها حق العودة للوطن أو الاستمرار في الخارج كأي مواطن مصري كامل الحقوق، مع تعهده –وكافة أفراد أسرته من الدرجتين الأولى والثانية - بعدم ممارسة العمل السياسي في مصر. وبالمقابل يتعهد مجلس الثقات بالحفاظ على أمن الرئيس وأسرته وحقوقه الكاملة كمواطن مصري، ويتنازل المجلس نيابة عن الجماهير عن حق إقامة أية دعاوي قضائية محليا أو دوليا ضد الرئيس وإسقاط أية مسئوليات إدارية أو جنائية ترتبط بفترة رئاسته.
  4. استقالة رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والإعلام: وتقدم الاستقالات لمجلس الثقات الذي يضمن للمستقيلين خروجا آمنا من السلطة، كما يضمن مشروع مصالحة على مستوى قيادات الداخلية يضمن لهم عدم التعرض لعقوبات النفي أو السجن أو الإعدام من جراء مهام قاموا بها خلال تأدية أعمالهم. ويسمي المجلس من بين أعضائه المستقلين قائما بأعمال رئيس مجلس الوزراء يرفع تقاريره للمجلس، قائما بأعمال وزير الدفاع يعاونه المساعدون الحاليون للوزير، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، قائما بأعمال وزير الداخلية يعاونه المساعدون الحاليون للوزير، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، وقائما بأعمال وزير الإعلام ، ويرفع تقايره للقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء
  5. حل مجلسي الشعب والشورى: يصدر المجلس قرارا في غضون يومين من اليوم (1) بحل مجلسي الشعب والشورى الحاليين بواقع سلطته الدستورية المخولة إليه بالمادة رقم () من الدستور المصري، مع الحفاظ على حق كافة الأعضاء كمواطنين مصريين في إعادة ترشيحهم وعدم إقصائهم سياسيا. 
  6.  التعديلات الدستورية: يكلف المجلس لجنة دستورية من غير أعضائه تتألف من نخب قانونية وسياسية مهمتها إعداد مسودة دستورية في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، وبحد أقصى خلال مدة مائة يوم من اليوم (1)، وتطرح المسودة الدستورية للمناقشة والتعديل على المجلس الرئاسي، ثم تطرح للاستفتاء الشعبي العام في غضون مائة وخمسين يوما من اليوم (1)، لإقرار الدستور المصري المعدل. 
  7. الانتخابات الرئاسية للمرحلة الانتقالية: تعقد انتخابات رئاسية حرة وفقا للضوابط الدستورية المعدلة في غضون مائتي يوم من اليوم (1). ولا يحق لعضو من أعضاء مجلس الثقات ترشيح نفسه للرئاسة في المرحلة الانتقالية ولا بعدها، ويتم انتخاب رئيس للمرحلة الانتقالية يتمتع بالصلاحيات الرئاسية وفقا للدستور المعدل فيما عدا الحق في إعادة الترشيح لمدة رئاسية جديدة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ومدتها عامين من انتخابه رئيسا وتكليفه دستوريا بمهام عمله. وبتولية الرئيس الجديد ينحل مجلس الثقات تلقائيا
  8.  الانتخابات النيابية: يكلف المجلس في غضون 150 يوما من اليوم (1) لجنة من هيئات قضائية للإشراف على انتخابات لمجلس تشريعي جديد يحل محل مجلس الشعب المنحل دستوريا، على أن تبدأ أعمال المجلس الجديد في غضون 320 يوما من اليوم (1). وتتم الانتخابات وفقا لضوابط تضعها اللجنة القضائية ويوافق عليها المجلس الرئاسي/ الرئيس.
  9. مجلس المظالم والمشاكل العاجلة: يكلف مجلس الثقات فور عقده مجلسا من وجوه وطنية وخبرات فنية متنوعة للنظر في القضايا العاجلة والمظالم التي ترفع له خارج الهليكل التنظيمي التقليدي للدولة أو للشكوى بحق أحد المسئولين، وذلك حفاظا على وقت مجلس الثقات للأمور الاستراتيجية فقط. 
  10. لجنة المصالحة الوطنية: يكلف مجلس الثقات فور عقده كذلك لجنة من خمسة من أعضائه لدراسة أية مشكلات تطرأ خلال تسليم السلطة أو تتعلق بتعهدات المجلس للقيادات السابقة
والله من وراء القصد وبالله التوفيق
الله والوطن

البيان الأول – كلمة حب وكلمة عتاب


مشهد لم يره ميدان التحرير منذ عام 1977 رآه أمس وطرب القلب لرؤيته، كل التفاصيل كانت رائعة، سلوك الآلاف المعتصمة في الميدان يعيد إليك حب المصريين والاعتزاز بالانتماء لهم، هذا الحب الذي هزته سنوات الخواء والانفلات، هذا يسقي العطاشى، وذاك يوزع ساندوتشات الفول (ألذ ساندوتش كلته في حياتي)، وهذا يمد يده لرفيق لا يعرفه ببطانية لتقيه برد يناير، بائع الشاي لا يجد فكة فيقرر أن يعزمني على الشاي، شباب يجمعون القمامة من الميدان في أكياس سوداء، حتى العسكري المسكين يمزح معنا بحب (قبل صدور الأوامر بالضرب)، جلسنا على الأرض نغني أغاني الشيخ إمام "شيد قصورك ع المزارع" وغيرها، الرائع الدكتور "علاء الأسواني" بين الناس كما كان دائما، عرفت أن "عمرو واكد" و"جميلة إسماعيل" كانوا هناك كذلك وإن لم أصادفهما، نخب حقيقية ملتحمة بالجماهير

كلمة حب
أما كلمة الحب فهي لكل مصري شارك أمس في هذا اليوم التاريخي، وكلمة شكر شخصي له لأنه شارك في طرب قلبي الذي أدمن الكآبة، ولكل من شارك في تنظيم مسيرة الصباح التي لم تكن أقل روعة، أخص منهم إخوتي الرائعين "تامر" و"ماجد" و"أحمد" ولابنتي العزيزة "مها" التي بح صوتها في قيادة الهتاف معظم اليوم، وأقول لهم: أيها الرائعون .. أحبكم في الله والوطن

البيان وكلمة العتاب
حقيقة لا أعرف من أصدره، وتقديري أنهم شباب أرادوا أن يصدقوا النقل عن الجماهير، لكن الهتافات الجماهيرية لا يمكن صياغتها على حرفها لتصبح بيانا لحركة أو ثورة، وإنما يأت البيان مصدقا لروح الهتاف ووجهته وليس لفظه، وظني أن البيان معبر تماما عن صرعة رفض النخب التي تنتاب شباب التغيير، فلو أنهم عرضوه على واحد من النخب التي كانت موجودة بالفعل بينهم على الأرض مثل "جميلة" أو "الأسواني" أو غيرهما، لاختلف البيان تماما، لكن الموضة السائدة بين الشباب اليوم هي رفض وإقصاء تلك النخب بسبب تصرفات آخرين من النخب الصورية، لهذا جاء البيان معيبا للحد الأقصى، ومن عدة وجوه
  • عندما تطلب تنحي رئيس الجمهورية يجب أن تسمي منصبا (رئيس مجلس نيابي مثلا وهو غير والد في حالتنا)، أو شخصية معارضة (غير وارد كذلك) أو مجلس رئاسي (الأنسب بحالتنا) ليتولى رئاسة السلطة التنفيذية في الدولة خلال مرحلة انتقالية تسبق انتخابات رئاسية حرة
  • طلب تنحية مفاجئة لكافة وزراء الحكومة مرة واحدة مهما كان العور بهم معناه شلل الجهاز الإداري الذي تعيبه المركزية في مصر، فالوزارة لدينا ليست منصب سياسي بل تنفيذي في واقعه، لهذا فالأحرى الاكتفاء بالوزارات السيادية والأمنية وتأجيل تطهير بقية الوزارات لمراحل لاحقة من الإصلاح السياسي بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية
  • لا بأس في طلب حل المجلس التشريعي معيب الشرعية وانتخاب غيره لو اجتنب القصورين السابقين
  • نأتي لنقطة تشكيل حكومة وطنية، من الذي سيشكل وكيف؟ وقد نقضت السلطات التنفيذية والتشريعية بالجملة بدون بدائل؟
  • في النهاية والبداية، طبيعة المطالب وسقفها يجب أن تتناسب مع حجم الحدث، فالمظاهرات والاعتصامات الألفية لا تسقط أنظمة دفعة واحدة ولكن تكسبك أرضا للقتال وخطوة للأمام.
تشكيل مجلس أمناء الدولة والدستور الذي اقترحه "هيكل" منذ 2008، والذي يتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية، ويتخذ القرارات الإصلاحية العاجلة بعد دراستها وصياغتها، ويعمل على تعديل الدستور باستفتاء حر، هو المخرج سياسيا وعمليا، وينبغي أن يكون تشكيله و"تفويض" رئيس الجمهورية صلاحيات منصبه لهذا المجلس هو المطلب الأول والوحيد مرحليا، وبعده يكون لكل حادث حديث. 



لكل ذلك جملة وتفصيلا أقول لشباب التغيير العزيز، الرأس بلا جسد عاجز هذه حقيقة .. ولكن الجسد بلا رأس ضائع .. تلك حقيقة أيضا .. وختاما .. حفظ الله ثورة مصر جذوة لا تنتهي، وجعل مظاهرات الجمعة القادمة نقلة نوعية بطريقها بإذن الله

7.1.11

حسان والحويني وأهل الذمة

نبهني الصديق العزيز الدكتور "رفيق نخلة" لمقالين في غاية الخطورة نشرتهما صحيفة أخبار اليوم وكتبهما السيدان "محمد حسان" و"أبي إسحاق الحويني" حول فاجعة كنيسة القديسين، ولم يتجاوزا فيهما المألوف في خطاب مثلهما من مفاهيم "أهل الذمة" و"المعاهدين" وعدالة الإسلام معهم، ولكنهما والحمد لله لم يتطرقا لموضوع اضطرار الذمي لأضيق الطريق ولا ركوب الفرس. وقد فند العديد من كتابنا المرموقين تلك الموضوعات انطلاقا من منطق المواطنة والدولة المدنية، لكننا اليوم سنفندها من طريق آخر هو الطريق الشرعي نفسه. ليتبين الرشد من الغي لكل رجل رشيد

المؤلفة قلوبهم وأهل الذمة ومقتضى الحال
كان الفاروق عمر (رض) يعلم وجوبا أن القرآن صالح لكل زمان ومكان، وتنبع صلاحيته من شموليته التي تجعل في إمكان المجتهد أن يستنبط منه المنهج الذي يناسب مقتضى الحال وتغيره على مر الزمان، لهذا لم يقف مكتوفا أمام النص في قضية أنصبة الزكاة، ومنع سهم المؤلفة قلوبهم الوارد بنص القرآن المباشر في قوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل"، لأن الإسلام على عهده صار عزيزا لا يحتاج لكسب ولاء الأشياع والأتباع ممن لم يرسخ الإيمان في قلوبهم بمال. وهنا يسأل أحدنا: كيف كان هذا والقرآن صالح لكل زمان ومكان؟ فنقول له أنها صلاحية مقترنة بتشابه مقتضى الحال، فلو تشابهت الظروف وأراد مؤسس دولة أن يكسب دعما من جماعة من الناس للصالح العام، جاز له أن يكسب ولاءهم ببعض المزايا المادية من المال العام وفقا لمفهوم تألف القلوب القرآني

فماذا عن مفهوم أهل الذمة أو المعاهدين؟
الأمر نفسه، هو مفهوم انقضى زمنه بانتهاء الظروف التي دعت لوجوده، وبتغير السياق ومقتضى الحال، فقد كان عصر الرسالة عصر إمبراطوريات، والخيارات محدودة في أن تكون الدولة تابعة أو متبوعة، ولهذا كان على دولة الإسلام الأولى أن تتوسع جغرفيا في محيطها بالفتوح، وتحتفظ في كل قطر تفتحه بحامية عسكرية، تحمي القطر وتكون في نفس الوقت مددا لغيرها من الجيوش المسلمة في أنحاء الإمبراطورية الوليدة حين يستدعي الأمر ذلك، ومن هنا كان تجنيد أهل الأمصار المفتوحة غبنا وضيما، فليس من العدل أن يحارب الشامي في مصر ولا المصري في خراسان بعيدا عن وطنه، وهو لا ينتمي لرابطة الدين التي تربط أجناد تلك الجيوش وتوحدها مع الهدف العام، فكان مفهوم الجزية التي تدفع كبدل مادي عن الجندية كما كان الحال في مصر قبل الثورة، وصار لمن يدفعها حقا وذمة وعهدا في عنق الجيش المسلم بالدفاع عن أمنه وأمن وطنه.

كانت الجيوش الإمبراطورية كما كان حال الرومان في مصر، لا تدافع عن الولاية التابعة لآخر قطرة دم، لأنها كانت تعتبر الولايات أملاكا وضياعا لا تستحق تدمير الجيوش في سبيلها، فكانت تدافع على حرف، ثم تغادر على متون سفنها لو صار الدفاع مكلفا في المال والعتاد، وكان تشديد الرسول (ص) في أحاديثه على حقوق الذميين نهيا عن هذا التعامل مع الأمصار كضياع وممتلكات، ليصير الدفاع عنها كدفاع الرجل عن أهله. اليوم تغير مقتضى الحال والسياق، ومعالم التغيير هي

  • بوفاة رابع الراشدين انتهت الدولة الإسلامية التي استحقت هذا الاسم (عدا حقبة خامسهم)، والتي كان محورها الكفاية والعدل، فلا محل اليوم لتعبير "دولة إسلامية" الذي يصفون به مصر، فهي دولة بها أغلبية مسلمة وحسب. فهي دولة صنعتها حقائق الجغرافيا والتاريخ ولم تصنعها العقيدة كدولة المدينة المنورة قديما
  • صار لكل دولة جيشها الوطني الذي يضم كل أبنائها على اختلاف مللهم، ومهمته محدودة في حماية الدولة ومصالحها، فلا محل اليوم لحديث عن ذميين وجزية وما إلى ذلك من تجديف
.من هو الذمي اليوم؟
العديد من الشعوب العربية والمسلمة المغلوبة على أمرها تدفع اليوم الجزية للجيوش الأمريكية، فكل من السعودية وقطر والبحرين والإمارات والعراق وتركيا وأفغانستان وباكستان بها قواعد أمريكية متفاوتة العدد والعتاد، وكل من تلك الدول تدفع من مال الشعب تكاليفا باهظة للحاميات الأمريكية التي "يفترض" أنها تحميها، والحقيقة أنها تدمرها باطنا أو ظاهرا أو الاثنين معا، يعني ليسوا ذميين وحسب ولكن ذميين بلا حقوق ولا حماية، أما بقية الدول ومنها مصر بكل أسف فتدفع جزية أصغر في صورة ثمن السلاح الباهظ وتكاليف الخبراء الأمريكيين المضاعفة لأمريكا مصدر تسليحنا الوحيد اليوم، والتي تحتفظ لعدونا بتفوقه علينا في المقابل، يعني كلنا في ذمة أمريكا وأمريكا لا ذمة لها ولا عهد! فكفوا بالله عليكم عن لهجة الاستعلاء والفروسية بلا معنى ولا مضمون، لعلنا ذات يوم نركب طريق الأمم الصاعد مرة ثانية جميعا كمواطنين مصريين متساوين في الحقوق والواجبات، بعد أن أفسدتم على الناس دينهم ودنياهم إلا قليلا.